مقالات وآراء

رد على مقالة الدكتور عبد الخالق حسين// د. لبيب سلطان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. لبيب سلطان

 

          رد على مقالة الدكتور عبد الخالق حسين

حول عنف المتظاهرين لتخريب النظام الديمقراطي في العراق

د. لبيب سلطان

 

الأخ الدكتور عبد الخالق حسين

تحية اخوية طيبة

أني اتابع مقالاتكم عن الأنتفاضة الوطنية وهناك قضية اعتقد انكم غير منصفين فيها:

 

1. أنكم تشيرون دوما ان المتظاهرين لجأوا لأعمال العنف والتخريب والحرق،  وهذا غير صحيح اطلاقا واني في بغداد اعايشهم واتصل بكل المحافظات ولو توفرت لي المساحة لأعطيكم صورة عن العنف اللانساني الهمجي الذي مارسه ضباط كبار في الداخلية وعصابات من السلطة بملابس مختلفة "لشاب شعر الراس ووقفت الأنفس" لهول الهمجية والأستفراد بالناس العزل ، فقط امس ليلة الأربعاء قتلوا سبعة شباب في هجوم شنته قواتهم على جسر الأحرار الساعة الثالثة ليلا وكان اغلب الشباب نائمين في البرد الشديد.. والواقع لو لم تؤلمني اتهامكم للمتظاهرين بالعنف لما كتبت هذا الرد . ولو فعلا حدث عنف أو تخريب او أعتداء من المتظاهرين لشهرته السلطات معززا بالصور ، فحتى السلطة لاتتهم المتظاهرين بذلك اليوم بعد أن ايقنت ان اتهامها لهم هو دعاية فارغة وسخيفة، وكانت تستخدمها بداية الانتفاضة اساسا لتبرير الأعمال الوحشية  التي مارستها ضدهم وهي لا تقل عن اعمال البعثيين والصداميين ، فهناك اليوم اكثر من 20 الف ضحية  يعاني من اعراض خبيثة من تسمم من قنابل غاز محرم وشضايا قنابل دخلت رؤوسهم واجسامهم ، وصفته منظمة العفو الدولية  في تقريرها يوم 30 اكتوبر وما بعده "بالقنابل القاتلة"،  ، واختصر لكم القول ان المتظاهرين سلميين قلبا وقالبا.

 

2. النظام في العراق نظام فاسد حتى النخاع وليس كما تكتبون انه نظام ديمقراطي ،وكما تعلم يتبوأ فيه المراكز حرامية ولصوص وجهلة همهم النهب  وابتزاز الناس، والحكومة الفاسدة الناهبة التي تترك البلد دون خدمات او عمل او بناء او لقمة عيش لثلث سكانه وتنهب المليارات ، لهي لدى الناس لا فرق سواء كان النظام ديمقراطيا ام ديكتاتوريا  ،  وربما دكتاتورية بناء هي  خير من ديمقراطية تهديم ، او كما افتى أحد مراجع الشيعة المعروفين "حاكم كافر عادل خير من حاكم مسلم ظالم" . انه التجويع وأهانة الكرامة التي  يعيشها ويراها  اي انسان يوميا في كل ركن وكل زاوية اينما يعيش ويسكن في العراق ، بينما يرتع اللصوص وسارقي مال الدولة بقصور بالملايين.

 

3. تحليلكم يركز على العامل الدولي وانه تحرك ضد ايران والواقع ان "الناس زهكت وطلعت للشارع" لا أمريكا ولا السعودية ولا البعثيين حركهم . ان هذا الأتهام هو بمثابة اهانة للمتظاهرين،  ولكني شخصيا أعذركم   لبعدكم وعدم زيارتكم للعراق كي تروا لأي حال وصل الوضع هنا من الأستهتار بمقدرات معيشة وكرامة الناس  ولأي درجة وصل سرطان الفساد والفقر والعطالة واليأس، ولو عايشته  لأيقنت ان خروج الناس لايحتاج لبعثي او مخابرات امريكية تعمل ضد ايران.

