مقالات وآراء

الخير خير في جميع الأعمار!// المطران د. يوسف توما

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. يوسف توما

 

 

الخير خير في جميع الأعمار!

المطران د. يوسف توما

كركوك 16 تموز 2018

 

يسألني بعض الناس: لماذا عليّ أن أفعل الخير، في حين كل ما نتلقاه هو الأذى والشر؟ ... إليكم الجواب في هذه القصة:

 

في أحد "المولات" (المتاجر) الجديدة، كان صبي في السادسة من عمره يتمشّى مع أخته البالغة أربع سنوات... فجأة لاحظ الصبي أن شقيقته ليست معه.

 

توقف ونظر إلى الوراء. فرأى أخته واقفة أمام رفوف اللعب تراقب شيئا باهتمام كبير.

 

ذهب الصبي عائدا إليها، وسألها: "هل تريدين شيئا؟" فأشارت شقيقته إلى دمية (لعّابة).

 

أمسك الصبي يد أخته بطريقة تبيّن أنه الأخ الأكبر المسؤول، وأعطاها تلك الدمية لها، فكانت الشقيقة سعيدة جدا ...

 

من بعيد كان صاحب المتجر يراقب كل شيء، ويبتسم بارتياح لرؤية سلوك ذلك الصبي الناضج قبل أوانه ...

 

تقدّم الصبي الى الكاشير، وكان صاحب المتجر يقف بالقرب منه، فسأله الصبي: "كم هو سعر هذه الدمية، يا سيدي!".

 

كان صاحب المحل رجلا بارد الأعصاب ولديه خبرة في تقلبات الحياة. فسأل الصبي مع كثير من الحب والمودة: "حسنا، ما الذي يمكنك أن تدفع؟". فكر الصبي ودسّ يده في جيبه الذي كان مليئا بالدعابل، فأخذها كلها واعطاها لصاحب المحل. أخذ صاحب المتجر الدعابل وبدأ يعدّها كما لو كان يعدّ العملة. ثم نظر إلى الصبي، فسأله هذا بقلق: "هل هي قليلة يا سيدي؟"، فقال صاحب المتجر: "كلا، كلا ... إنها أكثر من سعر الدمية. ولذا فإنني أرجع إليك الباقي". قال هذا، واحتفظ بأربعة دعابل فقط وأعاد البقية للصبي.

 

كان الصبي سعيدا جدا باسترجاع بقية دعابله فوضعها مرة أخرى في جيبه وأمسك بيد شقيقته وخرجا من المحل...

 

بقي موظف الكاشير مشدوها لتصرّف صاحب المتجر فهو شاهد كل الحادثة. فسأله، "يا سيدي! أنت وهبتَ مثل تلك الدمية المكلفة فقط بأربعة دعابل؟".

 

أجابه صاحب المتجر بابتسامة: "حسنا، بالنسبة إلينا إنها مجرد دعابل لا قيمة لها، ولكن بالنسبة إلى هذا الصبي، هذه الدعابل ثمينة جدا. وفي هذا العمر لا يفهم قيمة المال، ولكنه عندما سيكبر، سوف يفهم بالتأكيد، وعندها سوف يتذكر انه اشترى دمية بأربعة دعابل بدلا من المال، سوف يتذكرني وأعتقد سيقول في نفسه إن العالم مليء بالناس الخيّرين. وهذا سيساعده على بلورة موقف إيجابي وهو بدوره سيشعر بدافع أن يكون جيدا مع الآخرين!".

 

تذكر ما قاله المسيح عن فعل الخير وأن عليك أن تبثّ مشاعر الطيبة في العالم، وبهذا سوف تزيد من انتشارها. إذا كنتَ تفعل الخير، ستسهم بانتشار الخير، أما إذا كنت تفعل الشر سوف ينتشر الشر. إنها مسألة طاقة، وعليك أن تدرك بأنك أنت مصدر قوي جدا للطاقة. فيك يوجد طاقة سلبية وإيجابية (كمَثَل الحنطة والزؤان متى 13/24-30)، لكن السؤال يبقى: أي منهما أنت ستسقي وبأي منهما ستعتني؟ الطاقة الجيدة أم السيئة؟

 

إن الأسلوب الذي تمارسه في حياتك وتتعمق فيه سوف يرجع إليك. لكن في كل الأحوال سيعود الناتج مضاعفا بشكل أو بآخر، خيرا كان أو شرا.