اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

حول وفاة المرحوم المدعي العام لجمهورية العراق// د. لبيب سلطان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. لبيب سلطان

 

حول وفاة  المرحوم المدعي العام لجمهورية العراق

د. لبيب سلطان

 

للديمقراطيات في كل العالم اسنان تعض، وهي تعض بقسوة ، وخاصة مايمس المال العام او تعريض حياة المواطنين للخطر او المس بحرياتهم الدستورية . وللديمقراطيات في كل العالم  فكّان من الأسنان:

الفك الأول: هو المدعي العام للجمهورية  وجهازه الضخم المتمكن الذي يستطيع الوصول والتحقيق مع أعلى مراكز السلطة وألأحالة للقضاء بأسم الشعب بما فيهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء واي موظف عند وقوع تجاوز على المال العام  من سوء الأستخدام وعلى درء اي تجاوز  يقع على المصالح العامة  ويلاحق اي تعد يقع على حياة الناس وعلى  الحريات العامة والخاصة  وخصوصا تلك التي تمس الحقوق والحريات التي ينص عليها الدستور ويتم أختراقها من اجهزة الدولة، فالمدعي العام هو العين الساهرة على الصالح العام ويرصد الخروقات الدستورية للحريات وسرقات المال العام ويباشر فورا بالتحقيق وجمع الأدلة على تهمة سواء تقدم بها مواطن او جهاز أو منظمة، أو رصدها جهازه الرقابي من خبر في الأعلام أو حتى من تصريح لمواطن او مسؤول ليبدا التحقيق ونشر ما توصل اليه للمجتمع ووسائل الأعلام، فأسنان المدعي العام هي أداة سريعة ومباشرة للديمقراطية في الدفاع عن نفسها وعن الشعب الذي تحكمه ، وهو في الواقع يمثل صوت الشعب واداته  في حفظ مصالحه.

الفك الثاني : هو البرلمان وسلطته الرقابية  على السلطة التنفيذية ، والبرلمان فك بطيئ العض حيث لا يمتلك اجهزة تحقيق مباشر في الخروقات في ممارسة المسؤوليات أو في التعدي على المال العام وعليه فهو  غالبا ما يستعين بجهاز المدعي العام للقيام بالتحقيق وجمع الأدلة ثم ياتي دوره في أقالة أي مسؤول  في الدولة ثبت تورطه ، بينما يقوم المدعي العام بتقديمه للقضاء مع الأدلة التي جمعها لينال المتعدي على المصالح والحريات العامة والمال العام عقابه.

 

ألجهازان يتكاملان في الوظائف ، ولكن للمدعي العام عادة صلاحيات أوسع واسرع مفعولا ، فهو غالبا مايكون المبادر في فتح التحقيق حتى من خبر يرد في الأعلام ، أو حتى من مشاهدة من شاهد ليبادر بالتحقيق ، أو حتى من اجهزته مباشرة ، فمثلا أذا اشتكى احدهم على حفرة في طريق عام للسيارات قد تشكل خطرا عاما قام بمقاضاة الجهة الحكومية المسؤولة عن صيانة هذا الطريق ، وأختصارا للأمر يمكن القول ان اي دولة لايقوم فيها المدعي العام بممارسة كامل صلاحياته للدفاع عن الحق العام تصبح "ولاية ماإلها والي" ، وهذا هو حال العراق اليوم بلاشك.

 

 

والواقع ان المدعي العام في العراق  ليس ميتا ولم يتوفاه الله سبحانه وتعالى ونتمنى له طول الأجل ، فهو حي يرزق، ولكن لا احد سمع به يوما  ولا أحد يستطيع التكهن هل هو فعلا متواجد في وظيفته  أو محنط  مثل الفراعنة "جسم بلا وظيفة" أو مهمش بدون صلاحيات أو جهاز أو أسنان تعض ، والأخيرة تبدو انه واقع الحال مع المدعي العام ، وجهازه.  ولا سر في ذلك ، فها هو بلده قد نهب وميزانيته قد سرقت وتبذرت ، وها هم قرابة 600 شاب متظاهر قد قتلوا عمدا في ساحات التظاهر وهم يمارسون حقهم الدستوري، وقرابة 5000 الاف مصاب اصابة دائمة ،  ومئات من حالات الخطف والأغتيال وقعت منذ بدء أنتفاضة تشرين الأول الباسلة ، ولم نسمع ان المدعي العام ، الذي يمثل الحق العام ومصالح الشعب ، قد تحرك أو قام بما يدل على انه حي يرزق ويمارس وظيفته.