وعموما وعادة تتهم السلطات الأنتفاضات الشعبية بان من يحركها ايدي واصابع خارجية، كما اتهم صدام انتفاضة اذار بانهم عملاء  امريكا، واليوم يتهمهم خامنئي بذلك ايضا .  و اعتقد انه حتى لايليق  التشبث بهذه المقولة ، فهي وصفة جاهزة،   ومثلها  ان البعثيين هم من يحرك الشارع من "جوه العباءة" ويفرح به البعثيون لأنه يكسبهم ما لايملكونه وكأنهم فعلا قادرين على تحريك الملايين التي خرجت.  وكوني اقضي كل عام قرابة 6 اشهر في العراق منذ ان تقاعدت عن التدريس قبل سنوات ، وكوني داخل في معمعة الوضع بكل تفاصيلها اؤكد  ان البعثيين اليوم هم من يقف على راس الفساد  السلطوي وهم اول من يرفض الرجوع الى نظام البعث لأنهم اصبحوا مليونيرية بعد ان كانوا اعضاء من الدرجة الثانية و الثالثة والرابعة في حزب البعث . واعطي مثالا حتى عن حزب الدعوة " حزب الشهداء" ، فها هو اهم مركزلهم في بغداد هو في منطقة الكريعات التي اسكن فيها،  ومسؤول الدعوة فيها  هو  جواد الباجات،   الذي كان عام 1963 مسؤول الحرس القومي فيها(هاجم بيتنا وقتذااك)  وعندما اجادل الدعاة بذلك يدعون انه ترك البعث في التسعينات ولما تقصيت وجدته تركه فقط عام 2002 وهرب لأيران . وهكذا ترى البعثية  قد غزوا الصدرية والحكيم والفضيلة ،فهم افنديتهم وكشختهم، عدا القوى السنية التي يمثلون عمادها ، وعليه فخروج المتظاهرين للقضاء على الفساد الحكومي هو في واقع الحال للقضاء على البعثيين  وزعمائهم الجدد من العمائم الأقطاعية السياسية، وكلاهما فهم ذلك وبدأوا بقسوة القتل والفتك بالمتظاهرين بالجملة باستخدام  الضباط المرتشين الذين اصبحوا ايضا مليونيرية ومعهم  العصابات الشيعية المسلحة مثل خراسان وعصائب الحق وغيرها  وقفت مع الضباط البعثيين  وساهمت بالخطف والقنص. ولفهم الوضع جيدا على ارض الواقع فالفاسدين  البعثيين الذين  يخدمون أقطاعيات الفساد    هم كتلة واحدة اليوم، ولاداعي للأستغراب  فالبعثيون معروفون بانتهازيتهم ويتطوعون لخدمة من يدفع لهم كما نعلم ونعرف.

الخلاصة ان الأنتفاضة هي ثورة شعبية حقيقية لكنس الأحزاب والكتل الفاسدة ، وهي التي ستدفع لتشكيل عراق جديد ، والمسالة  في غاية الصعوبة: الأنتصار على اتحاد الأقطاعيات الشيعية والكردية والسنية مع أدوات الفساد البعثي ،فهم جبهة واحدة اليوم ومسيطرة على كل مقاليد الدولة ،  ولكن التصميم "الخارق للتصور"  والتضحيات الجسام  لألاف الشباب ومن خلفهم جميع النقابات المهنية (اقرا رجاء بيانهم)  وملايين الناس والمرجعية الدينية والأحزاب الوطنية والمثقفين هم الكتلة المقابلة هو  الذي سيدحرهذه الكتل الفاسدة، وما علينا كمثقفين وباضعف الأيمان الا انصافهم وليس اتهامهم ،وقراءة ما يقومون به بصورة موضوعية واقعية "كصراع اجتماعي" بعيداً عن نظرية المؤامرات أو تصورات بأن  النظام ديمقراطي، فالواقع انه نظام  ديمقراطي  اقطاعي فاسد يدار باذرع فساد بعثية ، رغم انهم يظهرون بعمائم شيعة او سنة او كردا .

 

مع فائق الحترام ،

 

د. لبيب سلطان