مقالات وآراء

علي الوردي في ميزان (1 ـ 10) علي بن ابي طالب// عبد الرضا حمد جاسم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عبد الرضا حمد جاسم

 

عرض صفحة الكاتب

علي الوردي في ميزان (1 ـ 10) علي بن ابي طالب

عبد الرضا حمد جاسم

 

في هذا الجزء والتاليات سأتطرق الى ما تطرق له الراحل الوردي بخصوص علاقة الخليفة الراشد الرابع الشيخ علي بن ابي طالب واتباعه حسب ما صنفهم الراحل الوردي بما أطلق عليه الراحل الوردي صفة الثورة/ الانتفاضة/ الفتنة/ الحركة/ المؤامرة/ ثم اخيراً الحرب الشعواء...

 

عن الخليفة الراشد الرابع الشيخ علي بن ابي طالب كتب الوردي التالي:

1.في ص 24 وعاظ السلاطين/1954 كتب الراحل علي الوردي التالي: [وصف علي ابن ابي طالب أقرباء عثمان والثائرين عليه وصفا حكيما حيث قال ما معناه: "استأثر هؤلاء فأساؤوا الأثرة وجزع أولئك فأساؤوا الجزع "ومعنى ذلك ان تلك الثورة كان لها دافعان: التطرف في الاستئثار من جانب الحكام والتطرف في الجزع من جانب الرعية] انتهى.((هذا المقطع لم يبين الوردي مصدره))

 

وفي ص 269 مهزلة العقل البشري/1955 أي بعد سنة تقريباً صاغ الوردي عن نفس الموضوع صياغة أخرى حيث كتب التالي: ["وصف علي الثورة على عثمان و موقف عثمان منها فقال: "استأثر فأساء الأثرة وجزعتم فأسأتم الجزع. ولله حكم واقع في الجازع والمستأثر"] انتهى. ((هذا المقطع نقله الوردي من محمد عبدة/ نهج البلاغةج1ص72))

 

اقـــــــــــول: "في المقطع الأول": استأثر هؤلاء "يشير إليهم" ويقصد أقرباء عثمان وهم بنو امية وقريش فأساؤوا...وجزع أولئك "البعيدين ويقصد الثوار ومنهم "أبا ذر وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي طبعاً أي الملتفين حول علي كما يصفهم الوردي... وغيرهم" ...ويُبعد علي بن ابي طالب نفسه والخليفة الراشد الثالث عن الاستئثار والجزع والإساءة وقدم الوردي لهذا القول ب "وصفاً حكيماً" و "ما معناه".

 

 وفي المقطع الثاني الذي جاء بعد سنة على المقطع الأول والذي يجب ان يكون هو الادق ولَّمَحَ الوردي الى تلك الدقة من خلال عدم التقديم له ب"ما معناه" حيث قال: "وصف علي الثورة على عثمان وموقف عثمان منها ...الخ" واخرج أقرباء عثمان من الموضوع وحصر الامر بالخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان وموقفه من الثورة عليه أي أن من أستأثر وأساء الأثرة هو الخليفة ومن جزع و أساؤوا الجزع هم الثوار وأبعد نفسه عنهم. أعتقد ان الفرق كبير بين الصيغتين/ المقطعين/ القولين المنسوبين للخليفة الراشد الرابع الشيخ علي بن ابي طالب.

 

هنا يمكن ان تُطرح الأسئلة التالية: أيُ النصين/ القولين هو الأصح/ الأدق؟ وكيف أجاز الراحل الوردي لنفس هذا النقل "المتعدد" وهو يتكلم عن موضوع حساس ودقيق يتعلق بالشيخ الراشد الرابع الخليفة علي بن ابي طالب وبمقتل الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان بتلك الصورة البشعة؟

 

اتهام الراشد الثالث بالاستئثار وإساءة الأثرة اهانة كبيرة سواء صح القول ام لم يصح... فالاستئثار هنا تعني خيانة يستحق فاعله التكفير.. وأنا لا أعتقد أن الراشد الرابع طرح مثل هذا الطرح حيث لا تسمح له مكانته ولا موقع الخليفة ومكانته ولا الظروف سواء كان القول قبل الواقعة ام بعدها ان يقول هذا القول... ربما قالهُ بصيغة المقطع الأول العمومية أي حصر الموضوع بين الثوار البعيدين عنه وبين أقرباء عثمان البعيدين عن عثمان اي بدون المساس بالخليفة.

