اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• حين يكون الخيار العربي عراقياً

حسين الحسيني

حين يكون الخيار العربي عراقياً

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

لا شك بأن التغيرات الكبيرة التي طرأت و ما زالت على الساحة العربية لها أثرها الأبرز في إطلاق سراح المكبوت من المشاعر، و الإنحياز والركون والإصطفاف ربما مع الجماعات التي كانت تعاني الملاحقات والحملات العسكرية والإعلامية ضدها، لمعارضتها لأنظمة الحكم السابقة، وعلى الأخص ما تعرضت له الحركات والأحزاب الإسلامية من ملاحقات ومنع لأنشطتها السياسية والحزبية.

سقط نظام صدام حسين عام 2003، فنهض كمارد عملاق ذلك المكبوت لدى العراقيين وخاصة أولئك الذين عارضوا نظام حكمه أو من تعاطف معهم، فكانت نتائج الإنتخابات الأخيرة وسابقتها عبارة عن ردة فعل لحركة الشارع المشحونة بالطائفية و بالإنحياز إلى ما كان ممنوعاً في السابق، فكانت النكهة واللون والشكل تميل نحو الإسلاموية وإن كان المذاق ليس كذلك.

الإعداد لتلك الطبخة لم يستغرق وقتاً طويلاً، مع وجود المواد الأولية و الوقود المعتق عبر عقود من الزمن، و المتمثل بلهفة طيف كبير من الشعب العراقي لحكم الأحزاب الإسلامية التي شعرت بالحيف والمظلومية من تسلط حزب البعث "العلماني" الذي لم يمنحها الفرصة للمشاركة في الحكم، ويفسح المجال لخيار الشعب الذي من المفترض بأنه سوف يرى سلبيات وإيجابيات الأحزاب اليسارية والعلمانية والإسلامية ويختار الأصلح منها بعد التجربة.

حدث ما حدث في العراق ويبدو أن من أطال لحيته بعد 2003 عاد ليحلقها مؤخراً، و من كان يطلقها قبل ذلك التأريخ سارع اليوم لتخفيفها ليتهيأ لليوم الذي لا يستطيع الناظر له أن يميز وجودها من عدمه، ولذلك دلالته المتمثلة ببدء العد العسكي من قبل الشارع العراقي للإنفضاض من حول تلك الأحزاب وربما التهيئة لمعاقبتها، فالشعب إقترب من منطقة اليقين تلك التي لسان حالها يقول إن الأحزاب سواء ارتدت الزيتوني أو أطلقت اللحى هي في النهاية تبحث عن مصلحتها المتمثلة بالوصول الى السلطة والإستحواذ عليها و لا شيء غير ذلك، وبغض النظر عن مصلحة المواطن أو مصلحة الوطن أو مصلحتهما مجتمعين أو منفردين.

ما يحدث في مصر مؤخراً من إطلاق شعارات بصوت مدوٍ وتصريحات نارية تنادي بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية وتؤكد بأن هوية مصر "إسلامية" وكأن هناك مشكلة "هوية" لدى المصريين؟ لها دلالة واحدة هي الأجندة السياسية وإطلاق المكبوت الذي كان ممنوعاً ومقموعاً في السابق.

وما يحدث في ليبيا من صراعات داخل المجلس الوطني الإنتقالي الممسك بزمام السلطة في الشرق الليبي وبنغازي تحديداً يشير إلى وجود تيارات متطرفة إستخدمت نفوذها ونظرتها الأحادية لتصفية قائد الثورة العسكري ورئيس أركانها اللواء عبد الفتاح يونس الذي أغتيل مع رفيقين له بظروف ما تزال غامضة وإن أشار البعض إلى تورط القاعدة وبعض الأحزاب الإسلامية المتشددة هناك، وذلك له دلالته أيضاً والمتمثلة بإطلاق العنان لتنين الإنتقام لينفث ناره بوجه كل من يعترض وكل من كان ينتمي للنظام الذي يتمنى الثوار الليبيون أن يصبح "سابقاً" أو "مخلوعاً" أو "مقبوراً"، ولكنه ما زال على سدة الحكم لحد الآن.

