مقالات وآراء

لا لهولوكوست الكتب.. لا للبلطجة الدينية// شه مال عادل سليم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

لا لهولوكوست الكتب.. لا للبلطجة الدينية

شه مال عادل سليم

 

أضرم المتظاهرون في مدينة السليمانية ورانية وقلعة دزة يوم امس النار في مقرات الأحزاب السياسية الكوردستانية وفي عدد من المؤسسات و الدوائر الحكومية و متحف طق طق و ارشيف قائممقامية كويسنجاق الذي كان محفوظا منذ 300 عام، ، مطالبين باستقالة حكومة إقليم كوردستان , وقد ازداد التوتر في هذه المدن بعد فرض الحكومة المركزية في بغداد إجراءات صارمة عقب إجراء حكومة إقليم كوردستان استفتاء من جانب واحد على انفصال الإقليم في 25 أيلول، صوتت فيه الأغلبية بالموافقة على الانفصال.

وقد أثارت تلك الخطوة، التي كان فيها تحد لبغداد والدول الاقليمية ( تركيا وايران ) تحديدا ، بالسيطرة على كركوك التي كانت تحت سيطرة الإقليم ومناطق أخرى متنازع عليها بين اربيل وبغداد . وأوقفت رحلات الطيران المباشرة إلى كوردستان وطلبت السيطرة على المعابر الحدودية.

فيوم امس قام بعض من المتطرفين باحراق مقر الحزب الشيوعي الكوردستاني في مدينة قلعة دزة , كما اضرموا النار في مكتبة المقر التي كانت تضم 725 كتاب , في ممارسة بعيدة كل البعد عن مطالب الجماهير الواعية والتي تريد فعلا الاصلاحات الحقيقية ومن جميع النواحي وليس حرق الكتب والتشهير والسب ونشر ثقافة الانتقام واستخدام العنف والاسلحة التي تضر ولا تنفع )

لقد قام هؤلاء الجهلة بتنفيذ توصية نبيهم العربي عندما امر قبل الاف السنين بمحو وإتلاف كل الكتب المخالفة للسنة بإستثاء القران , كما فعل قبلهم داعش في الموصل والمناطق الاخرى ...

نعم ..نعم ..لقد نسوا هؤلاء الجهلة بان الانتفاضة الجماهيرية والمظاهرات الشعبية لها قواعدها تحكم خطاها، وتسدد افق مسارها الحقيقية ، لغاية ضمان تحقيق اهدافها المشروعة واذا ما افتقدت لتلك القواعد ستنتهي كما انتهت بالامس القريب انتفاضات ما سمي بـ "الربيع العربي" في البلدان العربية ....

ان محاولات ادعياء السلفية وامراء الاحزاب الاسلامية الكوردستانية لانحراف المظاهرات عن الاسباب التي قامت من اجلها، هي محاولات خطيرة جدا يجب الانتباه اليها ومعالجتها بسرعة خارقة , وذالك لتحقيق أهدافها المنشودة واستعادة الحقوق بالوسائل المشروعة والسلمية والمدنية .

وعليه نؤكد ونقول ليس من المعقول ان تبقى المظاهرات والاحتجاجات في المدن والمناطق الكوردستانية بدون تأطير وضوابط تقوّم اداءها ومسارها الحقيقي , لان الذين يحرقون الكتب والممتلكات العامة لايستطيعون ان يعبروا عن المطاليب الشعبية الحقيقة ...,وان خطورة هؤلاء البلطجية تتمثل في كونهم أدوات عنف بلا عقل وضمير بيد امراء التطرف والتشدد والارهاب بعد ان اصبحت البلطجة فنًا من فنون امراء الاحزاب الاسلامية الكوردستانية ومن لف لفهم ,بعد ان ركبت تلك الاحزاب موجة التغيير محاولة استنساخ تجربة مصر في اقليم كوردستان ...

اتفق تماما كباقي ابناء شعبي مع مطاليب المتظاهرين الحقيقية، وهي مطاليبنا جميعا وليست مطاليب الاحزاب التي تسمّي نفسها (بالمعارضة )زورا وبهتانا , بل انها مطاليب جماهيرية ( قديمة جديدة )، اي منذ ان كانت اقطاب المعارضة في قمة الهرم الحزبي والحكومي في الاقليم وكان لهم دورهم البارز في تفشي الفساد واستغلال اموال الشعب لمصلحتهم ولمصلحة مفاهيم حزبيتهم الضيقة ...