 

الفرق بين القولين/ المقطعين يدفعنا الى الاشارة لتناقضات الوردي وارتباكاته الكثيرة الكبيرة وعدم الدقة وعدم المتابعة التي تثير الاستغراب..

 

لقد حدد الوردي في المقطعين ان الثورة كانت ضد عثمان من خلال: "والثائرين عليه" و"الثورة على عثمان" لكنه ألغى ذلك في ص267 من نفس الكتاب/ مهزلة العقل البشري1955 التالي: [إن من الخطأ أن نقول ان الثورة كانت موجهة ضد عثمان بالذات. انها كانت بالأحرى موجهة ضد قريش ولم يكن عثمان فيها إلا رمزاً. فقد اتخذته قريش شعاراً لها تتستر به واتخذه الثوار سبيلاً للانتقام من قريش] انتهى.

 

هذا ما استنتجه الوردي لكن هذا الاستنتاج اوقعه في اشكال وهو ان تشخيص الخليفة الراشد الرابع الذي اعتمده الوردي بصيغتيه "الثائرين علية والثورة على عثمان" خطأ والاشكال هنا ان عالم الاجتماع درس واقعة تاريخية كانت ولاتزال لها تأثيرات اجتماعية هائلة.

..............................

2.ضمن مسلسل التناقضات او عدم الدقة اليكم الحالة التالية عن "نفي/ طرد" علي بن ابي طالب خارج المدينة من قبل الخليفة عثمان بن عفان: ففي ص110 وعاظ السلاطين /1954 كتب التالي: [نفذ صبر عثمان أخيرا فأمر بنفي أبا ذر الى الربذة وأمر انْ لا يشَّيعه او يوَّدعه أحد والظاهر ان عليا لم يسمع بهذا المنع او لعله سمع به وتغافل عنه فخرج لتوديع ابي ذر بصحبة ولداه الحسن والحسين واخوه عقيل وابن أخيه عبد الله بن جعفر وكان مع هؤلاء في توديع أبا ذر رجل اخر غريب الاطوار أيضا ـ عمار بن ياسر. يُقال ان عثمان غضب على عمار بن ياسر لتوديعه أبا ذر فامر بنفيه أيضا فجاء علي بن ابي طالب الى عثمان يلومه في ذلك فهدده عثمان بنفيه إياه بالذات. عند ذلك جاء نفر من كبار الصحابة فلاموا عثمان وقالوا له: كلما غضبت على رجل نفيته فأن هذا الامر لا يسوغ" فكف عثمان عن علي وعن عمار] انتهى ((هذا المقطع من كتاب طه حسين/ الفتنة الكبرى ج1 ص165)).

 

وحول نفس الموضوع وفي ص264 مهزلة العقل البشري 1955 يعني بعد حوالي سنة عن قوله الأول والمفروض ان يكون هذا القول هو الدقيق كتب التالي: [...كان الناقمون على عثمان يهتفون باسم علي المرة بعد المرة حتى اضطر عثمان الى ان يأمر عليا بالخروج من المدينة ليكف الناس عن الهتاف باسمه] انتهى. ((هذا المقطع من عباس العقاد/ عبقرية الامام ص74)).

 

أقول: العجيب ان الخليفة عَلِمَ ان عمار بن ياسر قد ودَّعَ أبا ذر ولم يعلم ان علي وولديه واخوه عقيل وابن أخيه عبد الله بن جعفر قد شاركوا في التوديع... والعجيب ايضاً أن يقول الوردي "و الظاهر ان علياً لم يسمع بمنع الخليفة توديع أبا ذر" وكأنه يعيش في عالم آخر خلف المحيطات والغريب ايضاً ان من خرج مع علي أي ولديه وأخيه وابن أخيه ايضاً لم يسمعوا بالمنع الصادر عن الخليفة. والاغرب أكثران يشعر من يقرأ هذا القول ان لا مكانة لعلي بن ابي طالب عند الخليفة عثمان بحيث كف عن نفيه بعد تدخل نفر من الصحابة.

 

دققوا فيما ورد في المقطعين أعلاه لتجدوا كيف ان الراحل الوردي ينقل اقوال او يُصيغ اقوال متناقضة دون انتباه اوتفسير فأين "فهدده عثمان بنفيه إياه بالذات "أي مجرد تهديد كما في المقطع الأول من "حتى اضطر عثمان الى أن يأمر علياً بالخروج من المدينة" أي أمر بالنفي في المقطع الثاني؟

....................

3.في ص201وعاظ السلاطين كتب الوردي: [يبدو ان عليا كان لا يهتم بطقوس الدين بقدر اهتمامه بالعدل ألاجتماعي ومما يؤثر عنه انه قال: "كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه الا السهر والعناء حبذا نوم الاكياس وافطارها"] انتهى ((المقطع من كتاب محمد عبده/نهج البلاغة ج3 ص185)).

 

أقـول: قول الوردي هذا يريد به ان يقول بأن الخليفة الراشد الرابع الشيخ علي بن ابي طالب يهتم بالحالة الاجتماعية ويقدمها على العبادات لكنه حشر قولاً لا يدل على/لا يؤكد/لا يدعم ذلك... فما علاقة العدل الاجتماعي بالنص أعلاه" كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ ...الخ"؟ فالنص يمكن ان يعكس تذمر الخليفة الراشد الرابع الشيخ علي بن ابي طالب من زيف ايمان البعض وممارستهم العبادات شكلياً دون أن يدخل الايمان الى قلوبهم.

......................

4. في ص174 وعاظ السلاطين كتب الوردي التالي: [والغريب ان عمار كان من بين السبأيين الوحيد الذي اعترف اعترافاً لا مواربة فيه: أنه قتل عثمان فقد سأله رجل ذات يوم: "يا أبا يقضان علام قتلتم عثمان؟ قال: "على شتم اعراضنا وضرب أبشارنا"]انتهى. ((المقطع من الطبري/ تاريخ الأمم و الملوك ج5 ص187)).

 

 ثم يكمل الوردي بطرح رأيه بذلك القول "في نفس الصفحة" حيث كتب: [وهذه صراحة من عمار لم يتفوه بها أحد غيره فهو يعترف بقتل عثمان ولا يبالي بينما أنكر جميع من اشتركوا بقتل عثمان او حرضوا عليه. ومن الناس من حرض على عثمان أولا ثم خرج مطالب بدمه اخيراً كما هو معروف] ثم يكمل الوردي: [يبدو ان حدة عمار وسلامة قلبه وسذاجته جعلته يعترف بقتل عثمان دون اكتراث. وكان علي يلاحظ ذلك فيه فلا يكترث ايضاً. ولعل هذين الرجلين كانا مطمئنين من صحة الطريق الذي كانا سائرين فيه فهما لا يباليان ان يقول الناس عنهما ما يشاؤون ما داما مؤمنين بصحة عملهما] انتهى.

 

أقـــول: هذا القول تأكيد من الوردي على أن علي بن ابي طالب كان له دور بهذا الشكل او ذاك بقتل الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان. وإلا كيف لا يبالي باعتراف قاتل الخليفة؟ ويمكن ان يدل على انه كان شاهداً على أن الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان شتم اعراض المسلمين وضرب أبشارهم أو سمح بذلك؟ ثم كيف للخليفة الراشد الرابع علي بن ابي طالب أن لا يبالي أن يقول الناس عنه ما يشاؤون؟؟

..................

5.في ص130 وعاظ السلاطين كتب [بعد ان تمت البيعة لعثمان استاء علي بن ابي طالب وقال مخاطبا ابن عوف "حبوته حبو دهر ليس هذا اول يوم تظاهرتم فيه علينا فصبرا جميل والله المستعان على ما تصفون"] انتهى ((المقطع نقله الوردي من عبد الحميد السحار/ أهل البيت ص74))

 

في ص192 وعاظ السلاطين كتب: [والظاهر ان علي لم يتألم لفوات الخلافة منه على عهد ابي بكر وعمر. ولعل فواتها منه بعد عمر هو الذي أثار أشجانه وحز في قلبه وله الحق في ذلك.] وأكمل الوردي في نفس الصفحة: [كان علي يشعر في عهد عثمان بألم مضاعف سيما حين رأى قريشا تستغل ذلك العهد وتحاول ارجاع الأمور الى ادبارها] وأكمل في ص193 وعاظ: [وكان يؤيد علياً في هذا ثلاثة رجال ـ هم أبو ذر وعمار وسلمان الفارسي وهؤلاء كانوا يؤلفون تشكيلة غريبة في بابها. فكل واحد منهم كان ذا شخصية فذة غريبة الاطوار وكلهم كانوا يكرهون قريشا كرها شديدا. والغريب ان كل واحد من هؤلاء الفرسان الثلاثة انجذب الى الدين قبل ان يرى محمد او يسمع بخبره ثم رأيناهم في عهد عثمان يلتفون حول علي ويعلنوها حربا شعواء على قريش] انتهى.

