مقالات وآراء

يُقدِّمون الفُتات للمواطنين ويَفْتَرِسون الوطن// د. محمد شطب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. محمد شطب

 

 

 

يُقدِّمون الفُتات للمواطنين ويَفْتَرِسون الوطن

د. محمد شطب

 

يُغْمِضون العيون ويوغلون في غيِّهم، يتجاهلون أصوات الناس ويتفنَّنون في قتلهم. فقد زُهِقَت أرواح المئات من الأبرياء وسالت دمائهم وتعرض الآلاف إلى الإصابات الكثير منها خطيرة. كثرت الإعتقالات وإزدادت الإختطافات والمطاردات ورافق ذلك ما رافقه من إغتصاب وتعذيب وتغييب للمتظاهرات والمتظاهرين السلميين.

 

بَئِسْتُم وخابت مساعيكم أيها ألأذلاء الجبناء يا من فقدتم الضمير والبصيرة. ذهبتهم بهذا الشعب إلى المجهول وأغرقتم الوطن في الدماء والمتاهات.

 تُقَدِّمون إجراءات ترقيعيَّة، وتظنّون بأنكم قادرون على إمتصاص غضب الناس وإخضاعهم من جديد لدنائاتكم والتلاعب بمصائرهم وقتل إرادتهم كي تتمكنوا مجدداً من الإستمرار بممارسة ألاعيبكم المفضوحة.

 

يظهر رئيس الوزراء ومجموعة الحراميَّة ممثلي زعماء المحاصصة والميليشات التي تحيط به في آخر لقاء مساء يوم 2019.11.05 ويقوم بكيل الإتهامات والشتائم ضد المتظاهرين، كما سبقه في ذلك أعوانه ومناصريه، مثل الفياض وخلف وأمثالهم وينعتوهم بالمخربين والعملاء والمندسين وما شابه ذلك.

 

لا يا سيادة رئيس الوزراء أنتم ومن سبقكم ومن هم من طينتكم وعلى نهجكم وملَّتكم مَنْ خرَّبتم البلاد وشتَّتم العباد وأوصلتمونا إلى هذا النفق المظلم المغلق، الذي لم يجد المواطنون والمتظاهرون الصابرون على مصائبهم طيلة هذه السنين إي سبيلاً للخروج منه إلا بإعلان إنتفاضتهم، لا بل ثورتهم الجبارة المباركة التي ستأتي على إزالتكم من عروشكم أنتم ومن يهَّرج ويمرِّج لكم ويتغنى بتركتم السوداء.

يخيم الوجوم والحزن على وجوه رئيس الوزراء والمشاركين في حضيرته وترتسم البلادة عليهم لأنهم يعرفون ما قاموا به ويعرفون مصيرهم الذي سيؤولون إليه جرّاء ممارساتهم وحماقاتهم التي إرتكبوها بحق المواطنين وبحق الوطن وسيادته ومستقبله، يعرفون ماذا يعني غضب الناس وماذا تعني ثورتهم ضد من كانوا ولا زالوا يتفنَّنون بممارسة السرقات والفساد وتقاسم المناصب والمغانم، واليوم يتفنَّنون بالقتل وإراقة الدماء، لكنهم كانوا ولا يزالوا عاجزون عن إستيعاب المطالب المشروعة للمتظاهرين والتعامل معها بحرص وجديَّة.

 

الشعب يريد اليوم وبكل ما لديه من قوَّة أن تنتهي صفحتكم ومعها صفحات الذل والخنوع، صفحات الفساد والمحاصصة البغيضة، صفحات السماسرة واللصوص، صفحات المتاجرين بمستقبل وخيرات البلاد، صفحات الإحتراب والتجاذبات القومية والمذهبية والميليشاويَّة.

 

      الشعب يريد اليوم وبكل ما لديه من قوَّة أن لا يرى وجوهكم المشوهة بأثار الخيبات التي نثرتموها في ربوع الوطن، وأن لا يسمع أصواتكم المبحوحة لكثرة نباحكم ولهاثكم وراء الإستحواذ على المال العام ومقدرات البلاد، وأن لا يشم روائحكم العفنة التي ضاقت بها حتى مستنقعات النجاسات، وإزاحة كابوسكم المُظْلِم الذي خيَّم على العراق طيلة 16 عام، وطي صفحاتكم البغيضة المؤلمة، التي شملت كل مدن وقصبات العراق وتفشت بين أجنحتكم المكسرة التي أسميتموها الشيعيَّة والسنيَّة والكرديَّة كل البذاءات التي عرفها التأريخ.  نعم الشعب يريد شطب كل أسمائكم المجهولة من قاموس العراق كي لا تتلوث بها صفحاته المشرقة وقاماته الشامخة.

