اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

التنقيب عن النفط في بعشيقة يمس عصبا سياسيا// ترجمة سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

ترجمة سعد السعيدي

 

 

التنقيب عن النفط في بعشيقة يمس عصبا سياسيا

ترجمة سعد السعيدي

 

بدأت شركة (دي ان او) النرويجية حملة تنقيب عن النفط في قلب المناطق المتنازع عليها في العراق ، بعد أن استلمت مهمة التشغيل من اكسون موبيل.

 

سامية القلاب ورواز طاهر من تقرير نفط العراق (*)

ترجمة سعد السعيدي

 

من بين كل المشاريع النفطية في العراق، ربما تكون الرقعة الاستكشافية في بعشيقة- التي تقع على جانبي خط السيطرة بين إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي والحكومة الاتحادية– هي الاكثر شحنا بعوامل التعقيد السياسي والجيولوجي.

 

سببت هذه العوامل المحبطة لشركة إكسون موبيل لأن تؤجر نصف حصتها في المشروع عام 2017. الآن استحوذت (دي ان او) على هذه الحصة كمشغل بموجب عقد مع حكومة الإقليم ، وبدأت فصلاً مشحونا جديداً من تطوير النفط في المنطقة.

 

اصبح اول بئر استكشاف في بعشيقة جاهزا للاختبار حيث يتوقع أن يتم الانتهاء منه في آذار بعد التأخير بسبب الأحوال الجوية ، وقد تم حفر بئر ثان. ومن المتوقع أن يبدأ الحفر على بئر ثالث في جزء آخر من الرقعة الاستكشافية في وقت لاحق من هذا العام.

 

بيد ان التحديات التي تواجهها (دي ان او) واضحة في شوارع بعشيقة.

 

في البلدة نفسها تسير دوريات لقوات الأمن الاتحادية. لكن يمكن للمرء من كل نقطة تقريبًا في المدينة رؤية جبل بعشيقة إلى الشمال حيث تعمل (دي ان او) والذي تسيطر عليه حكومة الاقليم بحزم. يقول سكان المدينة بانهم يشعرون بالانفصال العميق عن مشروع النفط فوق التل. وقال داسن سافو رئيس المجلس البلدي في بعشيقة: "بقدر ما يمكننا رؤيته ، فلن نحصل على شيء منها عدا دخان المصانع وتدهور أراضينا الزراعية".

 

تم توقيع عقد بعشيقة لأول مرة عام 2011 عندما فرضت حكومة الاقليم سيطرة اكبر على الأراضي العراقية المتنازع عليها. ومنذ ذلك الحين ، تقلصت الحوافز الجيوسياسية لحكومة الاقليم وتضاءلت ، وحيث قد استحوذ تنظيم داعش على المنطقة ثم جرى طرده. ومن ثم قررت إكسون موبيل التقليل من انكشافها.

 

في أعقاب ذلك ، أصبحت (دي ان او) مسؤولة عن تطوير منطقة من الأراضي ذات وضع قانوني غير واضح رسميا، والتي يتحكم فيها جزئيا الطرف المقابل للحكومة الاتحادية. ولتحقيق النجاح، سيتعين على (دي ان او) التعامل مع تراكمات من الجيولوجيا الصعبة والتاريخ المشحون.

 

منطقة متنازع عليها

 

بعشيقة هي جزء من المناطق المتنازع عليها. وهي حزام من الأراضي يمتد عبر شمال العراق والذي طالما تعرض لمطالب متنافسة من قبل مختلف الجماعات العرقية والدينية والعشائر والسلطات الحكومية.

 

تحدد المادة (140) من دستور العراق لعام 2005 خطوات حل هذه النزاعات وترسم حدوداً ، لكن الخلافات الأساسية حساسة بشكل بحيث لم تحرز أية حكومة اي تقدم على الإطلاق في هذه العملية. وبغياب التسوية القانونية ، حاولت العديد من الأطراف تشكيل الحقائق على الأرض لصالحها.

 

جاءت إحدى هذه المبادرات في العام 2011 ، عندما وقعت حكومة الاقليم عقوداً نفطية مع إكسون حيث منحتها حقوقا للتنقيب في ستة مناطق مختلفة بضمنها بعشيقة ورقعتين اخريين هما القوش وقرة هنجير اللتين كانتا ضمن نفوذ حكومة الاقليم ولكن خارج حدوده المعترف بها.

