مقالات وآراء

وثيقة وزارية تؤكد عرقلة إنجاز ميناء الفاو!// علاء اللامي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

علاء اللامي

 

 

وثيقة وزارية تؤكد عرقلة إنجاز ميناء الفاو!

علاء اللامي

كاتب عراقي

 

نشرت مواقع إخبارية عراقية على شبكة النت تقريرا إخباريا مرفقا بصورة كتاب رسمي بتوقيع وزير النقل السابق، كاظم فنجان الحمامي يحمل تاريخ 8 تشرين الثاني الماضي أي قبل تسلم عادل عبد المهدي لمهماته رسميا بسبعة عشر يوما. في هذا الكتاب /الوثيقة يخاطب الوزير الحمامي الدائرة القانونية لمجلس الوزراء، مستندا إلى كتاب آخر أرسل إليه من الشركة العامة لموانئ العراق التابعة لوزارته ومؤرخا في 27 آب /أغسطس 2018، وعارضا فيه الخلاصات التالية من هذا الكتاب:

 

*إجراء تغييرات على خطة تنفيذ ميناء الفاو الكبير بسبب الأزمة المالية التي يمر بها العراق. والمقصود الأزمة المالية بسبب انخفاض أسعار النفط، وهذه المعلومة خاطئة جملة وتفصيلا، فكلنا يعلم أن سعر برميل النفط تعافى كثيرا وارتفع كثيرا في هذا التاريخ.

 

*يعرض الوزير السابق بعض المخاطر التي نقلها له كتاب الشركة العامة لموانئ العراق ومنها:

 

1-احتمال تعرض كواسر الأمواج التي أنجز كاسر واحد منها فقط لأضرار، والسبب كما يقول الكتاب هو تأخر تنفيذ الأجزاء الأخرى من المشروع.  ولا ندري أية أضرار يتعرض له كاسر أمواج ضخم من مواد شديدة الصلابة وبني أصلا ليدوم في مواجهة الأمواج لعقود من السنوات!

 

2-إن استمرار عدم توفر التمويل لمشروع الكاسر الغربي سيؤدي الى توقف إنجاز الأجزاء المتبقية منه والبالغة عشرة بالمائة! أليس مضحكا "ضحكا كالبكاء"، أن تتوقف الحكومة العراقية والتي تفوق موازنتها السنوية المائة مليار دولار، عن تمويل مشروع أنجز منه 90%. أم أن وقف التمويل كان مقصودا؟

 

3-حدوث فراغ أمني في الميناء وصعوبة توفير الحماية الأمنية في حال انتهاء الشركات من اعمالها ورحيلها! وهذه النقطة مضحكة أيضا فالمعروف أن البصرة لم تكن تعيش حالة حرب أهلية أو فلتان أمني واسع النطاق في شهر آب من العام الجاري، أما إذا كان المقصود هو التظاهرات السلمية التي انطلقت في البصرة، فأولا لم يقترب المتظاهرون من ميناء الفاو قيد الإنجاز قط، وثانيا فالبصريون أحرص من غيرهم على هذا الميناء لكونه أهم مرفق اقتصادي في محافظتهم، وثالثا هل عجزت القوات الأمنية فعلا عن حماية هذه المنطقة؟

 

4-في حالة إنهاء شركة  دايوو الكورية  لأعمالها وإخلاء مواقعها وتأخر استثمار مشروع الميناء فهذا يعني أن كلفا ومددا إضافية ستترتب على أعمال التهيئة عند استئناف العمل. واضح جدا أن الشركة العامة تدفع الوزير دفعا الى الموافقة على طرح مشروع الميناء على الاستثمارات الأجنبية والمحلية وبأي ثمن فما علاقتها بهذا الأمر الذي ليس من تخصصها ولا من تخصص وزارة النقل نفسها بل من اختصاص وزارة التخطيط ورئاسة مجلس الوزراء؟

 

5-ومن كل ما تقدم يخلص الوزير السابق الحمامي إلى طرح الآتي على رئاسة مجلس الوزراء:

 

 *مطالبة اللجنة العليا للاستثمارات بإحاطة الوزارة علما بمستجدات موضوع الاستثمارات في مشروع ميناء الفاو الكبير.

 

*ومطالبا بتوجيه اللجنة المذكورة بحسم اختيار أحد الائتلافات التي تقدمت للاستثمار في المشروع بالسرعة الممكنة.

