مقالات وآراء

ماذا يقول قانون العقوبات العراقي حول هذه الامور؟// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

 

ماذا يقول قانون العقوبات العراقي حول هذه الامور؟

سعد السعيدي

 

بعد المقالة السابقة حول الطائفية والاستغفال الذي رافق القوانين المتعلقة بها قررت القيام بالاطلاع على كامل مواد قانون العقوبات العراقي النافذ. والهدف هو للتأكد من حقوقنا كمواطنين في بلدنا. فلم تعد هناك من ثقة بايّ مما يمكن ان يصدر من الحكومة الاسلامية جدا واذرعها المحلية حول اي شيء.

 

اضع هنا امام اعين القراء والمهتمين نتيجة الاطلاع على هذا القانون. في الغضون قد وصلتنا اخبار حصول تجاوزات ضد المواطنين في الانبار. لما كانت هذه تتعلق بالحريات العامة سابتديء إذن بالمادة المتعلقة بهذه.

 

ابدأ بالخبر اولا. فقد قامت الشرطة في الانبار في بداية هذا الشهر بحملة للتضييق على المواطنين. فادعت بكون السراويل القصيرة او البرمودا التي يلبسونها خادشة للحياء ومنافية للآداب والأعراف العشائرية. وقالت بان القانون واضح وانها ستقوم بتطبيقه في تكرار لما قامت به في محافظات اخرى في اوقات سابقة. هكذا اطلقت حملة اعتقالات جمعت فيها شبابا واطفالا ناهزوا المئة من الشوارع والاسواق والمسابح ثم عمدت إلى حلق رؤوسهم عقاباً على ارتدائهم السراويل القصيرة. بعدها اجبرتهم على التوقيع على تعهدات خطية بعدم تكرار لبس هذه السراويل لقاء اطلاق سراحهم. وهي اساليب تذكر بمحافظ بغداد السابق المدعو خيرالله طلفاح. لاحقا اعتقلت شابًا بسبب انتقاده “اعتقالات البرمودا” هذه. ما يلفت الانتباه هو حرص هذه الشرطة على تجنب تقديم نص القانون لدعم موقفها ، واكتفاؤها بكلام عام. اتعجب اخيرا عن صمت وزير الداخلية الذي تسرع احدهم ووصفه بالمهني عن هذه التصرفات.

 

من خلال التدقيق بقانون العقوبات العراقي لعام 1969 وجدت المادة القانونية المتعلقة بالمخالفات المتعلقة بالآداب العامة. تقول المادة (501) من هذا القانون بانه (يعاقب بالحبس... أو بغرامة... من اغتسل في المدن أو القرى أو القصبات بصورة منافية للحياء أو ظهر في محل عام بحالة عري منافية للآداب).

 

لا تحدد المادة كما يرى نوع الملبس ، بل فقط ما يظهر من الجسم. والقاضي هو من يحدد امر هذه الحالة كما هو واضح من السياق ، لا افراد الامن. بهذا لا يرى في القانون ما يدعم ادعاء شرطة الانبار بوجود مواد فيه تثبت ما قدمته حول انواع الملابس المسموح بارتدائها.

 

ارى من المهم التذكير بما يقوله الدستور هنا. فالمادة (19) تنص بان (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ، ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة). والمادة (15) تقول (لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية. ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون وبناءً على قرارٍ صادرٍ من جهة قضائية مختصة). والمادة (20) من الدستور التي تقول بان (للمواطنين رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية). اظن ان هذه المواد لا تحتاج الى تعليق.

 

اضع هنا المواد الاخرى من قانون العقوبات التي تغطي امورا اخرى مما جرى استغفال الناس بها:

 

في مجال التعامل والمتاجرة بالبهائم كما يسميها القانون تقول المادة (499) منه (بعقوبة الغرامة لكل من مر من القصابين أو غيرهم بلحوم البهائم أو جثتها داخل المدن أو حملها دون ان يحجبها عن نظر المارة).

 

تنتاب المرء الحيرة وربما الصداع لدى الاطلاع على هذه المادة الواضحة. فما يكون السبب الذي جعل الادارات المحلية ومنها امانة العاصمة تتهاون في تطبيقها بحق المتجاوزين طوال 16 عاما خصوصا واننا نراها هذه الايام تبذل همة كبرى في ازالة التجاوزات. فاين كانت هذه الامانة من هؤلاء طوال هذه الفترة الطويلة يا ترى ؟

 

ثمة مادة كذلك تتعلق برمي القمامة في الشوارع والممرات المائية. فالمادة (497) تنص على (عقوبة الحبس... او الغرامة... لكل من القى أو وضع في شارع أو طريق أو ساحة أو منتزه عام قاذورات أو اوساخا أو كناسات أو مياها قذرة أو غير ذلك مما يضر بالصحة).

 

وفيما يتعلق بالانهار ونظافتها تقول المادتان (496) و(500) (بعقوبة الحبس... او الغرامة... لمن القى في نهر أو ترعة أو مبزل أو أي مجرى من مجاري المياه ، جثة حيوان أو مواد قذرة أو ضارة بالصحة. وكذلك من رمى في الانهار أو الترع أو مجاري المياه الاخرى ادوات أو اشياء اخرى يمكن ان تعوق الملاحة أو تزحم مجاري تلك المياه).

 

بما يتعلق بالمرور تنص المادة (478) من قانون العقوبات العراقي على (عقوبة الحبس... او الغرامة... لمن زحم الطريق العام بلا ضرورة أو بلا إذن من السلطة المختصة سواء أكان ذلك بحفره حفرة أو بوضعه أو بتركه فيه مواد أو اشياء تجعل المرور فيه غير مأمون للمارة أو تسبب في اعادة المرور فيه بأية كيفية كانت وكذا من اغتصب بأية طريقة كانت طريقا عاما أو أرضا مخصصة للمنفعة العامة).

 

نص القانون واضح فيمن يتعمد عرقلة المرور سواء بالتجاوز على الطرق وعرقلة السير فيها. وهذه النقاط تدفعنا مرة اخرى للتساؤل عن المسؤول عن أهمال تنفيذ القانون هذا في شوارع العراق منذ ما سمي بالتغيير. وعدا هذه المادة يوجد قانون المرور الجديد الذي استبدل القانون السابق للعام 1971. وهذا القانون قد استنسخ السابق بتعديلاته اللاحقة واضاف اليه المخالفات الجديدة وعقوباتها.

 

ايضا للتذكير ، إن وجد في انحاء العراق من يتعمد إهمال واجبه من المسؤولين سواء كانوا اتحاديين او محليين ، ففي نصوص قانون انضباط موظفي الدولة لعام 1991 المتوفر على شبكة المعلوماتية الاساس القانوني لمحاسبة هؤلاء عن التسيب في تطبيق القانون ، او إقالتهم بالارادة الشعبية.

 

هكذا يرى بان ثمة تجهيل واستغفال كبيرين كان يجري للمواطنين أبطاله مسؤولو الحكومات الاتحادية والمحلية. فالبعض يريد العودة بنا كما هو واضح الى ايام الاستخفاف بالقانون والحكم حسب المزاج مع سد الطريق امام الاحتجاج. لذلك ادعو الجميع الى الاطلاع على كامل القانون (واية قوانين اخرى مهمة) وعدم ترك الميدان لمشيئة مرتزقة زمر الطغمة الحاكمة في تضليل الرأي العام بالتجهيل او باشاعة الاخبار الكاذبة.