 

أقـول: هنا الراحل الوردي بعد ان على ما حصل ثورة/ انتفاضة/ فتنة/ مؤامرة/ جاء هنا ليقول عنها حرب شعواء... أعلنها الملتفين حول علي بن ابي طالب على قريش... ويقول رأيناهم... لا اعرف اين رأيناهم؟

 

 لو قال الوردي قرأنا عن ذلك/ تأكد لنا ذلك/ نُقل لنا ذلك... يمكن ان نقول ان ذلك مقبول لكن رأيناهم ...هذه مسألة أخرى تثير العجب على اقل تقدير في دقة ما كُتِبَ وكَتَبَ!!! وهذا المقطع يؤكد به الراحل الوردي على أن علي بن ابي طالب ومن معه "الملتفين حوله" "اتباعه" أعلنوها حرباً شعواء على قريش نتج عنها مقتل الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان بتلك الطريقة. والدليل عمار بن ياسر وهو أحد الملتفين حول علي بن ابي طالب اعترف بكل شجاعة من انه قتل عثمان كما نقل لنا الوردي. وفي ص 192 وعاظ السلاطين كتب الوردي: [وقد رأينا من قبل كيف كان أبو ذر يتزعم حركة الاعراب ضد عثمان بينما كان عمار وسلمان يتزعمان حركة الموالي والمستضعفين] انتهى

 

وابا ذر وعمار وسلمان هم قادة الملتفين حول علي ابن ابي طالب وهم من اعلن الحرب على قريش التي عاد هنا الوردي وحددها بأنها حرب على الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان ...هنا يسيء الوردي لما اسماها ثورة حيث تزعم أبا ذر حركة الاعراب ..."قالت الاعراب أمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا..." وتزعم عمار وسلمان حركة الموالي والمستضعفين...وهؤلاء فيهم من يحقد على الإسلام بسبب الفتوحات وما رافقها والكثير منهم لا يعرف من الإسلام الا حركات الصلاة وجوع الصيام..وهو يدرس حالة حصلت في بداية الإسلام او بداية تأسيس الدولة الإسلامية.

............................

6. وكتب في ص146 وعاظ السلاطين نقلا عن الدكتور طه حسين/ الفتنة الكبرى ج1ص214التالي: [يٌقال ان سعد بن ابي وقاص دخل على عثمان قبيل اللحظة المشؤومة فسمع منه ثم خرج مسترجعاً يطلب علياً حتى لقيه في المسجد فقال له: "هلم يا أبا الحسن! لقد جئتك بخبر ما جاء به أحداٌ أحد. ان خليفتك قد أعطى الرضا فاقبل فانصره واسبق الى الفضل في نصره". وبيناهما يتناجيان جاء الناعي بمقتل عثمان] انتهى

 

لكن الوردي عاد بعد سنة تقريباً ليصيغ الرواية بصياغة أخرى وقد أشار الى نفس المصدر "طه حسين/ الفتنة الكبرى ج1ص214 حيث كتب في ص274مهزلة العقل البشري/1955 عن قصة سعد ابن ابي وقاص: [يميل الدكتور طه حسين الى القول بان عثمان دعا سعد ابن ابي وقاص في اخر أيامه وكلفه بان يسفر بينه وبين علي ليكف الناس عن القتال على ان يرد الامر الى أصحاب الشورى ليضعوه حيث يشاؤون ولكنه قتل قبل ان ينجح سعد في سفارته] انتهى

 

اقـــول: المقطعين/ النصين يشير الوردي الى انهما من كتاب الدكتور طه حسين/ الفتنة الكبرى ج1ص214 كما مؤشر في الهامش في ص146 وعاظ السلاطين وفي ص274 مهزلة العقل البشري... هل يُعقل هذا؟؟؟

 

