مقالات وآراء

هل يراد تحويل العراق الى دكتاتورية دينية؟// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

هل يراد تحويل العراق الى دكتاتورية دينية؟

سعد السعيدي

 

لدى حلول كل رمضان تعيد حكومتنا الديمقراطية جدا اعادة تطبيق قراراتها في ما يسمى بمنع الافطار العلني! إذ تقول الاخبار عن قيام وزارة الداخلية باصدارها توجيهات وتعليمات خاصة بشهر رمضان اكدت فيها اتخاذها اجراءات قانونية بحق "المجاهرين بالافطار العلني" واحالتهم الى القضاء! لا نعرف ما يكون هدف الداخلية من حشر نفسها في امور ليست من مهامها. وهذه التعليمات هي اعتداء على الحريات وخرق للدستور. يلاحظ تحاشي بيان الوزارة الاشارة الى اسم القانون الذي بموجبه خولت لنفسها حق اصدار هذه التعليمات.

 

من حيث المبدأ هل لنا ان نعرف ما شأن وزارة الداخلية إن صامت الناس رمضان ام لم تصمه، ام انها بصدد اقامة دولة دكتاتورية دينية؟ لماذا تترك الوزارة عصابات الخطف والسرقة والارهاب تسرح وتمرح في البلد ناهيك عن الفساد الناشب في الوزارة نفسها ، ولا تجد إلا المفطرين لتطاردهم وتنكل بهم؟ فهل صارت مطاردة الناس في طريقة حياتهم هو هدف داخلية العبادي بعد تخطي مرحلة داعش، وان لا يكتمل امن الدولة والتصدي للارهاب إلا مع مطاردة المواطن وحبسه بحجة الافطار وعدم التقيد بالصيام؟ هل ستكون الخطوة القادمة للوزارة يا ترى مطاردة المواطنين بحجة عدم ادائهم الصلاة؟ هل لنا ان نذكر وزارة الداخلية بان الناس احرار في ان تتبع الدين او لا تتبعه؟

 

لقد بدأت هذه الاحكام القراقوشية في مطاردة المفطرين في زمن النظام الدكتاتوري السابق حيث لم تكن ثمة ديمقراطية ولا حريات عامة. فهل ان في وارد داخلية بدر الاشارة بان زمان ما بعد 2003 هو امتداد لزمان ما قبله وان لا فرق بين هذا وذاك؟

 

لقد ضمن الدستور الحريات العامة بشكل لا لبس فيه في مادتيه (15) و (46) ، وضمّنها ايضا في القسم النيابي في المادة (50) منه. فلا يمكن التعرض لهذه الحريات ومحاولة التضييق عليها. فالدستور لا يُعلى عليه إن بتعليمات وزارية او بغيرها. ويكون الوزير بتصرفه هذا قد خرق الدستور وحنث بالقسم الذي اداه، ويحق لنا المطالبة باقالته وباحالته هو نفسه الى القضاء.

 

وليس الوزير الاعرجي هو وحده اول من انزلق في هاوية العداء للحريات العامة، فقد انزلق قبله وزراء داخلية آخرون مثل باقر صولاغ وجواد البولاني وعدنان الاسدي بمعية نوري المالكي. وكان يتوجب احالتهم جميعا الى القضاء لخرقهم الدستور وحنثهم بالقسم. هكذا يرى بان ليس فقط منظمة بدر هي من يستكثر الحريات العامة للشعب ويخرق الدستور. وقد كان يتوجب على مجلس النواب تذكير الحكومة واحزابها بضرورة الالتزام باحكام الدستور.

 

هذه التصرفات الاعتباطية تشير الى ان وزير الداخلية لا يتصرف بامانة مع السلطة التي ائتمن عليها. فصار يتصرف بها على مزاجه للتنكيل بالمواطنين. يلاحظ في هذا المجال صمت رئيس مجلس الوزراء على اجراءات وزير داخليته التعسفية وغير القانونية هذه. وهذا لا يعني الا تأييده لها ويعكس مدى تمسكه بدوره بالدستور الذي يكفل احترام المواطن والحريات العامة في العراق. وهذا بالتالي يشير الى ان هؤلاء السياسيون لا يؤمنون بدولة المواطنة التي احد اهم اركانها ضمان الحريات العامة، ولا ينادون بها إلا لفظيا ولا يسهرون على ضمان تطبيقها. وهذا هو احد نتائج ايصال جهات تقف بالضد من الديمقراطية ولا تصلح للحكم الى السلطة.

 

وقد صار امرا معتادا مع منظمة بدر خرقها للقوانين التي توقع عليها في مجلس النواب او تتملص عن تطبيقها. وهذا يشير الى سوء النية المسبقة والى استهتار هؤلاء بالقانون وانعدام مصداقيتهم في ضمان النظام الديمقراطي وبناء الدولة الضامنة للحقوق والحريات. والتملص عن تطبيق القانون يؤدي بنا الى الدكتاتورية التي من اهم سماتها الفوضى والارتجالية في الحكم والتعدي على الحقوق والدوس على القوانين، ناهيك عن الافلاس السياسي المقترن بمثل هذه الافعال. وهو ما نرى تكراره بالضبط هنا. اليس من العيب ان يخرق وزير الداخلية القانون بالتكرار ويتجاوز على الحريات؟ اية مصداقية ستبقى للوزير وجهته الحزبية بعد هذا؟

 

ننتظر من وزير الداخلية احترام حرية المواطن والتراجع عن هذه القرارات الارتجالية المنافية للدستور وإلغاء التعليمات التي اصدرها بخصوصها، والتعهد بالالتزام بمواد الدستور وبالقسم النيابي الذي اداه.

رابط ذو صلة بالموضوع :

عقوبة المجاهرين بالإفطار في العراق والدول العربية

http://www.alkawthartv.com/news/78967