اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

الـ Facebook- قصة قصيرة// مارتن كورش تمرس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

مارتن كورش تمرس

 

عرض صفحة الكاتب 

الـ Facebook- قصة قصيرة

مارتن كورش تمرس

محامي وقاص

 

طفلان بعمر الورد كان كلاهما يأتي مع والديه في صبيحة اليوم السابع إلى الكنيسة ليحضر مع كل الأطفال مراسيم القداس الالهي.. حيث يرنم كل أعضاء الكنيسة سوية مع جوقة الترانيم. يقرأ أحدهم أعدادًا من الكتاب المقدس. يُقدم غيره صلاة قصيرة. يأتي دور راعي الكنيسة ليقدم كرازته ويرفع أمام عرش النعمة كل الطلبات. كانت عائلتاهما تجلسان بجانب بعضهما على الأريكة مع بقية أعضاء الكنيسة، يتركان (منير) و (مهى)مع بقية الأطفال الذين يجلسون على الأريكة فِي الصَّفِّ الأَمَامِيِّ من الكنيسة، يصغون إلى صوت الرب. كان القسيس يعطي للأطفال إهتمامه الكبير، معظم كرازاته كانت نصائح ودروسًا لأعضاء الكنيسة. لقد ظلت إحدى كرازاته التي واكبت زمن الطفولة في الوطن، ترنُّ في ذاكرة (منير) في أيام شبابه. أخذ القسيس عنوانها من قول الرب (أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.)"متى19: 14".

 

عرف يومها كل أطفال الكنيسة بأن هناك أَبًا سماويًا يحبهم أكثر مما يحبهما والداهما الأرضيين! حثهم هذا الحب السماوي على المواظبة على الحضور إلى الكنيسة مع أولياء أمورهم والحضور حثهم على دراستهم للحصص الدراسية في مدارسهم ونيل أعلى علامات النجاح. هذا الحب فتح ذراعي المحبة في مشاعرهم كَيْ يعيش الواحد منهم في سلام وأمان مع بقية أطفال الوطن.

 

أيام جميلة فيها كانت معظم العوائل تحضر إلى الكنيسة ومعهم فلذات أكبادهم، كيف لا والمعلم الأعظم قد طلب من كل ولي أمر أن يترك إبنه يتقدم إليه دون أية إعاقة. بعد إنتهاء مراسيم القداس، كان يلتقي الأعضاء في قاعة الكنيسة ليتناولوا الفطور سوية، وهم يتجاذبون الحديث بينما الأطفال قد أنهوا دروسهم الدينية (التعليم المسيحي) وإلتحقوا بأولياء أمورهم ليجتمعوا حول مائدة واحدة. ذاتَ مرَّة سأل(منير) (مهى):

-    ماذا تتمنين أن تصبحي في المستقبل؟

أجابته:

-    دكتورة. وأنتَ ماذا تتمنى أن تكون؟

-    والدي يريدني أن أكون محاميًا.

بعد سنين أنهى (منير) دراسته الإعدادية، حصل على وظيفةٍ في مصرفٍ حكومي بأجر مؤقت. دون أن يتأخر عن الحصول على مقعدٍ جامعي. كان يعمل في النهار ويواصل دراسته عند المساء في الجامعة المستنصرية. تخرج من كلية القانون. نال بعد ثلاث سنوات شهادة الماجستير لِيَكُونَ عضوًا في المحكمة الإتحادية العليا. تزوج من فتاة صيدلانية.

أما (مهى) فقد فضلت الزواج على نيل مقعدٍ جامعي، لكن لسوء حظها تركها زوجها وهاجر إلى الجمهورية السورية. هاجرت مع والديها إلى الجمهورية اللبنانية. بينما (منير) يجول بفأرة جهاز الحاسوب (لابتوب) في أَحَدِ مواقع التواصل الإجتماعي، وقعت أنظاره على ألبوم صور لـ(مهى)! إندهش وهو يرى بأم عينيه صورًا لا تليق بها كفتاة تَرَبَّتْ على تعاليم الكنيسة! قام على الفور بكتابة رسالة ألكترونية لها عبر الموقع أعلاه. وصلتها الرسالة لتجيبه وتدعوه لزيارتهم في الجمهورية اللبنانية. إستطاع خلال أسبوع من حزم حقيبته وسافر على متن طائرة حَطَّتْ بركابها في مطار بيروت. كانت (منى) في إنتظاره في الصالة التي يصل إليها المسافرون.

أقلته بسيارتها ليصل إلى بيت أهلها. رحبوا به ترحيبًا حارًا، كله كرم وضيافة. ما أن سنحت الفرصة لينفرد بها! قال لها:

-    دعوتكِ جعلتني أُغير مسار سفري من الوطن إلى مملكة السويد، وأقوم بتأجيل كل أعمال وظيفتي؟

-    دعني أسمع منكَ، يبدو أن هناك أشياء أخرى على لسانكَ.

-    عليكِ بإعادة النظر في ألبوم صوركِ على الـ(Facebook)!

-    لماذا يا ترى؟!

-    لا تتماشى مع تربيتكِ.. مع عاداتنا وتقاليدنا.. مع ما تعلمناه في الكنيسة.. هل نسينا كلام الرب؟ أم نيسنا تلكم الحصص الدراسية من الكتاب المقدس؟ أم قررنا أن نَهْجرَ معلمنا الأعظم كما قرر الغير أن يُهَجِّرْنَا قسريًا عن أوطاننا؟ أم لأننا بلغنا سن الرشد فقررنا رمي براءة طفولتنا على أرصفة مواقع الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) وإرتدينا ما لا يليق بنا؟ أم فضلنا أن نسلك سلوكًا غير صحيح وفوق هذا نجعل منه نمطًا لحياتنا؟

-    والعمل؟!

-    أن تتخذي قرارًا صحيحًا بشأن ألبومكِ. أُشطبيه من صفحتكٍ على موقع التواصل الإجتماعي.

-    ماذا أعرض من صورٍ؟

-    هل نسينا طفولتنا، كنيستنا، مدارسنا؟ لنا فيها العديد من الصور. أدعوكِ لكي تطلعي على مقالة بعنوان (الفيسبوك ونمط السلوك الجديد) على هذا الرابط

 https://www.linga.org/varities-articles/MTM5Ng==

 للكاتب/ مارتن كورش.

سافر عائدًا إلى الوطن وكله فرح لما حققه. ما أن وصل مطار العاصمة بغداد، حتى إتصل هاتفيًا بوالديه وشقيقته، الذين يقيمون في مملكة السويد، من أجل علاج والدته. طلب منهم مُعتذرًا تأجيل سفرة اللقاء بهم إلى الصيف القادم.

 

المحامي والقاص

مارتن كورش تمرس لولو

ملاحظة: القصة مقتطفة من مجموعتي القصصي (أقرأ لك قصة).

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.