اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• الناصرية السوق الكبير 1

ابراهيم عبد الحسن

الناصرية

الناصرية السوق الكبير 1

 

شكلت الأسواق في المدن الحديثة احد أهم مراكز التجمعات السكانية ومحورا للحركة الاقتصادية ومثلما يذكر انجلز ان من الاقتصاد يتفرع الكل او بمعنى الاقتصاد هو المحرك الأساسي للعلاقات الطبقية والاجتماعية والسياسية وفي بدايات تأسيس المدن يكون الدافع الاقتصادي هو المحرك الاساسي للهجرة الى المدن حديثة التأسيس..

مدينة الناصرية من المدن الحديثة التأسيس قياسا بالتاريخ حيث شيدها الوالي المصلح مدحت ياشا عام 1869 م لأغراض سياسيةاكثر منها اقتصادية وكلف زعيم قبائل المنتفق الشيخ ناصر فالح باشا السعدون ببنائها وبدوره كلف الشيخ المهندس البلجيكي جولن تلي بتصميمها على غرار المدن الإسلامية مثل البصرة والكوفة فصممت على شكل شوارع مستقيمة تقطعها أخرى مستقيمة لتكون أشبه بالصلبان  وترك فيها مساحات فسيحة للحدائق

وجعل من مبنى سراي الحكومة نقطة ارتكاز تدور حوله الشوارع والمباني والمحلات وبمحاذاة مبنى السراي صمم السوق الكبير او ما أطلق عليه لاحقا شارع الجمهورية تيمنا بثورة 14 تموز 1958وظل الاسم قائما حتى يومنا هذا..

كان السوق الكبير يشكل شريان مدينة الناصرية الأساسي منذ التأسيس هو وما صمم من حوله لاحقا من شوارع ومحلات ومباني فكان البريد والبنك والمكتبة والجامع الكبير والأسواق الصغيرة المتفرعة من امتداده من مبنى السراي وحتى التقائه بمحلة السيف أي سيف الطعام

كان السوق حاضنة أساسية للمهن والعطارية والمقاهي والفنادق وملتقى التجار والوافدين الى المدينة والكسبة ومحورا أساسيا لاقتصاد المدينة وهو كان يضم اليهود والمسيح والصابئة والمسلمين تسود علاقاتهم المهنية والاجتماعية الود والتآخي.. ففيه كانت الخانات والمقاهي والفنادق والمطاعم والمحال المتنوعة والمتطورة مع تعاقب الأيام وتطور الزمن والأحداث وفيه الحلاقين والعطارين والحمالين وبائعي التمور والحبوب وفيه المجانين الذي يشكل نقطة تواجدهم الى يومنا هذا والظرفاء وينتشر في مقاهييه رجال الأمن والمخبرين السريين ايام البعث المقبور ..

ففيه كانت فنادق وجنة الشارع وفندق تامول والناصرية والزهراء وسومر والغراف والفرات والرحاب وبغداد والخيام والهاشمي والرشيد والأمير والأمراء وسولاف والوحيد والمساء والزهراء.والصادق..

والشارع شكل شريان المدينة السياسي فقد شهد تجمعات المجاهدين بقيادة محمد سعيد الحبوبي ضد الاحتلال البريطاني وشهد مقتل العقيد جفرسن وتظاهرات تاييد حركة رشيد عالي الكيلاني وتظاهرات ضد معاهدة بورت سموث ومظاهرات  تأييد الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي على مصر وتظاهرات أبناء المدينة تأييدا لثورة 14 تموز 1958 وآخرها تجمعات ومظاهرات ثوار انتفاضة اذار 1991 .

والسوق الكبير كان يشهد ويشارك ابناء المدينة افراحهم ومسراتهم واحزانهم ففيه المطاعم التي تقام فيها ولائم الاعراس ومنه تنطلق جموع المشيعين لفقد عزيز من ابناء المدينة..

فيه كانت تنتشر اغلب مطاعم المدينة ففيه مطاعم الأمير والفتيان والرسول وكباب الجوادين وباجة سبيتي وحسن ابو الباجة ومهدي ابو الباجة وشوربة حسن درج وجلفراي ابو يحيي وتكة صليبي ومطعم حبيب الله ابو ظاهر ومأكولات عليوي ومطعم ابو نوال وكبة ابو قيس ومطعم ابو عادل..

ومن اشهر المقاهي في الشارع مقهى ابو احمد الذي يرتاده ادباء ومبدعي الناصرية وزائريها من الادباء والفنانين والسياسيين ومقهى كاظم خلوف والتي قائمة حتى اليوم ومقهى شنين ومقهى جمعة زيدان ومقهى جخم الذي ناده احد زبائنه قائلا جخم هذا جايك يرادله مزه  ولازال ابنه يدير المقهى ومقهى محمد عمارة وراضي فرهود والعروبة واللواء ومقهى ابن زهلولة  ومقهى جلود ومقهى البازي ومقهى ميزر ومقهى ابو عادل وقد شهدت يوم كنت اعمل صانعا في الشارع  بعد وصول صحف اليوم يتوزع الباعة على الشوارع والمقاهي واول مقهى هو مقهى ابو احمد حيت كثرة القراء من مرتاديها وجدت طريقة ان تقرأ الجريدة وتعيدها الى البائع لقاء خمسة فلوس ..

