ثمن آخر أمنية// صالح الطائي
- تم إنشاءه بتاريخ الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2019 19:27
- كتب بواسطة: صالح الطائي
- الزيارات: 1827
صالح الطائي
ثمن آخر أمنية
صالح الطائي
هلوسات آخر العمر
اليوم بعد أن دب الوهن في مفاصلي
وصادرت الأيام وشل قواي
حتى بت أتوكأ في النهوض والجلوس على كل شيء
بما في ذلك بعض كرامتي
لم أعد طماعا.. لم أعد أطلب المزيد
وسأكتفي بلملمة بقايا صباحات عمري التي خطفتها الليالي
وما عافته السنين من ملامح الأمس، يذكرني بالذي مضى
وتلك الظلال التي خلفها عمري الغائر ورائي على أعتاب دربي
وذرات رمل الدروب القديمة التي علقت في ثنايا دماغي
وآخر أوراق دفاتري المدرسية العتيقة الصفراء الممزقة
ونوتات نشيد (مليكنا) الصباحي التي لا زالت عالقة في الوجدان
وقطعة الطبشور التي نسيتها في يدي منذ ستين عاما وإلى الآن
أبحث عن لوح أخط بواسطتها كلماتي عليه
وأثر العصا التي أمرها المعلم أن تُقبِّل يديَّ لأني لم انجز الواجب
ودعوات أمي الطيبة، وهي تودعني صباحا في طريقي إلى المدرسة
في شتاء زمهريري لا يرحم
وقدح الماء الذي كانت تسكبه خلفي ليطرد الشر
ويجعل دربي أخضرا
والذي لا زال رذاذه عالقا في تجاعيد سنيني
يمدها بالندى
وصوت أبي الزاجر، وهو يأمرني أن اكون رجلا
وأجعله يفخر بي في المجالس بين الأقران
سأكتفي بمنح ذلك كله، بكل ما فيه
وهو كل وأعز وآخر ما عندي
لمن يعيدني ولو للحظات إلى تلك الأيام
التي غادرتها وأنا أبذر ما أملك بلا وجع قلب
وأشتاق إليها اليوم شوق بخيل قتله الحرص على دينار ذهب
هو كل ما يملك
سقط منه في نهر هائج، وأخذته الأمواج بعيدا!.
المتواجون الان
348 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع