جوزيف شلال

في العضد 3 – الاحتجاجات والمظاهرات العراقية بين الحقيقة والتزييف

2011 / 4 / 23

المظاهرات حق مشروع ان كانت سلمية تكفله القوانين والمواثيق الدولية ومبادئ حقوق الانسان بشرط ان تستخدم طرق اللا عنف وعدم التخريب او الاعتداء على الممتلكات سواء كانت عامة او شخصية او اي انتهاك اخر مخالف للامن والاستقرار .

شعوب الدول التي تتمتع بالانظمة الديمقراطية والتقدم والحرية تخرج بمسيرات احتجاجية ومظاهرات متى ارادت وقررت ذلك الى الشوارع لامور واسباب ومطالب عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر /
البطالة , غلاء الاسعار , سن التقاعد , الحروب , لايقاف شحنة من المواد المشعة , البيئة والخ .

نجد هؤلاء الذين يخرجون الى الشوارع لديهم مطلب وهدف وسبب وقضية واحدة , اي بمعنى اخر , الجميع يهتفون ويرفعون شعار واحد الا وهو السبب الذي من اجله تظاهروا وخرجوا الى الشارع .

نضرب هنا مثالا بسيطا / في مدينة المانية شتوتكارت خرجوا مواطنيها وهم بمئات الالوف الى الشوارع ضد بناء محطة قطار في المدينة .
اللافتات والشعارات والخطابات كانت جميعها موجهة بهذا الاتجاه فقط لا غيره .

ان دل هذا على شيئ فهو يدل على حقيقة ومصداقية هذه المظاهرات او الاحتجاجات , انها مرتبة ترتيبا جيدا دون تدخلات حزبية او اية مرجعية سياسية سواء كانت دينية او تنتمي الى الحكومة او تدخلات خارجية وغيرها .

تطرقنا في مواضيع سابقة فيما يجري في الدول العربية من مسيرات واحتجاجات ومظاهرات وهناك من يسميها بربيع الديمقراطيات العربية او بالثورات العربية .

بما ان موضوعنا اليوم هو العراق , اذن شاهدنا وشاهد العالم منذ يوم تحرير العراق في 09 / 04 / 2003 مسيرات مليونية .
تلك وهذه المسيرات المزيفة كان يدعو اليها طرف واحد وهو ميليشيات وعصابات ومافيات جيش المهدي الذي يقوده الهارب من العدالة العراقية والمحمي من قبل حكومة ومخابرات وفيلق قدس لنظام ولاية الفقيه والملالي في ايران .

كما هو معروف ان هذه الجماعات الخارجة عن القانون اياديها ملطخة بدماء الشعب العراقي وشعب سكان المنطقة الخضراء ودماء منتسبي الجيش والشرطة .

اما باقي العراقيين لم نشاهدهم يوما قد خرجوا الى الشوارع للمطالبة في الاصلاحات والتغيير والخدمات كما يخرجون هذه الايام وخاصة ايام الجمعة , لانهم كانوا قد انتخبوا هذه الحكومة واحزابها الاسلامية الدينية وايدوها ووقفوا معها منذ انتخابات 2005 وانتخابات 2010 .

عندما لم يخرجوا هؤلاء الى الشوارع هذا لا يعني ان الامور كانت تسير على ما يرام , وان الحكومة قد اوفت بوعودها لهم في حملتها الانتخابية , وان الحكومة قد قضت على الفساد والسرقات وانها حكومة غير طائفية ولا يوجد فيها مرض المحاصصة وجراثيم اخرى كالاقصاء والتهميش والتخلف . . .

اذن العراقيون ونقصد الذين يخرجون هذه الايام الى الشوارع والساحات قد ركبوا الموجة الجديدة العربية وهي مظاهرات يوم الجمعة , وان مثل هكذا مظاهرات واعتصامات تاتي بعد اداء الصلاة لا خير فيها وتكون مزيفة وغير حقيقية وليس لها مصداقية .

بالرغم من ذلك انها لا ترقى او يصح ان نطلق عليها اسم مظاهرة او مسيرة احتجاجية , مجرد فوضى وغير منظمة وهناك من يحركها في السر ويدعمها ماديا ويقف معها اعلاميا .

نستطيع ان نقسم هذه المظاهرات الى ثلاثة او اربعة انواع او اقسام /

مجموعة عفوية تخرج من اجل المفقود او السجين او للفقر او البطالة وغيرها من المطالب المشروعة الاخرى , هذه المجموعة نراها ترفع الشعارات والصور واللافتات وهي صادقة بذلك .

مجموعة اخرى تخرج فعلا من اجل الاصلاح والتغيير وبناء الدولة والعراق الجديد ومن اجل حكومة وطنية تمثل جميع المكونات وتهتم بالمواطن والخدمات وما الى ذلك من المطالبات الحقيقية المشروعة , فهي كذلك نجدها من خلال الشعارات واللافتات التي تحملها .

