المخلوقات التحتية// د. ميسون حنا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. ميسون حنا

 

 

المخلوقات التحتية

قصة بقلم د. ميسون حنا

الأردن

 

تناول رجل عصاه وارتكز بها على الأرض، أحدثت فجوة صغيرة مكان ارتكازه، نزع العصا إذ بإنسي بحجم إبهام يصعد من الفجوة، أخذ الإنسي يولول ويصيح، بهت الرجل وقال: ما خطبك؟ ومن أين ظهرت لي؟ قال: أهلت سقفي على رأسي بارتكازك عليه، وأنا الآن أصبحت شريدا بلا مأوى بسببك. قال الرجل: سبحان الله وكيف ارتضيت أن تعيش في الظلام؟ قال الإنسي: نقاشك معي لا يرفع عني الورطة التي أنا بها الآن. نظر الرجل إليه مستنكرا عليه ضعفه، بينما استرسل هذا قائلا: كثيرون مثلي يعيشون تحت الأرض. قال الرجل بحماس: الحرية يجب ان تكون مطلبكم الأول في الحياة. وما أن نطق الرجل بهذا حتى تقلص حجكه قليلا . نظر الإنسي اليه بقلق، وقال: إصمت، لا تتهور. قال الرجل: الصمت لا ينفع ، عليك أن تطالب بجقك في الصعود إلى الأعلى، وتوالت العبارات الرنانة من فم الرجل، وبين كل عبارة وأخرى يتوالى انكماشه، والإنسي ينظر إليه بقلق متزايد. قال الرجل: النور يجب أن يكون شعاركم الحقيقي مادمتم تفتقدون له، وهو الذي سيقودكم إلى الحرية والحياة. قال الإنسي بذعر: توقف أرجوك وانظر إلى قامتك.

     لم يأبه الرجل للإنسي، وتابع بحماس: عليكم أن تكسروا حاجز العزلة الذي يفصلكم عن العالم الحقيقي، عليكم أن .... قاطعه الإنسي بنفاد صبر قائلا: كف عن الثرثرة، ها أنت تتضاءل وما باليد حيلة. وفي هذه اللحظة لمعت عينا الرجل، وكأن وميض فكرة أضاءهما، وأمسك عصاه وأخذ ينبش الفجوات هنا وهناك، وبينما كان يفعل هذا، كان حجمه يتضاءل بتسارع أكبر من السابق، توالى طلوع الأناسي الصغيرة من الفجوات، وأخذوا ينظرون إليه بدهشة وهو يتقلص بلا توقف، وأخيرا أصبح مماثلا في حجمه لحجم تلك المخلوقات التحتية.

    نظر الرجل إلى عصاه، كانت طويلة جدا، أخذ ينظر إلى قمتها ثم ثبتها في الأرض، وقال بعزم: علينا أن نصعد إلى القمة، وفي الحال أخذت الجموع تتسلق العصا، وعجبا عندما يصل الواحد منهم إلى القمة يعود إلى حجمه الطبيعي الذي كان عليه يوما ما .... وهكذا أوجد الرجل أزمة جديدة في البحث عن مساكن آمنة فوق الأرض.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.