 

بيد انها أثارت أزمة في البلد. وقتها قام رئيس الوزراء نوري المالكي بنشر الجيش العراقي على الخط الفاصل بين مناطق السيطرة الاتحادية ومناطق الإقليم ، مشرعا في مواجهة عسكرية استمرت لاشهر تعهد خلالها بأنه سوف يتم التعامل مع أية عمليات تنقيب عن النفط من قبل إكسون على انه تمرد.

 

نجحت إكسون في التعامل مع العاصفة جزئياً بمعالجة الخلاف على المستوى المحلي مع تجاهلها العلني للشكاوى من بغداد. فمن خلال التعامل مع المسؤولين على مستوى المحافظات والنواحي - والأهم في ذلك مع محافظ نينوى آنذاك أثيل النجيفي – تمكنت إكسون وحكومة الاقليم من تهدئة التوترات التي ربما كانت ستعيق العمليات النفطية من خلال طمأنة المنتفعين المحليين بأنهم سوف يرون فائدة مباشرة من نجاح المشاريع.

 

لكن في العام 2014 توقفت أعمال التطوير مع هجوم داعش. وكانت إكسون قد اجرت دراسات جيولوجية وأقامت منصة حفر خرسانية جرى تحويلها لاحقا إلى قاعدة عسكرية لبيشمركة الاقليم.

 

وحتى قبل ذلك كانت قد اجرت إكسون دراسات جيولوجية اشارت إلى أنه قد لا يكون هناك ما يكفي من النفط تحت الأرض لتبرير المخاطر على الأرض فوقه. دفعت هذه النتائج إكسون للتخلي عن ثلاثة من رقعها ، بتواتا عام 2015 ، وقرة هنجير وشرق اربط عام 2016.

 

من بين الرقع الست الأصلية التابعة لإكسون ، قد تكون بعشيقة هي الواعدة بشكل اكبر. فحسب مذكرات داخلية بين إكسون وشركة الطاقة التركية التي تمتلك 20% من حصص إكسون، فإن إجمالي الاحتياطي المحتمل قد قدر بـ 580 مليون برميل مكافيء نفطي.

 

في العام 2017 ، توصلت إكسون إلى صفقة حول حقل بعشيقة نقلت نصف حصتها البالغة 80 بالمائة في الكتلة - مع صلاحية التشغيل - إلى (دي ان او). بينما تحتفظ شركة الطاقة التركية بحصة ال 20%. وقد توقع مراقبو الصناعة النفطية لأن يكون الاتفاق منطقيا بالنسبة لإكسون لأنه كان بنفس الوقت وسيلة للتحوط من المخاطر المالية ، ولأنه بمقدور (دي ان او) أن تعمل بكلفة اقل وبظهور سياسي اقل من الشركة الأمريكية الكبيرة.

 

والآن ، تتطلع (دي ان او) إلى النجاح حيثما تخوفت إكسون من التقدم.

 

بؤرة توتر سياسية

 

قد يكون الوضع في بعشيقة أكثر تحديا الآن مما كان عليه عندما وقعت اكسون العقد. فبعد داعش أصبحت السيطرة الفعلية على رقعة الاستكشاف في بعشيقة مقسمة الآن بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.

 

ظلت نزاعات العراق الإقليمية متقلبة أيضا. إذ أطلقت الحكومة الاتحادية عملية عسكرية في تشرين الأول / اكتوبر 2017 لاستعادة العديد من المناطق المتنازع عليها من حكومة الإقليم. وفي تشرين الثاني / نوفمبر 2017 ، انخرطت القوات الاتحادية وقوات حكومة الإقليم مع بعضهما في معارك في نينوى لساعات أسفرت عن وقوع العشرات من الضحايا. وقد تحسنت العلاقات بين بغداد وأربيل منذ أن تولى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي منصبه في تشرين الأول 2018. لكن الوضع الراهن الجديد هو نتاج تعايش مؤقت وغير رسمي.

 

وقد حافظت القوات الكردية على وجودها "في بعض المناطق المتنازع عليها بناء على نوع من التفاهم المتبادل مع الحكومة العراقية" ، كما قال احد أعضاء مجلس محافظة نينوى ممن لم يرغب في الكشف عن اسمه مردفا "أعتقد بان الحكومة العراقية قد حولت الانتباه إلى هذه القضية بسبب قضايا مهمة اخرى على رأس قائمة أولوياتها."

 

وبدلاً من الضغط على بغداد حول المشكلة ، يبدو ان حكومة الإقليم ماضية قدماً في تطوير النفط في بعشيقة بالتصرف كما لو أن رقعة الاستكشاف تخضع لسلطة منطقة مجاورة خاضعة للسيطرة الكردية.

