اَلْعمَلَيَّةْ- مجموعة قِصص قَصِيرَةْ// د. محسن عبد المعطي عبد ربه
- تم إنشاءه بتاريخ الأربعاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2023 19:33
- كتب بواسطة: د. محسن عبد المعطي عبد ربه
- الزيارات: 1013
د. محسن عبد المعطي عبد ربه
اَلْعمَلَيَّةْ- مجموعة قِصص قَصِيرَةْ
أ د. محسن عبد المعطي محمد عبد ربه
شاعر وناقد وروائي مصري
{1} اَلْعِيادَةُ الرَّمَضَانِيَّةْ قِصَّةٌ قَصِيرَةْ
إِنْ أَنْسَ لَا أَنْسَ دُرُوسَ أُسْتَاذِي وَمُعَلِّمِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْكَرِيمْ.. فَهُوَ الْمُعَلِّمُ الْأَقْدَرْ وَالصَّدِيقُ الْأَوْفَى الَّذِي يَقُولُ الشَّاعِرُ فِي شَأْنِهْ:
إِنَّ صَدِيقَ الْحَقِّ مَنْ كَانَ مَعَكْ=وَمَنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَكْ
وَمَنْ إِذَا رَيْبُ الزَّمَانِ صَدَّعَكْ=شَتَّتَ فِيكَ شَمْلَهُ لِيَجْمَعَكْ
أَذْكُرُ أَنَّنِي أُصِبْتُ يَوْماً بِالتُّخْمَةْ..الَّتِي يُسَمِّيهَا أَطِبَّاءُ الْعِلَاجِ الطَّبِيعِي وَ أَطِبَّاءُ الْمَرَضِ النَّفْسِي {مَرَضُ السِّمْنَةْ} وَالَّتِي حَارَ النَّاسُ فِي شَأْنِهَا وَذَهَبُوا إِلَى الْأَطِبَّاءِ لِعِلَاجِهَا وَهَاتَفُوهُمْ بِالْجَوَّالِ عَبْرَ شَاشَاتِ التِّلْفَازْ..وَالْإِذَاعَاتِ الْعَالَمِيَّةِ وَمَوَاقِعِ الْإِنْتَرْنِتْ..يَسْتَفْتُونَهُمْ فِي شَأْنِ {مَرَضِ السِّمْنَةْ} .
وَتَدُورُ الْأَيَّامْ..وَتَمْضِي الشُّهُورْ..وَتَمُرُّ السِّنِونْ..وَمَا مِنْ شَافٍ وَمَا مِنْ مَرِيضٍ قَدْ تَمَّ بُرْؤُهْ .
ذَهَبْتُ إِلَى صَدِيقِي وَمُعَلِّمِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْكَرِيمْ..فِي عِيَادَتِهِ الرَّبَّانِيَّةْ..فَقَالَ لِي:-بِفَلْسَفَةٍ عَمِيقَةْ-"اِسْمَعْ جَيِّداً وَأَصْغِ إِلَيَّ يَا وَلَدِي-بِأُذُنَيْكَ الْمُرْهَفَتَيْنْ..وَعَيْنَيْكَ الْمُتَيَقِّظَتَيْنْ..وَقَلْبِكَ الْبَصِيرْ -
"كُلُّ الْأَصْدِقَاءِ لَا يُحِبُّونَ مِنْ أَصْدِقَائِهِمْ أَنْ يَسْتَغِلُّوهُمْ..وَأَنَا أَقُولُهَا لَكَ وَبِصَرَاحَةْ..اِسْتَغِلَّنِي يَا أَعَزَّ أَصْحَابِي وَسَأَكُونُ الْأَسْعَدَ بِهَذَا الِاسْتِغْلَالْ" .
قُلْتُ:"وَكَيْفَ أَسْتَغِلُّكَ يَا صَدِيقِي وَأَنْتَ لَا تَأْتِي إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعَامْ؟!!!"
ضَحِكَ شَهْرُ رَمَضَانَ الْكَرِيمُ وَقَالْ:
"عَلَيْكَ أَنْ تَنْتَهِزَ فُرْصَةَ قُدُومِي وَتَحْذَرَ فَوْتَ هَذِهِ الْفُرْصَةْ .
كُلْ يَا بُنَيَّ وَاشْرَبْ وَلَا تُسْرِفْ يَتَحَقَّقْ لَكَ التَّوَازُنُ النَّفْسِيُّ وَالْجِسْمِيْ .
فِي هَذَا الْوَقْتْ..سَتَهْرَبُ السِّمْنَةُ مِنْ جِسْمِكْ ..وَلَا تُصَاحِبُكَ أَبَدا"ً .
قُلْتُ:-بِأَدَبٍ وَاحْتِرَامْ-"زِدْنِي مِنْ عِلْمِكَ أَيُّهَا الشَّهْرُ الْأَكْرَمْ .
قَالْ:" يَا بُنَيْ..كُنْ نَشِيطاً دَائِماً فِي طَاعَةِ اللَّهْ..مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةْ{ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82(}سُورَةُ الْإِسْرَاءْ
وَ كُنْ نَشِيطاً فِي مَشَاوِيرَ تَقْضِيهَا فِي طَاعَةِ اللَّهْ..مِنْ أَجْلِ إِطْعَامِ الْمَحْرُومِينْ..وَمُسَاعَدَةِ الْأَرَامِلْ وَالْعَطْفِ عَلَى الْأَيْتَامْ..وَكَثْرَةِ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةْ .
وَاللَّهِ يَا وَلَدِي..لَنْ تَمَسَّكَ الْأَمْرَاضُ طُولَ حَيَاتِكْ ..لَا السِّمْنَةُ وَلَا غَيْرُهَا..وَبِفَضْلِ الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ سَتَتَحَقَّقُ لَكَ الْمَنَاعَةُ الْجِسْمِيَّةُ وَالنَّفْسِيَّةْ
{2} اَلْعمَلَيَّةْ قِصَّةٌ قَصِيرَةْ
إِنْ أَنْسَ لَا أَنْسَ ارْتِسَامَ الْحُزْنِ عَلَى وَجْهِهْ.. وَهُوَ يَجْلِسُ وَحِيداً فِي صَحْنِ الْمَسْجِدْ.. مُسْتَنِداً عَلَى أَحَدِ أَعْمِدَتِهْ.. يَدْعُو اللَّهَ فِي تَوَسُّلْ.. "اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنْ.. وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلْ.. وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلْ.. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرَ الرِّجَالْ .. اَللَّهُمَّ اجْعَلْنِي خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونْ.. وَلَا تَأْخُذْنِي بِمَا يَقُولُونْ .. اَللَّهُمَّ وَإِنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُنَا فَحِلْمُكَ أَعْظَمْ.. وَإِنْ قَلَّتْ حَسَنَاتُنَا فَرَحْمَتُكَ أَوْسَعْ.. اَللَّهُمَّ أَعْطَيْتَنَا الْإِسْلَامَ مِنْ غَيْرِ أَنْ نَسْأَلَكْ ..فَلَا تَحْرِمْنَا الْجَنَّةَ وَنَحْنُ نَسْأَلُكْ ..يَا رَبَّ الْعَالَمِينْ .. اَللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلَنَا كُلَّهُ خَالِصاً لِوَجْهِكَ الْكَرِيمْ.. اَللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنَا مِمَّنْ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعَا".
اِتَّجَهْنَا إِلَيْهِ سَائِلِينْ: مَا لَكَ يَا عَمُّ طَهَ؟!!!
مَاذَا حَدَثْ؟!!!!!
هَلِ انْقَلَبَتْ الدُّنْيَا رَأْساً عَلَى عَقِبْ؟!!!!!!!!
أَمْ قَامَتِ الْقِيَامَةْ؟!!!!!!!!!!!!!!!!
أَمْ مَاذَا؟!!!!!!!!!!
حَدِّثْنَا فَنَحْنُ أَحْبَابُكَ وَََََإِنْ لَمْ تُفَضْفِضْ إِلَيْنَا فَلِمَنْ تُفَضْفِضْ؟!!!!!
اِغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا عَمِّ طَهَ بِالدُّمُوعْ.. وَقَالْ: لَقَدْ كَانَتْ زَوْجَتِي مُحْتَاجَةً إِلَى مَبْلَغٍ كَبِيرٍ مِنَ الْمَالِ لِإِجْرَاءِ عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةْ .
اِتَّصَلْتُ بِابْنِي فِي فَرَنْسَا فَأَرْسَلَ لِيَ الْمَبْلَغْ .
ذَهَبْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ لِصَرْفِ الْمَبْلَغِ مِنَ الْبَنْكْ .
صَرَفْتُهُ بِالْفِعْلْ .
وَزِيَادَةً فِي الِاحْتِيَاطْ ..وَضَعْتُ الْمَبْلَغَ فِي بَعْضِ أَوْرَاقِ الصُّحُفِ الْقَدِيمَةْ .
وَمَشَيْتُ فِي شَارِعِ الْبَحْرْ .
اسْتَوْقَفَتْنِي عَرَبَةً ظَنَنْتُ أَنَّهَا لِلشُّرْطَةْ .
نَزَلَ مِنْهَا بَعْضُ الْأَفْرَادِ وَنَادَوْنِي .
أَقْدِمْ أَيُّهَا الرَّجُلْ.. الضَّابِطُ يُرِيدُكْ .
اِرْكَبْ .
رَكِبْتُ الْعَرَبَةْ.. فَسَأَلُونِي .
أَخْرِجْ مَا مَعَكْ .
أَخْرَجْتُ مَا مَعِي مِنَ النُّقُودِ وَقَدَّمْتُهُ لَهُمْ .
قَالُوا: مَا هَذَا الَّذِي فِي يَدِكْ ؟!!!!
قُلْتْ: مَبْلَغٌ مِنَ الْمَالِ لِإِجْرَاءِ عَمَلِيَّةٍ لِزَوْجَتِي .
قَالُوا:" أَلَا تَخْشَى أَنْ يَسْطُوَ عَلَيْكَ اللُّصُوصْ ؟!!!!
أَيُّهَا الْجُنْدِي: خُذْ مِنْهُ الْمَبْلَغْ وَضَعْهُ لَهُ فِي مَحْفَظَةْ.. وَأَحْكِمْ غَلْقَهَا .
وَأَنْتَ أَيُّهَا الرَّجُلُ الطَّيِّبْ: خُذِ الْمَحْفَظَةَ وَلَا تَفْتَحْهَا إِلَّا فِي الْبَيْتْ "
اِنْطَلَقُوا بِالْعَرَبَةْ .
وَذَهَبْتُ لِأَشْرَبَ كُوباً مِنَ الْعَصِيرْ .
فَتَحْتُ الْمَحْفَظَةْ .
وَاكْتَشَفْتُ أَنَّنِي قَدْ نُصِبَ عَلَيْ .
عَلَى الْعُمُومْ .
قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءِ فَعَلْ .
اَللَّهُمَّ أَجِرْنَا فِي مُصِيبَتِنَا وَأَبْدِلْنَا مِنْهَا خَيْرَا .
