اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• هل كان التحالف الكردستاني شريكا في (كذبة) الشراكة الوطنية!؟

طارق حربي

مقالات اخرى للكاتب

                 كلمات -381-

هل كان التحالف الكردستاني شريكا

في (كذبة) الشراكة الوطنية!؟

 

إن التحالف بين القوى والأحزاب في مواجهة الأنظمة الفاشية شيء مشروع ومفهوم في السياسة، وقد يتعرض التحالف إلى التصدع ويشهد نهايته بعد زوال الطغيان واختلاف الأجندات والنوايا، تشكل التحالف (الكردي الشيعي) خلال فترة المعارضة لنظام صدام، وكان العدو المشترك وحد الأحزاب رغم اختلاف آيديولوجياتها وأهدافها، وكان للتحالف تأثير على الدول الإقليمية والدولية، في تهيئة الأجواء للإطاحة بالنظام الفاشي، وفرضت الأحزاب الشيعية والكردية أجنداتها فأصبحت أمرا واقعا بعد التغيير 2003، ليصوغها الحاكم المدني الأمريكي للعراق بريمر، على شكل محاصصة طائفية وقومية، أدت إلى انسدادات وفشل في الميادين كافة، أوصلت البلاد إلى صراعات محتدمة ومتواصلة لاعلى البناء والتغيير بل على المال والنفوذ والسلطة!

وعمل التحالف المذكور منذ وقت مبكر على إضعاف القائمة العراقية، وجعلها صورية نظرا لمافيها من تمثيل للبعثيين والسنة، وعدم صفاء الأجواء بينهما نتيجة لتعقيد المشهد السياسي على خلفية 35 عاما من الطغيان الصدامي!


أصبح جليا خلال مسيرة أكثر من ثمانية أعوام، أن كل الأطراف الممثلة في العملية السياسية، لم يكن يهمها أمر بناء الدولة لامن قريب أو من بعيد!، لكن بناء أحزابها ودعمها وتقويتها بما تغدق عليها السلطة من المال العام
، ولكي تقوي الأحزاب الكردية من تحالفها مع الشيعية، منحها بريمر - كرشوة ضد اعلان الانفصال وتطمين الحليف التركي - صلاحيات واسعة في دستور الدولة العراقية المؤقت، إلى حد الإعتراض على الدستور نفسه وإلغائه!، بل وتغيير الحكومة ورئيس الوزراء إذا لزم الأمر، وهو ماحدث فعلا بعدما أصر التحالف الكردستاني بما انضم إليه من أطراف شيعية، على إطاحة رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري، وواصل الكردستاني مزيدا من الضغط على حكومة المالكي الضعيفة، رافعا من سقف مطاليبه واضعا شروطا قاسية، لمزيد من الكسب السياسي لاسيما في المادة الدستورية 140 التي نفدت الآن، وضم كركوك الغنية بالنفط، وإذا كانت الأحزاب الشيعية لم تفكر أو تسعى إلى بناء الدولة العراقية، فإن لدى الكردستاني العديد من أوراق الضغط التي يناور بها، بينها التهديد بالانفصال وبناء دولة قوية بعد ضم كركوك، وامتدادات أخرى أطلق عليها المناطق المتنازع عليها، وتعني قضم المزيد من الأراضي العراقية!

 

وعلى طول المخاض العراقي الطويل بقيت عين الأحزاب الكردية على كركوك كغنيمة حرب، تتحصلها من الأحزاب الشيعية الضعيفة، أمام الأداء السياسي الكردي ومركزيته، في إدارة ملفات العراق حينما تصل إلى ذروة الأزمة، بالاستناد إلى ظرف داخلي مستقر نوعا ما وعلاقات اقليمية ودولية ناجحة، ووقع ذلك عدة مرات كان آخرها مبادرة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني في أيلول 2010 ، لحل أزمة تشكيل الحكومة، التي تأخرت نحو تسعة اشهر بعد الانتخابات التشريعية في آذار 2010، وهنالك مبادرة قريبة رشحت بعد زيارة عضو الكونغرس الأمريكي مكين، الأسبوع الماضي إلى أربيل ولقائه الزعماء الأكراد، وحثهم – بعدما يأست واشنطن من الصراع الدائر في بغداد - على إطلاق مبادرة جديدة لحلحلة الخلاف بين كتلتي العراقية ودولة القانون، على خلفية تأخر تسمية الوزراء الأمنيين!