 

*ومذكرا بأن اللجنة المذكورة وهي برئاسة السيد محمد شياع السوداني (الوزير السابق للصناعة والمعادن وكالة) قامت بإعادة تقييم عروض الشركات الأجنبية الراغبة بالاستثمار (وهي ثلاثة ائتلافات) بعد إضافة بعض المعايير ورفعتها الى مكتب رئيس الوزراء " السابق" بتاريخ 13.02. 2018 .

 

- والواقع فإن حرص الوزير الحمامي على تسريع إنجاز ميناء الفاو لا يُنكر، ولكنه منحاز الى الآراء الواردة في كتاب الشركة العامة لموانئ العراق، وهو كتاب مشبوه جدا وهمه الوحيد هو عرض الميناء على الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وقد تعامل الوزير مع مزاعم شركة الموانئ كحقائق بديهية ودون تمحيص وقد سجلنا الكثير من الهفوات والتناقضات المريبة الواردة فيه أولا، وثانيا فهو منساق مع الحل الاستثماري دون قيود كما يبدو دون ان يطرح أي بديل وطني لذلك فهل عجز العراق فعلا عن توفير الموال الكافية لإنقاذ نفسه من الحصار البحري الأبدي وتدمير وإغلاق ساحله البحري القصير ليكون تحت رحمة دول الجوار؟

 

والسؤال الأكبر الحارق هو: هل يصح ويستقيم لبلد تفوق عائداته النفطية السنوية مائة مليار كدولار كالعراق، أن يركض حلف المستثمرين الأجانب والبنوك الدولية المشبوهة كصندوق النقد الدولي، ويعرِّض استقلاله المنقوص أصلا وأمنه المهزوز أساساً وسيادته المثقوبة بالتدخلات الأجنبية من كل حدب وصوب، أن يعرض كل ذلك للخطر الشديد، فهل يصح له ذلك؟

 

ثم هل ركضت الدول الجاذبة للاستثمارات العشرة الأولى (تبدأ ببريطانيا وتنتهي بتايوان وسنغافورة وإيرلندا وسويسرا)  خلف المستثمرين أم أن المستثمرين هم الذين ركضوا وراءها وبشروطها هي بعد أن نجحت في بناء دولة المؤسسات والمواطنة وكافحت الفساد بفاعلية ولم تحاول إغراء المستثمرين بوجود فساد كبير فيها كما فعل عادل عبد المهدي علنا حين قال في خطابه أمام المؤتمر الدولي الأول للطاقة والاستثمارات وبالحرف الواحد (إنَّ الحسابات والأمور التي هي، إذا صحَّ التعبير، نوع من الفساد تعتبر نوعاً من الرخصة التي تحقق من خلالها الكثير من المشاريع نوعاً من الامتيازات والتفضيلات)؟

 

*إنهم يخنقون العراق، ويقطعونه عن طلته البحرية الصغيرة، وسيلحق العار الأبدي بالساسة الشيعة وبأحزابهم الفاسدة المهيمنة على الحكم بجميع شركائهم من زاعمي تمثيل العرب السنة والكرد، إذا تحقق ذلك وتحول العراق إلى بلد قاريٍّ تتحكم الشركات والدول الأجنبية بمينائه الوحيد المهدد بميناء مبارك الكويتي والذي سيقطع خور عبد الله تماما عن العراق في مرحلته الرابعة كما أعلنت السلطات الكويتية نفسها!

 

طرح جوزيف حنا الشيخ، العراقي الثمانيني المغترب من أسرة بصرية امتهنت مقاولات بناء الموانئ عالمياً، مشروع إنشاء جزيرة صخرية كبيرة في خليج الفاو، على حكومة إياد علاوي عام 2004، وذلك بعدما استعانت شركته «بخمس شركات عالمية وعشرات المهندسين لإعداد الخرائط، وحصلنا على تمويل مبدئي من بنك لازار الفرنسي بـ 12 مليار دولار»، على حدّ تعبيره. ويكشف الشيخ أن مفاوضاته مع الحكومة العراقية استمرت حتى 2008، «حتى إنّ رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي عيّن لجنة برئاسة نائبه برهم صالح و6 وزراء ولم نتلقَّ منها أي إجابة». ولأنّ الصمت الحكومي استمر طويلاً، قرّر الشيخ طرح الموضوع على الرأي العام.

 

*كاتب عراقي