محطات طبية

الجَرَب: الأسباب والأعراض والعلاج// د. مزاحم مبارك مال الله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

الجَرَب: الأسباب والأعراض والعلاج

د. مزاحم مبارك مال الله

 

السبب الرئيس لتسليط الضوء على هذا الموضوع هو زيادة أعداد المصابين به خصوصاً والعالم يعيش في ظروف استثنائية سواء  في العراق أو في باقي الدول التي تتعرض الى الكوارث الطبيعية والعسكرية وغيرها، والتي تتسبب بنزوح أعداد كبيرة جداً من الناس الى أماكن أخرى لم تكن معدّة سلفاً لهكذا طارئ. وأن هذه الشعوب ستواجه العديد من المشاكل الحياتية اليومية بتفاصيلها الدقيقة والتي من شأنها أن تكون منافذ لانتقال العديد من مسببات الأمراض سواء بكتيرية أو فايروسية أو طفيلية وغيرها من تلك الجراثيم التي تنجلي بعد فترة، عن أمراض معوية أو تنفسية أو جلدية.

وواحدة من أهم تلك الأمراض هو "الجَرَب"، والذي بدأت أعداده بالازدياد بسبب العوامل التي ذكرتها أعلاه إضافة الى أسبابٍ أخرى.

الجَرَب من الأمراض القديمة جداً فوصفه الإغريقيون والسومريون والرومان كما وصفه الهنود سنة 1000 ق.م وكذلك الصينيون.

ويعد العالم (ابن زهر) أول من عرّف ووصف المرض بشكل دقيق وكان ذلك عام 1162م وأطلق عليه (سوسة قارمة الجَرَب).

في القرن 19 تمكن العالم البريطاني (آدمز) من اكتشاف المسبب الحقيقي للمرض، وهو أحد أنواع الطفيليات.

الجَرَب: مرض جلدي سريع الانتقال شديد العدوى، وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فأن عدد المصابين به سنوياً يبلغ 300 مليون شخص وهو ضمن قائمة الأمراض المنقولة جنسياً بسبب الملامسة.

الطفيلي المسبب للمرض هو من فصيلة (ساركوبتس سكابياي)، صغير جداً يبلغ حجمه 0،4 ملم (أي لا يمكن رؤيته أو يمكن رؤيته ولكن بصعوبة بالغة جدا)، وتحدث الإصابة بـ (10-12) طفيل بالغ.

يتزاوج الذكر والأنثى فيموت الذكر(حجمه نصف حجم الأنثى)، وتستكمل الأنثى دورة حياتها فتقوم بحفر أنفاق، في الطبقات السطحية من الجلد(وبمعدل مسافة إنج بالدقيقة)، لتضع البيض في تلك الأنفاق وبمعدل 3 بيضات يومياً خلال حياتها التي تبلغ 1ـ 2 شهر، تظهر تلك الأنفاق على شكل أخاديد متموجة قصيرة محمرة أو خطوط داكنة على سطح الجلد خصوصاً في منطقة الرسغ وبين الأصابع(على شكل حرف S الإنكليزي، بعرض شعرة الرأس وطولها 2-3 ملم).

يفقس البيض عن يرقات تتحول الى طفيليات خلال 10ـ14 يوم. تبدأ هذه الطفيليات الجديدة بالتزاوج وتنتج البيض وهكذا. تقوم الطفيليات الموجودة في الجلد بإفراز مواد سامة(أنزيمات لإذابة الجلد) تؤدي الى حصول حساسية شديدة فيه مسببة حكة مزعجة ومؤلمة ومحرجة خلال حوالي شهر من الإصابة.

فترة حضانة المرض وهي الفترة المحصورة بين الإصابة بالطفيلي وبين ظهور الأعراض، تتراوح بين 6و8 أسابيع.

هناك عوامل تساعد على انتشار العدوى وهي:

1.   الكوارث الطبيعية والحربية.

2.   المحتشدات السكانية غير المؤهلة وكذلك غير المهيأة وتلك التي تفتقر الى الظروف البيئية والصحية كالسجون والمعتقلات ودور الحضانة ودور العجَزَة والفنادق والحمامات الشعبية والمدارس وكل الأماكن المزدحمة الأخرى.

3.   معسكرات اللاجئين والنازحين وأماكن تواجدهم العشوائي.

4.   شح المياه وعدم الاعتناء بالنظافة الشخصية، (وفي حالة النازحين قسراً فكيف يؤمنون هذه الشروط؟، نزحوا ليؤمّنوا ما تبقى لهم من حياة بعد هجوم الإرهابيين عليهم)، علماً أن أنثى الطفيلي تنجذب الى الدفء ورائحة التعرق.

 طرائق العدوى

1.   الملامسة المباشرة مع إنسان مصاب أو جلد حيوان مصاب كالقطط والكلاب والأغنام.

2.   استعمال أدوات وأغراض شخصٍ مصاب كالأفرشة والأغطية والمناشف والملابس، لأن الطفيلي يستطيع أن يعيش خارج الجسم فترة 48 ـ72 ساعة، وهذا هو السبب في سرعة انتشار المرض ابتداءً من أفراد معدودين كالعائلات وانتهاءً بأعداد كبيرة في المحتشدات.

3.   الاتصال الجنسي.

الأعراض والعلامات

1.   حكة مستمرة وشديدة تزداد ليلاً تحرم المصاب من النوم المريح(حيث يصبح الجسم دافئ أثناء النوم).