اما المجموعة الثالثة ومعها المجموعة الرابعة هي مجموعات تخريبية وارهابية ومرتبطة وعميلة للسعودية وايران ودول اخرى خليجية بالرغم من وجود اختلاف في وجهات النظر بينهما .

من يخرج للتظاهر لديه قضية ومشكلة وهدف وسبب واحد , اما ينادي باسقاط الحكومة او تغييرها او اصلاحها لانها حكومة فاشلة في كل شيئ . . .

هذه المظاهرات يجب ان لا تكون كخلطة الزلاطة او كوكتيل من العصير لانها تفقد مصداقيتها وحقيقتها , بعض الشعارات والهتافات التي نسمعها في هذه المظاهرات الفوضوية مهزلة ولا ترقى الى المستوى المطلوب , وكلامنا هو موجه لهذه المجموعات الانتهازية والحاقدة على العراق الحديث .

اذا استمرت هذه المظاهرات في العراق بهذا الشكل المخزي والعار , سياتي يوما نشاهد مظاهرة فيها المئات من المطالب .
سنجد من يريد ويطالب باسقاط حكومة , من يطالب بالخدمات , من يطالب بالحرية , من يطالب بفتح مدارس دينية , من يطالب بزيادة الرواتب , من يطالب بزواج المثليين , من يطالب بفتح محلات السيكس , من يطالب بمنع قيادة المراة للسيارة , من يطالب بفرض النقاب والحجاب , وو الخ من المطالبات التي سوف تفقد اية مظاهرة ومسيرة احتجاجية من هدفها ومصداقيتها والسبب الذي خرجوا من اجلها الى الشوارع .

اليوم نجد من يرفع شعارات خروج الاحتلال في هذه المظاهرات , من يرفع هذا الشعار المزيف يعرف حق المعرفة قبل غيره بان هذه الشعارات هي للمزايدة لا اكثر ولا اقل , المجموعات المزيفة هذه يعرفون ان الاحتلال قد انتهى في العراق منذ تشكيل الحكومة عام 2005 وكتابة الدستور وعقد الاتفاقية الاستراتيجية مع الولا يات المتحدة الامريكية .

نقول لمن لا يعرف /
ان الذي جلب الاحتلال منذ عام 1990 هو نظام صدام عندما احتل الكويت ووضع العراق منذ تلك الفترة تحت طاولة الفصل السابع .
تم تقسيم العراق الى ثلاثة مناطق جنوب ووسط وشمال .

هذه الاحداث لم تحدث في زمن الفراعنة بل قبل 20 عاما , وهؤلاء الذين يرفعون شعارات الاحتلال والغاء الاتفاقيات هم من اتباع التقسيم وتدمير العراق ومؤيدي النظام السابق واتباع النظام الارهابي الايراني والنظام الوهابي الاسلامي السعودي منبع الارهاب العالمي , اصبحوا اليوم كالنعامة يضعون رؤوسهم في التراب ويرفعون مؤخراتهم الى الاعلى .

اخيرا هذه المظاهرات نعتقد ان لا قيمة لها وهي مزيفة وغير صادقة وغير حقيقية لهذه الاسباب /

* تقليد اعمى لما يحدث الان من موجة الانتفاضات والمظاهرات وثورات الثيران الهائجة في الدول العربية منذ بداية عام 2011 , والدليل نتيجة ثورة مصر وسيطرة الارهابيين والسلفيين وشيوخ الدجل والتكفير والنظام الجديد هو اسوا من نظام حسني مبارك بمئات المرات . . .

* اين كانوا هؤلاء منذ عام 2003 ولغاية نهاية عام 2010 ? , ونقصد الذين يخرجون الان للتظاهر في العراق .

* نقولها / لا خير ولا بركة ولا تاييد لمظاهرات واحتجاجات ومطالب تاتي بعد اداء الصلوات لا في العراق ولا في الدول العربية او حتى وان كانت تحدث في ايطاليا على سبيل المثال .

* هذه المظاهرات غير منسقة ومنظمة وشعاراتها مزيفة للمزايدات وهي ترضي من يدعو اليها ويمولها ويقف معها ويساندها اعلاميا لانها بدون هدف رئيسي .

* يرفع فيها شعارات ليس لها راس وذيل وليس لها نهاية وبداية , تجد فيها جميع طلبات المستمعين والمشاهدين /
شيوعية على ماركسية على دينية على بعثية , يسارية , استعمارية , احتلالية , قومية , . . . . الخ .

لكن نتحدى من يعطينا سبب او هدف واحد من اجله خرجوا الى الساحات والشوارع , ولهذا ستبقى هذه المظاهرات والاحتجاجات / لا قيمة لها / , ولهذا لم نتعب حتى نظرنا من مشاهدتها لانها لاتساوي شيئ .