اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

كُرد العراق.. خصومة شعب لشعب أم خصومة حكومات// نبيل عبد الأمير الربيعي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

كُرد العراق.. خصومة شعب لشعب أم خصومة حكومات

نبيل عبد الأمير الربيعي

 

      إن الواقع والتاريخ والتطور الاجتماعي لا يعترف بخصومة شعب لشعب , لكن الواقع يظهر إنما هو خصومة حكومات ودول وحكام مستبدين , وهؤلاء يأتون ويذهبون , هم زائلون والشعوب باقية ترتبط فيما بينها بوشائج إنسانية , أبعد ما تكون عن صلات استرقاق أو استغلال شعبين في العراق هما الشعب العربي والكُردي.

      لم يحصل في أي وقت إن حصل حاكم أو  حكومات على موافقة شعبية لشن حرب ضد شعب آخر , أو استعباده بأي شكل , الشعب الكردي ليس عدواً للشعب العربي , ولا العربي بالأخص , إذاً لا مصلحة هناك , والعلاقات التي تؤدي إلى حالات الاستعمار والاسترقاق ومصادرة الحقوق هي مجرد مصالح تفسرها الحكومات بالحرص على رفاه وأمن الشعب الذي تتولى أمره.

      الأمة الكُردية الآن تعيش مأساة لم يعشها قبلها أي شعب عبرَّ التأريخ العام , فقد أحاطته إرادة الدول ومنطق القوة بجيران الخصوم واعداء الداء بعضهم لبعض , إلا أنهم متفقون على أن يبقى الكُرد بدون كيان سياسي , ممزقاً تستلبه دول الجوار , لكن بعد عام 1991م قد حصلَ الكُرد على اقليم , ويتمتعون بحرية اختيار الممثلين لهم في برلمان كردستان , وبعد عام 2003م شاركوا حكومة المركز بأعضاء في البرلمان ووزراء ووكلاء وزراء ومستشارين كونهم جزءاً من هذا الوطن ولهم مساهمات في بناءه.

      إلا أنهُ تزداد المصيبة وقعاً والشق اتساعاً بالنهج الذي تتبعه القيادات الكُردية بوعي منها أو بدون وعي , فهي تُسيِّر حركة النضال الكُردي إلى متاهات لا تخدم سوى مخطط التمزيق التاريخي وإدامته , ولنا في هذا مثال ما حصل بعد عام 2014م من الاستحواذ على المناطق المتنازع عليها بين الاقليم والحكومة المركزية , ومن ثم قيام حكومة المركز باسترجاع هذه المناطق ومنها مدينة كركوك والمناطق المحيطة بها والسيطرة على أبار النفط وشركة نفط الشمال ومناطق أخرى اعتبرها الاقليم جزء من أراضيه.

      لكن نضال الشعب الكُردي والحركة الوطنية الكردية ودعوتها من اجل حق تقرير المصير موضوعاً يفتقر بالشكل والصورة إلى التجاوب التزامني التلقائي أو العمل المخطط مسبقاً , ففي الوقت الراهن وما يمر به العراق من الصعب أن تخطوا القيادات الكُردي بعمليات استفتاء الانفصال وهذا ما حدث دون دراسة مسبقة لما تؤول إليه الأحداث , وممانعة حكومة المركز ودول الجوار من الموافقة على هذا الاستفتاء ورفضه بكل ما وصلت إليه النتائج.

      لو نتابع تاريخ الحركة الكُردية بشتى فصائلها في العراق لتبينَ لنا أن هذا الشعب قدم مئات الآلاف من الضحايا والشهداء من أجل استرداد حقوقه وحريته في العيش بوطن آمن , من هذه الحركات حركة عبيد الله النهري عام 1880م وحركة محمود الحفيد البرزنجي عام 1919م والتي استمرت حتى عام 1931م , والحركة المسلحة التي قادها الملا مصطفى البرزاني بأفراد عشيرته والتي تعتبر امتداد لحركة الشيخ محمود الحفيد , وشارك أخاه الأكبر أحمد البارزاني في قيادة الحركة الثورية الكردية للمطالبة بالحقوق القومية للأكراد , ولكن تم اخماد هذه الحركة من قبل السلطة الملكية في العراق والقوات البريطانية المحتلة .