 

ـــ المواطنون أعلنوا رفضهم لكم ونفورهم منكم وإستيائهم من إدائكم وسوء تدبيركم وقد عكسوا ذلك جلياً من خلال رفضهم وعزوفهم الكبيرة في المشاركة بالإنتخابات الأخيرة، حيث تجاوزت نسبة هذا العزوف 70% من المواطنين، وهم يرفضونكم اليوم أيضاً ولا يريدون التفاوض معكم لأنهم يعرفون خسَّتِكم ونذالتِكم ونكثكم وتنصلكم من كل الوعود.

 

ـــ إنهم لا يريدون وعودأً كاذبة من أناس إمتهنوا الكذب والنفاق والدجل في حياتهم وسياساتهم، لا يريدون إجراءات ترقيعيَّة متأخرة يراد منها فقط إمتصاص الغضب والنقمة والتمكن من عبور الموجة والإلتفاف على إرادتهم مجددا. يريدون وطناً يحققون فيه أحلامهم وطموحاتهم وليس وطناً لا يجدون فيه حتى قبراً يأويهم.

ـــ  يريدون وطن يَتَّسِع للجميع، وطن يأوي ويحمي أهله، وطن يتساوى فيه أهله،

وطن يفخر به أهله.

ـــ يريدون قادة أكفاء نزيهين يتمكنون من النهوض بالبلاد وإنتشالها من التدهور والإنحطاط التي آلت إليه واللحاق بالركب العالمي، وطن يتباها بأبنائه وقدراتهم،

لا إمعات جهلة فاسدين غارقين في تناحراتهم ومستشرسين من أجل منافعهم

ـــ يريدون دستور خالي من الثغرات والعثرات والمطبّات والألغام المفتعلة، دستور بفقرات وبنود واضحة غير قابلة للتأويل والتفسير حسب رغبات وأهواء المتنفذين، تراعى فيه وبالأساس مصلحة المواطن والوطن ومستقبلهم.

ـــ يريدون قانون إنتخابي منصف تحصل فيه كافة أطياف الشعب بغض النظر عن معتقداتهم وأديانهم وقومياتهم وطوائفهم على تمثيل حقيقي ومشاركة حقيقية في رسم وتنفيذ سياسة البلد.

ـــ يريدون برلمان يضم في صفوفه ممثلين حقيقيين للمواطنين لا تجار وسماسرة يشترون مواقعهم بالمال الحرام ويشرعون فقط لتثبيت إمتيازاتهم وبما فيه إشباع نهمهم وتدبير مصالحهم وإرضاء أسيادهم.

ـــ يريدون سن قانون أحزاب تتجذر فيه مفاهيم الوطن وترتسم فيه مصالح المواطنين وليس قانون يدعم أحزابا تدافع عن مصالح المذهب والطائفة والقوميَّة قبل مصلحة الوطن وعن أحزاب لم تكشف عن مصادر تمويلها وأخرى تتباهى في حملها للسلاح وبإرتباطاتها الخارجيَّة.

ـــ يريدون عمل يقتاتون منه بشكل شريف، يوظِّفون من خلاله قدراتهم ويعكسون قابلياتهم لخدمة شعبهم ووطنهم، يريدون خدمات تليق بهم ويتباهون بها.

 

إنَّ هذه المطاليب بجملتها وتفاصيلها لا يمكن أن يشرعها ويتولى الإشراف على تقديمها وتنفيذها المتهمون أصلاً بإرتكابها ولا يمكن أن يديرها أناس غارقون في الفساد ويعتمدون المحاصصة نهجاً لهم ويمارسون سرقة المال العام ويتفننون بتخريب البلاد، أناس تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء.

 

لا تنشروا سمومكم بين الناس وتُكْثِروا من إشاعتكم المسمومة في نشر الخوف والذعر بين صفوف المواطنين، ولا تؤرقوهم بويلات الفراغ السياسي والمستقبل المجهول بفقدانكم، تباً لكم، فالعراق نهر يفيض بأبنائه البررة وكفاءاته المقتدرة وضمائره الحيَّة القادرة على النهوض به من جديد وتنتشله من وحلكم.