ومن محال الحلويات في السوق حلويات الحاج خورشيد  والحاج هليل والمرحوم الحاج عبد الهادي الشكرجي الذي كان يقع وسط السوق  وكان يعمل معه أولاده سعدي وحسين والمرحوم قاسم والمهندس زميل الدراسة رياض ومؤيد واحمد وكان طريقة عرض الحلويات تبهر الناظر وأتذكر كنا صغارا نضع حلاوة الشكرية في صمونة حارة تعتبر اشهى وجبه لقاء عشرة فلوس ..

واول مخزن حديث للمواد المنزلية افتتحه في الشارع المرحوم مهدي عودة وكانت ايضا محال عزيز الموصلي وجبار صنكر والدبوس ومحلات سيد علي المغازجي ومن افخر محال الالبسة محلات دمشق وأربطة البلداوي وعبد الله المحارب ومخزن شهرزاد ومحل ملاغي ورشيد الناصري ومحلات طه وياسين وشاكر اسود

كانت صالونات الحلاقة في الشارع بمثابة منتديات سياسية فيها يدور الحديث عن اوضاع البلد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتنتشر فيها الصحف والمجلات ليطلع عليها الزبائن ففيه وحوله كانت تقع صالونات راضي فيروز وعبد الحسن علوان ومحمد جدوع وسيد مهدي وحلاقة عدنان  والحاج فليح ونعيم وجمعه وطارق الحلاق وجاسم ومحل ابو يوسف وجاسم الحلاق وهاتف الحلاق وحلاقة خليل القائمة هي وحلاقة هاتف الى اليوم وحينما كانت السلطات تعتقل والدي الحلاق عبد الحسن علوان يتبرع احد الحلاقين بافتتاح محل والدي ومزاولة العمل ليدبر مصاريف عائلتنا خلال فترة الاعتقال او السجن

تقع في السوق أشهر مكتبات المدينة منها مكتبة الأهالي لصاحبها جبر غفوري احد أقطاب الحزب الوطني الديمقراطي وجاء اسمها تيمنا بجماعة الاهالي  ومكتبة 14 تموز للمرحوم طاهر محمد غفوري ومن الصدف ان المكتبتين تقعان مقابل مقهى ابو احمد ومكتبة الأهالي لازالت قائمة الي اليوم وأتذكر شرائي منها العدد الاول من جريد الفكر الجديد الذي اصدرها الحزب الشيوعي العراقي بعد توقيع ميثاق العمل الوطني وكان تاريخ العدد الاول هو 18 حزيران 1972 .

 

من غرائب الشارع هو مركز تجمع لكل مجانين الناصرية والى هذا اليوم فقد مات كريم ابو الكوت وماعادت صرته التي يحمل بها بقايا العظام ليرميها ليلا الى الكلاب في طريق عودته الى اهله في الزهيرية ومات عمي جوعان واختفت ساعة جليل المتحطم بعد وفاته ولازال شنان يؤدي التحية العسكرية للمارة واختفت لوحة كاظم الحلو الحباب بعد وفاته في السجن  اما ظرفاء الشارع فقد مات قدوري ملا عمران واقعد المرض محمد طرزان وبان الكبر على شقيقه عزيز الشهري ومات كوزان  ومات حريز وكاظم الحمال ومحمد الحمال وطلبة وعبد حله رحمهم الله جميعا  

كانت محال الكهربائين تزيد السوق بهجة بأنوارها وكان منهم خضر القيسي واخوانه وسيد يحيي وسيد محمود وابو عقيل عبد الستار الكهربائي الذي يزاول اولاده المهنه الى اليوم وبنفس السوق  وعبد الحر ومحال جعاز ..

كانت محلات الخياطة في الشارع وحواليه منها علوان مشعل ومحمد رشيد وبهاء قادر وراضي بصيص وخياطة ابراهيم واشبيلية وخياطة الثورة وسبورت والمشيهدي ورحيم الشيخ علي وحميد اسود  واخرون

 

اليوم في المكان الذي يتقاطع السوق مع الفرع المؤدي الى مدرسة العلوم الدينية واتصال الشارع بمحلة السيف أي سيف الطعام فقد تحولت جميعا الى محال حدادة وموادانشائية ونجارة  تحولت سكلة اللحم الى محال للنجارة

 

كانت العلاقات الاجتماعية التي تربط بين ابناء السوق ومرتاديه غاية في التلاحم والمحبة والصدق والامانة

كان يمل في السوق اليهود والمسيح والصابئة والمسلمين التي تربطهم روح المودة بعيدا عن المذهبية والطائفية التي نعيشها اليوم وبشكل واضح ومقزز كذلك تنعكس هذه العلاقات بين جميع ابناء المدينة وكل محلاتها الشعبية عكس اليوم حيث اختفت هذه المشاعر وتداخلت الاعراف بين ابن المدينة وابن الريف الذي نزح الى المدينة جاهلا بناريخها واعرافها ورموزها ومسمياتها ومن ساباقات تاريخ العراق السياسي المعاصر فقد اصدر وزير الداخلية رستم حيدر وهو سوري الجنسية جاء مع المرحوم الملك فيصل الاول اصدر امرا بنع مبيت ابن الريف في المدينة الا في الحالات القصوى وبأذن رسمي ولما سئل عن جدوى الامر قال لآبن ريف عادات وقيم واعراف تختلف عن عادات وقيم واعراف ابن المدينة واذا صار الاختلاط ضاعت تلك القيم والاعراف والمباديء وقد تحققت نبؤةى الرجل اليوم حيث اختفت طباع المدينة وعاداتها وسط النزوح الكارثي من الريف

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.