اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

القفص (قصة قصيرة)// حيدر الحدراوي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

حيدر الحدراوي

 

 

القفص (قصة قصيرة)

حيدر الحدراوي

 

في موسم التكاثر, تبحث الذكور عن الإناث, التي تغرد بشكل خاص لجذب الذكر المناسب لها, وربما مارست بعض الطقوس لإثارة الذكور العاشقة, الصياد الماكر لم يغفل عن هذه المعلومة, فعمد الى صنع قفص متوسط الحجم, وقسمه الى ثلاثة أقسام, في القسم الاوسط وضع أنثى والهة, وفي القسمين الجانبيين تركهما فارغين, ووضع في كل قسم ثلاثة أبواب متحركة, تسمح بدخول الذكر العاشق, لكنها ستغلق ذاتياً بعد دخوله, ولن يستطيع الخروج منها, ثم كمن متربصاً في مكان ليس بعيد, من هناك يمكنه مراقبة القفص الفخ المعلق على غصن شجرة باسقة. 

لم يمض وقت طويل, حين وصل أول الوافدين الذكور, أخذ يتفحص القفص بحثاً عن مكان يمكن من خلاله الولوج الى الأنثى الوالهة في الداخل, بعد عناء طويل, أكتشف أحد الأبواب, فأقتحمه, حينئذ أكتشف انه قد وقع في سجن, لم يصل الى الأنثى من جهة, ولم يتمكن من الخروج من جهة أخرى, شعر بالحزن, حدق في الأنثى وقال لها معاتباً:

-    لم لم تخبريني أنه فخ؟ ! .

-    حقيقة.. كنت أرغب بصحبة.. فقد قيل قديماً (حشر مع الناس عيد) . 

أدرك معنى الورطة التي وقع فيها, فأخذ يلعن رغبته الجامحة التي أدت به الى هذا المطاف, في تلك الأثناء, تقدم ذكر عاشق أخر, لكنه فضل الدخول من الجهة الأخرى, فوقع بالفخ, ثم أخذ بإنزال اللوم على العصفورين:

-    هيه أنتما .. كان يجب عليكما ان تحذراني! .

-    كنا نبحث عن رفقة في الوقت الذي كنت تبحث فيه عن قرينة تقترن بها.. ايها العاشق المسكين!.

الصياد الجشع كان يراقب بفرح وحبور, حيث أن التجربة قد أتت أكلها, فأستلقى مطمئناً على المرج الأخضر واضعاً قبعته على وجهه.

هكذا توالت الذكور العاشقة تقع في الفخ واحداً تلو الأخر, كل من يقع أخراً ينزل اللوم على سابقيه, موجباً عليهم تحذيره, لكنهم يسخرون منه كما يسخرون من أنفسهم.

-    غرائزنا أوقعتنا في هذا الفخ اللعين .

-    لا مبالاتنا كانت السبب .

-    كان ينبغي أن نكون اكثر حذراً .

بعد ساعتين أمتلأ القفص بالطيور الصغيرة الجميلة, ألقى الصياد الجشع نظرة على القفص:

-    لم يحن الوقت لجني الثمار .. اريد المزيد! .

أستلقى مرة أخرى وأستسلم لنوم خفيف, لم يلاحظ قدوم زائر غير مرغوب فيه, أختبأ جيداً بين الأغصان, وهو يلاحظ هذه الفرائس الطازجة اللذيذة أمامه, ظنها سهلة المنال, أقترب من القفص, فهاجت الطيور خوفاً منه, سمع الصياد الضجة, ألا أنه لم يكترث, فقد ظن هو الأخر إن هناك المزيد من الذكور قد وصلت أو وقعت في الفخ, وأستسلم للرقاد تحت أشعة الشمس الدافئة.

شرع الطير الكبير المفترس بتفحص القفص الفخ, حاول الدخول, لكن حجمه الكبير لم يسمح له بالولوج, لذا أخذ يحوم حول القفص, مفكراً بطريقة تمكنه من تناول طعامه المفضل طازجاً, ولأنه مفترس محتال قام بأرجحه القفص وضربه بأجنحته, بدأ غصن الشجرة بالتداعي, لم يحتمل وزن القفص بما في داخله زائداً حجم الطائر المفترس الكبير, فهوى, حتى ارتطم بالأرض وأنكسر, عندئذ, تمكنت جميع الطيور من الفرار.

 

حيدر الحدراوي

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.