مقالات وآراء

التحقيق حول اسلحة (السي آي أي) المرسلة لارهابيي سوريا الذي كلف صحافية عملها// ترجمة سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

التحقيق حول اسلحة (السي آي أي) المرسلة لارهابيي سوريا

الذي كلف صحافية عملها

تايلر دوردن (*)

موقع زيروهيج

ترجمة سعد السعيدي

 

ادى تحقيق صحافي استمر شهورا الى الكشف عن شبكة سرية ضخمة لنقل الاسلحة جوا للمجاميع الارهابية في سوريا باستخدام غطاء الرحلات الدبلوماسية. وتنطلق هذه الرحلات من القوقاز واوروبا الشرقية تحت إشراف المخابرات المركزية الامريكية (السي آي أي) واجهزة استخبارية اخرى. وقد ادى هذا الكشف الى وضع الصحافية البلغارية التي قامت به قيد التحقيق ومن ثم إقالتها من عملها. وقد جرى كل هذا بعدما وجد التقرير الاصلي طريقه الى الصحافة العالمية.

 

وكانت صحافية التحقيقات الاستقصائية ديليانا كايتانزييفا قد فجرت قنبلة بشكل تقرير لصالح صحيفة ترود في صوفيا عاصمة بلغاريا. في هذا التقرير كشفت الصحافية عن قيام شركة طيران حكومية اذربيجانية بنقل اطنان من الاسلحة الى السعودية والامارات العربية المتحدة وتركيا بشكل منتظم تحت غطاء الصفة الدبلوماسية. وهذه العملية كانت جزءا من برنامج سري تديره (السي آي اي) لتوفير الاسلحة للمقاتلين المعارضين للرئيس الاسد في سوريا. وقد وجدت كايتانزييفا بان هذه الاسلحة قد انتهت الى ايدي إرهابيي داعش والقاعدة في العراق وسوريا.

 

وعلى الرغم من انه كان معروفا منذ زمن طويل بان تحالف الولايات المتحدة ودول الخليج والناتو الذي يقوم بتسليح المتمردين في سوريا قد سهل الصعود السريع لداعش عن طريق فتح الباب على مصراعيه لتوصل هذا التنظيم الى اسواق "وال – مارت" للاسلحة (كما وصفها جاسوس ودبلوماسي بريطاني سابق) ، إلا ان تقرير ترود هو اول من وفر وثائق شاملة تفصّل التسلسل اللوجستي الدقيق للاسلحة منذ تدفقها من بلد المنشأ حتى وصولها لسوح القتال في سوريا والعراق. وقد قامت كايتانزييفا بالسفر الى حلب حيث قامت بتصوير وتدقيق عناوين حاويات شحن الاسلحة الموجودة في مخازن الجهاديين تحت الارض.

 

وقد حصلت الصحافية البلغارية على العشرات من الوثائق الداخلية السرية التي سربت اليها من قبل مصدر مجهول ونشرتها من ضمن التقرير. وتوحي الوثائق المسربة من كونها اتصالات داخلية بين الحكومة البلغارية والسفارة الاذرية في صوفيا تتعلق بتفاصيل خطط الرحلات الجوية لشركة النقل الجوي سيلك وَيْ (طريق الحرير). وتقوم هذه الشركة بشكل رئيسي بتنظيم رحلات لنقل الاسلحة بشكل "غير مسجل" (اي مستثناة من التفتيش او الضرائب بفضل الغطاء الدبلوماسي) لصالح قيادة العمليات الامريكية الخاصة ودول السعودية واسرائيل والمانيا والدانمارك والسويد. وكانت شركة سيلك وَيْ هدفا لتحقيقات اخرى مؤخرا متعلقة بشحنات الاسلحة للحرب السعودية في اليمن. بالاضافة الى هذا فقد كشف الموقع الرقابي (بالكان إنسايت) عن رحلات مشابهة للشحن الجوي للاسلحة من والى صربيا المجاورة.

 

لكن لعل اشد الكشوفات اثارة هي تلك المتعلقة بالشركات الامريكية المتعاقدة مع الحكومة الامريكية للمساعدة في تدريب وتجهيز المتمردين في سوريا. فقد قامت سلسلة من التحقيقات في موقع بازفيد (نشر الجزء الاول منه العام 2015) بالكشف عن المتعاقد العسكري شركة بربل شوفل كمتسلّم لعقدين من دون مناقصة يبلغ مجموعهما اكثر من 50 مليون دولار كجزء من برنامج التدريب والتجهيز الامريكي لسوريا. وقد ربط تقرير كايتانزييفا شركة بربل شوفل ومتعاقدين عسكريين آخرين بشكل واضح الى شحنات شركة سيلك وَي الاذربيجانية. وقد اشتملت إحدى الوثائق المسربة على بيان الحمولة لعدة اطنان من الصواريخ المضادة للدبابات اشتريت في بلغاريا من قبل بربل شوفل والتي بدت وكأنها موجهة الى العنوان الرسمي الذي كان وزارة الدفاع الاذرية، دون ان تصل الى اذربيجان. فالوثائق تكشف مع ذلك بانه قد جرى تنزيل الشحنة العسكرية في قاعدة انجيرليك الجوية في تركيا. وهذه القاعدة هي ليست إلا احد مراكز القيادة الرئيسية الامريكية وحلف الناتو للعمليات السرية في سوريا.