{3} اَلْعَرُوسُ الْخَضْرَاءْ قِصَّةٌ قَصِيرةْ
جَلَسَتْ (هَنَاءُ) فِي صَفَاءٍ, وَقَالَتْ لِعَمِّهَا (فَادِي):اِحْكِي لِي يَا عَمِّي عَنْ (أُوغَنْدَا), رَدَّ الْعَمُّ(فَادِي) وَهُو يَتَأَوَّهُ: آهٍ يَا (هَنَاءُ), تَقْصِدينَ اَلْعَرُوسُ الْخَضْرَاءُ؟! قَالَتْ (هَنَاءُ): مَاذَا تَقْصِدُ يَا عَمِّي بِاَلْعَرُوسُ الْخَضْرَاءُ؟! ,أَقْصِدُ (أُوغَنْدَا) طَبْعاً يَا ابْنَتِي ,أَجْمَلَ بِلاَدِ الدُّنْيَا ,وَلَهَا قِصَّةٌ مِنْ أَجْمَلِ الْقَصَصِ فِي حَيَاتِي ,فَعِنْدَمَا انْطَلَقَتِ بِيَ الطَّائِرَةُ مِنْ مِصْرَ مُبَاشَرَةً إِلَى (أُوغَنْدَا) ,وَأَوْشَكَتِ الطَّائِرَةُ عَلَى الْهُبُوطِ فِي مَطَارِ (عَنْتِيبِي) ,نَظَرْتُ مِنْ شُبَّاكِ
الطَّائِرَةُ فَإِذَا مَنْظَرٌ جَمِيلٌ ,أَرْضٌ خَضْرَاءُ ,كَأَنَّكِ تَرَينَ جَنَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ , قَالَتْ (هَنَاءُ)- فِي لَهْفَةٍ وَتَشَوُّقٍ -: زِدْنِي يَا عَمِّي ," (هَنَاءُ) يَا ابْنَتِي لَقَدْ حَدَّثَنِي كَثِيرٌ مِنَ الْمَبْعُوثِينَ الَّذِينَ عَاشُوا فِي دُوَلٍ كَثِيرَةٍ وَمِنْهَا الصُّومَالُ وَأَلْمَانْيَا وَالْوِلاَيَاتُ الْمُتَّحِدَةُ الْأَمْرِيكِيَّةُ , وَأُوزْبَاكِسْتَانُ وَأَخِيراً (أُوغَنْدَا) ,أَنَّ (أُوغَنْدَا) أَجْمَلُ هَذِهِ الْبِلاَدِ جَمِيعِهَا , وَسَأَلْتُهُمْ :أَلَيْسَتْ جَنُوبُ أَفْرِيقْيَا- كَمَا حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنِ ابْتُعِثُوا إِلَيْهَا – كَقِطْعَةٍ مِنْ فَرَنْسَا فِي الْمَدَنِيَّةِ وَالتَّحَضُّرِ ؟! قَالُوا: نَعَمْ , وَلَكِنَّ (أُوغَنْدَا) تَتَمَيَّزُ بِأَرْضِهَا الْخَضْرَاءِ وَطَقْسِهَا الْجَمِيلِ طُولَ الْعَامِ ,وَمِنْ هُنَا فَأَنَا أُكِنُّ لَهَا كُلَّ الْحُبِّ وَأَغْلَى الذِّكْرَيَاتٍِ ,وَسَأُتْحِفُكِ يَا (هَنَاءُ) كُلَّ لَيْلَةٍ بِقِصَّةٍ مِنْ قَصَصِ (أُوغَنْدَا) اَلْعَرُوسُ الْخَضْرَاءُ, قَالَتْ (هَنَاءُ): فِي انْتِظَارِ قَصَصِكَ الْجَمِيلَةِ يَا عَمِّي ,وَرَاحَتْ(هَنَاءُ) فِي نَوْمٍ عَمِيقٍ وَالْعَمُّ(فَادِي) مَا زَالَ يَحْلُمُ بِاَلْعَرُوسِ الْخَضْرَاءِ.
{4} اَلذِّئْبْ قِصَّةٌ قَصِيرةْ
ذَاتَ يَوْمٍ اسْتَيْقَظَتْ هِنْدُ مِنْ نَوْمِهَا مَفْزُوعَةً وَهِيَ تَصْرُخُ وَ تَبْكِي بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ وَتَصِيحُ" لَا لَا لَا تَأْكُلْنِي" هَرْوَلَتِ الْأُمُّ إِلَى حُجْرَةِ هِنْدَ وَقَالَتْ: "مَالَكِ يَا حَبِيبَتِي" أَخَذَتْ هِنْدُ أَنْفَاسَهَا وَقَالَتْ: "اَلذِّئْبُ يَا أُمِّي" قَالَتِ الْأُمُّ:" مَالَكِ يَا هِنْدُ وَاَلذِّئْبُ" قَالَتْ هِنْدُ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ ذِئْباً مُتَوَحِّشاً يَأْكُلُ كُلَّ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الْأَغْنَامِ وَكُنْتُ عَلَى مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ, وَلَكِنَّنِي كُنْتُ فِي حَالَةِ رُعْبٍ شَدِيدٍ مِنْهُ فَصِحْتُ: لَا تَأْكُلْنِي أَيُّهَا اَلذِّئْبُ لَا تَأْكُلْنِي أَيُّهَا اَلذِّئْبُ لَا لَا لَا تَأْكُلْنِي" قَالَتِ الْأُمُّ:"خَيْرٌ يَا بُنَيَّتِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى السَّلَامَةِ
إِنَّ هَذَا اَلذِّئْبَ يَا بُنَيَّتِي هُوَ الشَّيْطَانُ ,وَتِلْكَ الْأَغْنَامُ :اَلْفَتَيَاتُ اللَّاتِي يَتَّبِعْنَ الشَّيْطَانَ بِاقْتِرَافِ الْمَعَاصِي وَالتَّكَاسُلِ عَنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالسَّعْيِ لِلنَّجَاحِ , فَيَكُنَّ فَرِيسَةً لِلشَّيْطَانِ يَلْتَهِمُهُنَّ وَيَقْضِي عَلَيْهِنَّ فَيُصْبِحْنَ غَيْرَ صَالِحَاتٍ فِي الدُّنْيَا وَ غَيْرَ فَائِزَاتٍ فِي الْآخِرَةِ, وَبُعْدُكِ عَنْهُ يَا ابْنَتِي فَضْلٌ كَبِيرٌ مِنَ اللَّهِ فَأَنْتِ بِنْتٌ جَيِّدَةٌ تَفْعَلِينَ الْأَعْمَالَ الْجَمِيلَةَ الَّتِي يَدُلُّكِ قَلْبُكِ عَلَيْهَا وَلَكِنْ تَنْقُصُكِ أَشْيَاءٌ كَثِيرَةٌ" قَالَتْ هِنْدُ- بِلَهْفَةٍ- : وَمَا هَذِهِ الْأَشْيَاءٌ يَا أُمِّي؟!!! قَالَتِ الْأُمُّ:" تَنْقُصُكِ صِلَتُكِ بِاللَّهِ" قَالَتْ هِنْدُ:وَكَيْفَ أُوَثِّقُ صِلَتِي بِاللَّهِ يَا مَامَا؟!!! قَالَتِ الْأُمُّ:"عِنْدَمَا يُرِيدُ الْإِنْسَانُ شَيْئاً مِنْ مَسْئُولٍ كَبِيرٍ أَلَا يَسْعَى لِمُقَابَلَتِهِ؟!!!" قَالَتْ هِنْدُ: "نَعَمْ" قَالَتِ الْأُمُّ:"وَلِمَاذَا لَا تُقَابِلِينَ اللَّهَ يَا هِنْدُ وَتَطْلُبِينَ مِنْهُ مَا تُرِيدِينَ؟!!!" قَالَتْ هِنْدُ- مُتَعَجِّبَةً:"وَكَيْفَ أُقَابِلُ اللَّهَ يَا أُمِّي؟!!! قَالَتِ الْأُمُّ:"تَسْتَطِيعِينَ مُقَابَلَتَهُ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" قَالَتْ هِنْدُ:" فَهِمْتُ يَا أُمِّي, تَقْصِدِينَ: يَجِبُ أَنْ أَحْرِصَ عَلَى لِقَاءِ اللَّهِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَأَشْكُو لَهُ كُلَّ مَا يَهُمُّنِي وَأَدْعُوهُ لِيُزِيلَ حُزْنِي وَقَلَقِي وَيُحَقِّقَ أَمَلِي وَيَدْفَعَ عَنِّي كُلَّ مَكْرُوهٍ" قَالَتِ الْأُمُّ:"بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ يَا حَبِيبَتِي وَ بَارَكَ فِي عَقْلِكِ وَعَلَيْكِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي يَجْعَلُكِ قَرِيبَةً مِنْهُ وَمُسْتَجَابَةَ الدُّعَاءِ أَمَّا هَذَا الشَّيْطَانُ اللَّعِينُ الَّذِي رَأَيْتِهِ فِي الْمَنَامِ فِي صُورَةِ ذِئْبٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ- {ْإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }النحل99
{5} اَلدِّيكُ والْـفَـرْخَـةْ قِصَّةٌ قَصِيرةْ
اَلدِّيكُ يُؤَذِّنُ كُوكُوكُوكْ ، كُوكُوكُوكْ ، كُوكُوكُوكْ
قَالَتْ فَرْخَةٌ : مَالَكَ أَيُّهَا اَلدِّيكْ ؟!!!
مَاذَا تَقْصِدِينَ أَيَّـتُهَا الْـفَـرْخَـةْ ؟!!!
- السَّاعَةُ الْآنَ الثَّانِيَةُ وَالثُّـلُثُ ظُهْراً 0
- إِنَّـنِي أَسْـتَعِدُّ لِآذَانِ الْعَصْرْ 0
- وَلَكِنِ يَا صَدِيقِي اَلدِّيكُ لاَ تُؤَذِّنْ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ الْمُـبَالَغِ فِيهِا.
- مَا دُمْتِ قُلْتِ ذَلِكَ أَيَّـتُهَا اَلْفَرْخَةُ فَسَـأَحْكِي لَكِ الْحِكَايَةْ.
- اِحْكِهَا أَيُّـهَا اَلدِّيكُ الْهُمَامْ .
- إِذَا لَمْ يَكُنِ الْوَقْتُ وَقْتَ آذَانِ وَسَمِعْتِـنِي أَصِيحُ, فَـأَنَا أَذْكُـرُ اللَّهْ .
- وَ لِمَاذَا تَذْكُرْ اللَّـهَ أَيُّهَا اَلدِّيكْ ؟!!!
- عَجَباً لَكِ أَيَّـتُهَا اَلْفَرْخَةْ !!!
- أَلَمْ تَقْـرَئِي أَوْ تَسْمَعِي قَوْلَهُ تَعَالَى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) .
- وَفِي أَيِّ سُورَةٍ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةْ ؟
- الْآيَةَ (152) مِنْ سُورَةِ الْـبَقَرَةْ .
- هَلْ تَعْنِي أَنْ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى شُكْـرٌ لَهْ ؟!!!
- بِالضَّـبْطْ .
- شُكْراً أَيُّهَا اَلدِّيكُ الْحَكِيمْ .
- لاَ تَشْكُرِينِي.
- وَمَنْ أَشْكُرُ إِذاً أَيُّهَا الدِّيكْ ؟!!!
- اُشْكُرِي اللَّهْ .
- و اللَّهِ إِنْ ظَـلَـلْتُ طُولَ الْعُمْرِ أَشْكُـرُهُ فَـلَنْ أُوَفِّـيَهُ حَقَّهْ .
- نَعَمْ أَيَّـتُهَا اَلْفَرْخَةُ ، فَنِعَمُ اللَّهِ لاَ تُعَدُّ وَ لاَ تُحْصَى ، وَ لِذَلِكَ كَمَا تَرَيْنَ ، فَـأَنَا أُدَاوِمُ عَـلَى ذِكْرِهْ .
- جَزَاكَ اللَّهُ خيراً أَيُّهَا اَلدِّيكْ .
- و جَزَاكِ اللَّهُ خيراً أَيَّـتُهَا اَلْفَرْخَةْ .
- لَكِنْ.. هَلْ سَـتَظَلُّ تَذْكُرُ اللَّهَ طِيلَـةَ حَـيَاتِكْ ؟!!!
- إِنَّ قَلْبِي وَلِسَانِي يَشْتَاقَانِ ذِكْـرَهُ مَا دُمْتُ حَـيَّا.
- وَهَلْ تَذْكُرُ اللَّهَ مِنْ قَـلْـبِكْ ؟!!!
- مِنْ كُلِّ نَـبْضَةٍ فِيهِ وَكُلِّ شَهِيقٍ وَزَفِيرْ .
- اَلْفِرَاخُ بَاضَتْ بَيْضاً كَثِيراً مُخْـتَلِفَ الْأَشْكَالِ وَ الْأَلْوَانِ وَالْأَحْجَامْ .
- الْحَمْدُ لِلَّهْ .
- هَلْ تَرَيْنَ أَيَّـتُهَا اَلْفَرْخَةُ ذَلِكَ الْـبَـَيْضَ الْمُخْـتَلِفَ الْأَلْوَانِ وَالْأَشْكَالِ
وَ الْأَحْجَامْ ؟!!!
- نَعَمْ أَيُّهَا اَلدِّيكْ
- (هَذَا خَـلْقُ اللَّهِ فَـأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ {الْآيَةَ 11 مِنْ سُورَةِ لُقْمَانْ}.