وتطور أسلوب عمل الكردستاني ليس من أربيل أو السليمانية، اللتين كانتا تنعمان باستقرار سياسي عكس العاصمة العراقية المذبوحة بالارهاب الأعمى، لاسيما في 2004 و2005و 2006، ودخل الكردستاني بقوة وقناعة إلى العملية السياسية برئيس عجوز (أصبح له اليوم ثلاثة نواب) وطاقم من الوزراء ونواب الوزراء والسفراء (تكريد السفارات العراقية!) والموظفين الكبار في الدولة، واستخدموا نفوذهم للعمل لامن أجل مصلحة العراق ولاحتى الشعب الكردي، بل مصالحهم الشخصية بالدرجة الأولى ثم مصالح أحزابهم !، ورغم أن الأحزاب الكردية تحمل مشروعا تقسيميا وانفصاليا، ربما سرع في اعلان مجلس الحكيم لمشروع الفيدرالية على أساس طائفي، والذي استشعر الشعب العراقي خطورته ورفضه في الحال، إلا أن القيادات الكردية كانت تقرأ الخارطة السياسية جيدا، وتخلت عن فكرة كردستان الكبرى التي أكاد أجزم أنها لاتسعى إليها، نظرا لعوامل إقليمية ودولية، لكن تسعى إلى كسب المزيد من أموال العراق واستنزاف طاقاته، حالها في ذلك مثل حال الأحزاب الشيعية التي تحلل سرقة المال العام، وترى فيه تعويضا عن سنوات التشرد والضياع في سوريا وإيران والمخيمات وغيرها، وهكذا قبلت الكردستانية بتمتين التحالف مع الأحزاب الشيعية بعد سقوط العدو الأوحد، وتحقيق المكاسب على حساب الحكومة التي يمثل الشيعة فيها جزءها الأكبر، وسعى تحالف الأحزاب القومية الكردية إلى استنزاف المال العراقي وهي التي كانت تتذابح على موارد نقطة ابراهيم الخليل الكمركية!، مثلما كان وزراء وأعلام يطلبون عدم إعادة توطيننا في دول العالم، طمعا وسعيا وراء الخمس والزكاة من رواتبنا الضئيلة في مخيم رفحاء بالسعودية!، للحصول على المزيد من المكاسب .. ولكن إلى حين!

كانت أولى الدروس التي سقط فيها العراقيون صرعى ولم تستفد منها الأحزاب الشيعية، ووقف مكتوف الأيدي منها الحليف الكردي، هي العمليات الإرهابية التي ضربت مناطق منتخبة في العراق وتركزت في بغداد، وأثبت تراجع بعض الأحزاب الدينية في انتخابات مجالس المحافظات مطلع 2009 ، وهي المتحالفة بقوة مع الكردستاني، والرافضة لفكرة التقسيم وضم كركوك ومبدأ الفيدرالية، الممتد إلى ولاية الفقيه وهيمنة إيران ومد نفوذها، بمساعدة أحزابها العاملة على الساحة العراقية، في حين تقدمت أحزاب وضعت مساحة مناسبة بينها والأحزاب الكردية مبتعدة عن مشروعها الانفصالي، لكن الكلمة الأخيرة كانت للشعب العراقي، خلال رسالة إلى جميع الأحزاب مفادها أن كركوك مدينة تعايش عراقية، ووقف بقوة ضد مبدأ التقسيم وصوت في صناديق الاقتراع على وحدة العراق.

أكتب هذه المقدمة بعد قراءة تصريح للقيادي في التحالف الكردستاني محمود عثمان، واصفا الحكومة الحالية بأنها "كذبة" تم فرضها من قبل الولايات المتحدة.!، ولاأعلم لماذا قبل التحالف الكردستاني بـ "الكذبة" منذ 2003 حتى اليوم وعمل على تعضيدها والتحالف معها والدفاع عنها ليستمر الفساد والانحطاط والتراجع على جميع الأصعدة، لتطلق مثل هكذا تصريحات قبل انتهاء مهلة الـ 100 يوما التي منحها المالكي للوزرارت لتحسين أدائها!؟، ولاأعلم إن كانت "الكذبة" قد انطلت على الجميع إلا الأحزاب الكردية!، فهي لم تتورط بما أرادت واشنطن تنفيذه من أجندات بعد اسقاط صدام ونظامه!، أم أن عثمان (أشجع من الناطقين الشيعة بأسماء أحزابهم على أية حال!) يدرك أن التحالف مع الأحزاب الشيعية له ثمن، ربما لايرمي إلى بناء كردستان الكبرى في المدى المنظور، لكن ذلك لايعني أن جملة من المكاسب السياسية والاقتصادية والمالية، بما انضم إليها من كسب وتوجيه العامل الدولي، للعمل على توطيد المزيد من الأمن وضمان المستقبل والاستثمار على حساب الشعب العراقي!؟، سيما وأن ضعف قادة الشيعة جعلوا العراق يحتاج إلى الأحزاب القومية والشوفينية الكردية لا العكس!

