اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

لا عزاء لأغبياء الامة ولا لحمقاها// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب 

لا عزاء لأغبياء الامة ولا لحمقاها

          يا امة تضحك من جهلها كل الامم

د. سمير محمد ايوب

الاردن

 

عند التعرض لمسألة التغيير داخل أي مَوطِنٍ، كائنا ما كانت طبيعة البلد أو طبيعة التغيير، لا بد لتقليل الأخطاء المحتملة، من الإستدلال بكثافة المعلومات الصحيحة ، لا بوسوسات الشياطين وظنون الأبالسة.

 

فإن كانت ألمخرجات ألمرجوة من ألتغيير، تلتقي مع ألإمكانيات المتاحة في مساحة كبيرة، يكون الشروع صائبا أو في إتجاه الصواب. شرط عدم ألتمترس، وراء ألمسبقات من أفكار ألكيد وألحقد والإنتقام، ألتي يختزنها أللاوعي الساذج، وهي تجتاحُ سلوك الذات ألمُتمنية أو الساعيةِ إلى التغيير.

 

سأضرب مثلا بما حدث في سوريا. بادئا بحدوته تشي مفاصلها بِجُلّ ما حَدَث. يقال أن قطريا وسعوديا ومعارضا سوريا، قد إتفقوا على تدمير سورية الوطن، وسرقتها كدولة. وفي غفلة من أمة العرب، كسروا أقفال الأمن الوطني والقومي لسوريا الدولة. إجتاحوا الوطن، وعاثوا فيه فسادا وإفسادا، بالتدمير والتقتيل الممنهج.

 

بالصبر الجميل الشجاع والمقاوم، إسترد جل الشعب السوري، الكثير من عافيته وأمله، ومع فرض الجيش العربي السوري ومنظومات حلفاءه، لسيادته على معظم الوطن السوري، لم يجد بين يديه، إلا فلولَ معارضةٍ محلية تقيم مع الدمار. هرب شيطانها الأكبر السعودي، وهرب ابليسها القطري، ومن تبعهم من قطاريز الشراكة والرعاية الصامتة. وعندما سُئل الإرهابي المحلي، عما فعل ويفعل بين الركام، قال:

 

كنا ثلاثة، عملنا سوية على تدمير مخطط لسورية. دمرنا الوطن وسرقناه. وزرعنا الوجع عميقا في ثنايا الدولة. وتقاسمنا الغنائم. أخذ الشيطان السعودي الأمن. والإبليس القطري أخذ الأمان، وأنا طِلِعْلي ألدمار.

 

أقول للمتحذلقين العدميين من مدرسة الكيفما كان: نعم ، كانت وما تزال، حاجة السوريين للتغيير صادقة النوايا، سِلْمِية الأدوات، نبيلة المرجعيات. لكن المسألة الجوهرية هنا ودائما، ليست الحاجة فقط. بل دور المعرفة والعقل والإستدلال فيها. فهو ألذي يحدد المواقيت والأدوات والحلفاء والأعداء. المسالة الجوهرية ليست في الرغبة الذاتية في التغيير، بل في جزئيات ما نود تغييره، وكيف ومتى وبِمَن ومع مَنْ ولِمَن. عبر سنوات عجاف طِوال، أُثْقِلَتْ سورية بمعارضاتٍ، من كل حدب وصوب، ومن كل لون وجنس، هَذَى جُلُّها وهَلْوَس، بركامٍ لَمْ يومئ، إلا إلى عبثِ أوهامٍ سقيمةٍ وأحقاد مذهبية واثنية دفينة. ناهيكم عن جشع لصوص المصالح العابرة والدائمة.  

 

لأفهم ما حدث، قرأت منذ زمن طويل، ألكثير في موروث التغيير وسِيَرِه. وتفحصت ألكثير مما قيل، عن أسباب إنتكاساته وخساراته، وما كَتَبَ عنه أئمته ووعاظه. وتابعت تخريفات وفتاوى الفضائيات، وهلوسات وهرطقات أصنامها، من ملتحين وحليقي شوارب. فوجدت أكثر من حقيقةٍ مُرَّةٍ، يتملص منها كهنة التغيير، وخاصة السفهاء منهم. لعل أبرزها، هو الغباء السياسي الفطري أو بالعمالة مُكْتَسب، في فهم معادلات الإختصام داخل الأوطان، والمكابشة، والإرتطام أو الصراع.

 

فإن كُنتَ لا تعرف قدرات خصمك، وظروفه التاريخية، وإمتداد تحالفاته، ونازلته وجوديا بالسلاح، إعتمادا على رأيٍ عامٍّ هُلامي، يَحشدُ بالظنِّ ومالِ السُّحت، الهتافات الرغائبية الشتامة، وإن كانت محلية أو إقليمية أو دولية، فأنت بالضرورة وبالتأكيد ، أدنى كثيرا من ألغباء.

 

ليس من العيب ولا من ألعجب، أن يختلف الناس، وأن يختصموا. ليس من العيب أو من الممنوع ، أن تكون مُعارضا أو ساعيا للتغيير. ولكن ما ليس من حقك، أو من ألمسموح لك به، هو أن تفرض أجندة مرجعياتك أو حتى تخريفاتك، وكأن الأوطان أسواقَ عُكاظٍ مُعاصرة ، للكذب والتجديف والتخريف.

 

من يريد الإستقامة على نهج التغيير ومعارجه، وإحكام السيطرة على نواصيه، لا يتطاول على علوم الصراع، ومهارات إدارته. بأدوات العلم فقط، يُستشرَفُ ألواقع وإمتداداته وتجلياته. ومن ثم توظيف برامج قطعية الوضوح، دونما عبث أو خلل أو تشتيت أو غموض ، ناتج عن مغامرات نَوَّاسةٍ مُضطربِة.

 

بالقطع، كل الإستحماراتِ المُعاصرة، لن توصل أحدا، إلاَّ إلى الندبِ واللَّطم. وساعتها لا يصح فيهم إلا قول مُصيِّفَةِ غورِ الأردن: لا صِيف صيَّفَتْ، ولا شَرَفها بقي لها.

 

دائما ، لا عزاء للأغبياء ولا للحمقى .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.