{6} الثُّعْبَانْ قِصَّةٌ قَصِيرَةْ
كَانَ قَائِدُ السَّرِيَّةْ يُلْقِي مُحَاضَرَةً عَلَى الْجُنُودْ وَفَجْأَةً رَأَوْا ثُعْبَاناً فَأَخَذَ الْجُنُودُ يَقْذِفُونَهُ بِالْحِجَارَةْ حَتَّى لَجَأَ الثُّعْبَانُ إِلَى أَحَدِ الشُّقُوقِ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدٍ الَّذِي كَانَ مَبْنِيًّا بِالطُّوبِ اللَّبَنِي فَقَال أَحَدُ الْجُنُودْ: "اُتْرُكُوهْ طَالَمَا احْتَمَى بِبَيْتِ اللَّهِ فَدَعُوهُ لِحَالِ سَبِيلَهْ" ..قَالَ قَائِدُ السَّرِيَّةْ: مَنِ الَّذِي تَكَلَّمَ الْآنْ؟!!!قَالَ الْجُنْدِي: "أَنَا يَا فَنْدِمْ".. قَالَ قَائِدُ السَّرِيَّةْ: مَا اسْمُكُ ؟!!! قَالَ الْجُنْدِي: "محسن عبد المعطي محمد" قَالَ قَائِدُ السَّرِيَّةْ: "وَمَاذَا قُلْتْ": قَالَ الْجُنْدِي: قُلْتْ:" : "اُتْرُكُوهْ طَالَمَا احْتَمَى بِبَيْتِ اللَّهِ فَدَعُوهُ لِحَالِ سَبِيلَهْ" قَالَ قَائِدُ السَّرِيَّةْ: "لَقَدْ أَتَتْنِي تَعْلِيمَاتٌ بِإِلْحَاقِكَ عَلَى قِيَادَةِ الْفِرْقَةْ" جَهِّزْ مِخْلَاتَكَ وَأَدَوَاتِكَ الشَّخْصِيَّةْ لِتُسَافِرَ إِلَى قِيَادَةِ الْفِرْقَةِ فِي أَقْرَبِ وَقْتْ وَتَوَجَّهَ قَائِدُ السَّرِيَّةِ بِالْكَلَامِ إِلَى جُنُودِهْ: "مَنْ مِنْكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَلْتَحِقَ بِقِيَادَةِ الْفِرْقَةْ؟!!!" فَقَالَ مُعْظَمُ الْجُنُودْ:" أَنَا يَا فَنْدِمْ أَنَا يَا فَنْدِمْ"..فَضَحِكَ قَائِدُ السَّرِيَّةِ مُمَازِحاً الْجُنُودَ قَائِلاً: "وَلَمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ تَلْتَحِقُوا بِقِيَادَةِ الْفِرْقَةْ؟!!!" فَسَكَتَ الْجَمِيعْ .
{7} اَلـْـبَطـَّةُ الـْمَرِيضَةْ قِصَّةٌ قَصِيرةٌ
تَعِيشُ أُسْرَةُ الـْـبَطـَّةِ الصَّغِيرَةِ (دَكـْدَكْ) فـِي سُرُورٍ وَوِئَامٍ وَمَحَبـَّةٍ وَاحْتـِرَامٍ, فـَأَبُوهَا ذَكَرُ الـْبـَطِّ الـْكـَبِيرُ (وَكْ), كـَانَ عَظِيمَ التـَّفـْكِيرِ فـِـي نـَفـْسـِهِ وَ فـِـي أُسْرَتِهِ وَ فـِـي الكـَوْن ِكـُلـِّهِ وَ فـِـي خَالـِق ِالْكـَوْنِ اللهِ سُبـْحَانـَهُ وَتـَعَالـَى, وَكـَثِيراً مَا كـَانَ يُمْضِي اللـَّـيْلَ وَهُوَ يُسَبـِّحُ بـِحَمْدِ اللَّهِ, وَيَتـَفـَكـَّـرُ فـِي مَلـَكـُوتـِهِ ,حَتـَّى يَسْمَعَ الدِّيكَ الصَّالِحَ, حَوَالـَيْ السَّاعَة الثـَّالـِثـَةِ لـَيْلاً, وَهُوَ يَصِيحُ (كـُوكـُو كـُكـُو, قـُومُوا وَصَلـُّوا لـِرَبـِّكـُمْ, قـُومُوا وَأَدُّوا حَقَّ الإِلـَهْ,فَالنـُّورُ يَبـْدُو مَعَ الصَّلاَةْ, إِنـِّي دَوَاماً مَعَ الصَّبـَاحْ,أَقـُومُ وَحْدِي وَبـِانـْشِرَاحْ, أَدْعُوهُ شَوْقاً إِلـَى الـْفـَلاَحْ, يَا رَبِّ قـُدْنـِي إِلـَى النـَّجَاحْ, فـَأَنـْتَ رَبـِّي رَبٌّ غَفـُورْ ,تـَزِيدُ رِزْقِي مَعَ الشُّكـُورْ, أَذَّنـْتُ كـُوكـُو كـَيْ يَسْمَعُوا ,فـَيَسْتـَفـِيقـُوا وَيَرْجِعُوا, وَيَسْتـَعِيدُوا مَا وَدَّعُوا), يَسْمَعُ ذَكَرُ الـْبـَطِّ الـْكـَبِيرُ وَزَعِيمُ أُسْرَتـِهِ (وَكْ) نِدَاءَ الدِّيكِ فـَيَسْتـَغـْفِرُ اللهَ وَقـْتَ السَّحَرِ, حَتـَّى يَحِينَ وَقـْتُ آذَانِ الفَجْرِ, فـَيَرْفـَعُهُ الدِّيكُ الصَّالِحُ, ويُقـِيمُ الصَّلاَةَ, وَيَؤُمُّ الـْحَيَوَانـَاتِ وَالطـُّيُورَ بـِنـَفـْسِهِ, وَكـَانَ ذَكَرُ الـْبـَطِّ الـْكـَبِيرُ, يَقـِفُ خَلـْفَ الدِّيكِ الصَّالِحِ, فـِـي الصَّفِ الأَوَّلِ, فـِـي خُشُوعٍ لِلـَّهِ, وَ تـَوَسُّلٍ إِلـَيْهِ وَدُعَاءٍ جَمِيلٍ, أَنْ يُبَارِكَ اللهُ فـِـي أُسْرَةِ الـْبـَطِّ, وَيَحْفـَظَهَا مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْأَوْبـِئَةِ, وَخَاصَّـةً أُنـْفـُلـْوَنـْزَا الطُّـيُورِ, وَ أُنـْفـُلـْوَنـْزَا الـْخَنـَازِيرِ وَكَانَتْ زَوْجَتـُهُ الـْبـَطـَّةُ (دِيدِي) تـُحَافِظُ عَلـَى الصَّلاَةِ, وَلـَكِنـَّهَا كَانَتْ تـَتـْـرُكُ الـْبَطـَّةَ الصَّغِيرَةَ (دَكـْدَكْ) سَهْرَانـَةً طَوَالَ اللـَّـيْلِ, دُونَ أَنْ تـَعْرِفَ شَـيْـئاً عَنـْهَا ,أَوْ حَتـَّى تـَسْـأَلَ عَنْ حَالـِهَا,ذَاتَ يَوْمٍ, امْتـَـنَـعَتِ الـْـبَطـَّـةُ (دَدَكـْدَكْ) عَنِ الطَّعَامِ, وَكـَانَتْ عِنـْدَمَا تـَطـْلـُبُ مِنـْهَا أُمُّهَا الـْبـَطـَّـةُ (دِيدِي) أَنْ تـُفـْطِرَ أَوْ تـَـتـَغَذَّى أَوْ تـَتـَعَشَّى, تـَرْفـُضُ الـْـبَطـَّـةُ الصَّغِيرَةُ (دَكـْدَكْ) أَنْ تـَأْكُلَ وَتـَقـُولُ : لـَيْسَ لـِي نـَفـْسٌ, شَاهَدَ أَبُوهَا ذَكَرُ الـْبـَطِّ الـْكـَبِيرُ (وَكْ) حَالـَةَ ابـْنـَتِهِ الـْبَطـَّةِ الصَّغِيرَةِ (دَكـْدَكْ), فـَأَخَذَهَا فـَوْراً إِلـَى مُسْـتـَشْفـَى الـْبـَطِّ, عَلـَى شَاطئِ التـُّرْعَةِ, وَكـَانَ طَبـِيبُ الـْبـَطِّ فـِـي اسْـتـِقـْبـَالـِهِمَا -مَالـَكِ يَا (دَكـْدَكْ) ؟!,-لاَ أَدْرِي ,تَفَحَّصَهَا طَبـِيبُ الـْبـَطِّ, فَوَجَدَهَا تـُعَانـِي مِنْ بـَرْدٍ شَدِيدٍ, أَصَابـَهَا بـِالأُنـْفـُلـْوَنـْزَا, فـَقـَرَّرَ حَجْزَهَا فـِي مُسْـتـَشْفـَى الـْبـَطِّ, وَأَمَرَهَا أَنْ تـَتـَمَشَّى فـِي الشَّمْسِ ثـَلاَثَ سَاعَاتٍ يَوْمِيَّـاً, و تـَأْكُلَ مِنَ الـْخُضـْرَوَاتِ الشَافـِيَة ِ, بـإِذْنِ اللهِ, حَوْلَ التـُّـرْعَةِ ,كـَمَا أَمَرَهَا أَنْ تُمَارِسَ السِّـبَاحَةَ فـِي التـُّـرْعَةِ ,مَا اسْتـَطـَاعَتْ إِلـَى ذَلـِكَ سَبـِيلاَ ,وَتـَمَّ شِفـَاءُ الـْبـَطَّةِ بـِفـَضـْلِ اللهِ ,وَرَجَعَتْ إلـَى حَظِيرَتِـهَا مُعَافـَاةً, بـِفـَضـْلِ الـْخَالقِ جَلَّ وَعَلاَ ,قـَالـَتِ الـْبـَطـَّـةُ الْأُمُّ(دِيدِي) :لـَنْ أُهْمِلـَكِ يَا (دَكـْدَكُ) يَا ابـْنـَتـِي لـِلسَّهَرِ وَالـْبـَرْدِ طَوَالَ اللـَّـيْلِ, وَسَـأُحَافـِظُ عَلـَـيْكِ بـِقـَـلـْبـِي وَعُـيُونـِي, قـَالـَتِ (دَكـْدَكْ): الـْحَافـِظُ هُوَ اللهُ يَا أُمِّي, قـَالَ ذَكَرُ الـْبـَطِّ الـْمُؤْمِنُ:جَزَاكِ اللهُ خَـيْراً يَا (دَكـْدَكْ) , (فـَاللَّهُ) هُوَ (الـْحَافـِظُ) (الرَّازِقُ) (الـْمُعِزُّ) (الـْقـَوِيُّ) (الـْمَتـِينُ) (الشَّافـِي) (الـْمُعَافـِي) نـَطْلـُبُ مِنـْـهُ الـْعَفـْوَ وَالـْعَافـِيَـةَ فـِي الدُّنـْـيَا وَالآخِرَةِ .