 

وعلى الرغم من مرور اشهر على تقرير كايتانزييفا حيث انه بدأ بسلسلة تحقيقات اصغر ، إلا انه لم يكسب إلا القليل من الاهتمام في الصحافة الغربية والعالمية على الرغم من انه قد جرى الترويج له على مواقع التواصل الاجتماعي وجرت مناقشته من قبل بعض من اهم المختصين العالميين في شؤون سوريا والشرق الاوسط. ومع ذلك فقد كانت قناة الجزيرة القطرية هي من نشر القصة الكاملة خلال إذاعتها للخبر الصادم حول قيام السلطات البلغارية بالتحقيق مع كايتانزييفا قبل إقالتها من عملها في الصحيفة.

 

وقد قالت كايتانزييفا لاحقا في تغريدة على حسابها على تويتر بتاريخ 24 آب 2017 بانها قد اقيلت من عملها في صحيفة ترود بعدما جرى التحقيق معها من قبل امن الدولة البلغاري الذي كان يحاول معرفة مصادر معلوماتها.

 

وقالت بانها قد بدأت بالارتياب حول الاسلحة المرسلة الى سوريا اول مرة عندما رأت اسلحة من منشأ بلغاري بايدي الارهابيين في حلب بينما كانت تقوم بتغطية اخبار الحرب في سوريا.

وقالت ايضا بانها قد قامت بتتبع هذه الاسلحة لتجد في نهاية المطاف بانها قد جرى تصديرها الى السعودية بشكل شرعي ، لتقوم بدورها بارسالها الى الارهابيين في سوريا.

 

واختتمت بانها قد اقيلت للتو بسبب من كشفها الحقيقة حول تجهيزات الاسلحة لارهابيي سوريا من على متن الرحلات الدبلوماسية.

 

وتقوم قناة الجزيرة الآن مؤخرا بتسليط الضوء على القصة وسط الحرب الدبلوماسية القطرية السعودية التي نتج عنها نشر الغسيل القذر على نطاق واسع حيث تقوم كل جهة باتهام الاخرى بدعم الارهاب. ومهما يكن من امر ، تشكل تغطية الجزيرة اول ظهور للقصة في وسائل الاعلام الرئيسية. وبينما قد جرى نشر قرار ترامب الاخير بإنهاء البرنامج السري للمخابرات الامريكية المتعلق بتغيير نظام الحكم في سوريا ، يبدو بان نظام شحن الاسلحة الخارجي الى جهاديي سوريا قد بقي في مكانه من خلال خط التجهيز المباشر بواسطة طائرات شركة سيلك وَي.

 

وقد اعتمد برنامج (السي آي اي) بشكل كبير على السعودية حليفة الاميركيين في تسليح مناوئي الاسد من الجهاديين. وبينما يبدو بان البيت الابيض قد انهى مؤخرا ما يتعلق بدور (السي آي اي) في البرنامج ، لا يتوفر دليل يشير الى ان السعودية او اي بلد آخر من الحلفاء المشاركين قد اوقف او حتى ابطأ ما يتعلق بدوره فيه. وايضا بما ان كلا من (السي آي اي) والبنتاكون يتعاقدان مع شركات خاصة للعمل كوسطاء لنقل الاسلحة الى سوريا ، فانه من غير المؤكد إن كانت كل اجزاء برنامج (السي آي اي) قد جرى ايقافها. وتاريخيا ، فقد قامت (السي آي اي) احيانا بتأجير النشاطات المثيرة للتساؤل الى شركات المتعاقدين الخاصة لتستطيع هي إنكارها. من الناحية الاخرى ، فإن جزء البرنامج المتعلق بالبنتاكون الذي يجهز المجاميع الكردية والعربية في قوات سوريا الديمقراطية يتزايد في نشاطه فيما يبدو.

 

بالنظر الى التطورات الاخيرة المتعلقة بقيام صحيفة ترود بإقالة احد صحفييها ومحاولة السلطات البلغارية تحديد مصادرها ، فانه من المحتمل بشكل كبير بان يتصاعد الضغط على ترود لحذف القصة من على موقعها. ونشر الجزيرة للقصة قد جدد الانتباه العالمي بما كشفته كايتانزييفا مما سيزيد من الجدل الدائر.

