اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الحكومة العراقية الجديدة.. هل يستمر العمل بنظام «المحاصصة»؟// فيصل علوش

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

فيصل علوش

 

 

الحكومة العراقية الجديدة.. هل يستمر العمل بنظام «المحاصصة»؟

فيصل علوش

فلسطين

 

جهود عبد المهدي لتشكيل حكومة تختلف عن سابقاتها، بدأت تصطدم بإرادات القوى السياسية التي تريد استمرار الخضوع لنظام المحاصصة!

 

في خطوة قد تُحرِج الكتل السياسية العراقية، أعلن رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة الجديدة عادل عبد المهدي امتناعه عن استقبال وفود المهنئين وطلبات اللقاء الشخصية، داعياً العراقيين الراغبين إلى تقديم طلباتهم للترشح للحقائب الوزارية.

وأشارت مصادر عراقية إلى أن عبد المهدي ينوي الخروج بتشكيلة وزارية تختلف عن سابقاتها من حيث معايير اختيارها ومهماتها، لافتةً إلى أن جهوده بدأت تصطدم بإرادات القوى السياسية التي سلمته عشرات من الطلبات التي تتضمن فرض مرشحين للحقائب، ما قد يعطّل مسار التشكيل.

وتأتي جهود عبد المهدي متناغمة مع توجهات زعيم التيار الصدري وتحالف «سائرون»، مقتدى الصدر، الذي طالب بتشكيل حكومة تكنوقراط على أن تترك لرئيس الوزراء حرية اختيار وزرائه.

 

وكان الصدر جدّد دعوته إلى ترك العمل بنظام المحاصصة في توزيع الحقائب الوزارية، وقال في تغريدة على «تويتر» (8/10)، إنه «في ما مضى كان للأحزاب حصصها من المناصب، بل ومن أموال العراق الكثير الكثير، سواء بطريقة مشروعة أم لا، ودام ذلك 15 سنة»، قبل أن يتساءل: «ألا يكفي ذلك؟». وأضاف: «أما آن الأوان لنحاسب من سرق أموال العراق؟ وليقوم المواطن بواجباته إزاء وطنه على أكمل وجه ويترك المصالح الحزبية والفئوية والطائفية والعرقية والمناطقية والعشائرية والعائلية والشخصية؟».

وسبق للصدر ودعا القوى السياسية العراقية إلى منح رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي، فرصة لاختيار أعضاء حكومته بعيداً من ضغوط الكتل السياسية. وفي سبيل ذلك، أعلن تنازله عن حصة تحالفه الوزارية، وفقاً لنظام المحاصصة الذي كان معمولاً به. وحضّ تلك القوى لكي تنحو هذا المنحى، وتدع رئيس الوزراء المكلف يختار تشكيلته من دون ضغوط ومحاصصة».

 

وشدّد خصوصاً على ضرورة «تحييد حقيبتي الدفاع والداخلية والمناصب الأمنية العليا في البلاد»، التي يجب أن يترك اختيار المرشحين لشغلها لرئيس الوزراء المكلف حصراً. ملوّحاً بخيارات أخرى في حال حدث العكس. علماً أنه كان أعلن منح عبدالمهدي فترة سنة لتقويم أداء عمله، وهدد بـ«انتفاضة شعبية»، في حال فشله في مهماته.

 

موقف القوى السياسية؟ 

وقد شكلت مجمل مواقف الصدر إحراجاً للقوى السياسية العراقية، فاضطرت إما إلى تجنّب التعليق والتفاعل العلني معها، وإما إلى تثمين مبادرته، التي تنازل بموجبها عن نحو 8 وزارات والعشرات من المناصب التنفيذية المهمة في حكومة عبدالمهدي، لا سيما الإدارات العامة للمؤسسات الحكومية والسفارات وغيرها من المواقع، (التي عادة ما تستغلها الأحزاب العراقية لتعميق نفوذها في جهاز الدولة الإداري، حيث اعتاد الفائزون الكبار في الانتخابات على اقتسام المناصب الحكومية بحسب الحجم الانتخابي لكل كتلة).

 

أما في حقيقة الأمر، فإنّ أغلب تلك القوى ترفض مبادرة الصدر وتعمل عكسها، لا بل إنها أثارت استياءها، كما قالت المصادر العراقية، حيث أخذت تبدي حرصها على ضمان حصتها كاملة في التشكيلة الجديدة. وبدلاً من الإعلان عن ذلك صراحة وتقديم طلبات رسمية خلال مفاوضات تشكيل الحكومة، فإنها نقلت رغباتها إلى عبدالمهدي عبر وسطاء!.

 

سيناريوهات مطروحة

وقالت المصادر إن عبدالمهدي، المستند إلى الثقل الشعبي والسياسي للصدر، طالب القوائم البرلمانية الفائزة بترشيح أربع شخصيات لكل حقيبة في وزارته، من دون الأخذ بنظر الاعتبار آليات توزيع الحصص سابقاً، مع اشتراط أن يكون المرشحون من خارج البرلمان الحالي. كما نُقل أنه لن يُكرّر تكليف أي مسؤول سابق بالعمل ضمن تشكيلته الجديدة.

وأوضحت المصادر إن الصدر وعبدالمهدي «ربما لن يترددا في الكشف أمام الرأي العام، عن أي مطالب تحاصصية تعرضها الأطراف المختلفة، خلال مفاوضات تشكيل الحكومة».

 

وهنا سيكون أمام عبدالمهدي إما أن يُحقق طموحه وطموح الصدر، وتشكيل حكومة مستقلة عن أي نفوذ حزبي، وبالتالي عن أي نفوذ إقليمي أو دولي، وهذا حلم يبدو بعيد المنال في نظر كثير من المراقبين، وإما أن يؤدي الأمر إلى انقلاب برلماني عليه، إذ يمكن للكتل السياسية أن تعرقل تفاهماته إلى حين انقضاء مهلة الثلاثين يوماً التي منحها له الدستور، أو أن لا تمنح الثقة لأعضاء حكومته لدى عرضهم على التصويت، وفي كلا الحالين؛ سيُعدّ عبدالمهدي مستقيلاً، ثم يكلف رئيس الجمهورية مرشحاً آخر بتشكيل الحكومة.

 

مصادر مقربة من عبدالمهدي ذكرت أنه «يضع استقالته في جيبه فعلياً، ولن يتردد في تقديمها في حال تعرض لضغوط سياسية من أجل إشراك طرف أو شخصية (لا يريدها) في كابينته».

وإلى ذلك، لم تستبعد المصادر اختبار واكتشاف استحالة تشكيل حكومة عراقية مستقلة تماماً، بسبب الضغوط الخارجية الهائلة في الساحة العراقية، والرضوخ تالياً للأمر الواقع، مع العمل ما أمكن على ضمان الحد الأدنى من استقلال الحكومة عن التأثيرات المحيطة.

ما يدعم هذا السيناريو هو عدم امتلاك عبدالمهدي مشروعاً خاصاً به، (إذ تمّ الاتفاق عليه كـ«مرشح تسوية» بين الأحزاب). ثمّ، وعلى رغم اعتماده على دعم الصدر، إلا أنّ المراقبين «يستبعدون انخراطه عميقاً وراءه في استعداء الكتل السياسية التي تصرّ على بقائها ممثلة في الحكومة»، نظراً لما يدرّه ذلك عليها من أموال على الأقل!.

 

كما يلفت المراقبون إلى أن عبدالمهدي، هو في النهاية واحدٌ من الأبناء المخلصين للعملية السياسية القائمة على المحاصصة، وبالتالي فإنه قد يناور لبعض الوقت وخاصة تجاه بعض الحقائب (مثل الداخلية والدفاع والخارجية والنفط)، غير أنهم يرجّحون أن تكون مناورته مؤقتة، لأن تلك الوزارات هي محطّ أطماع الكتل السياسية ذات النفوذ الواسع، بما تستند عليه من دعم إقليمي وثقل سياسي وعسكري.

 

وعلى ذلك، يتوقع المراقبون أن تشكل نتيجة الصراع على تلك الوزارات، وخصوصاً الداخلية والمناصب الأمنية، إحدى أبرز النقاط والمؤشرات الكاشفة لطبيعة الحكومة الجديدة وتوجهاتها ومدى استقلالها، وهل ستكون استمراراً للعمل بنظام المحاصصة القائم.. أم لا؟.

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.