{8} الْبُرْتُقَالَةْ قِصَّةٌ قَصِيرةْ
قَذَفَ مُحَمَّّدٌ بِبُرْتُقَالَةٍ كَبِيرَةٍ إِلَى أَبِيهِ وَنَادَى حَنَانَ:أَيْنَ السِّكِّينَةُ؟ أَجَابَتْ حَنَانُ: السِّكِّينَةُ فِي الْحَوْضِ ذَهَبَ مُحَمَّّدٌ إِلَى حَوْضِ الغَسِيلِ وَأَحْضَرَ السِّكِّينَةَ وَأَخَذَ يُقَشِّرُ الْبُرْتُقَالَةَ وَالسِّكِّينَةُ تُؤْلِمُ يَدَهُ وَهُوَ يَقُولُ لِحَنَانَ:هَذِهِ السِّكِّينَةُ(توْجَعُ يَدِي) قَالَتْ حَنَانُ:هَاتِ البرْتقالةَ أَقَشِّرُهَا لَكَ أَعْطَى مُحَمَّّدٌ البرْتقالةَ لِحَنَانَ فَقَشَّرَتهَا لَهُ وَأَكَلَهَا وَقَالَ لَهُ أَبُوهُ:هَلْ تَعْلَمُ يَا مُحَمَّّدُ مَا لِلْبُرْتُقَالِ مِنْ فَوَائِدَ؟!قَالَ مُحَمَّّدٌ:لاَ قَالَ أَبُوهُ: البُرْتُقَالُ نِعْمَة ٌكَبِيرَةٌ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فَفِيهَا صِحَّة ٌوَعَافِيَة ٌلِلْإِنْسَانِ حَيْثُ أَنَّهُ يَقِي الإِنسَانَ مِنَ البَرْدِ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْأُنْفُلْوَنْزَا كَانْفُلْوَنْزَا الطُّيُورِ وَانْفُلْوَنْزَا الخَنازِيرِ وَفِي الْبُرْتُقَالِ نِسْبَة ٌ مِنَ السُّكرِيَّاتِ تَمُدُّ الجِسْمَ بِالطَّاقَةِ قَالَ مُحَمَّّدٌ:وَهَلْ لِقِشْرِ البُرْتُقَالِ فَائِدَة ٌ؟!قَالَ الأَبُ:أَجَلْ يَا مُحَمَّّدُ فَالقِشْرَة ُ لِلْبُرْتُقَالَةِ كَالْجِلدِ لِجِسْمِ الْإِنْسَانِ يَحْمِيهِ مِنَ التَّلَوُّثِ,وَرُبمَا يَسْتمِيلُ قِشْرُ الْبُرْتُقَالِ بَعْضَ الناسِ لِأَكْلِهِ,تَعَجَّّبَ مُحَمَّّدٌ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الأَبُ:عِنْدَمَا يَأْكُلُ بَعْضُ الناسِ قِشْرَ الْبُرْتُقَالِ بِمَا فِيهِ مِنْ طَعْمٍ غَيْرِ مُسْتَسَاغٍ فَرُبمَا يُحْدِثُ تَوَازُناً لِلسُّكَّرِ فِي الْجِسْمِ مَثَلاً, كَالدَّوَاءِ, فَالعُلَمَاءُ وَالمُخْترِعُونَ يَسْتخْلِصُونَ الأَدْوِيَة َمِنْ مِثلِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ الَّتِي لاَ يَسْتَسِيغُهَا الْإِنْسَانُ, قَالَ مُحَمَّّدٌ: سُبْحَانَ اللهِ, قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ, قَالَ الأَبُ:هَلْ لاَحَظْتَ يَا مُحَمَّّدُ أَنَِ مُعْظَمَ النَّاسِ يَحْمِلونَ الْبُرْتُقَالَ كَهَدَايَا لِلْمَرْضَى؟! قَالَ مُحَمَّّدٌ:نعَمْ يَا أَبِي فَلِمَاذَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟! قالَ الأَبُ:كثِيرٌ مِنَ المَرْضَى يَا بُنَيَّ تكُونُ أَنْفُسُهُمْ مَسْدُودَة ٌ عَنِ الطَّعَامِ لأَسْبَابٍ كَثِيرَةٍ وَرُبمَا تُتْعِبُهُمْ بَعْضُ الأَطْعِمةِ الْمُعَقَّدَةِ وَالْمُسَبَّكَةِ فَيَلْجَئُونَ إِلَى الْبُرْتُقَالِ كَغِذَاءٍ يُسَاعِدُهُمْ عَلَى العَيْشِ حَتَّى الشِّفاءِ و الْبُرْتُقَالُ سَهْلُ الهَضمِ وَمُقوٍّ للدَّوْرَةِ الدَّمَوِيَّةِ وَيُعْطِي الْمَرِيضَ رَاحَة ًنفسِيَّةً كمَا أَنَّ الْمَرْضَى الَّذِينَ لاَ يَسْتطِيعُونَ الْمَضغَ يَشْرَبونَ عَصِيرَ الْبُرْتُقَالِ فيُنعِشُهُمْ وَيُقوِّي عَزَائِمَهُمْ (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فأَرُوني مَاذَا خَلقَ الذِينَ مِنْ دُونهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ؟!) {سُورَةُ لُقْمَانَ الآيَةُ11} قَالَ مُحَمَّّدٌ: سُبحَانَ اللَّهِ إِنَّ الْبُرْتُقَالَ نِعْمةٌ لَوْ ظَلَلْنَا نَشْكُرُُ اللَّهَ عَليْهَا لَيْلاً وَنَهَاراً مَا وَفَّيْنَاهُ حَقَّهُ, قَالَ الأَبُ:أَجَلْ يَا مُحَمَّّدُ,أَنْتَ مُحِقٌ فِي كَلاَمِكْ فَسُبْحَانَ الْقَائِلِ):وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَة َ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) سُورَةُ إِبرَاهِيمَ الْآيَةُ ُ34
{9} اَلْأَمَانَةُ خُلُقٌ إِسْلَامِيٌّ رَائِعْ قِصَّةٌ قَصِيرةْ
ذََهَبَ إِلَى مُدِيرِ الْمَدْرَسَةْ طَالِباً مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمَنَاهِجَ لِيُصَوِّرَهَا.
رَحَّبَ مُدِيرِ الْمَدْرَسَةْ وََأَعْطَاهُ الْمَنَاهِجْ .
أَسْرَعَ مُتَّجِهاً إِلَى مَحَلِّ التَّصْوِيرْ وََبَعْدَ أَنِ انْتَهَى مِنْ هَذِهِ الْمُهِمَّةْ وَحَاسَبَ صَاحِبَ الْمَحَلْ اتَّجَهَ عَائِداً إِلَى الْمَدْرَسَةْ
لِإِعَادَةِ الْمَنَاهِجْ إِلَى مُدِيرِ الْمَدْرَسَةْ .
وَكَانَتِ الْمُفَاجَأَةْ .
لَمْ يَجِدِ مُدِيرَ الْمَدْرَسَةِ عَلَى مَكْتَبِهْ .
وَتَصَادَفَ وُجُودُ مُوَجِّهٍ زَائِرٍ فِي الْمَدْرَسَةْ فَقَالَ لهُ :يُمْكِنُكَ إِعْطَاءُ الْمَنَاهِجْ لِلْأُسْتَاذِ الْفُلَانِي .
فَرَفَضْ .
وَقَالَ:-مُعَلِّقاً-
"لَابُدَّ أَنْ أُعْطِيَ الْأَمَانَةَ لِصَاحِبِهَا بِنَفْسِهْ .
