مقالات وآراء

أحلام فيروس كورونا// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد عارف

 

عرض صفحة الكاتب 

أحلام فيروس كورونا

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

October 16.2020

 

«دعنا على الأقل نحلم بالحقيقة!»، عبارة كتبها بخط يده عالم وطبيب النفس العربي «علي كمال» على الصفحة الأولى الداخلية من نسخة كتابه «باب الأحلام» التي أهداها لي. وفي عصر كورونا يحلم بالحقيقة على الأقل كبار علماء النفس الغربيين. وفي تقرير مسهِب عنوانه «بماذا نحلم عندما نحلم بفيروس كورونا» عرضت «نيويورك تايمز» آراء مختلفة، وأحياناً متعارضة للمختصين في علم النفس، بينهم «ديردرباريت» أستاذة علم النفس في «جامعة هارفرد»، ومؤلفة كتاب «أحلام الوباء» الذي تذكر فيه أن آلاف الناس الذين استقصتهم تغيّر محتوى أحلامهم، ما بين بداية الوباء والشهور اللاحقة، وهذا في رأيها مؤشر على أكثر ما يقلق الناس خلال مراحل مختلفة من هذا العام. وتؤكد الاكتشافات الاعتقاد السائد بأن قلق اليقظة يلعب دوراً أساسياً في أحلام الناس. وعرضت «مجلة الحلم»، التي ترأس تحريرها «ديردرباريت»، أربعة تقارير عن أدمغة الناس النائمين، وكيف واجهت مخاطر وباء «كوفيد-19». وذكرت إحدى الدراسات أن الأحلام تحاكي المخاطر المقبلة. ويعتقد علماء الدماغ أن فترة النوم، التي تحدث فيها الأحلام تدعم التفكير المبدع والتعلم والصحة العاطفية. وتختلف أحلام النساء عن أحلام الرجال، الذين يرون المخاطر الجسدية للأحلام على حياتهم، فيما أحلام النساء المعتادات على رعاية الآخرين حزينة وغاضبة. ويعتقد بعض العلماء بأن الأحلام تقوم بوظيفة العلاج النفسي، ويعتقد آخرون أنها ليست سوى هذر الكلام.

 

وتختلف ردود أفعال الناس إزاء وباء كورونا، حيث يعاني بعضهم من الأرق، فيما يغط آخرون في نوم أعمق وأطول ممّا اعتادوا. وبعض الناس متفائلون حتى في أحلامهم عن الوباء، حيث يرون في الحلم اكتشاف اللقاح المضاد للوباء!

«كيف يؤثر فيروس كورونا على أحلامكم وما يمكنكم عمله حول ذلك»، عنوان بحث المجلة العلمية «نيوساينتست»، وفيه تقول: «إذا كنت تشعر بأنك تحلم أكثر بكثير من السابق، فالمسؤول عن ذلك أزمة فيروس كورونا، وفرض الحجر ومنع التجول. والتغير في أنماط النوم يعني أن الكثيرين يحلمون أكثر ويتذكرون أحلامهم أكثر، والمخاطر الماثلة للفيروس أثّرت على طبيعة الأحلام نفسها». وكشف استقصاء كلية «كينغز كوليج في لندن» أن 62 في المائة من الناس ينامون أكثر من السابق، بسبب الحجر الذي يطيل بقاءهم في المنازل، والوقت الذي كان يستغرقه ذهابهم لأعمالهم والعودة منها يقضونه الآن في النوم أكثر، وهذا يعني أنهم يتَذّكرون الأحلام أكثر. وعندما يطول نومك تحصل «الحركة السريعة للعيون»، وهي فترة النوم التي تحصل فيها الأحلام. وعدم الاستيقاظ على صوت المنبه، بل الاستيقاظ الطبيعي، يطيل الأحلام أكثر. والقلق يمكن أن يجعلك تستيقظ أكثر، وتتذكر الحلم أكثر. وتؤكد أحدث الأبحاث أن وظيفة الأحلام معالجة عواطفنا وذكرياتنا، وأنها تعمل كعلاج نفسي خلال الليل.

 

و«أفاد العلم بصورة قاطعة بأن كل إنسان يحلم في نومه كل ليلة وطوال حياته، وخلال فترات معينة ورتيبة التكرار، ولمدة تقارب رُبع ساعات نومه، كل ليلة، وبهذا، فالواحد منا يقضي عُشر زمن حياته يحلم، أو ما يقارب سبع سنوات من الحلم لمن يصل السبعين». ذكر ذلك علي كمال في كتابه «باب الأحلام»، وفيه أضاف «أنماطاً أخرى من الأحلام، كأحلام اليقظة، وأحلام النعاس، وأحلام الغفوة، وغيرها من الأحلام المشابهة لأحلام النوم». والكتاب أول مجلد من «سلسلة أبواب العقل الموصدة»، التي تشكل موسوعة فريدة طبية وعلمية وفكرية، مصادرها عربية وعالمية، بينها مجلد «فصام العقل أو الشيزوفرينيا»، وفيه يقول: «الإنسان المعاصر يعيش فترة حرجة من حياته، ونفسه انقسمت من داخلها، لا يستطيع القول إنه هو، وحتى لو قال، فإنه كالذي ينظر إلى وجهه في مرآة مكسرة، لا يستطيع تبيّن هويته بوضوح»».

 

*مستشار في العلوم والتكنولوجيا