2.   الحكة تشمل جميع أنحاء الجسم(ولكون الطفيلي ميال الى المناطق الدافئة، لذا فالأماكن الأكثر عرضة لانتشار المرض هي ثنايا الجلد، الإبطين، بين الأصابع، حول السرّة، المرفقين، باطن الرسغ، حول حلمة الثدي، الأعضاء التناسلية)/ ونادر ما تحصل الإصابة في الوجه وفروة الرأس، كما ان الحكة تزداد بعد الاستحمام.

3.   ظهور خطوط رفيعة جداً غير منتظمة في الجلد وفي الحقيقة هي الأنفاق التي تحدثنا عنها آنفاً، ولكن عدم وجود هذه الخطوط لا ينفي الإصابة، وأحياناً يمكن رؤية الطفيليات البالغة والبيض بالفحص المجهري لهذه الأنفاق.

4.   طفح جلدي على شكل نتوءات، شديدة الحكة وخصوصاً في الأطراف والجذع.

5.   وكمضاعفات الحك الشديد(الهرش) فالمصاب سيعاني من خدوش في الجلد، وممكن ان تحصل لهذه الخدوش عدوى بكتيرية ثانوية تسبب التهاباً جلدياً إضافياً.

انواع اخرى من الجرب

1.   جرب الأطفال /يظهر في الوجه وراحة اليد وباطن القدم إضافة الى الأماكن المعتادة لظهور المرض.

2.   الجرب الحيواني/ينتقل الى الإنسان من القطط والكلاب والأغنام والخنازير والخيول والأرانب، ويختلف عن الجَرَب البشري كون نصف دورة حياة الطفيلي خارج جسم الإنسان، يمتاز بالحك الشديد جداً، وكذلك لا تظهر الخطوط (الأنفاق) على الجلد.

3.   الجرب القشري(النيرويجي)/وهنا يكون الطفح الجلدي مغطى بقشور(وربما يحصل خلط بينه وبين داء الصدفية، تلك القشور تحتوي على آلاف وربما ملايين الطفيليات البالغة)، كما انه يظهر في فروة الرأس، وهذا النوع ميّال للظهور لدى ضعيفي المناعة، المتقدمين بالعمر، المصابين بأمراض عقلية ونفسية، كما انه يصيب الرّضع، اول اكتشاف له كتم عام 1880 في النيروج. وعندما نجري فحص جزئَي المناعة IgE و IgG فسيكون مستواهما عال جداً.

التشخيص:

هناك معطيات مهمة جداً تساعد الطبيب على تشخيص الحالة وهي:

اولاً ـ  المعلومات المتتوفرة:

1.   وصف سكن المصاب.

2.   هل هناك زائر غريب؟

3.   هل تم التزاور مع شخص كان معتقل او مسجون او في محتشدٍ ما؟

4.   هل هناك في العائلة أفراد يعانون من نفس الأعراض؟

5.   المصاب راجع كثيراً وأستخدم العديد من العلاجات الجلدية، ولكن بلا جدوى.

ثانياً ـ الفحص السريري المباشر باستخدام العدسات المكبرة.

ثالثاً ـ الفحص المختبري.

الوقاية والعلاج

1.   محلول بنزيل بنزويت 25% ،يدهن الجلد من الرقبة وحتى أصابع القدمين، قبل النوم ولمدة ثلاثة أيام.

2.   كريم البيريميثرين 5% للكبار و2،5% للصغار، يدهن الجلد به بنفس الطريقة ويترك لمدة 14 ساعة ثم يغسل الجسم، ولمدة أسبوع.

3.   محلول المالاثيون 5% وبنفس الأسلوب.

4.   دهن الكبريت10% خصوصاً للأطفال.

5.   وكجزء من العلاج يتم التخلص من الألبسة والأفرشة والمناشف أو غسلها جيداً وتركها معزولة لمدة عشرة أيام.

6.   بعد القضاء على الطفيلي بإحدى الوسائل أعلاه، فربما تستمر الحكة لأيام، ومن الممكن استخدام مضادات الحك كالأنتي هستامين والكلامين لوشن.

7.   في حالة إصابة أحد أفراد العائلة فالعلاج يشمل كل العائلة حتى وإن لم تظهر الأعراض والعلامات على أي فرد منهم ،كون المرض شديد العدوى.

8.   الاهتمام بالنظافة الشخصية مع توفير الوسائل التي تستخدم من أجل تحقيق هذا الاهتمام كالماء والمعقمات والصوابين.

9.   المصاب بحاجة الى شخص آخر يساعده على استعمال العلاجات، ويُفضل أن يكون الجلد جاف وبارد.

10.  يُنصح بتنظيف الأظفار بعد الهرش او بعد استخدام الدهونات الخاصة بالعلاج، بواسطة فرشة أسنان لا تستعمل بعد للأسنان.

11.  تهوية كافة غرف البيت وإفساح المجال أمام أشعة الشمس لدخولها.

12.  بعض العائلات تستخدم المكنسة الكهربائية/ ضرورة الاهتمام بنظافة تلك الأدوات.

13.  قيام الجهات الصحية المعنية بتقديم الإرشاد الطبي والصحي.

14.  قيام الجهات المعنية بالأمراض المعدية برش المحتشدات المعنية بمبيد الحشرات والطفيليات الخاص.