 

ادناه اجزاء مختارة من تحقيق ترود. يحتوي التحقيق على العشرات من الوثائق المسربة القابلة للتحميل مترجمة باختصار مع متونها من قبل ديليانا كايتانزييفا.

 

الوثائق الحكومية المسربة من الهكرز (بلغاريا انونيمس) تكشف عن خط تجهيز مباشر للاسلحة الى الارهابيين في سوريا

وفقا لهذه الوثائق فقد عرضت شركة سيلك وَي رحلات دبلوماسية للشركات الخاصة ومصنعي الاسلحة من اميركا والبلقان واسرائيل اضافة الى جيوش السعودية والامارات وقيادة العمليات الامريكية الخاصة ، والقوات المسلحة الالمانية والدانماركية في افغانستان ، والسويدية في العراق. وتكون الرحلات الدبلوماسية معفاة من التفتيش ورسوم الطيران والضرائب ، ما يعني بان طائرات سيلك وَي قد نقلت بكل حرية مئات الاطنان من الاسلحة الى مختلف الاماكن حول العالم من دون اية عوائق. وقد قامت طائرات الشركة بالهبوط في اماكن انتقالية دامت اقامتهم فيها من بضعة ساعات حتى يوما واحدا من دون اية اسباب منطقية من مثل الحاجة للتزود بالوقود.

 

الولايات المتحدة ترسل ما قيمته مليار دولار من الاسلحة

من بين الزبائن الرئيسيين لخدمات "الرحلات الدبلوماسية لشحنات الاسلحة" التي توفرها سيلك وَي هم الشركات الامريكية التي تجهز الاسلحة للجيش الامريكي وقيادة العمليات الامريكية الخاصة. العنصر المشترك في هذه الحالات هو انها كلها تجهز انواع من الاسلحة غير معتمدة لدى الامريكيين. اي من تلك التي لا تستخدمها القوات الامريكية.

 

وفقا لسجل العقود الاتحادية، فقد منحت الشركات الامريكية للسنوات الثلاث الاخيرة عقود بقيمة مليار دولار من ضمن برنامج خاص للحكومة الامريكية لتجهيزات اسلحة لا تستخدمها القوات الامريكية ، استخدمت كلها شركة سيلك وَي لنقل هذه الاسلحة. وفي بعض الحالات عندما لم تتوفر للشركة اية طائرة للعمل بسبب انشغال كل طائراتها ، كان سلاح الجو الاذري هو من يقوم بنقل الشحنات العسكرية ، على الرغم من عدم وصول الاسلحة الى اذربيجان.

 

وقد اشتملت الوثائق المسربة من السفارة على امثلة صادمة من شحنات الاسلحة. إحدى الحالات  هي التالية : في 12 ايار 2015 كانت طائرة من سلاح الجو الاذري تحمل 18 طنا من مختلف انواع الصواريخ المضادة للدروع. كان خط الرحلة للمرسل اليه المفترض يمر من خلال بوركاس البلغارية ثم انجيرليك التركية ثم الى بوركاس ناسوسني في اذربيجان. المرسل كان شركة بربل شوفل الامريكية والمرسل اليه وزارة الدفاع الاذرية. إلا انه وفقا للوثائق فقد جرى إنزال الحمولة في قاعدة انجيرليك، ولم تصل الى المرسل اليه مطلقا. كانت الاسلحة قد بيعت الى بربل شوفل بواسطة آلكونس في بلغاريا ، وصنعت في معمل (في ام زد) العسكري البلغاري.

 

وفقا لسجل العقود الاتحادية ، وقعت قيادة العمليات الامريكية الخاصة في كانون الاول 2014 عقدا بقيمة 26.7 مليون دولار مع بوربل شوفل. وقد اشير الى بلغاريا كبلد المنشأ للاسلحة.

 

البرنامج الامريكي السري ارسل اسلحة بلغارية الى تنظيم القاعدة من خلال متعاقد عسكري

في 6 حزيران 2015 ، قتل المواطن الامريكي فرنسيس نورفيلو احد مستخدمي بربل شوفل عندما انفجرت قذيفة مضادة للدروع في موقع عسكري قرب قرية انيفو في بلغاريا. وقد جرح امريكيان آخران في الحادث وكذلك بلغاريان. وقد اصدرت السفارة الامريكية في بلغاريا بيانا اعلنت فيه بان متعاقدين مع الحكومة الامريكية كانوا يعملون في برنامج عسكري امريكي لتدريب وتجهيز المتمردين المعتدلين في سوريا. ادى هذا الى إعفاء السفيرة الامريكية في صوفيا من منصبها فورا. نفس هذه الاسلحة من مثل هذه المجهزة بواسطة بربل شوفل لا يستخدمها المتمردون المعتدلون في سوريا. في كانون الاول من السنة الماضية وبينما كانت تقوم بتغطية معركة حلب كمراسلة للاعلام البلغاري ، عثرت كايتانزييفا على وصورت تسعة مخازن تحت الارض مليئة باسلحة ثقيلة من منشأ بلغاري. وهذه كانت تستخدم من قبل جبهة النصرة (تتبع تنظيم القاعدة في سوريا ويشار اليها كمنظمة ارهابية من قبل الامم المتحدة).