 ان المقطع/ النص الأول يشير الى مسعى سعد ابن ابي وقاص حيث دخل على عثمان وتباحث معه ثم خرج يبحث عن علي فوجده في المسجد وعاد مع علي الى بيت الخليفة بعد ان وصلهم الناعي ولتأكيد الوردي على دقة هذه الرواية غير المعقولة اكمل الوردي في نفس الصفحة اي146 وعاظ السلاطين قول استله من كتاب عباس محمود العقاد/عبقرية الامام علي ص77 حيث كتب التالي: [وقد غضب علي حين سمع بمقتل عثمان واقبل على ولديه الحسن والحسين اذ كانا واقفين بباب عثمان يحرسانه فلطمهما معاتبا وقال: كيف قٌتِلَ امير المؤمنين وانتما على الباب؟ فقال طلحة وكان حاضراً: "لا تضرب يا أبا الحسن ولا تشتم ولا تلعن لو دفع مروان ما قتل"] انتهى

 

الحسن والحسين ولدي علي بن ابي طالب يحرسان عثمان ويأتي عمار بن ياسر المعروف بعلاقته القوية مع علي بن ابي طالب فيقتل الخليفة ولا يمنعانه. هذا الطرح يثير علامات استفهام كثيرة كان على الراحل الوردي طرحها وهو يحلل هذه الحادثة او هذا النص/ المقطع. فمن يَحْرُسْ يُدافع عن "المحروس" ومن يهتم بما يجري ولا يريد إراقة الدماء لا يترك المكان ليذهب للمسجد وبالذات إذا كان بعض الثوار من اتباعه كما ورد. الذي يمكن ان نستخلص مما أورده الوردي ان الجميع يحيط بدار الخليفة "الاعراب بقيادة أبا ذرالغفاري والموالي والمستضعفين بقيادة عمار بن ياسر وسلمان الفارسي" فلا اعتقد ان احداً يهمه الإسلام وتهمة مصلحة المسلمين يترك محيط دار الخليفة وهو ملتهب ويذهب للمسجد. فهل يُعقل في تلك الظروف حيث يحيط الغوغاء/ الثوار/ المتآمرون بدار الخليفة ومصير الخليفة والخلافة والإسلام على شفى وعلي بن ابي طالب في المسجد وولديه لا يفعلان شيء لنصرة الخليفة وهما مكلفين كما يبدو/ او يفهم من القول بحماية/ حراسة الخليفة امير المؤمنين الطاعن بالسن؟ هل كان علياً معتكف في المسجد اعتراضاً على الخليفة وفي ذلك تحريض صريح وعدم تقدير للموقف حيث ربما تنفلت الأمور؟ أم انه مطمئن بأن ولديه سيؤديان الدور عنه في تهدئة العامة/ الغوغاء/ الثوار/ المتآمرين وامتصاص امتعاضهم؟ أما كان بإمكان علي بن ابي طالب ان يدخل بيت الخليفة ويعزله رغماً عن قريش وحقناً للدماء واحتراماً لموقع الخلافة وتقديراً لشيبة الخليفة الطاعن في السن؟

 

ثم اين يقع المسجد عن بيت الخليفة بحيث احتاج سعد بن ابي وقاص كل هذا الوقت للقاء علي بن ابي طالب؟

 

هناك سعد بن ابي وقاص وهناك الحسن والحسين وهناك مروان ومن خلفه معاوية وهناك طلحة وهناك ابن عامر وهناك علي بن ابي طالب وغيرهم الكثير من اشراف القوم واسيادهم والصحابة والمؤمنين ولم ينقذوا اميرهم كمؤمنين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ او لم يتخذوا قراراً بعزل الخليفة حقناً للدماء وحمايةً للإسلام والمسلمين رغم انها قد تشكل سابقة جديدة وخطيرة في الإسلام... لكنها اقل وقعاً وتأثيراً عن قتل الخليفة والتمثيل بجسده الطاهر بذلك الشكل وتلك الحالة وما جرته/ ستجره على المسلمين...؟

 

السؤال هنا: لماذا لم يدافع أحد عن الخليفة؟ ولماذا لم يُصَّبْ أحد من المتواجدين حوله بسوء؟ بل لماذا لم يُقتل مروان وهو الذي اثار الكثير من الشكوك حول نفسه كما نقل لنا الوردي بعض الحكايات للدرجة التي وصل فيها الوردي للقول الجازم التالي: حيث كتب الوردي في ص140وعاظ السلاطين: [أني اتهم مروان بأنه كان السبب الأكبر في مقتل عثمان وأتهم معاوية بأنه هو الذي أوعز الى مروان بذلك] انتهى.

.............

يتبع لطفاً