وحتى ما حدث أو يحدث في سوريا و اليمن والبحرين يشير إلى تلهف الشارع العربي وشغفه لحكم الأحزاب الإسلامية من خلال الديمقراطية وصناديق الإقتراع، وهذا من حقهم وهذه هي الديمقراطية التي تعني في أبسط صورها حكم من يختاره الشعب ممثلاً لهم.

لا تتملكنا مشاعر "الإسلاموفوبيا" كما تتملك بعض الغربيين، ولكننا كعراقيين سبقنا غيرنا في التجربة وإن كانت مقادير الطبخة مختلفة و ربما طريقة إعداداها تمت داخل المطابخ الغربية أو الشرقية، لكن النتيجة تكاد تكون واحدة.

وما يؤكد ذلك ما نراه في مصر تحديداً من سيناريو ومشاهد لمحاكمة رموز النظام السابق والمطالبة الملحة بملاحقتهم وإجتثاثهم والدخول في دوامة الصراعات الطائفية والعرقية وصولاً إلى اقتناص الأحزاب الإسلامية الفرصة الذهبية للإنقضاض على السلطة وهذا الشيء المشروع في مشهد الصورة التي يراقبها الجميع ويتطلع إلى بؤر الإضاءات وأماكن الظل والعتمة أحياناً، ولكن الصعود على أكتاف الفقراء باستخدام شعارات تكاد توحي بدلالتها بأنها مستوحاة من المقدس ومن كتاب الله الذي لا ينطق عن الهوى، فنعتقد بأن هذا الشيء سيكون غير مشروع، لأنه احتوى على التدليس والتخويف واستغلال لمشاعر الملايين الذين سيتقبلون بأي ظلم أو حيف يلحق بهم، طالما صرح بذلك رجل دين أو أفتى به أحد المشايخ والذين ربما يكون البعض منهم لا يمتلك أية مشاعر إنسانية أو وطنية أو أي حب للخير.

فهل ستعلو أصوات المناطقية لدى الشعوب العربية ليختفي صوت التكبير باسم الوطن الواحد؟ وهل سترتفع صرخات الطائفية لتذبح حوار الأديان من الوريد إلى الوريد؟ هل ستحتاج الشعوب العربية عقداً من الزمن لتفرغ مكبوتها وتعي بعد فوات الأوان أن البعض قد ربح الجولة كأفراد وجماعات وطوائف وأحزاب ولكنهم خسروا ما كان يسمى وطناً.

هل تحتاج الشعوب العربية لكي تستمتع بطعم حريتها، أن تستمع للأصوات النشاز وتطرب لجعجة الوعود كي تتراقص الأوطان ويتمايل حالها وفقاً لمبدأ الفوضى الخلاقة ؟

نحن مع تطبيق القانون وإحقاق الحق والوقوف جميعاً مع توازن كفتي ميزان العدالة لمحاكمة كل من تورط بالقتل والسرقة من النظام السابق أو من رجالات النظام الحالي أو رجالات الأحزاب والمليشيات في كل زمان و كل مكان، كي لا تكون عين العدالة عوراء وتنظر من زاوية واحدة ؟

هل سيكون المشهد العراقي بكل سلبياته وإيجابياته حاضراً أمام مستقبل حركات التغيير العربية؟

و هل سيجدون أولئك الذين عيّروا العراقيين ذات يوم لرؤيتهم مشاهد الغلو والطائفية والعنف والفوضى والفساد والإنقسام المجتمعي، أنفسهم  بأنهم يقومون بتمثيل نفس الأدوار التي قالوا عنها سابقاً بأنها مصاغة من قبل السينارست الأمريكي ذو الخيال الهوليودي المهووس؟

يبدو أن الشعوب العربية لديها مشتركات كثيرة في الذوق العام والإنجذاب للدعايات المبرمجة والإنقياد التام للشخصيات الشعاراتية.

لكن يبقى السؤال الأهم، والأكثر إلحاحاً هو: هل ستمضي أجيال الربيع العربي التواقة للحرية والعدالة والمساواة نحو مصير يكاد يكون يكون نسخة مشابهة إلى حد بعيد لعراق ما بعد 2003 ؟

وبصيغة أخرى، حين يكون الخيار العربي عراقياً، هل ستشعر تلك الشعوب العربية بأنها وجدت ضالتها المفقودة والمنشودة المتمثلة بالحرية، أم ستشعر بأنها أضاعت طريقها وفقدت ذاتها وهويتها الوطنية؟

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.