اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعـظمي (132) -حميد المطبعي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعـظمي

 يوميات حسين الاعـظمي (132)

 

حميد المطبعي

      في عقد التسعينات من القرن المنصرم، والعراق يمر باقسى حصار ظالم شامل في كل شؤون الحياة، فرضته عليه دول الشر والطغيان، كنت اتواجد بشكل يومي تقريبا، في وزارة الثقافة والاعلام، قريبا من دائرتي (دائرة الفنون الموسيقية) رغم اني تقاعدت عن الوظيفة بوقت مبكر، وكان ذلك عام 1993، وتكمن معظم اسباب تواجدي في الوزارة، لمتابعة اعمالي الفنية أولا من معاملات دعواتي الفنية الخارجية واوامر سفري، وغير ذلك من امور، ثم نشاطاتي الادارية فيما بعد، سواء ادارتي لبيت المقام العراقي وبيوت المحافظات الاخرى، او ادارتي لمعهد الدراسات الموسيقية.

 

       على كل حال، في احد الايام ونحن في اواخر التسعينات، كنت في الوزارة وكان معي اخي العزيز الشاعر الشعبي الشهير حامد العبيدي، الذي اشتهر بقصيدته الشعبية الرائعة (نازل يا قطار الشوك – الشوق -) حيث كان يتواجد في الوزارة ايضا لمتابعة اعمال قاعة الرباط التي يديرها في هذه الاونة. وخلال تجوالنا في اروقة الوزارة، إلتقينا ونحن في طريقنا الى مكتب السيد وكيل الوزارة الاستاذ الشاعر حميد سعيد، بالاخوة والاصدقاء، اتذكر منهم الاستاذ الاديب حميد المطبعي (هامش1) ، والاستاذ داود ابو داليا مدير مكتب الاستاذ حميد سعيد وكل الوزارة، وآخرين لا تحضرني اسماءهم الآن. واهم ما دار من حديث بيننا، بعد تبادل السلام والتحية كان للاستاذ حميد المطبعي. حيث قال: كنت ساهرا قبل ايام قليلة في بيت احد الاصدقاء، وكنا مجموعة من طبقة المثقفين والاعلاميين والادباء، وبعضهم مدراء عامين في الوزارة، ذكر منهم الاستاذ الدكتور مالك المطلبي فضلا عن السيد وكيل الوزارة الاستاذ حميد سعيد وغيرهما. وفي وقت من اوقات السهرة، دار نقاش بين الجميع لسؤال واستفهام فرض نفسه على السهرة كلها..! 

-    مَنْ مِنَ الفنانين اكثر نشاطا واعلاما وخدمة للبلد في زمن الحصار الذي ما زلنا نعيشه..؟

دار نقاش مستفيض حول هذا الموضوع حتى استقر الجميع على ثلاثة اسماء وهم..!

-    كاظم الساهر

-    حسين الاعظمي

-    نصير شمة ..!

      الى هنا قاطعته بدهشة قائلا.

-    انا ضمن المجموعة..!؟

 

      قال اصبر يا حسين. لم اكمل حديثي بعد. فقد دار حديث ونقاش جديد..!

-    مَنْ مِنَ الثلاثة اولا وثانيا وثالثا..؟

      قاطعته مرة اخرى..!

-    كاظم الساهر، قال لا..! قلت نصير، قال لا..!

      زادت دهشتي من اجاباته، ولكنه استرسل يقول.

-    انه حسين الاعظمي ..!

     فقلت مستغربا ..!

-    هل يعقل ان يكون انشط  فنان في الحصار هو انا..!؟

    قال نعم وهذا ما استقر رأي الجميع عليه..! قلت له لماذا وما هي المقومات التي تم الاعتماد عليها..؟ اردف قائلا..؟ أجاب.