 

وقال سردار يحيى رئيس بلدية الشيخان (المتاخمة لقضاء الحمدانية التي تحتوي على مدينة بعشيقة ومعظم رقعة الاستكشاف) بانه قد تم تعيينه لقيادة "وحدة إدارية" مسؤولة عن تطوير حقل بعشيقة النفطي تحت سلطتي وزارة الموارد الطبيعية في حكومة الإقليم ومحافظة دهوك. واضاف قائلا بان "رئيس الوحدات الادارية يقوم بنقل مطالب السكان المحليين لشركات النفط حيث تلعب هذه الوحدات دور جسر الاتصال."

 

بيد ان الزعماء المحليين في بعشيقة يقولون بان هذا الترتيب غير قابل للاستمرار. وطبقاً لما ذكره سافو رئيس مجلس بلدية بعشيقة ، فإنهم يريدون أن يتفاعلوا مباشرة مع (دي ان أو) سواء لطلب فرص عمل للسكان ولطرح مخاوفهم بشأن تأثير العمليات النفطية على البيئة والأراضي الزراعية.

 

وقال سافو "إذا اتصلوا بنا ، يمكننا أن نعطيهم أسماء مرشحين للعمل وحراس امن. إلا انهم لا يتواصلون معنا. إنهم يريدون منا أن نخرس. لذا فإنهم سيوظفون عددًا قليلاً ، من 200 إلى 300 موظف. كم وظيفة سيعطوننا ؟ عشرة ؟ عشرين ؟"

 

الشيخ أمير الياس، وهو زعيم سياسي في بعشيقة يتناغم مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني قال بان سياسة حكومة الاقليم في بعشيقة تعكس استراتيجية للحزب الديمقراطي الكردستاني في محاولة لتمديد السيطرة على المناطق المتنازع عليها من خلال توسيع الولاية الجغرافية لهياكل الحكم في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الاقليم.

 

واضاف إلياس بان المشكلة ليست بكون الحزب الديمقراطي يطلب فقط من اهالي بعشيقة "لان يعاملوا كأصحاب مصلحة في تطوير النفط. بل ولانهم يطلبون نفس الشيء ايضا من سكان بردرش والشيخان على الرغم من أن الأرض تعود إلى بعشيقة. وهذا تصرف خاطيء".

 

وكما هو الحال في المشاريع النفطية في جميع أنحاء الاقليم والعراق الاتحادي ، فإن وصول شركة نفط عالمية قد اجتذب الباحثين عن العمل وكذلك الشكاوى. ولم تكن (دي ان أو) بعيدة عن مثل هذه التحديات: فقد كانت احدى أوائل الشركات العالمية التي دخلت سوق النفط في كردستان ، وهي واحدة من أكبر الشركات من حيث حجم الإنتاج ، حيث بلغ مجموعها 130 الف برميل في اليوم من حقولها في طاوكي وبيش كبير.

 

لكن في بعشيقة تعني الحواجز السياسية بان السكان المحليين لم يتمكنوا من التفاعل المباشر مع (دي إن أو) وهم لا يشعرون بأنهم ممثلين من قبل الجهات الحكومية المسؤولة عن تطوير النفط. وكانت النتيجة مستوى إضافي من الإحباط. وقال سافو إنه لا يريد أن يرى السخط المحلي يتحول الى غليان واحتجاجات مدمرة ، لكنه يخشى أن يحدث ذلك.

 

وقد وقع واحد وثلاثون مزارعاً على عريضة تطالب (دي إن أو) بتعويضهم عن عرقلة الوصول إلى أراضيهم ومصدر دخلهم الوحيد ، حسب قول سليم كوتشاني رئيس نقابة المزارعين.

 

في غياب اي شكل من التفاوض ، قال كوتشاني: "سوف نخلق مشاكل لهم.... إن لم يتغير شيء. أعتقد أن الخطوة التالية هي انني سآخذ الجميع مع كل الجرارات وسأصعد الجبل. وليطلقوا علينا النار إن شاؤوا".

 

(*) سامية القلاب من بعشيقة ورواز طاهر من اربيل. ساهم بن فان هوفلن وبن لاندو من الولايات المتحدة.

مقالة نشرت بالانكليزية بتاريخ 25 شباط 2019 على موقع تقرير نفط العراق.

التعليقات   

 
0 #1 علي مروان 2019-11-20 20:08
الآبار النفطية تسبب رعب لاهالي بعشيقى
اختناقات ب الآلاف ودخان كثيف ليلا
تدمير كامل للمحاصيل الزراعية والقطاع النحل وغيرها هل سيكون وضائف لابناء بعشيقى في النفط أم سرقة النفط بعشيقى علنا
 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.