في تقديري ان لشعب كوردستان الحق الكامل حسب القانون في حرية التجمع السلمي والتظاهر التعبير عن ارائهم. وخاصة بعد ان سئموا من وعود حكومة الاقليم منذعام 1991 ولحد اليوم (كثرة الوعود وغياب التنفيذ ) والتي ادت الى فقدان الثقة بحكومة الاقليم وتحديدا الحزبين :الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني اللذين يبدو كما لو انهما اصبحا عبئا على الوطن والمواطن بحكم طول عهد الفساد الذي عطل كل شيء وضرب جوهر القضية الا وهي (تامين الخبز والعمل والحرية ) والتي ضحى من اجلها بنات وابناء كوردستان ومن جميع القوميات والاديان والطوائف منذ عقود طويلة.... والاكثر من هذا وجدت القطاعات الشابة نفسها معزولة،مهمشة وعاطلة ولا دور لها في صنع حاضرها ومستقبلها.

 

نعم.... فمنذ اعوام وحتى قبل ظهور حركة التغيير وانشقاقها من الاتحاد الوطني الكوردستاني كان هناك حركة جماهيرية ( عشوائية ) متكونة من الطلاب واساتذة الجامعات والمثقفين من الادباء والشعراء والكتاب والفنانين والكسبة وبدعم من مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الجماهيرية والمهنية في الشارع الكوردستاني.

وتطالب وبالحاح : بفصل الحزب وهيمنته عن المؤسسات الحكومية في الاقليم واصلاح الفساد الذي عطل كل شيء واستقلال القضاء وانهاء التزكية الحزبية والمحسوبية وايجاد فرص عمل متساوية ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وحسب كفاءة الشخص ومحاكمة المجرمين ممن تلطخت ايديهم بدماء الشعب وايجاد فرص العمل و....والخ من مطاليب جماهيرية ملحة....

 

لذا وبعد متابعتي عن كثب و معايشتي بشكل ميداني و مشاركتي في التجمعات الشبابية الغاضبة والاستماع الى تلك الوجوه الشبابية والى مطاليبهم ... اقول بكل صدق وحياد بان الاحزاب التي سميت نفسها بالمعارضة ركبت موجة غضب الشباب، و وحاولت من جديد استغلالها لمصلحتها الحزبية الضيقة وللاسف نجحت تلك الاحزاب الى حد ما من إستغلال وإستخدام بعض الشباب لتنفيذ مخططاتهم وأجنداتهم التخريبية ،بعد ان حولت مسار المظاهرات للفوضى التي ادت لاحراق المقرات والابنية الحكومية والكتب في السليمانية وقلعة دزة ورانية وكويسنجاق .

والنقطة الاهم التي اريد ذكرها في نهاية المقالة هي : من الضروري ان يعبّر المتظاهرون عن مطاليبهم بشكل رسمي وقانوني وفي مقدمتها ان تكون مظاهراتهم ومسيراتهم بيضاء سلمية رافضة لكل اشكال العنف وهنا تكمن عظمة المظاهرات البيضاء السلمية وقوتها من اجل احقاق مطاليب الجماهير العادلة....

اما الدعوة للفوضى ونشر ثقافة الانتقام والفوضى والتخريب والقتل واستخدام السلاح بكل انواعه واشكاله ومن اي جهة كان فهو لا ينسجم اطلاقا مع روح الديمقراطية ويصب في مصلحة اعداء الشعب والوطن وهي فتنة وشر ودعوة مشبوهة ومرفوضة .

 

لا لهولوكوست الكتب ... لا للبلطجة الدينية .

نعم ...لمطاليب الشعب الحقيقية من دون مماطلة .

نعم للاصلاح الحقيقي و كلا للفساد

نعم للاعتراضات الجماهيرية السلمية والمدنية .

لا للخِطابِ المتطرفِ و فوضَى الفتاوى.

لا للفكر المتطرف .

لا للتخريب وحرق الكتب والمكتبات .

نعم لمطاليب الشعب وتفعيل الجانب الخدمي

نعم لانبثاق قيادة واعية لقيادة المظاهرات لضمان تحقيق أهدافها المنشودة واستعادة الحقوق بالوسائل السلمية والمدنية ...