مقالات وآراء

نهضة الشعوب الآرامية// د. حسين الديك

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

 

 

نهضة الشعوب الآرامية

د. حسين الديك

 

تعتبر الشعوب الآرامية من الشعوب الأصلانية وذات الجذور التاريخية العميقة التي تمتد عبر القرون في صلتها ونشاتها واهليتها بالمشرق وخاصة مناطق ما بات يُعرف ببلاد الشام والعراق وشمال الجزيرة العربية وجنوب تركيا حاليا، وارتبطت تلك الشعوب بإرث حضاري وثقافي وتاريخي عظيم وقدمت الكثير من الابداعات والإنجازات العلمية والمعمارية والطبية والثقافية والفنية عبر تاريخها العريق والذي امتد لقرون طويلة في الشرق، اذ كانت اللغة الآرامية لغة دولية وعالمية سائدة لقرون طويلة قبل الميلاد وبعده.

 

وقد تعرضت الشعوب الآرامية للكثير من التهجير وعمليات الإبادة المنظمة عبر محطات كثيرة في التاريخ، ورغم ذلك صمدت تلك الشعوب وحافظت على ثقافتاها وتاريخها وحضارتها هويتها الآرامية، ولكن عامل الهجرة في العصور الحديثة من الوطن الام وهو بلاد الشام الى بلاد اروبا وامريكا كان عاملا أساسيا في التأثير على ثقافة وهذه الشعوب واضعافها في موطنها الام وحلت مكانها ثقافات دخيلة غير اصيلة.

 

ان الإبادة التي تعرضت لها الشعوب الآرامية لم تقتصر على إبادة الانسان فقط، بل عملت على إبادة اللغة والثقافة الآرامية أيضا، وهربا من البطش والاضطهاد الذي مارسه الاحتلال بشتى انواعه على الشعب الارامي اجبر الكثير من الاراميين على تبني ثقافة الاحتلال وتعلم لغة الاحتلال فأصبحت لغة رسمية رغم انها لغة احتلال، والاحتلال العربي البدوي نموذجا لذلك.

 

تنوعت أصناف والوان الإبادة بحق الشعب الارامي، فمن إبادة الانسان الى إبادة اللغة والثقافة الى ابادة التراث والمنحوتات والشواهد، الى ابادة التاريخ والمخطوطات، الى إبادة النسيج الاجتماعي للشعب الرامي، الى التهجير والنفي، ورغم ذلك لازال في الوطن الام للشعب الارامي من يتحدث اللغة الآرامية وينتمي الى الثقافة والتاريخ الارامي ويعتز بهذه الحضارة العريقة.

 

وفي عالم اليوم فان السبيل الوحيد للنهوض بالشعوب الآرامية أي شعوب بلاد الشام هو العودة الى الاصالة والعراقة والحضارة والاصل العرقي للشعب الارامي واللغة الآرامية والثقافة الرامية، والتخلص من كل موروثات الاحتلال العربي وثقافته واضغانه واحقاده التي فرضت بالقوة على الشعب الارامي.

 

فلن تقوم اية قائمة حضارية لتلك الشعوب الآرامية التي تعيش في بلاد الشام وتسمى (عربية) لأنها تتحدث اللغة العربية دون العودة الى جذورها واصولها الآرامية العريقة وثقافتها وتاريخها المشرف، واما ان بقيت متمسكة بثقافة ولغة الاحتلال (البدوي العربي) فأنها سوف تظل تسبح في بحار من الدماء والقتل والإرهاب، ولن تستطيع تحقيق ادنى مقومات الحياة الإنسانية لها ولن تحقق أي طموحات في المستقبل.

 

وهذا لا يتعارض مع أي حقوق دينية لأي شخص كان، فهذه ليس دعوة الى ترك دين معين او دخول في دين اخر، بل ان الدين هو علاقة روحية بين الانسان وخالقه وهو حق اصيل من حقوق الانسان، ولكن هنا يجب العودة الى الأصل القومي الارامي للشعوب الآرامية والتي هي موجودة وتعيش في بلادها وفي موطنها الام، ولكنها تتحدث اللغة العربية والتي هي لغة الاحتلال، ولنا في ذلك مثال ان الشعب التركي والشعب الماليزي دخل الإسلام ويدن بدين الإسلام وقد حقق الكثير من التقدم والانجاز الحضاري والثقافي لشعبة والتطور الاقتصادي والسياسي، ولكنه بقي محافظ على لغته وتاريخه وثقافته وحضارته، ولم تُفرض عليه لغة الاحتلال العربي او ثقافة الاحتلال العربي البداوة والاعراب.

 

ان هذه اللحظة هي لحظة تاريخية ملحة تفرض على كافة الشعوب الآرامية الوقوف عند مسؤولياتها والتحرر من رواسب الاحتلال العربي والعودة الى التاريخ والثقافة والعراقة والاصالة واللغة الآرامية القادرة على النهوض بتلك الشعوب والمجتمعات ووضعها في مصاف الدول والشعوب المتقدمة في عالم اليوم.