اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

أسئلة مشروعة عن لعبة الموت في العراق// د. خليل الجنابي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

أسئلة مشروعة عن لعبة الموت في العراق

الدكتور/ خليل الجنابي

 

لم يعد خافياً على أحد بأن لعبة الموت القذرة التي تتكرر بشكل شبه يومي في العراق بأن لها علاقة وإرتباط وشيج بمهنية الأجهزة الأمنية وكفاءتها ومقدرتها على التصدي والضرب بيد من حديد على أوكار الجريمة قبل أن تتحرك لتوجه ضرباتها القاتلة إلى أبناء الشعب.

 

وكما جاء في الأخبار، قالت مصادر أمنية وطبية عراقية أن 102 على الأقل قتلوا وجرحوا نتيجة تفجير مزدوج إستهدف ساحة الطيران وسط العاصمة العراقية بغداد، صباح يوم الإثنين 2018 / 1 / 15 ونفذه إنتحاريان يرتديان حزامين ناسفين. ولم تعلن أية جهة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم. وبعدها حصلت إنفجارات أخرى في مناطق مختلفة من بغداد.

 

لنأتي أولاً على من له المصلحة في توجيه نيران حقده على المواطنين بشتى قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم، ومن له المصلحة بإستهداف الساحات العامة التي يؤمها فقراء الناس من العمال والفلاحين والفئات الفقيرة من أبناء الشعب الذين يصطفون في طوابير من أجل إيجاد فرصة للعمل اليومي ليعودوا لعوائلهم وأطفالهم حاملين لهم عرق جبينهم وليحصلوا على ما يسد رمقهم. وبدلاً من هذا يعودوا إليهم بنعوش تحمل أجزاء من أجسادهم الطاهرة.

 

ومن السهل إلقاء التهمة على (داعش) وأعوانها طالما لا نملك الدليل القاطع على حيثيات هذه الجرائم وفشلنا في التصدي لها.

 

ولنعود إلى الإنتحاريان اللذان يرتديان الأحزمة الناسفة (إن صحت الرواية) ماذا جنيا بهذه الفعلة الشنيعة غير غضب ودعاء الأمهات والزوجات والأخوات واليتامى عليهم وعلى من مولهم ودفعهم، وهل أن بفعلتهم أللا إنسانية وأللا أخلاقية هذه إستطاعوا أن يسقطوا الدولة!؟.

 

لعبة الموت هذه تزداد حدة كلما إستمر الصراع على السلطة والمال والنفوذ بين القوى السياسية المتصارعة  وترك أبواب الوطن مفتوحة على مصراعيها أمام من هب ودب. وسوف لن تنتهي طالما ترعرعت الطائفية والأثنية والفئوية ونمت في مفاصل الدولة.

 

المنافذ كثيرة والحمد لله، وهي غير محمية، وأكثر من هذا وذاك هناك من يُسهل دخول وخروج شذاذ الآفاق ليعيثوا بالأرض فساداً، وإلا ماذا يعني تكرار هذه الهجمات الإنتحارية والسيارات المفخخة  ووجود شبكة واسعة من نقاط التفتيش وكامرات المراقبة!؟ . ألا يعني أن هناك إختراق وهناك من له اليد في تسهيل تكرار هذه العمليات الإجرامية.

 

لماذا يجري القصاص من أبناء الشعب البسطاء الذين أتعبتهم حياة الذل والهوان والمجاعة والمرض والبطالة، ولماذا هذه الشريحة بالذات من يدفع الثمن!؟

 

 الجميع يتحدث عن الفساد في مفاصل الدولة المختلفة ولكن للأسف لم  نجد ما يشير إلى  محاربته ولم نشاهد أي رمز من رموزه الكبيرة وراء القضبان لينال جزاءه العادل، والأمثلة لا تُعد ولا تحصى، بل نرى تسهيل عملية هروبهم خارج الحدود محملين بما إستحوذوا عليه من أموال العراق وملياراته المنهوبة.

 

 أعداء العراق كثيرون ، في الداخل والخارج ، إبتداءاً من بقايا  فلول القاعدة والدولة الإسلامية (داعش) المندحرة والقوى الإرهابية المتعاونة معها وفلول النظام الصدامي القمعي، إلى جانب التدخلات من دول الجوار والقوى الإقليمية والدولية، كلها تنهش في جسد العراق المُثخن بالجراح، وفوق هذا أبناءه الذين تربعوا على عرش المسؤولية وتخلوا عن مواعيدهم التي قطعوها على أنفسهم في الدورات الإنتخابية السابقة.

 

إن حصيلة السنوات الـ 14والتي عاشها العراقيون من بعد التغيير عام 2003 كانت أكثر من كافية لكشف زيف الشعارات التى كانت تُؤمل الناس بالخير والأمن والسلام. فأين هي الخدمات من ماء نقي وكهرباء مستمرة ومدارس نموذجية ومستشفيات عامرة ورعاية صحية وإجتماعية  وتأمين العمل للعاطلين ورعاية الأمومة والطفولة والشيخوخة !؟، وأين هي البنى التحتية والمصانع والمزارع والحياة الآمنة المستقرة !؟ . ومما زاد في الطين بله هو خراب المدن التي إحتلتها داعش وآلاف المهجرين عن بيوتهم المهدمة والتي بقيت دون حل.

 

خراب ما بعده خراب، وليس هناك في الأفق أية بارقة أمل في تصحيح الأحوال في ظل وجود نفس الطبقة السياسية التي بان معدنها وإنكشف زيف شعاراتها.

 

الإنتخابات على الأبواب، والكرة الآن في ملعب الجماهير التي بح صوتها وهي تهتف في ساحات الإحتجاج مطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد، عليها أن تعي مسؤوليتها وترتقي إلى الإحساس بالمواطنة وتبتعد عن التأثيرات العصبية من  قومية ودينية ومذهبية وعشائرية وأن تختار الممثلين الحقيقيين والأكفاء لتنفيذ أمانيهم المشروعة، وأن لا ينخدعوا مرة أخرى لأن (المُجَرَب لا يُجَرَب).

 

 الحال سوف لا يستقيم ما لم يتم إصلاح النظام السياسي وتخليصه من المحاصصة وبناء دولة المواطنة القادرة على محاربة الفساد،  وبدون هذا  سيبقى العراق واقعاً في أسفل درجات الدول الفاشلة تتقاذفه الأهواء الشخصية والحزبية والفئوية.

 

الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الإجتماعية هي الضمان الأكيد للخروج من إنتكاساتنا ومآسينا (وبلاوينا).

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.