اخر الاخبار:
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• كلمة حول المرحوم الأب الفاضل القس أوراهم دنخا

المهندس زيا داود

كلمة حول المرحوم الأب الفاضل القس أوراهم دنخا

 

 

عند دقات الساعة الثالثة صباحاً من يوم الخميس 7/7/2011، فارق الحياة الأب الفاضل والراعي الصالح القس أوراهم دنخا راعي كنيسة مار زيا الطوباوي في الميكانيك/ الدورة.

ولد القس أوراهم في قرية بيبادي (30 كم شمال دهوك) سنة 1925 وقبِل الرسامة الكهنوتية سنة 1986.

لا يمكن اعطاءه حقه مهما كتبت عنه ولعل قليل من السطور قد تشفي بعض الغلة في الصدور.

لقد جسد الوصايا الكتابية وطبق المبادىء الايمانية بالأعمال لا بالأقوال حيث:

-       لم ينادي بالمحبة ويخاطب بها ولكن كان قلبه الصغير يتسع لكل الدنيا ففرحته كانت لا توصف حينما يلتقي بأبناء الرعية ومن أي فئة أو منطقة كانت ويحاورهم في شتى المواضيع بلطف ووداعة وتواضع وحينما تخبره عن فراق الأحبة والأصدقاء والذكريات وفي هذا الزمن الصعب كانت دموعه تجري مدراراً على خديه وكأنه يريد أن يلم كل أحبائه تحت جناحيه الصغيرين وينطلق بهما بترانيم المحبة وتسابيح الرجاء.

-       لم يتشدق يوماً بشعارات حب الوطن وضرورة الثبات والوجود القومي لكن كانت أفعاله هي التي تؤكد ذلك من خلال رفضه لكل الفرص التي اتيحت له حينما خير بين الذهاب الى قريته في شمال الوطن أو السفر الى خارح الوطن حيث هناك أولاده ولكنه أبى أن يخون الأمانة فكان صوته هادراً وشامخاً حينما قال: لا والله لا أترك كنيسة مار زيا حتى آخر يوم في حياتي وسأكون وفياً لها في السراء والضراء.

-       لم يدعي الشجاعة والبطولة ولكن أفعاله اثبتت ذلك فبقى أميناً على الكنيسة واستمد الشجاعة بالايمان حينما تراءى له القديس مار زيا قائلاً له: لا تخف فالرب حافظك وحاميك مهما اشتدت الصعاب وزادت المخاطر طالما بقيت محافظاً على الكنيسة، فلم يتخلى عن الكنيسة حتى في أصعب الظروف وأشدها حيث انتشر القتل والخطف والتفجيرات ولا سيما في فترة الطائفية خلال السنوات (2006-2007) فكم من مرة اصيبت الكنيسة باطلاقات نارية أو قاذفات صاروخية بل وصل الأمر حين دخل الإرهابيون وحاولوا جره خارجاً ليفجروا الكنيسة أبى الخضوع قائلاً لهم: اقتلوني قبل كل شيء ولكنني لا أخافكم لأنه مكتوب لا تخافوا من الذي يقتل الجسد بل خافوا من الذي يستطيع أن يرمي الجسد والروح في نار جهنم، فكانت كلماته ذو وقعٍ وصدىً مخيف في قلوب الإرهابيين فتراجعوا عن مسعاهم لا بل قوة ايمانه جعلتهم يخدمونه في الأيام اللاحقة حيث لا أحد من الأشخاص كان يمر عليه بسبب القتل والجثث المرمية في الطرقات وكان يقول بقينا أياماً لا نسمع أي صوت مما يحيط بنا وكنا نطمئن قليلاً حينما نسمع صوت نباح الكلاب فذلك كان يقتل السكون المخيف المحيط بنا.

-       لم يكن متضلعاً كثيراً في كتب الفلسفة والحكمة لكن حينما تراه يصلي رافعاً رأسه متضرعاً نحو ربه مليئاً بالخشوع والمخافة فكان يجسد قول الآية (رأس الحكمة مخافة الله).

-       لم يرتدي ثوب الورع والقداسة ولم يطلب المكانة المرموقة وتصدُر المجالس لكي يكرم ويوقر من الآخرين بل كان همه أن يتقرب الى ربه أولاً، فلم يترك الكنيسة مقفلة بل كان يؤدي الصلوات في أوقاتها سواء كان منفرداً أو كان معه شخص واحد أو أكثر لثقته ان هناك الأمل والرجاء في الصلاة وان الكنيسة هي خير ملجأ من أقسى الحصن وأقوى المتاريس.

-       كان موقفه الشجاع لا يقل عن مواقف الآباء والكهنه الذين نالو اكليل الشهادة على أيدي الإرهابين والقتلة بل كان من خلال معايشته لتلك الظروف الخطرة المحيطة بالمنطقة والكنيسة قد أعد نفسه مشروعاً للاستشهاد ومطبقاً الآية (فمن يفصلنا عن محبة المسيح؟ أتفصلنا الشدة أم الضيق أم الاضطهاد أم الجوع أم العري أم الخطر أم السيف؟ من أجلك نحن نعاني الموت طوال النهار، ونحسب كغنم للذبح رو 8: 35-37).

-       كان في معيشته وكأنه راهب في دير بعيد عن أضواء المدينة وفي ظروف أمنية صعبة لم يكن يائساً أو متذمراً من حياته، فكنت أتسائل أحياناً من منا يستطيع البقاء في هذا المكان الموحش وفي تلك الظروف الصعبة ولكني كنت أستدرك بأن هناك قوة خفية تسنده وتقويه وتملاءه نعمة وبركة وتراءت لي الآية التي تقول (تكفيك نعمتي، في الضعف يظهر كمال قدرتي 2كو 12: 9-10) فرغم كبر سنه وضعف جسده لكنه كان يشعر بسلام وفرح وقوه لأن يد الرب كانت معه في كل حين ليجني ثمار الآية التي تقول (أحسنت، أيها الخادم الصالح الأمين، كنت أميناً على القليل، فسأقيمك على الكثير، ادخل الى نعيم سيدك. متى 25: 23-24).

تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه في ملكوت السماوات مع القديسين والأبرار ويعطي الصبر والسلوان والتعزية لعائلته وأقرباءه ولسائر المؤمنين.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.