اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

صدام والفخ الأمريكي, غزو الكويت وحرب الخليج الثانية (14)// حامد الحمداني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 الموقع الفرعي للكاتب

صدام والفخ الأمريكي, غزو الكويت وحرب الخليج الثانية

الحلقة الرابعة عشرة

حامد الحمداني

   17/ 2/2018

 

تاسعاً:الغرب يكمل استعداداته الحربية

في الشهرين الأخيرين من عام 1990، أخذت الاستعدادات الغربية للحرب تتكامل،  فقد بلغ مجموع القوات التي تم حشدها في السعودية حوالي 350 ألفاً من الجنود والضباط، وما يزيد على 1000 طائرة حربية بالإضافة إلى ألوف الدبابات والمدفعية والصواريخ، وأعداد كبيرة من القطع البحرية، وحاملات الطائرات التي أخذت مواقعها في الخليج العربي، وخليج العقبة، وسواحل إسرائيل، وهي تحمل الصواريخ البعيدة المدى، والموجهة إلكترونياً، والقادرة على ضرب أي منطقة من العراق، بانتظار ساعة الصفر لبدء الحرب.

 

أما صدام حسين فقد أستمر في حشد قواته في الكويت، حتى بلغت 450 ألف ضابط وجندي، تساندها ما يزيد على 4000 دبابة و 3000 قطعة مدفعية، و800 طائرة حربية، إضافة إلى قواعد إطلاق الصواريخ البعيدة المدى.

 غير أن التكافؤ بين القوتين كان بعيد المنال، نظراً لما يمتلكه الغرب من التكنولوجيا الحربية المتطورة، هذا بالإضافة إلى عدم قناعة الجندي العراقي بتلك الحرب التي ساقه إليها صدام حسين دون مبرر، ولم يمض سوى سنتين على انتهاء حربه المجرمة ضد إيران والتي دامت 8 سنوات، ودفع ما يزيد على النصف مليون من الجنود والضباط حياتهم في تلك الحرب التي خاضها صدام حسين نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية.

 

كان تحشيد هذه الأعداد الضخمة من الجيوش من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، يتطلب أموالاً كثيرة جداً، ليس في وسع الولايات المتحدة تحملها لوحدها، ولذلك فقد ضغطت على دول الخليج بان تدفع نصيبها من التمويل. وسارعت السعودية والكويت، وبقية دول الخليج بسحب مدخراتها، وتقديمها إلى الولايات المتحدة. كما ضغطت الولايات المتحدة على اليابان، وألمانيا الغربية لتقدم نصيبها من تكاليف الحرب، واستطاعت أن تجمع ما يقارب 90 بليون دولار، دفعت منها ألمانيا 10 بلايين، واليابان 10 بلايين دولار أخرى، ودفعت السعودية والكويت وبقية دول الخليج الباقي.

بلغت حصة الولايات المتحدة من هذا المبلغ 54 بليون دولار، في حين بلغت تكاليف حربها 31 بليون دولار، أي أنها حققت ربحاً قدرة 23 بليون دولار.

 أما بريطانيا فقد حصلت على 6 بلايين دولار، في حين بلغت تكاليفها الحربية 3 بلايين دولار، أي إنها حققت ربحاً قدرة 3 بلايين دولار، كما حصلت تركيا على 3 بلايين دولار.

 أما إسرائيل فقد حصلت على6,5 بليون دولار، مع تسهيلات بقيمة 10 بلايين دولار لغرض إنشاء المساكن للمهاجرين اليهود إليها .(11)

وهكذا استطاعت الولايات المتحدة الحصول ليس على تكاليف الحرب فحسب، بل حققت ربحاً صافياً مقدار 23 بليون دولار، لقاء حماية المصالح الغربية واليابانية في منطقة الخليج.

 وفي أواخر شهر تشرين الثاني من عام 1990  كانت الاستعدادات الحربية الأمريكية قد اكتملت، تم إعداد الخطة التي سينفذها الجنرال [شوارتزكوف] التي أطلقت عليها الولايات المتحدة [عاصفة الصحراء]، والتي ارتكزت على المراحل التالية (12)

المرحلة الأولى: قيام السلاح الجوي بهجوم شامل على مراكز قيادات الجيش، وقواعد الصواريخ، والدفاعات الجوية، ومحطات الرادارات، والاتصالات، والمطارات الحربية، وطرق المواصلات، والجسور ومصانع الأسلحة بأنواعها، ومحطات الكهرباء، وبدالات الهاتف، والاتصالات السلكية واللاسلكية ومصافي النفط وكافة المنشآت النفطية وجميع المصانع المدنية.

 المرحلة الثانية: هجوم جوي شامل على القوات البرية العراقية المتواجدة في الكويت، وجنوب  العراق، لإنهاكها، وتحطيم معنوياتها، ذلك عن طريق القصف المركز والمستمر بأحدث ما توصلت له تكنولوجيا المصانع الحربية الأمريكية، وقطع الإمدادات الغذائية والمياه عنها، وقطع صلاتها بمقر القيادة العامة.   

 

المرحلة الثالثة:الهجوم البري الشامل لسحق الفرق العسكرية العراقية، وتدميرها، مع استمرار القصف الجوي لكافة المرافق الاقتصادية في  كافة أنحاء العراق، والتأثير على معنويات الشعب العراقي وإرهابه.

 

لقد كانت الخطة تعتمد على قوة السلاح الجوي في مرحلتي الحرب الأولى والثانية، وتجنب الالتحام بالقوات العراقية في البداية، لكي لا تقع خسائر كبيرة في صفوف قواتهم، وجعلت الهجوم البري، مرحلة متأخرة، لحين استكمال القصف الجوي لكافة الأهداف المحددة في المرحلتين الأولى والثانية، وكانت القوات الأمريكية والقوات الحليفة وأسلحتها من الضخامة والقوة أن بدت وكأن الغرب يعد لحرب عالمية ثالثة، وليس حرباً ضد بلد صغير من بلدان العالم الثالث. (13)

 

 لقد وقف الرئيس الأمريكي جورج بوش يخطب في الكونجرس الأمريكي قبيل بدء القوات لأمريكية والقوات الحليفة للحرب ضد العراق قائلاً:{ إنني احتفظ بالحق في الانتقال إلى مرحلة الهجوم العسكري لتحقيق الأهداف الأمريكية في الخليج}.

 وهذا هو واقع الحال، فلو لم يوجد النفط في منطقة الخليج  لما جاءت الولايات المتحدة وحلفائها بجنودهم إلى المنطقة، ولما أصدرت هذا العدد الكبير من القرارات ضد العراق. لقد اعتدت إسرائيل عام 1967 على البلدان العربية، واحتلت الضفة الغربية من فلسطين، وصحراء سيناء في مصر، وهضبة الجولان السورية، وأجزاء من غور الأردن، كما اعتدت على لبنان عام 1980، واحتلت العاصمة بيروت، وهي اليوم ما تزال تحتل الضفة الغربية، وتفرض الحصار الخانق على قطاع غزة، وتحتل الجولان السورية وأجزاء من جنوب لبنان، ومع ذلك نجد الولايات المتحدة لم تكتفِ بالسكوت عن العدوان فحسب، بل دعمت وساندت إسرائيل في عدوانها، ولم تحرك ساكناً على انتهاك كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، منذُ قيامها عام 1948 وحتى اليوم، دون أن تلقى العقاب من مجلس الأمن، والمجتمع الدولي، فقرارات مجلس الأمن لا تنطبق على إسرائيل، بل على العرب وحدهم!!.

مجلس الأمن يصدر قرار الحرب رقم  678

 

 في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1990، انتقلت الأزمة مرة أخرى إلى مجلس الأمن، بعد تحرك مكثف لوزير الخارجية الأمريكية [جيمس بيكر] لإقناع أعضاء مجلس الأمن بإصدار قرار يخول الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين استخدام كل الوسائل الضرورية، بما فيها القوة العسكرية، لتنفيذ قرار المجلس رقم 660 القاضي بإخراج القوات العراقية من الكويت.

لقد استطاع بيكر أن يقنع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ومن بينهم الاتحاد السوفيتي، بالموافقة على مشروع القرار رقم 678  في 29 تشرين الثاني 1990  وضمنت الولايات المتحدة امتناع الصين عن التصويت، ولم يعترض على مشروع القرار سوى اليمن وكوبا، وهذا نص القرار:

قرار رقم 678 ـ 29 تشرين الأول1990

إن مجلس الأمن :

إذ يشير إلى ، ويعيد تأكيد قراراته 660 ، 661 ، 662 ،664 ، 665، 666، 667 669 ، 670 ، 674 ، 6777 ، لعام 1990 .

وإذ يلاحظ ، رغم كل ما تبذله الأمم المتحدة من جهود، أن العراق يرفض الوفاء بالتزامه بتنفيذ القرار 660، والقرارات اللاحقة، ذات الصلة المشار إليها أعلاه، مستخفاً بمجلس الأمن، استخفافاً صارخاً.

وإذ يضع في اعتباره واجباته ومسؤولياته المقررة بموجب ميثاق الأمم المتحدة، تجاه صيانة السلم والأمن الدوليين وحفظهما.

وتصميماً منه على تامين الامتثال التام لقراراته.

وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من الميثاق:

1 ـ يطالب أن يمتثل العراق امتثالاً تاماً للقرار 660 (1990 )، وجميع القرارات اللاحقة، ذات الصلة، ويقرر في الوقت الذي يتمسك بقراراته، أن يمنح العراق فرصة أخيرة، كلفتة تنم عن حسن النية للقيام بذلك.

2 ـ يأذن للدول الأعضاء المتعاونة مع حكومة الكويت، ما لم ينفذ العراق في 15 كانون الثاني 1991، أو قبله، القرارات السالفة الذكر، تنفيذاً كاملاً كما هو منصوص عليه في الفقرة أعلاه ، وتنفيذ القرار 660 (1990 )، جميع القرارات اللاحقة، ذات الصلة، وإعادة السلم والأمن الدوليين في المنطقة.

3 ـ يطلب من جميع الدول أن تقدم الدعم المناسب للإجراءات التي تتخذ، عملاً بالفقرة 2 من هذا القرار.

4 ـ يطلب من الدول المعنية أن توالي إبلاغ مجلس الأمن تباعاً بالتقدم المحرز فيما يتخذ من إجراءات  عملاً بالفقرتين 2 ، 3 ، من هذا القرار.

5 ـ يقرر أن يبقي المسألة قيد النظر. (1)  

انتشى الرئيس الأمريكي بوش فرحاً لصدور هذا القرار، الذي يخوله باستخدام القوة العسكرية، فقد أصبحت يده طليقة للمضي بالمخطط المرسوم لضرب العراق .وجدير بالذكر أن جميع القرارات التي صدرت كانت بموجب الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

إن قرار مجلس الأمن هذا في حقيقة الأمر، لا يمثل الشرعية الدولية، ويخالف مخالفة صريحة ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على مسؤولية قوات الأمم المتحدة في صيانة السلام والأمن الدوليين، وتحت راية الأمم المتحدة. غير أن الولايات المتحدة جعلت من نفسها فوق الميثاق، وخولت نفسها، بالتعاون مع حلفائها الغربيين، صلاحية استخدام قواتهم المسلحة، ليس فقط لتحرير الكويت  بل لتدمير العراق، مدفوعين بحماية مصالحهم الإمبريالية في الخليج.

ولابد أن أشير هنا إلى تصريح الأمين العام للأمم المتحدة [خافير بيرز ديكويلار] بعد انتهاء الحرب ضد العراق، والذي عّبر فيه عن رأيه بكل صراحة حول الأزمة حيث قال:

{هناك جانب آخر من الأزمة أود أن أشير إليه، هو أن تنفيذ قرارات مجلس الأمن بالقوة لم يجرِ تنفيذه بالضبط كما أوردته المادة 42، وما تلاها في الفصل السابع من الميثاق، وبدلاً من ذلك فإن المجلس خول استعمال القوة لبعض الدول، والتحالف الذي نشأ بينها، وفي الظروف التي كانت قائمة، وبحساب التكاليف التي كانت مطلوبة، فإن مثل هذا الوضع لم يكن ممكناً تجنبه، وعلى أي حال فإن عمليات الخليج تدعونا إلى التفكير في إجراءات جماعية يتحتم إتباعها في المسائل المتعلقة باستعمال القوة لحفظ الأمن في المستقبل، بطريقة تتفق مع الحقيقة، وأن استعمال القوة محصور بمجلس الأمن بمقتضى أحكام الفصل السابع من الميثاق}.(2)

أن هذا التصريح يبين لنا أن الأمين العام للأمم المتحدة قد أعتبر تخويل مجلس الأمن للولايات المتحدة وحلفائها باستخدام القوة ضد العراق أمر غير قانوني، ويشكل تحدياً صريحاً لميثاق الأمم المتحدة، وأنه كان ينبغي أن يكون أي استخدام للقوة، من قبل قوات الأمم المتحدة، وتحت رايتها.

جاء قرار مجلس الأمن رقم 678 ، بمثابة صدمة كبرى للنظام العراقي، فقد صدر القرار بموافقة حليفه الاتحاد السوفيتي، وامتناع الصين عن التصويت، فلو أعترض هذان البلدان، أو أحدهما لكان قد سقط مشروع القرار، ولم يكن النظام العراقي يتصور أن يذهب الاتحاد السوفيتي إلى هذا الحد، وكان هذا التصور من قبل النظام، يدل على جهله بتطور الأوضاع الدولية، وانهيار المعسكر الاشتراكي، وبشكل خاص الأوضاع في الاتحاد السوفيتي، وبداية تفككه، وانحسار سلطانه كأحد القوتين العظميين، بل وتحوله إلى تابع لسياسة الولايات المتحدة، التي أصبحت القوة العظمى الوحيدة في العالم، والتي تتحكم في مصائر الشعوب.

حاول صدام حسين الاعتراض لدى محكمة العدل الدولية، على قرار مجلس الأمن والطعن في شرعيته، إلا أن محاولته ذهبت أدراج الرياح، وتأكد النظام العراقي أن الولايات المتحدة ماضية في تنفيذ مخططاتها تجاه العراق، مهما كانت المعوقات، فالقوة قد أصبحت فوق القانون، بعد أن هيمنت الولايات المتحدة على مجلس الأمن، وأصبح المخرج الوحيد للنظام العراقي هو تنفيذ القرار 660، القاضي بالانسحاب من الكويت قبل الخامس عشر من كانون الثاني 1991، وهي المدة التي منحها القرار للعراق لكي ينسحب من الكويت، وقدرها 45 يوماً، وإلا واجه حرباً لا يمكنه الخروج منها سالماً.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.