محطات طبية

سكر الحمل: أسبابه، تأثيراته، علاجه// د. مزاحم مبارك مال الله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سكر الحمل: أسبابه، تأثيراته، علاجه

د. مزاحم مبارك مال الله

 

الغالبية العظمى من حالات الحمل تبدأ وتنتهي بلا مشاكل، ولكن ذلك لا يعفي الحامل من مراجعة مركز الرعاية الصحية الأولية الموجود في منطقة سكناها أو محل عملها أو مراجعة عيادة خاصة إن رغبتْ بذلك ،ولكن نحن ننصح بمراجعة مراكز الرعاية الصحية الأولية كونها الجهة المخولة الوحيدة التي توفير اللقاحات بما فيها لقاحات الحوامل.

وتكمن أهمية مراجعة الحوامل الى مراكز الرعاية أو أية جهة طبية (مستشفى، عيادة) في:ـ

1.   فتح سجل خاص يتضمن كافة المعلومات عن الحامل وكذلك أجراء الفحوصات المهمة كصنف الدم ، نسبة الهيموكلوبين، تحليل الإدرار، ضغط الدم ،مستوى السكر، الوزن ،أية أعراض وعلامات تحتاج متابعة ...الخ.

2.   متابعة شهرية للحالة الصحية للحامل وصحة الحمل وصحة الجنين، والتي تتطلب تقييم متكامل.

3.   تحديد عوامل الخطورة أو وضع الحامل ضمن دائرة الاهتمام الخاص (وهذا لا يعني وجود خطر حقيقي على الحامل أو جنينها) ،ولكنه أجراء احترازي يتطلب الاهتمام الاستثنائي لبعض الحالات ،ومثال ذلك (صنف دم الحامل السالب، القيصيريات السابقة، النزوفات ،قلّة أو كثرة السائل الأمنيوسي ـ السائل المحيط بالجنين ـ ولادات ميّتة سابقة، تسمم الحمل ، داء السكر ، ارتفاع الضغط، التدخين والتدخين السلبي ..الخ).

إن المشاكل الصحية التي تتعرض لها الحامل أو الحمل نفسه ليست قليلة ولكنها ليست شائعة جداً بحيث تُقلق من نسبة حدوثها، ومن تلك المشاكل أو الحالات المهمة جداً هو داء السكري ،وهناك نوعان من موضوعة (الحامل وداء السكري)، النوع الأول هو لمّا تكون السيدة مصابة بداء السكري قبل أن تكون حاملاً ،أما النوع الثاني ،هو إصابة الحامل بداء السكري جراء حملها، وهذا حسب الإحصاءات أكثر من النوع الأول(لدى الحوامل)، وسيكون موضوعنا لهذا الأسبوع.

فما هو سكر الحمل؟

هو ارتفاع غير مسبوق بمستوى السكر في دم الحامل يرافق الحمل منذ الشهر الخامس(في أغلب الأحيان) ويعود الى مستواه الطبيعي بنهاية الحمل.

إن المستوى الطبيعي للسكر لدى الإنسان الصائم عن الطعام ما لا يقل عن ستة ساعات، محدد بين 70 ـ 110 ملغم/ 100سي سي، وكذلك يكون بحدود الـ 200 ملغم/100 سي سي بعد تناول الطعام، أما أذا تجاوز هذه الحدود فأن ذلك مدعاة للشك بالإصابة بداء السكري ،والذي يمكن التعامل معه بأجراء الفحوصات الشاملة الدقيقة  ،إضافة الى أهمية تصنيف نوعية داء السكري.

وقد واجه الأطباء حالة سكر الحمل بعد أن ظهرت بين أيديهم العديد من مؤشرات إصابة الحامل بداء السكري حيث كانت لا تعاني منه قبل الحمل.

داء السكري ببساطة هو عدم قدرة الجسم على تمثيل كمية السكريات التي تدخل جوف الإنسان أما بسبب فقدان هورمون الأنسولين(النوع الأول من داء السكري)، أو قلّة كميته (النوع الثاني) أو بسبب مشاكل أيضية في مستقبلات الخلايا للأنسولين إضافة الى بعض الاضطرابات الهورمونية لأمراض أخرى.

وما يحصل لدى الحوامل هو اضطرابات هورمونية ولكن ليست بسبب مَرَضي، وإنما جراء تغيرات هورمونية تحصل بشكل طبيعي لدى بعض الحوامل ناتجة عن (منظومة الحمل بأكملها) ،لا تلبث تعود تلك الهورمونات الى الانتظام بعد زوال السبب ،الاّ وهو الحمل.

هناك عدد من العوامل التي تساعد على الإصابة بسكر الحمل والتي يمكن إيجازها بما يلي:ـ

1.   العامل الوراثي، أذا كان في عائلة الحامل ممن هم مصابين بالسكر وخصوصاً النوع الثاني(غير المعتمد على الأنسولين).

2.   السجل التأريخ الصحي للحامل ،فيما لو يشير الى سكر حمل سابق، (ومن هنا تأتي أهمية التسجيل في مراكز الرعاية لغرض المتابعة).

3.   مَن ولدت أطفال سابقاً ذوي أوزان عالية.

4.   بدانة  الحامل وزيادة وزنها عن المعدلات المقبولة.

5.   الحمل المتأخر، أي الحمل ما بعد عمر 35 سنة.

