مقالات وآراء

من قس راهب دومنيكي الى أسقف تزهو طلعته نوراً// جميل زيتو عبد الاحد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جميل زيتو عبد الاحد

 

 

من قس راهب دومنيكي الى أسقف تزهو طلعته نوراً

جميل زيتو عبد الاحد

 

بحلة ملائكية ناصعة البياض يتحول الى رئيس اساقفة قلنسوة حمراء وزي موشح بخطوط حمراء ويزين صدره بصليب ذهبي اللون بريق اللمعان يشع نوراً مقدساً ويتحزم بأبراش احمر اللون يتدلى من جانب واحد قطعة حمراء تزيد بهاءً وقداسة.

نعم انه الطفل نجيب المولود في محلة الموصل الجديدة في الموصل وان الوالدين تقيين منحدرين من قرية سناط تلك القرية التي كانت عالقة في الذهن والتي زارها مراراً لا سيما في فصول الصيف ليلعب ويتباهى بوديانها وينابيعها وشلالاتها وربوعها الخضر وبساتينها الخلابة.

نجيب منذ نعومة اظفاره مال الى التدين والصلاة في الكنيسة بتشجيع من والديه واخوته.

لكن الطفل لم يهمل دراسته في الابتدائية والمتوسطة والثانوية والمعهد الا ان اسباب عديدة دفعته الى فرنسا ولدى زيارته لأحد اديرة الرهبان الدومنيكان قادة الروح القدس ان ينضم الى الدير ويواصل ويواكب الدراسة والصلاة والتبحر في الشؤون الدينية وادى كل ذلك الى اعلان نذوره الرهبانية في 4/1/1981 والرسامة الكهنوتية في 16/5/1987.

ثم يعود الى العراق ليستلم مسؤوليته في كنيسة الساعة للآباء الدومنيكان في الموصل ويواصل الليل بالنهار لإعادة رونق هذا الدير الذي اخرج العشرات من الاباء الكهنة والاساقفة.

كما شمر ساعده لترميم وصيانة الدير بأحدث التصاميم الهندسية، ولم يكتفِ بهذا بل عمل على صيانة وترميم وتصليح مخطوطات الدير واعادة جودتها والاستفادة منها والتي تعود الى قرون غابرة.

كما عمل بجد واخلاص على المحافظة على دور وممتلكات الدير.

هذه الجهود الجبارة كانت موضع تثمين وتقدير من رؤوساء الرهبنة في الخارج ورؤوساء الكنيسة في الداخل.

وما ان ظهرت بوادر اطلالة اعمال التخريب من قبل داعش الارهابي حتى تعرض الى المضايقات اليومية والتهديد بالقتل وصار الارهاب يبعث برسائل التهديد له وبداخلها طلقات نارية لكن عزيمة الأب نجيب واصراره على العمل وعدم ترك المهمة الملقاة على عاتقه قادته الى المكوث والبقاء ومواصلة الخدمة.

رغم تلك المضايقات والتهديدات والظروف الصعبة جداً، ايمانه هذا لم يتزعزع وسلمَّ نفسه وجسده وروحه للرب يسوع ادى الى البقاء في الدير وهو يتخفى ويسلك طرق غير مطروقة للخروج ودخول الدير تجنباً لأنظار الارهابيين.

وفي احد الايام الحالكة السواد يتلقى مكالمة من الرئيس الاعلى للرهبنة ينذره منها بترك الموصل فوراً ودون تأخير وخلال ساعات، لان القادم من الماسي قريب جداً.

فاضطر الى ان يحزم امره وبالسرعة المستطاعة ويلملم مخطوطات ويخرج الى قرقوش.

وبعد دخول داعش وهجومه الشرس على الموصل ونزوح الاهالي الى سهل نينوى ومن ثم الى مدن وبلدات سهل نينوى مما ادى الى نزوح كافة السكان الى اربيل ومدن اقليم كوردستان.

وما كان من الاب ان يرحل ثانية الى اربيل ويُهرب كذلك كافة تلك المخطوطات الثمينة ويتخذ من أحد الدور ديراً ويعمل على تهيئة مكان ملائم لأكثر من الف عائلة نازحة من الموصل وسهل نينوى.

ويتردد يومياً اليهم ليتطلع على احوالهم ويسد نواقصهم ويؤمن احتياجاتهم ويقيم الصلوات والقداديس لهم مع انشطة ترفيهية لرفع معنوياتهم ويدخل الامل والتفائل في قلوبهم ويسعدهم برغم ما حل بهم من الكوارث.

يوم الثلاثاء 18/12/2018 قمت بزيارة دير الاب نجيب ومعي السيد امجد عبد الاحد مسؤول فرع اربيل ولأول مرة لنشاهد جهوده في اعادة تنظيم وترتيب المخطوطات وتحول الدار المؤجر الى دير يحوي على كل الاجهزة والادوات وقاعات ترميم تلك المخطوطات واقامة الدورات لتأهيل الموظفين للقيام بهذا العمل الشاق.

بعد تجوالنا في اقسام الدير ومشاهدة كل الاعمال والانشطة المتعلقة بالصيانة ونحن على وشك التوديع تلقى ابونا نجيب مكالمة هاتفية من البطريرك يخبره ويفاجئه بنبأ يثير الدهشة وهو ترشيحه لمنصب مطران الموصل وابرشية عقرة وهذا الامر لا يحتاج للمناقشة.

ارتسمت الدهشة على محياهُ وصار في وضع محير وهو يرد عبارة (لا لا سيدنا) والاول يؤكد لا مجال للمناقشة ....!!

 حدد يوم الرسامة وهو 18/1/2019 وفعلاً تمت الرسامة بتوفيق من الرب.

من الطبيعي أن يختار الاسقف اسماً لأسقفيته يلائم قدسية المنصب فما كان منه إلا ان يختار أسم (مار ميخائيل) تيمناً برئيس الملائكة وكذلك بجده ميخائيل رحمة الله .

طبيعي ان نحضر نحن والاهل والاقارب في الداخل والخارج لتلك المراسيم.

اعود للشطر الاول من كلمتي هذه بحلة قشيبة ناصعة البياض يشع منها نور الملائكة الى اسقف يبثُ نوراً مقدساً يتباهى بطلعته وابتسامته النورانية كل المحيطين به.

 

مبروك للعائلة ومبروك للكنيسة هكذا راعي وهكذا اب جاء ليخلص شعبه المنكوب في نينوى وسهلها من المآسي.

وندعو من الرب أن يعطيه القوة والعزم ليكون منقذاً وخادماً لرعيته كما أنقذها النبي يونان (نِنوى)

 

جميل زيتو عبد الاحد