اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

من اجل خطة راعوية عملية ومعاصرة ومناسبة لمؤمنينا في العراق// البطريرك لويس روفائيل ساكو

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

من اجل خطة راعوية عملية ومعاصرة ومناسبة لمؤمنينا في العراق

البطريرك لويس روفائيل ساكو

 اعلام البطريركية

 

مقدمة

أوجه هذه الرسالة بمناسبة الرياضة الروحية لأساقفتنا وكهنتنا ورهباننا في العراق، 4-7 حزيران 2018، وأيضا بمناسبة إنعقاد السينودس الكلداني 7-13 آب 2018، وسينودس الأساقفة الكاثوليك المرتقب في شهر تشرين الأول أكتوبر عام 2018 بروما، حول موضوع: الشباب، الإيمان وتمييز الدعوات. أتمنى ان تقرأ  بامعان هذه الافكار وان ترسل الاقتراحات الى البريد الالكتروني البطريركي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.  من اجل اثراء المبادرة.

 

إنطلاقاً من مبدأ وراء كل عمل، فكر وكلمة، وضعتُ هذا المشروع تحت شعار: المسيح قدوتنا ورجاؤنا: “وكانَ يسوعُ يَسيرُ في جَميعِ المُدُنِ والقُرى يُعلِّمُ في مَجامِعِهم، ويُعلِنُ بِشارةَ المَلَكوت ويَشفِي النَّاسَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وعِلَّة” (متى 9/35).

 

وحيث أن الكنيسة  تُجسد الضمير المسيحي أينما وجدت، يتعين عليها أن تضطلع بدور استباقي في مواجهة التغييرات الجادة التي طرأت وتطرأ على المجتمع العراقي في مجالات عدة، والتحديات المتعاظمة، والانتهاكات التي تعرض لها المسيحيون، والتي أثرت سلباً على وجودهم وعلاقاتهم، وعليه يغدو من صميم واجب الكنيسة تحديد استراتيجيتها لتجسيد هذا الشعار وتعزيز حضورها وصمودها؟

 

في ظروف كالتي نمر بها، ينبغي على الكنيسة الكلدانية والكنائس الأخرى، ان تستنهض كل طاقاتها، لتفكر مليًا وتتحرك بأسلوب جديد مختلف عن الأسلوب التقليدي، لبلورة رؤية شاملة وواضحة تمثل مشروعاً كاملاً للعيش بسلام وأمان مع مواطنينا بشكل ثابت، بحيث تضمن حقوقهم ومساواتهم وتؤمِّن حياتهم وتحافظ على تراثهم ومناطقهم ولغتهم وعقيدتهم وتقاليدهم، وتُعطي المسيحيين دفعاً وزخماً للبقاء على أرض الوطن والتواصل. على الكنيسة، ان تبذل مزيداً من الجهود المدروسة والمنتظمة لإصدار قوانين تُقرُّ بشكل صريح بوجودهم أسوة بالمكونات الأخرى وعدم اعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية،  فهم أهل العراق الشرعيون، وكنائسهم وأديرتهم مغروسة في طول البلاد وعرضها قبل مجيء المسلمين من الجزيرة العربية عام 637، وبعد مجيئهم.

 

تحديد الخطة

وضعُنا كأقلية باقية في بلدنا الأم “العراق”، يتطلب مِنَّا وعيًّا كبيراً برسالتنا ككنيسة، ويحتّم علينا وضع خطة تمثل مشروعاً كاملاً لفعاليات ايمانية واجتماعية وثقافية وخدمية وفق معايير حديثة، ورؤية واضحة ومعمَّقة تستجيب لمتطلبات المرحلة الحالية والقادمة المتزايدة. وبهذا وحده سنستطيع الخروج من حالة التشتت والترهل والركود والهجرة، ونستعيد دورنا وحيويتنا كملح وخميرة ونور، كما دعانا المسيح.

 

 وعليه أقترح أن نركّز في خطتنا الراعوية هذه على محورين أساسيين، متداخلين ومتلازمين هما التنشئة المسيحية وخدمة المحبة. 

 

أتمنى ان يحظى الشباب من خلال هذه الخطة بالاهتمام الذي يستحقونه، لما يمتلكونه من طاقات ابداعية، لا بد ان تُستثمر بشكل صحيح، لاسيما ان الكنيسة هي الراعية والحاضنة لهم.