6.   الإصابة بتكيس المبايض.

7.   التدخين والتدخين السلبي.

الأعراض:

الكثير من الأعراض تشترك ما بين سكر الحمل وما بين الوحام ،وهنا يتطلب الأمر عدم إهمال أي عرض من الأعراض التي تعاني منها الحامل وكذلك يتطلب المراجعة الدورية الى مركز الرعاية الصحية الأولية ورعاية الحوامل.

أعراض الإصابة بسكر الحمل تشتمل على:

1.   الشعور بالجوع وزيادة الشهية للطعام، ويُفسّر من قبل البعض على "أن الجنين يكبر".

2.   زيادة عدد مرات التبول ،ويُفسّر من قبل البعض على "أن زيادة وزن محتويات حوض الحامل فتضغط على المثانة..الخ".

3.   زيادة الشعور بالعطش.

4.   غشاوة بالنظر.

5.   الم أو خدر بالأقدام.

6.   تكرار التهابات المسالك البولية مع الحكة الداخلية.

العلاج:

سكر الحمل يعدُّ أسهل أنواع السكر من ناحية العلاج ،ففي الغالبية العظمى من حالات ارتفاع مستوى السكر ،يعود مستواه الى الطبيعي بعد انتهاء الحمل، علماً أن حالات قليلة تبقى السيدة تعاني من ارتفاع مستوى السكر مما يتطلب معالجتها كما في حالات داء السكر المعروفة ،وهناك عدد لا بأس به من السيدات اللاتي أصبن بسكر الحمل ،ولكن بتقدم العمر أصبن بالنوع الثاني(غير المعتمد على الأنسولين) ،ونتعامل معهن كأي مصاب بداء السكري.

حينما تشخص الحامل بأنها مصابة بسكر الحمل ،فأن الطبيب المعالج عليه أن ينصح بتعديل أنواع وكميات الطعام التي تتناوله الحامل.

وفيما لو لم تستجب الحالة الى الحمية الغذائية فهنا يتوجب إدخال الحامل الى المستشفى لغرض أستخدام علاج الأنسولين (فقط) ،وليس الحبوب لتخفيض مستوى السكر وذلك لأن الحبوب لا يجوز استخدامها في الحمل أطلاقاً كونها تسبب تشوهات خلقية لدى الجنين.

إن المصابة بسكر الحمل أو تلك التي تحمل وهي مصابة أساساً بداء السكر ،يتوجب عليها مراجعة الطبيب بشكل دوري لغرض متابعة وضعية الجنين.

أن الحمية الغذائية للحامل المصابة بداء السكري يجب أن يتحدد بما يلي:

أولاً ـ الاعتماد على الحليب ومشتقاته والخضروات وخضروات الزلاطة والفاكهة إضافة الى اللحوم، بشكل أساسي.

ثانياً ـ تناول كمية قليلة ومحسوبة من النشويات والخبز أو الصمون والرز.

ثالثاً ـ الابتعاد عن الحلويات والدهون قدر المستطاع.

رابعاً ـ الابتعاد عن الشاي والقهوة والمرطبات(كالببسي وأشباهه) ،قدر المستطاع.

خامساً ـ عدم ترك مقويات الحمل والتي يصفها الطبيب المعالج وخصوصاً الفولك أسد ،حيث يوصي الأطباء بضرورة الاستمرار به حتى ما بعد الولادة.

إن ذلك يتطلب معرفة كافية بسكر الحمل وكيفية التعامل معه.

ملاحظة مهمة :بعض الحوامل المصابات بسكر الحمل، ونتيجة لعدم الالتزام بالإرشادات ، مما يضطر الطبيب المعالج الى وصف الأنسولين للحامل ،فمن الضروري جداً أن تكون ملمّة بكيفية أستخدام الأنسولين وكيفية حفظه إضافة الى معرفتها بأعراض وعلامات هبوط السكر وكيفية التعامل معه وتلافي حصوله، علماً أن هبوط السكر يتصف بـ: دوخة، رجفان بالجسم ،صداع، جوع شديد ،تعرق واضح ،إرهاق مع تشوش ذهني، أن ذلك يتطلب وجود جهاز فحص السكر في حوزة الحامل ،فأذا حصلت لها مثل هكذا أعراض وعلامات ،فعليها فحص السكر فوراً،وإذا ما ظهر أنه 60 ملغم/100سي سي ، فيجب تناول أي مادة حلوة وعلى الفور.

الولادة:

أحد أهم ما يسببه السكر لدى الحامل ،هو كبر حجم الجنين وزيادة وزنه عن الطبيعي المعروف، ومن الأمور المهمة جداً التي تسبق الولادة ،هو أن يكون مستوى السكر بالحدود المقبولة المستقرة نسبياً ،مما سيوفر فرصة ممتازة لولادة طبيعية و بلا مشاكل.

حجم ووزن الجنين يمكن تقديرهما بفحص الأمواج فوق الصوتية ،وبالتالي يمكن تقدير أمكانية الأسلوب الذي يتم فيه استخراج الجنين من رحم أمه ،أما عن طريق قناة الولادة ،أو بأستخدام أجهزة مساعدة أو عن طريق العملية القيصرية وهي الشائعة طبعاً.

 

بعد ولادة الوليد يبقى الاهتمام بمستوى سكر دمه في غاية الأهمية وهذا يتم في غرفة العناية المركزة له ولوالدته.