 

السعودية – داعمة وموزعة الاسلحة

عدا الامريكيين ، توجد دولة اخرى اشترت كميات هائلة من الاسلحة من مناشئها في اوروبا الشرقية حيث صدّرتها على متن الرحلات الدبلوماسية لشركة سيلك وَيْ ، وهي السعودية. ففي الاعوام 2016 و 2017 كانت هناك 23 رحلة دبلوماسية تحمل اسلحة من بلغاريا وصربيا واذربيجان الى جدة والرياض. كان المرسلون هم معمل (في ام زد) العسكري و(ترانسموبيل) البلغاريان و(يوكوإمبورت) الصربي و(تشيهاز) الاذربيجاني.

 

لا تشتري المملكة هذه الاسلحة لنفسها. إذ انها لا تتوافق مع السلاح الغربي المعتمد لدى الجيش السعودي. على هذا فالاسلحة المنقولة على متن الرحلات الدبلوماسية تنتهي بايدي الارهابيين في سوريا واليمن الذين تعترف السعودية رسميا بدعمهم.

 

تقرير يربط بين اسلحة نقلت عبر الدول وداعش

في 5 آذار 2016 ، كانت طائرة من سلاح الجو الاذري تنقل 1700 قطعة من الصواريخ المضادة للدروع (المرسل : وزارة الدفاع الاذرية) و 2500 قطعة اخرى من نفس هذه الذخائر (المرسل : ترانسموبيل من بلغاريا) لصالح وزارة الدفاع السعودية. وقد قامت رحلات  دبلوماسية من مطار بوركاس الى مطار الامير سلطان بتاريخ 18 و 28 شباط 2017 بنقل 5080 قطعة اضافية من هذه الاعتدة ، و 24978 من القنابل. جرى تصدير هذه الاسلحة من قبل (ترانسموبيل) البلغاري الى وزارة الدفاع السعودية. يمكن مشاهدة مثل هذه الاعتدة والقذائف المضادة للدروع بشكل متكرر في الافلام التي ينشرها داعش على قنواته الاعلامية.

 

الاسلحة المذكورة على بيانات شحن سيلك وَي تظهر في سوح المعركة في سوريا بعد شهور من وصولها الى تركيا والسعودية

اشتملت حمولة ال 41.5 طن من باكو وبلغراد على : 12 بندقية قنص مع ذخائرها و 25 نوع آخر من بنادق القنص و 25 قاذفة و 25 مدفع رشاش مع سنده. وقد ظهر نفس نوع هذا السلاح الثقيل بضعة شهور لاحقا في الافلام التي تنشرها المجاميع المسلحة في ادلب ومحافظة حماة في سوريا. وقد نقلت الطائرات ايضا : 1999 بندقية هجومية و 25 من مدافع الهاون. في 26 شباط 2016 نشر فيديو على اليوتوب تظهر فيه نفس اسلحة الهاون هذه من قبل مجموعة متمردين تطلق على نفسها اسم الفرقة 13 تقاتل شمال حلب.

 

ما يثير الاهتمام هو ان الطائرة التي كانت تحمل نفس نوع الاسلحة قد هبطت في ديار بكر في تركيا ، بمسافة 235 كم عن الحدود مع سوريا. نوع آخر من الاسلحة وهو قاذف للقنابل كان من نفس الرحلة وكان يفترض توجهه نحو دولة الكونغو ايضا ، قد ظهر في فيديو للواء الصفوة الاسلامي شمال حلب.

 

بعد تركيا هبطت الطائرة في السعودية وبقيت هناك ليوم واحد. بعدها هبطت في الكونغو وبوركينا فاسو. وبعد اسبوع جرت محاولة انقلابية في بوركينا فاسو.

 

يمكن الاطلاع في الرابط ادناه على التقرير الكامل مع نسخ الوثائق للتحميل

https://founderscode.com/silk-way-airlines-smuggles-

weapons-diplomatic-flights/

 

(*)

مقالة نشرت على موقع زيرو هيج بتاريخ 28 آب 2017