مقالات وآراء

الإنتخابات البرلمانية العراقية بين المشاركة والمقاطعة// علاء مهدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الإنتخابات البرلمانية العراقية بين المشاركة والمقاطعة

لمصلحة مَنْ يتم الترويج للمقاطعة؟

علاء مهدي

سيدني- أستراليا

 

       أنتشرت في الأونة الأخيرة حملات واسعة عبر وسائل التواصل الإجتماعي والمراكز الإعلامية المسموعة والمقروءة تدعو وتشجع على مقاطعة الإنتخابات البرلمانية العراقية القادمة التي أعلن عن قيامها خارج العراق يومي الخميس والجمعة العاشر والحادي عشر من أيار المقبل وفي الثاني عشر من نفس الشهر في العراق.

 

       ونحن في الوقت الذي نتفهم فيه حالة اليأس والقنوط التي أصابت الكثير من مواطنينا بسبب من الوضع العراقي العام الذي يزداد تردياً يوماً بعد يوم إلا أن هذه الدعوات تصب في مصلحة إستمرارية الوضع الفاسد الحالي ، ولا أستبعد أن تكون الأحزاب الدينية هي الداعية لها سراً لكي يحجم المواطنون عن الإنتخاب خاصة المهاجرون والمهجرون منهم لكي يبقى الفاسدون في الحكم.

 

       ومن خلال نظرة واقعية للوضع السياسي العالمي فإن إنعدام التوازن الدولي منذ سقوط الاتحاد السوفيتي قد نتج عنه وجود قوة عالمية واحدة تنفرد بالسيطرة على مقدرات العالم. وكان من نتائج ذلك أن أختفت وسيلة تغيير أنظمة الحكم عن طريق الإنقلابات العسكرية ، ونعتقد أن العالم لم يشهد إنقلاباً عسكريا سوى لمرة أو مرتين خلال العقدين الماضيين. لذلك يعتبر التغيير عبر صناديق الإقتراع هو الوسيلة الوحيدة المتوفرة للتعبير عن آراء الجماهير.

 

       برأينا أن المشاركة في الإنتخابات البرلمانية العراقية القادمة هي واجب وطني ومقدس سواء حققت القوى التقدمية والعلمانية والمدنية نجاحاً ام لم تحققه. بل أن على المواطنين الأستراليين من أصول عراقية الاصرار على ممارسة هذا الحق لكي يثبتوا للنظام الحالي أن نظامهم غير مرغوب به وإن التغيير قادم لامحالة سواء في هذه الدورة أو الدورات اللاحقة. فإنتخاب الأصلح والأنظف يحمل رسالة واضحة بأن النظام الطائفي المقيت مرفوض من قبل العراقيين وإن الفساد المستشري في هيكلية الدولة العراقية هو الآخر مرفوض وأن لامكان للفاسدين في عراق المستقبل المنشود.

 

       عليه يقع على عاتق كل المواطنين في دول الشتات من أصول عراقية الحرص على ممارسة دورهم الإنتخابي في وطنهم الأم خاصة وأن حياتهم في دول الشتات قد منحتهم خبرة حياتية واسعة في طبيعة الحياة الديمقراطية ، ونقل ذلك إلى الداخل العراقي يعتبر من المهام الأساسية المساندة لعملية التغيير المستقبلي المنشود. كما أن التهيؤ لهذه الممارسة وتهيئة وتوفير المستندات الرسمية خلال الفترة قبل الإنتخابات القادمة لكل أفراد العائلة سيساعد قطعاً على تسهيل مهمة الإنتخاب وممارسة كافة أفراد العائلة بمن فيهم اؤلئك الذين ولدوا خارج العراق ولهم من العمر مايؤهلهم لممارسة هذا الحق الشرعي ، لا أن يتم الإنتظار لحين الإعلان عن الإنتخابات ويصبح من الصعب تهيئة تلك المستلزمات الرسمية في فترة قصيرة. بالإضافة لذلك علينا جميعاً أن نكون من الدافعين لهذه الممارسة الوطنية عن طريق تفهم طبيعة التحالفات والقوائم المختلفة ودراسة برامجها الإنتخابية ومرشيحها وسيرهم الذاتية والقدرة على إجراء مقارنات بينهم وبالتالي أختيار ممثلنا الأفضل بصورة مدروسة واقعياً وليس مزاجياً.

 

       أن تبني البعض لحملات تروج لمقاطعة الإنتخابات يدل على التخريب والإساءة ، بل هي دعوات لإستمرار حالة الطائفية المقيتة وباقي المحاصصات ودوام الفساد. وأن تلك الحملات أن دلت على شيء فهي تدل على ضعف التفكير وعدم القدرة على إتخاذ القرار وبالتالي ترك الأحزاب الحاكمة الحالية في السلطة إلى ما لا نهاية. كما أن من المستغرب أن يقوم بتلك الحملات أشخاص ناشطون في الجالية ويدعون المدنية والتقدمية عن طريق ترويج هذه الدعوات وبصورة ساذجة عبر وسائل التواصل الإجتماعي مما يدل ليس على إزدواجية في المواقف بل على تصرف غير منطقي وشاذ.

 

هي دعوة صريحة لمراجعة النفس والتوقف عن الترويج لعدم المشاركة.

هي دعوة صريحة للمساهمة في الإنتخابات والإصرار على المساهمة فيها لإختيار الأفضل والأنظف.

هي دعوة مخلصة للمساهمة في مراقبة الإنتخابات عبر تمثيل الأحزاب التي تختارون.

هي دعوة مخلصة للقضاء على الفساد المستشري في جسد الأمة العراقية.

هي دعوة نزيهة لتمثيل الجالية العراقية من أجل إبراز دورها الحضاري والأخلاقي في عملية إعادة البناء من أجل إقامة دولة مدنية ديمقراطية علمانية يتساوى فيها كل العراقيين بدون أية محاصصات.