 

إن الصراع الدائر منذ فترة بين إياد علاوي (زعيم القائمة العراقية) ونوري المالكي (زعيم دولة القانون ورئيس الوزراء المنهار!)، والذي يتخوف منه عثمان - أي الصراع- لأنه سيذهب بالجميع إلى المجهول، الصراع بين الكتل، الصراع بين الحكومة والبرلمان، الصراع بين الشخصيات والوزرارت وماينتج عن ذلك من فساد مالي وإداري وغيرها، لم يكن هذا الصراع العنيف وليد عدم الاتفاق على الوزراء الأمنيين حسب، بل إنه قام على أساس خاطىء منذ عهد بريمر، وأعني التحاصص القومي والطائفي والكردستاني من أقوى الشركاء فيه!، ماأدى إلى هشاشة العملية السياسية برمتها، ولم نعد مثلا نفهم هل أن نظامنا العراقي الجديد برلماني أم إسلامي أم مجموعة طغاة يتصارعون على السلطة!؟، وكل مايصدر عنهم من تصريحات يتشرذم فيها الشيعة أكثر فأكثر، ويحصد نتائجها الإيجابية الشريك الكردي!، ويخسر فيها الشعب العراقي، ويتأخر بناء الدولة، وتزداد تدخلات دول الجوار!؟

إن (اعتبار الحكومة الحالية صنيعة أو تجميع أو كذبة فرضها الأميركان!) يثير الكثير من الأسئلة، فالتحالف الكردستاني وافق على شراكة استراتيجية في العملية السياسية، وإذا كانت الحكومة الطائفية فرضها الأمريكان على الشعب، وصمت عن أخطائها وفسادها وظلاميتها وطائفيتها السياسية الممنهجة، ووضع مستقبل الشعب والوطن على كف عفريت، فإن التحالف الكردستاني أيضا فرضه الأمريكان إذا استعرنا مصطلح التوافق على سلة واحدة، تعبيرا عن صفقة في إطار التوافقات السياسية كما حدث خلال التصويت على ثلاثة نواب للرئيس الطالباني مؤخرا، وبالتالي كان للكردستاني دور أول في حكومة "الكذبة" بحسب تعبير عثمان، والمهزلة بتعبير عزت الشاهبندر، فأخذ الكردستاني مايريده من مكاسب داخل لعبة أحكمت آلياتها المحاصصة وأصبح هو لاغيره أول كذبة!، لأن الأكراد لم يشعروا يوما بعراقيتهم وهو حق لهم بعد القتل والتهجير والأنفال الفاشي، وأرى أن وجودهم في العملية السياسية أكبر كذبة انطلت على الحكومات الشيعية المتعاقبة الضعيفة!

إن التحالف الشيعي الكردي الذي شهد تصدعا لوجود عقبات مثل كركوك والمناطق المتنازع عليها وقانون النفط والغاز وتصدير النفط من كردستان وقوات البيشمركة وطريقة ارتباطها بمنظومة الدفاع الوطني العراقية وغيرها، كل هذه لم تقف في وجه التحالف وتمت تسويتها بالطريقة التوافقية بين زعماء الكتلتين، وخرج الكردستاني كاسبا لجولات سياسية طوال السنوات الماضية، حتى إذا وصلت مهلة الـ 100 يوما إلى الإنقضاء تطافر البعض من السفينة، وقالوا هذه الحكومة كذبة وصنيعة الأمريكان!، وكلكم كذبة كبرى امتدت لأكثر من ثماني سنوات حتى وصل الحال إلى ماوصل إليه!، لكن هذا الكلام فات أوانه ولم يعد ينطلي على الشعبين العربي في العراق والكردي في كردستان، وسيكون لهما كلام آخر في الساحات العامة .. وإن غدا لناظره قريب!

16/5/2011
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
www.summereon.net

 


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.