-    بالنسبة الى كاظم الساهر ونصير شمة، فهما يعيشان خارج البلد، وكمٌ هائل من وسائل الاعلام متاحة لديهما، وكمٌ هائل من ظروف الدعم والعمل الفني متاحة لديهما، وكمٌ هائل من الاستقرار النفسي وراحة العمل متاحة لديهما..! ولكنك يا اخي حسين يا اعظمي، تعيش في الوطن وفي عمق الحصار بكل معانيه، وانت تغزو العالم بلا هوادة..! في مشاركاتك المستمرة بالمؤتمرات والمهرجانات الفنية الدولية تغني وتحاضر في غناء وموسيقى المقام العراقي..! بل اجمع كل الحاضرين على انك الوحيد من يسافر باستمرار في هذا الزمن الخانق من الحصار. الامر الذي ادى حتى الى هجرة بعض الفنانين الى خارج الوطن بأية وسيلة كانت، لانك لم تبقِ لاحدٍ أي أمل في عمل ونشاط خارجي..! فقد احتكرتها لوحدك يا ابا وديان..!!

 

      واقع الحال، فوجئت بهذا الكلام الذي يطرحه الاستاذ حميد المطبعي امامنا..! لانني لم افكر يوما بأي نتائج مما اقوم به من جهود فنية..! لان تفكيري موجه كما يبدو الى العمل والنشاط الفني لبناء تاريخ فني شخصي فقط، دون التطلع الى كسب شيء آخر، وربما كان الهاجس الذي تعودت عليه من السفر المستمر منذ مطلع السبعينات من خلال دائرتنا الفنية (دائرة الفنون الموسيقية) ومديرها العام الموسيقار منير بشير الذي اتاح لي ولغيري الفرص النادرة في خوض غمار غزو العالم فنيا وفتح الابواب كلها على مصراعيها، هو الذي جعل هذه الامور عادية بالنسبة لي..! الامر الذي ادى بالتالي الى انتشار اسمي بصورة جيدة بين الاوساط الفنية العالمية المسؤولة عن المؤتمرات والمهرجانات في مختلف بقاع العالم..!

 

      على كل حال، حين منحتني وزارة الثقافة في بلدي العزيز العراق في العام التالي 1999 جائزة الابداع الكبرى في العراق. تأملت الجائزة وقلت في نفسي، ربما كان تأثير أمثال هذه الآراء مجتمعة في عموم وزارة الثقافة، وفي عموم اعلاميي ومثقفي بلدي، هي السبب في حصولي على هذه الجائزة..! حيث كُتِبَ في شهادة الجائزة جملة مضافة (لنشاطه الخارجي)..

 

       اخوتي الافاضل، ان رابط حديثنا هذا، هي الورقة التي كتبها لي الاستاذ الاديب حميد المطبعي الموجودة ادناه، في زيارته المفاجئة لي الى البيت في ليلة من ليالي بغداد الحبيبة، ومعه الدكتور اخي العزيز وصديقي العتيد الكاتب الصحفي الكبير احمد عبد المجيد. وكانت الساعة تشير الى الاقتراب من انتصاف الليل 30/3 على 31/3/1998 وانا ساهر كعادتي، واخي احمد يعرف ذلك، حيث اخبرني اخي احمد ابو رنا قائلا. أنا والاستاذ حميد المطبعي موجودان في الاعظمية نرغب زيارتك، هل لديك استعداد في هذا الوقت..!؟ رحبت بهما كل الترحيب ، بل سررت كثيرا لهذه الزيارة..

      خلال سهرتنا التي استمرت الى ساعة متاخرة من صباح اليوم التالي، تذكرنا حديث الوزارة للاستاذ حميد المطبعي حول من كان انشط فنان في زمن الحصار. فأخرج ورقة وقلماً من حقيبته وكتب ما كتب في الورقة الموجودة ادناه بخط يده، آملا ان تقرأوها اعزائي القراء الكرام.

       رحم الله استاذنا حميد المطبعي العالم الفيلسوف الاديب الموسوعة، الذي وافاه الاجل قبل اسابيع قليلة، واسكنه فسيح جناته.

 ودمتم لاخيكم .

د. حسين الاعظمي     

  

هوامش

هامش1 : عن عمر ناهز 76 عاماَ بعد صراع طويل مع المرض، ودّع الحياة الموسوعي حميد المطبعي يوم الاثنين 16/4/2018 في أحد مستشفيات مدينة النجف.

 

 

اديب الفلسفة الاستاذ حميد المطبعي

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.