 

والشباب كما يؤكد البابا فرنسيس مراراً، هم من يفتح باب الرجاء في وقت الازمات، وان الكنيسة التي لا تتجرأ على فتح طرق جديدة  تكون محكومة بالشيخوخة. لهذا يتوجب على الكنيسة ان تشجع الشباب على الانخراط في العمل الاجتماعي والمجال السياسي من أجل بناء السلام والعدالة والمساهمة الفاعلة في خدمة الانسان في مجتمعاتنا

 

نأمل ان ينتج عن سينودس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية الذي سينعقد في شهر تشرين الأول أكتوبر عام 2018 حول موضوع: الشباب، الإيمان وتمييز الدعوات، ما يعزز هذا الاهتمام.

 

1 .التنشئة المسيحية

التعليم هو وصية يسوع: “اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين” (مرقس 16/15).

 

 الكنيسة “ام ومعلمة”، والتنشئة أو التلمذة المسيحية هي محور رسالتها. هذا ما تؤكده الكنيسة الجامعة ضمن وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني ورسائل البابوات التي تشدد على أهمية تثقيف المؤمنين بإيمانهم ليعيشوه بفرح وسلام، وينقلوه الى أولادهم: “لِتَنزِلْ فِيكم كَلِمَةُ المسيحِ وافِرةً لِتُعلِّموا بَعضُكم بَعضًا” (كولوسي 3/16). وهنا أشدد على ضرورة الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي التي هي في متناول عامة الناس، ويمكن تسخيرها كنسياً لأغراض التنشئة الصحيحة.

 

 لتنشئة مؤمنينا بكل فئاتهم نحتاج الى برامج متنوعة مختلفة عن المناهج السابقة، برامج إنسانية سليمة، ومسيحية عميقة بعيدة عن السطحية والرتابة. الايمان علاقة حب ووجدان وليس معلومات نحفظها على ظهر القلب، الايمان علاقة بشخص المسيح الذي نُحبُّه، ونجُلُّه، وننطلق بفرح  لنخبرالاخرين بما اختبرناه (طالع خبر تلميذي عماووس في انجيل لوقا 24). ولتعميق ايمان المؤمنين وتجذره في حياتهم اليومية، نحتاج الى  تنشئة مستدامة من خلال تنظيم:  دورات كتابية، ولاهوتية وراعوية، رياضات روحية، دورات صيفية ومخيمات، ورحلات حج الى المزارات والاديرة وهي كثيرة في بلادنا، واصدار كتب ومجلات وانشاء مواقع الكترونية وفتح مكتبات. هذا فضلا عن فتح مدارس ومعاهد وجامعات لتصبح مراكز اشعاع روحي وانساني.

 

هذه التنشئة المستدامة تتم من خلال اعداد برامج مفهومة للتعليم المسيحي: (النص: الكلمة والمعنى) وتأهيل كادر كفوء، وبيئة مناسبة، لذلك نحتاج في أبرشياتنا الى مركز راعوي حيوي: قاعات وغرف للقاءات وورشات عمل ومخيمات ورياضات روحية وساحات لعب وانشطة رياضية وفنية ووسائل اعلام. انشاء الله سوف نحقق ذلك في بغداد.

 

ضمن مشروع التنشئة هذا يأتي المجال الليتورجي بالدرجة الأولى لاعداد المؤمنين من خلال دورات لتأهيل المقبلين على المعمودية، والمناولة الأولى، والزواج (للمخطوبين)، والعائلة. وليس اقل أهمية من ذلك الاحتفال بالقداس أيام الآحاد والأعياد، وصلاة المساء والصباح اليومية، هذا فضلا عن اعداد رتب خاصة بالأطفال والشباب والمسنين. فالليتورجيا هي المناسبة التي نعمق فيها إيماننا ونتدرب على عيشه. ومن الجدير بالذكر، أن لدينا في بغداد “مركز الدراسات المسيحية المشرقية” الذي يهتم بهذه التنشئة، ومعهد تأهيل الشمامسة، ومعهد التثقيف المسيحي في بغداد والبصرة واربيل ودهوك، فضلا عن كلية بابل والجامعة الكاثوليكية في أربيل. هنا أود أن أحث الأبرشيات على تشكيل لجان للاهتمام بكل هذه الجوانب والاعداد للاحتفال بهذه المناسبات المهمة.