وََعِنْدَمَا لَاحَظَ تَعَجُّبَ بَعْضِ الْحَاضِرِينَ أَضَافَ قَائِلاً:
أَلَمْ تَقْرَأْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءْ :
{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} .
وَذَهَبَ بَاحِثاً فِي أَنْحَاءِ الْمَدْرَسَةْ حَتَّى وَجَدَ مُدِيرَ الْمَدْرَسَةِ وَأَعْطَاهُ الْمَنَاهِجَ بِنَفْسِهْ .
وَعِنْدَمَا حَكَى الْقِصَّةَ لِمُدِيرَ الْمَدْرَسَةْ اِبْْتَسَمَ قَائِلاً :"أَحْسَنْتْ .
اَلْأَمَانَةْ خُلُقٌ الْمُسْلِمْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ : {أدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكْ ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكْ } .
{10} اَلْأَرْنَبِ الذَّكِي قِصَّةٌ قَصِيرةْ
اَلْوَلَدُ عَمْرْو يُحِبُّ تَرْبِيَةَ الْأَرَانِبِ ذَاتَ يَوْمٍ نَادَى أُمَّهُ: "مَامَا مِنْ فَضْلِكِ اشْتَرِي لِي زَوْجاً مِنَ الْأَرَانِبِ" قَالَتِ الْأُمُّ: "حَاضِرْ يَا حَبِيبِي" ذَهَبَتِ الْأُمُّ إِلَى السُّوقِ فَوَجَدَتْ بَائِعَةً جَالِسَةً وَمَعَهَا أَقْفَاصٌ لِلْبَطِّ وَأَقْفَاصٌ لِلْإِوِزِّ وَ أَقْفَاصٌ لِلدَّجَاجِ وَأَقْفَاصٌ لِلْأَرَانِبِ ,قَالَتِ أُمُّ عَمْرْو: "مِنْ فَضْلِكِ يَا خَالَةُ, مَا ثَمَنُ الزَّوْجِ مِنَ الْأَرَانِبِ" قَالَتِ الْبَائِعَةُ: "خَمْسَةُ جُنَيْهَاتٍ" قَالَتِ أُمُّ عَمْرْو: "خُذِي يَا خَالَةُ" رَجَعَتْ أُمُّ عَمْرْو إِلَى الْبَيْتِ فَاسْتَقْبَلَهَا عَمْرْو فَرِحاً وَأَخَذَ مِنْهَا الْأَرَانِبَ فَوَضَعَهَا فِي الْخَزَانَةِ(الْحَظِيرَةِ) وَذَهَبَ إِلَى الْحَقْلِ وَمَعَهُ الْمِنْجَلُ فَحَشَّ بَعْضَ الْبِرْسِيمِ وَحَمَلَهُ عَلَى الْحِمَارِ وَعَادَ إِلَى الْبَيْتِ فَوَضَعَ الْبِرْسِيمِ الْأَخْضَرَ لِلْأَرَانِبِ وَظَلَّ يُرَاقِبُهَا وَهِيَ تَأْكُلُ سَعِيداً بِتِلْكَ الْمَخْلُوقَاتِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى الْإِنْسَانِ ظَلَّ عَمْرْو عَلَى هَذَا الْحَالِ شَهْرَيْنِ كَامِلَيْنِ حَتَّى رَأَى الْأَرَانِبَ قَدْ كَبُرَتْ وَأَصْبَحَتْ ذَاتَ حَجْمٍ ضَخْمٍ,تَمَّ التَّزَاوُجُ فِي الْخَزَانَةِ(الْحَظِيرَةِ) بَيْنَ ذَكَرِ اَلْأَرْنَبِ وَأُنْثَاهُ وَقَامَا بِحَفْرِ جُحْرٍ كَبِيرٍ فِي الْخَزَانَةِ(الْحَظِيرَةِ) كَبَيْتٍ جَدِيدٍ لِلْأَرَانِبِ الصَّغِيرَةِ الْقَادِمَةِ وَنَتَفَا شَعْرَهُمَا لِيَفْرِشَا الْبَيْتَ الْجَدِيدَ لِأَوْلَادِهِمْ وَكَانَتْ حَصِيلَةُ الزَّوَاجِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَرْنَباً صَغِيراً كَانَ مِنْ بَيْنِهَا أَرْنَبٌ بُنِّيٌّ عَلَى أَسْمَرَ جَمِيلٌ لَفَتَ نَظَرَ عَمْرْو كَانَ عَمْرْو يَحْمِلُهُ - بِحُبٍّ- وَيُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ - بِنَفْسِهِ- حَتَّى كَبُرَ مَعَ إِخْوَانِهِ مِنَ الْأَرَانِبِ ذَاتَ يَوْمٍ أَحَسَّ اَلْأَرْنَبُ الْبُنِّيُّ.. الذَّكِيُّ (بِالْعِرْسَةِ) فِي طَرِيقِهَا لِتَفْتَرِسَ الْأَرَانِبَ الصَّغِيرَةَ, اِنْطَلَقَ الْأَرْنَبُ الْبُنِّيُّ.. الْجَمِيلُ إِلَى صَاحِبِهِ عَمْرْو وَأَخَذَ يَتَمَسَّحُ فِيهِ كَأَنَّهُ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ فَذَهَبَ عَمْرْو مَعَهُ وَوَجَدَ (الْعِرْسَةَ) تُحَاوِلُ أَنْ تَدْخُلَ بَابَ الْخَزَانَةِ(الْحَظِيرَةِ) الْمُوَارَبَ أَخَذَ عَمْرْو (الشُّومَةَ) بِسُرْعَةٍ وَضَرَبَ (الْعِرْسَةَ) عَلَى رَأْسِهَا فَهَوَتْ مَيِّتَةً, بَعْدَهَا أَخَذَ عَمْرْو الْأَرْنَبُ الْبُنِّيَ وَعَمِلَ لَهُ احْتِفَالاً كَبِيراً مَعَ إِخْوَانِهِ الْأَرَانِبِ وَشَكَرَهُ أَمَامَ الْجَمِيعِ لِذَكَائِهِ أَمَامَ أَعْدَائِهْ.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
المتواجون الان
461 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع