اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• الدستور والمسجد

احمد بوكيوض

 المغرب

 

الدستور والمسجد

 

من البديهيات الواضحة ان هناك فرق شاسع بين المسجد وبين التلفزيون وغيره من المنابر الاعلامية،  سواء في طبيعتهما او في الوظائف الموكولة لكل منهما. ومن ثمة لا احد يمكنه ان ينتظر من وزارة الشؤون الاسلامية ان تخصص خطبة الجمعة  القادمة  للراي الرافض للدستور. لكن هذا لا يعني  ان الذين طالبوا بذلك  كانوا على خطـأ  في انتقادهم  لتكليف الخطباء بالدعوة الى التصويت بنعم كما حصل يوم الجمعة الماضي .

   اكثر من ذلك فالمفترض حتى في الذين يؤيدون المشروع الدستوري، وخاصة من الديمقراطيين،  ان يعبروا،  وبوضوح عن  رفضهم لقيام الوزارة المذكورة بـ ( تعبئة) خطباء الجمعة  بتلك الخطبة التي تحدثت عنها وسائل الاعلام’ وقالت انها  عممت على كل مساجد البلاد و تليت فيها يوم الجمعة الماضي.

   والرفض هنا بمنطق الاشياء وبالمبدئية الذي يجب ان تحكم التعامل مع القضايا الكبرى والحساسة.  فشرح مضامين الدستور واتخاذ موقف منها هو, عمل سياسي ووظيفة مكانها خارج المساجد. ولا نرى دستور 2011  في حاجة الى ديباجة خطب الجمعة ولا الى توظيف نصوص القرءان ولا الى الاستشهاد بالاحاديث النبوية. فالقوى السياسية والنقابية المقتنعة بقول نعم لهذا الدستور تقوم بدورها التفسيري والتعبوي في هذا الا تجاه، ولها الوسائل والمنابر المستعملة  في المجال السياسي، من صحافة وقتوات تلفزية والاذاعات والتجمعات والتظاهرات. ونفس الوسائل متاحة لمن يقاطع او يقول لا.

   لذلك فان منزلق خطبة الجمعة الماضية يعد من الاخطاء التي تربك الحياة السياسية. والمعروف ان مثل هذه الاخطاء انما تشكل ذريعة وتشجيعا  للجماعات والتيارات التي تتربص بالمساجد  بعد ان حولت بعضها الى (مجال حيوي) لانشطتها ومشاريعها السياسية الداعية  الى الدولة الايديولوجية المنغلقة.

    وحتى خارج المساجد فمن هذه التيارات من يحارب الديمقراطية باسم الديمقراطية، وهناك من يعمد الى الظهور بمظهر المدافع الوحيد والاوحد عن (الاسلام)، ومن تفتقت عبقريته عن ( الديمقراطية المستندة على الشريعة الاسلامية)، ومن حارب وتحالف موضوعيا  للتصدي لمقومات الدولة المدنية في الوثيقة الدستورية.

     وان كانت اجزاء من صورة  الصراع الخفي، في مجال  التقاطع بين السياسي والديني، تنسب لتراكمات اخطاء الماضي، فان واقع اليوم ومعطياته تنبىء  بان تلتجيء جماعات الاستغلال السياسي للدين الى اشكال واساليب جديدة  في سلوكها وتوجهها المعروف والى استغلال كل خلط او (غموض) في هذا التقاطع. وفي كل الحالات فان الدولة  مطالبة بان تعطي المثل وان تحرص على جعل منابر المساجد في منأى عن اشكالات القضايا  السياسية. وفي هذا ايضا ما يذكر او يحيل على موضوع استكمال اصلاح الشان الديني  بما يصون المساجد من  الاستغلال السياسي  ومن جعلها فضاء لصراع المواقف والايديولوجيات.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.