 

أسئلة

هل القداس احتفال مُعَدٌّ حقاً  كعيد؟ هل هو والرتب الأخرى مناسبة للصلاة والمشاركة حتى تغدو حياة المؤمنين  ليتورجيا؟ هل رموز الليتورجيا ومعانيها وحركاتها وجمال فنها معروفة ومفهومة، ام هي روتين معين؟ هل ينمو المؤمنون في الصلاة، شخصياً وعائلياً وكجماعة؟ هل يعرفون ان يصلّوا ويعلّموا أولادهم الصلاة؟ الاهتمام بالطقوس أمر جميل، لكن أليس ثمة شعور بغياب عنصر أساسي في صلب حياتنا المسيحية ألا وهو المشاركة وإبراز من نحتفل به؟ هذه أسئلة أساسية ولابد ان نجتهد للإجابة عليها.

 

إني وبكل محبة اشجع الكهنة والشمامسة الانجيليين على الاهتمام بهذه الجوانب وبجوانب أخرى كتنظيم رتب صلاة خاصة: صلاة القلب، الصلاة الصامتة، الصلاة التلقائية. مع الاشارة إلى صلاة الوردية والصلوات التقوية التي تمارسها الاخويات وجماعات المؤمنين. هذا كله يتطلب تحركاً سريعاً للتجديد والبرمجة والعمل الدؤوب، فالعالم  يسير قُدماً الى الامام، ولابد للكنيسة ان تواكب التطورات وتتحرك لتأوين رسالتها وتعليمها. هذه فرصة يجب الا نضيعها.

 

خدمة المحبة، العمل الاجتماعي

“الحَقَّ أَقولُ لَكم: كلما صنعتم ذلك لِواحِدٍ مِن إخوتي هؤُلاءِ الصِّغار فَلي قد َصنَعتموه” (متى 25/40).

 

ايماننا هو محركُ خدمتنا. والجماعة “الكنيسة” هي قناة الرحمة ومكان تجسيد الايمان العامل بالمحبة (غلاطية 5/6). وعندما تكون الجماعة حية نشعر بفرح اللقاء ودفء التضامن والاقتسام.  والاسرار وبخاصة الافخارستيا (القداس) تفترض ديناميكية– حيوية هذه العلاقة – الشركة التي  تجعلنا نمتلئ من الله المحبة والرحمة. علينا أن نعرف تعليم الكنيسة الاجتماعي ودعوات البابا فرنسيس المتكررة الى أن نفتح باب قلبنا وباب كنيستنا لإخوتنا الفقراء والكشف عن معاناتهم وتسليط الضوء على قضاياهم، وحاجاتهم سواء كانوا من المهجرين أو  الايتام، الارامل، الوحدانيين، المسنّين، وتقديم العون لهم كما فعل المسيح وتفعل حالياً الجمعيات الخيرية العالمية والمحلية كأخوية المحبة – كاريتاس.

 

ثمة  مزايا متعددة مطلوبة للخدمة كالانفتاح والاستقبال والاصغاء والسخاء والطوعية. هذه أمور أساسية. من يؤمن ويصلّي يصبح قلبه بسيطاً ومنفتحاً. فمن واجب كنائسنا أن تجذب الناس لا ان تُنفِّرهم. لأن الكثيرين ممن هم خارج الكنيسة  انما بسبب من هم في داخلها.

 

وفيما يخص النازحين في الموصل وبلدات سهل نينوى، فلولا متابعتنا وتواجدنا منذ بداية المشوار لكُنّا قد فقدنا ارضنا وتراثنا وهويتنا. وما زال المشوار أمامنا طويلاً لتوفير المستلزمات الضرورية للعائلات الراغبة في البقاء، رغم الظروف الاستثنائية التي يمرون بها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، إنهم بحاجة الى:

 

ترميم بيوتهم وتطوير بلداتهم التي لم تحظ بالاهتمام اللازم منذ سنوات طويلة.

 

توفير ظروف مناسبة للمحافظة على كرامتهم من خلال السعي لتحسين ظروفهم المعيشية وإيجاد وسائل فعالة للاستجابة لاحتياجاتهم.

