قراء في ديوان "سندس وسكين في حديقة الخليفة"، للشاعر سرجون كرم// آمنة وناس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

آمنة وناس

 

                  قراء في ديوان "سندس وسكين في حديقة الخليفة"،

للشاعر اللبناني سرجون كرم

آمنة وناس

تونس

 

فتحت أوراقي لتبلّلها نغمات حروفه، لكأن الحبر يحمل خريرها ليبلغ المدى، هكذا أفصح الراوي فينا، وهكذا داعب صوته الصدى. تخترقنا أنفاس المعاني، والعبارة سيف يقطع الغياب حولنا، فيلتحم بنا شعور يشاركنا الإبحار، والموج يقطف لنا الحكاية. أحداث تضعنا في ملعقة الزمن، لتحيط بنا روح داعبها إحساس لطالما سافر في اللازمكان. بهذا، صورتها أيها "الكرم"، بالسطور وما وراء الكلمات من أنهج للعبور، مازلت تضع أمامنا ابتسامتك الحاملة لخلجاتك، والعابرة لدواخلنا، لننهل منها هذه "السندس" ب"سكين" "في حديقة الخليفة".

 

أوتار الخبر تزاحم، لتحصد النتيجة من عناقيدنا المثقّلة بزفرات الفصول، تباغتنا، تواجهنا، وتنثر الدهشة بين أصابعنا، فنتكئ على الحاضر بعكاز اللا أمس. تسمعنا حوافر كلماته خفقان عاطفته، فنشيّع صرخاته على محمل العودة والرحيل، على كفوف الصمت والبوح، على أعناق الوجع والمسرّة. يبسط لنا كفيه، ليتسللنا ذاك البريق الذي لمع، لينحت فينا "رجل الثلج"، ول"ثلاث دقات قبل الصفر" نجمع. أيها العائد إلينا، بماذا ملأت كؤوسنا، و"هموم في عز الحرب"، ترمي بسهامها لتصيب "إنسان" و"الفتنة نائمة"، أي "معاناة" أيها الراكض في حقولنا المبللة برحيق آهاتك...

هدير الماضي يغزو فجوات النفس، فتارة مختنق، وأخرى يضيق، هو ذاك الإحساس في عراك مدجّج باللاحضور، تسقينا خطواته النابضة في جناننا المحلّق به، وأغنيته تسافرنا بنشيدها المكتظ في دواخله والفارة إلينا، فهل يمكن أن يكون هذا هو "الحب بلغة جندي عائد من الحرب"...

 

رائحة الفراغ تتأبّط حنجرته، ليشهق زفيره ويخدش حدة الصوت، مذاق يبحث عن استطعام الوصال المغمّس في الانفصال، ليحصد الاستئصال، وينوح اللاوجود، أليست هذه دردشة "الفراشة والبندقية"...

تنهيدة ينفضها من على وشاح أيامه المبعثرة على طريق الرجوع إلى مسارح الاستتار، ضباب ما يستفهم عن المتشرّ في اللامكان، عن الوقت الحائر، في بحثه عن المساحات المنكسرة في جوف بلا صيحة، بلا غوغاء، فأي "حكمة" تنحت الوجود و قد أحكمت قبضة القيود، وصات "المظلوم"...

 

"قال العائش في وهمه: سأحرق أوراقي لأني أخاف من الذكريات"، شريد هو النسيان في عروق الذاكرة، تلك التي تطلّ على الرغبة في الشرود لتقرع "الباب"، الدخول مشروط، والشرط مختبئ بين طيات جرح سيبقى يحدّق في انكسار اللاذاكرة على عتبات التمزّق، فردّ النبض لشراييننا، واستنشق الشعر، فال "سندس" ستبقى توشوش ال"سكين في حديقة الخليفة"، يا "سرجون"...