     في عام 1935م تم نفي مصطفى البارزاني إلى مدينة السليمانية مع أخيه الشيخ أحمد , وفي عام 1942 هرب مصطفى البارزاني من منطقة نفيهِ ليبدأ حركته الثورية الثانية ، وفي إيران وبدعم من الاتحاد السوفيتي أقام الأكراد في عام 1945 أول جمهورية كردية في منطقة مهاباد في إيران ، وخدم الملا البارزاني كرئيس لأركان الجيش في جمهورية مهاباد والتي كان عمرها قصيراً , فبعد (11) شهراً من نشوئها تم وأدها من قبل الحكومة الإيرانية وذلك بعد انسحاب القوات السوفيتية من شمالي إيران تحت ضغط القوى الكبرى التي تمركزت قواتها جنوبي إيران ، وكانت القوات السوفيتية قد دخلت الأراضي الإيرانية أبان الحرب العالمية الثانية.

      بعد انهيار الدولة الكردية الوليدة في مهاباد ، توجه البارزاني إلى الاتحاد السوفييتي مع (500) من مسلحيه سيراً على الأقدام مجتازين حدوداً جبلية وعرة في إيران وتركيا , حيث واجهوا عقبات كثيرة في طريقهم وصولاً إلى الحدود الأذربيجانية السوفييتية وبقوا هناك عشرة سنوات.

     بعد قمع الحركة الكُردية عام 1945م طالب المثقفون الكُرد بمطلب الحكم الذاتي في العراق بمساندة اصوات الأحزاب السرية والعلنية الكُردية والعربية في العراق , ولكن ثار خيال الوطنيين الكُرد في السعي لتحقيق مشروع كردستان الكبرى المستقلة.

      في حقبة الأربعينات نشطت الأحزاب السرية في العراق وغزَى الفكر  الماركسي اللينيني هذه الأحزاب ودعوتها لحق الكُورد في تقرير المصير بحكم ذاتي , لكن ضربة رئيسه البارزاني عام 1959 اطاحت بالحكم الذاتي وهو الحلم الكُردي الذي كان يحلم به أغلب ابناء الشعب الكُردي , لكن النظام الجمهوري والصراع حول السلطة بين القوى الوطنية والقوى الرجعية والقومية قد اطاح به عام 1963م.

     إن المرحلة التي بلغتها الحركة التحررية الكُردية بانقلاب عام 1963 لم ينل منها طائل الخذلان الذي آلت إليه في العام 1975م , فكان مطلب الحكم الذاتي في عهد الجمهورية الأولى قد ارغم على الاقرار به وقبوله مبدئياً حكومة البعث عام 1970م , لكن ما حدث عام 1975م من اتفاق عراقي إيراني كما كان يطلق عليها (اتفاقية الجزائر) قد آلت إلى القضاء على الثورة الكُردية , وقد عانى منه القادة والشعب الكُردي والمثقفون الكُرد إلى حد شدَّة الصدمة والإذلال بدعوة البعث لإقامة معسكرات لأفراد هذه الحركة في صحراء السماوة ومنطقة الفرات الأوسط , ولم يتمكنوا افراد هذه الحركة بقياداتهم القائمة تخطي آثارها واصلاح الأخطاء التي وقعوا بها.

      إن انتهاك حرمة كردستان العراق في احداث حلبجة يوم 16/17 من مارس 1988م من قبل جيوش اقسى الانظمة معاملة لهم , فقد حصل الهجوم الكيميائي وقُتل من سكان البلدة بحدود 5000 فرداً , وأصيب منهم 10000 فرداً وكان أغلبهم من المدنيين ، ولقد مات آلاف من سكان البلدة في السنة التي تلت الهجوم نتيجة المضاعفات الصحية وبسبب الأمراض والعيوب الخلقية.

      إن الحركات الكُردية التي قامت على مر العقود السابقة كانت بحوافز واقعية تلقائية لم يسجل التاريخ لأي منها تهمة قيامها أصلاً بتحريض خارجي وبدافع قوى لا تمت إليها بصلة , كان الشعب الكُردي وسيظل دائماً مضرب المثل في التسامح الديني بحق الديانات الأخرى والأقليات التي تعايشت معهم.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.