 

أن واحدة من ابرز المطالب التي على ثوار تشرين الأصرار عليها هو تفعيل جهاز المدعي العام ودوره واقرار صلاحياته دستوريا "وليس بقانون كما هو الحال الأن" ، فالقانون يجب ان يقام على ثوابت دستورية ولايترك لبرلمان مثل البرلمان الحالي الذي يمثل كتلا تعمل وفق مصالحها للتستر غلى الفساد وتعمل على قاعدة "تشيلني واشيلك" للسكوت على الفاسدين وتهميش دور القضاء والمدعي العام فيه خصوصا ، فهذه الكتل ورؤسائها ومافياتها لا تريد ولا تسمح بدور للقضاء او تفعيل صلاحيات ودور المدعي العام ليكون هو الرقيب المباشر عليها  ، أو أعلى منها شأنا ، او له صلاحيات للوصول الى اعلى المراتب والمراكز في الدولة ، فهم يعرفون ان المدعي العام يمكنه التحقيق  مع رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء والوزراء والمحافظين والسفراء  ورفع اي تجاوز على المال العام أوتبذيره  استغلال المنصب للمصالح الشخصية الى البرلمان والى القضاء ، فها هو المدعي العام قد اقال برلسكوني في ايطاليا عام 2016 واقال رئيسة وزراء كوريا الجنوبية عام 2017 واليوم يحقق بما يسمى دولة اسرائيل  مع نتنياهو اتهاما له بالفساد لتقبل هدية شخصية ،  ومثله تتم محاسبة ترامب بعد تحقيق للمدعي العام – وفي العراق نهبت الأمة والحاج المدعي العام لم يرف له جفن ولا كأن للعراق مدعي عام.

 

يجب تعديل الدستور  العراقي الحالي واضافة ثوابت لصلاحيات المدعي العام وجهازه.

نظمت المواد الدستورية الخاصة بالقضاء في الباب الثالث في المواد 87 -101المنصوصة بثلاثة فروع : الأول: يخص مجلس القضاء الأعلى والثاني: يخص المحكمة الأتحادية والثالث: أحكام عامة، وجاء الدستور خاليا من تعريف جهاز المدعي العام وصلاحياته وهو نقص واضح في الدستور ليكون المرجع الأساس في تغيير القانون الحالي للمدعي العام والذي اثبت عدم جدواه بحماية المصالح العامة للشعب ، وعليه لا بد من اضافة فرع جديد «الفرع الرابع»  حول جهاز المدعي العام الأتحادي الذي يجب ان يعينه رئيس الجمهورية المنتخب مع رؤساء  دوائره في الأقاليم والمحافظات وينال ثقة البرلمان ويتمتع جهازه بالوظائف والصلاحيات التالية:

تجب أضافة فرع رابع : جهاز المدعي العام ينص على:

يسهر جهاز الأدعاء العام على حماية المال العام والممتلكات العامة وحماية الحريات العامة المنصوص عليها في الدستور وحماية المجتمع من اي ضرر أو اذى متعمد او غير متعمد  يحصل من ممارسات مؤسسات الدولة  او مسؤوليها او  المؤسسات الخاصة أو الأفراد وتنظم وظائفه وصلاحياته بقانون بالثوابت التالية:

أولا: للمدعي العام وجهازه الحق للوصول الى كافة المعلومات والبيانات المالية والأرصدة في المصارف والحسابات الجارية والختامية لكافة المسؤولين في مؤسسات الدولة بما فيها التنفيذية والتشريعية والقضائية وعلى كل المستويات وعلى كامل التراب الوطني.

 

ثانيا: للمدعي العام وجهازه المبادرة ببدء التحقيق وجمع المعلومات في كل القضايا التي تتعلق بحماية المال العام أو الممتلكات العامة او خرق مواد الدستور الخاصة بحقوق المواطنين او مايعرض المجتمع ومصالحه للضرر أو الأذى سواء قبل وقوعه لغرض درءه، أو بعد وقوع الضرر على المصالح العامة والمال العام سواء تم التبليغ عنه من جهة مشتكية أم بمبادرة من جهازه بناء على معطيات اولية قام برصدها جهازه الخاص، أو اجهزة الدولة الأخرى، ويقوم بالتحقيق وبجمع الأدلة ليقيم في حال توفرها  دعوة لدى المحاكم المختصة باسم الشعب لغرض الصالح العام، وتسحب يد اي موظف في الدولة عند بدء التحقيق بقضيته لحين بت القضاء فيها.

 

ثالثا: ترتبط الهيئة المستقلة للنزاهة  وديوان المراقبة المالية بدائرة المدعي العام ويكون له ممثلين  وظيفيين في كافة الهيئات والأجهزة التي تدافع عن الصالح العام بما فيها دائرة المخابرات والأمن الوطني وغيرها التي يجب ان تتعاون معه بما فيها تجهيزه بالمعطيات التي يطلبها جهازه.

 

رابعا: يقوم المدعي العام بتعيين مفتشين عموميين  مرتبطين به مباشرة في كافة مؤسسات الدولة وعلى كامل التراب الوطني ولهم صلاحية تلقي الشكاوى والتحقيق بها والوصول للمعلومات  لكشف الخروقات القانونية اوالمالية اوالدستورية  في الوزارات والمحافظات وفي كافة مؤسسات وأجهزة الدولة التي يجب تلتزم بتجهيزهم بكافة البيانات والمعلومات لأنجاز أعمالهم.

 

د. لبيب سلطان

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.