 

فتح مركز للتأهيل والاستشارة للدعم النفسي، وإقامة ورشات عمل لاكتساب مهارات وتعلم مهنة، ومراكز ثقافية وصحية واجتماعية وشبابية ونسائية لتطوير قدرات المرأة، وإيجاد استثمارات وفرص عمل.

 

نسعى في كل هذا وذاك الى خلق تفاعل مسؤول بين القيادات الكنسية والمؤمنين لتأصيل رسالة بقائنا على أرضنا الأصلية، كمسيحيين شهود ايمان. وهنا اشدد على أهمية اشراك الرابطة الكلدانية في هذا العمل الراعوي والإنساني وخصوصاً انها مؤسسة إنسانية وثقافية واجتماعية.

 

كيف نقوم بهذا العمل؟

تشكيل لجنة عليا من أشخاص أكاديميين وفاعلين لتحديد الاحتياجات والتحديات ودراستها وتقديم حلول تتناسب مع بيئة كل منطقة، وتتعاون الكنيسة مع اللجان في كل ذلك .

 

لجنة مالية عليا تسعى لايجاد التمويل اللازم من الدولة ومن الكنائس ومن الجمعيات الخيرية، يتعين تشكيلها من أشخاص مهنيين ونزيهين ومخلصين لضمان الشفافية والمساءلة.

 

انشاء مركز اعلامي لتغطية كل هذه النشاطات المختلفة وما الى ذلك لاسماع صوت المسيحيين في جميع أنحاء العالم.

 

 بأية روحية  نعمل؟

الصلاة. عندما نفكر بمشاريع  كهذه، علينا ان نصلي أولاً  كما  كان المسيح يصلي (لوقا 6/12)، لأننا نحتاج  الى نور الله حتى يأتي عملنا بثمار.

 

الوحدة الداخلية: “وكانَ جَماعَةُ الَّذينَ آمَنوا قَلبًا واحِدًا ونَفْساً واحِدة (أعمال الرسل 4/32). معاً نحن أقوى، لذا علينا أن نضع خلافاتنا جانباً من أجل الخير العام.

 

تعاون الاكليروس والمؤمنين، لأننا جميعا شركاء، كل واحد بحسب موهبته من أجل بناء الكل: “كُلُّ واحِدٍ مِنَّا أُعطيَ نَصيبَه مِنَ النِّعمَةِ على مِقْدارِ هِبَةِ المسيح” (افسس 4/7).

 

ثمة حاجة قد تكون حثيثة في بعض أبرشياتنا، لرفع الغبن عن المؤمنين العلمانيين لتأدية رسالتهم المسيحية، من خلال معموديتهم وموهبة كهنوتهم الملوكي: “أَمَّا أَنتم فإِنَّكم ذُرِّيَّةٌ مُختارة وجَماعةُ المَلِكِ الكَهَنوتِيَّة وأُمَّةٌ مُقَدَّسَة وشَعْبٌ اقتَناه اللهُ ” (1 بطرس 2/9). كذلك الاصغاء الى الدعوات المتكررة في الكنيسة الجامعة بأن ترفع المرأة المسيحية المعاصرة رأسها، وتدعم ما نسمّيه بموهبة “كاريسما” المرأة المؤمنة المبشرة، بما في ذلك الزخم الواجب اعطاؤه للرهبانيات النسائية للاضطلاع بدورها في قلب الشعب المؤمن لتاتي المشاركة بأكبر قدر من التكامل وعلى أوسع نطاق ممكن.

 

بروح مسكونية مع الديانات الأخرى بخاصة مع المسلمين الذين تجمعنا معهم روابط إنسانية واجتماعية ووطنية. من واجب الكنيسة أن تسعى لإقامة شراكة فاعلة معهم في مجالات عديدة: لا سيما فيما يتعلق بالدفاع عن المساواة والعدالة الاجتماعية والعيش المشترك، والوقوف صفاً واحداً ضد الخطابات الاقصائية التي تحث على الكراهية.

 

الخاتمة: افكر في تنظيم لقاء دراسي موسع تتبناه البطريركية يضم أساقفة الابرشيات وبعض الكهنة والعلمانيين وممثلين عن الرهبانيات.

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.