اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• اليسار الدانماركي : الجماهيرية و ليس حجم المنظمات !

  شه مال عادل سليم

اليسار الدانماركي :

الجماهيرية و ليس حجم المنظمات !

 

www.shamal.dk     

 

فازت المعارضة اليسارية ( الكتلة الحمراء ) المتمثلة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي , حزب الشعب الاشتراكي , وحزب القائمة الموحدة اليساري والحزب الليبرالي الأشتراكي الدانماركي  (راديكال فنسترا ) .... التي تتزعمها مارگريت فيستگو ـ هانسن ـ 43 عاما ، فازت في الانتخابات التشريعة باغلب المقاعد البرلمانية وبنسبة ) 50,3 ( من اصوات الناخبين ...

لتنهي بذلك سيطرة ائتلاف اليمين الحاكم الذي يطلق عليه ( الكتلة الزرقاء) بزعامة رئيس الوزراء (لارس راسموسن , 47 عاما )  زعيم حزب المحافظين الأحرار (الحزب الذي يدعمه المزارعون وذوي الطبقة المتوسطة في الدانمارك ) بدعم من (حزب الشعب) أكثر الآحزاب تشدداً في الدنمارك ضد الآجانب وله سياسة عدائية وعنصرية علنية وبدون تحفظ و تترأسه ( (بيا كييرسكارد  , 64 عاما) زعيمة ثالث أكبر كتل البرلمان التي صرحت بعد اعلان نتائج الانتخابات (بانها ستتصدى الى اي محاولة لتخفيف القيود المفروضة على قانون الهجرة، وان ملف الاجانب كالدم الذي يمشي قي عروقنا )

يأتي ذلك الفوز بعد حكم استمر عشر سنوات بالتمام والكمال ، شهدت مملكة الدانمارك  خلالها أسوأ ركود وتقشف وانكماش اقتصادي وعمليات خصخصة وفي جميع المجالات ومنها الصحية والتربوية بشكل خاص , بالاضافة الى العجز الكبير في الميزانية وارتفاع نسبة الديون التي وصلت الى مستوى غير مسبوق , واعتمد زعيم حزب المحافظين الأحرار خلال فترة حكمه على تحالفه مع "حزب الشعب الدانماركي " المعادي للمهاجرين لتمرير تشريعات قوانين الهجرة خلال البرلمان وفعلا استطاعوا ان يشددوا خلال فترة حكمهم الخناق على الاجانب بشكل خاص من جميع النواحي منها :  (قوانين اللجوء , قوانين لم الشمل و الأقامة الدائمية و قانون الجنسية الذي يعتبر أصعب قانون بالعالم للحصول على جنسية  بلد تقيم به )  والخ من امور بات من الصعب جدا الحصول عليها ان لم يكن مستحيلاً في ظل حكم (الكتلة الزرقاء ) ..

وعلى اثر فوز الكتلة الحمراءاصبحت (هيلة  ثورنينك- شميت)( 1 )   رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي  أول امرأة تتولى منصب رئاسة الحكومة في الدانمارك بعد فوزهم في الانتخابات، التي ركزت  في حملتها الانتخابية على قضيتي (تخفيض الضرائب و رفع الانفاق العام ) لغرض اصلاح الاقتصاد. كما تعهدت بتعديل القوانين المشددة على الهجرة التي اقترحتها الكتلة الزرقاء بزعامة لارس لوك راسموسن رئيس الوزراء السابق .... وخلال توليها زعامة الحزب عملت هيلة وبشكل جدي على ترسيخ  أطر التعاون بين حزبها وحزب الشعب الاشتراكي والاحزاب المعارضة الاخرى .......بعد نجاحها الهائل في السيطرة على المشاكل التي كانت تتطور داخل حزبها بين جناحين ( يساري و يميني )

 

اسباب تقدم الاحزاب اليسارية في الدانمارك ؟

ادىّ الإنهيار المؤسف للمعكسرالاشتراكي الى ضعف وتراجع الاحزاب الشيوعية في جميع انحاء العالم  ,و اثر هذا السقوط الدراماتيكي تحديدا على نشاط قوى اليسارفي العالم سلبا والتي ولاتزال تعصف و تهدد وجود الكثير من تلك الاحزاب اليسارية ومن الصميم وخاصة تلك الاحزاب التي انكفأت على الذات وانشدّت للقيم التقليدية بحثا عن الامان والاطمئنان خوفا من التجديد  .!!, الا ان بعض من  الاحزاب اليسارية في دول العالم استطاعت ان تنسجم مع التغييرات التي حصلت وغيرت خارطة العالم السياسية شئنا ام ابينا , بوقوفها الجدي وشجاعتها للدراسة والتحقيق  العميقين للاسباب الرئيسية للخلل الذي شاب تجارب المعسكر الاشتراكي وانهيارها وتراجع احزابها ولاسباب  فقدان جماهيرية تلك الاحزاب في تحقيق التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ... ولواقع الطبقة العاملة ومكونات المجتمع الاخرى، ثم رسم الستراتيج والتكتيك بموجب متطلبات العصر  ...

بالاضافة لاستجابتها لمتطلبات الواقع وخروجها من قوقعتها الحديدية التنظيمية الصارمة التي ادت الى شلل حركتها و الى ابتعادها عن محركها الحقيقي الا وهي الجماهير و مطاليبها, بالاضافة الى تعزيزالجانب الديمقراطي لحياة الحزب الداخلية و الغت  هيمنة واحتكار شخص او عدة اشخاص لقيادة الحزب وحولت القيادة الى ( قيادة جماعية فاعلة ـ على سبيل المثال حزب القائمة الموحدة في الدانمارك ) ...

بالاضافة الى تغيير برنامجها وشعارها بحيث تنسجم مع التركيبة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية لبلدانها ودرجة تقدمها وتطورها على اساس  النظرية الماركسية ( كنظرية غير جامدة ) بعد ان اثبتت من خلال التجارب بان بعض جوانبها اصبحت في حكم الماضي وذالك بفهم واستعاب جدلية النظرية وجوهر نشاطه الفكري الثوري وانطلاقا من رؤية وقناعة بضرورة المواصلة والتجديد والتقدم  , والمشاركة الحقيقية والملموسة لبناء الديمقراطية في الحياة الحزبية والعمل الحقيقي من اجل الشفافية وتطبيقها داخل التنظيمات  بالاضافة الى تكثيف جهودها  من اجل ايجاد حركة يسارية جماهيرية قوية تعبر عن مصالح الجماهير ...,بالتعاون مع جميع القوى المعادية للرأسمالية كالذي حصل تماما  مع الاحزاب الدانماركية المعارضة ( الكتلة الحمراء ) , ايمانا  بان تلعب تلك الاحزاب دورا فاعلا ومؤثرا على الصعيد الوطني ومن ثم على الصعيد الاوروبي ...

حيث  تاسس حزب القائمة الموحدة  في عام ( 1989 ) نتيجة اتحاد بين ثلاثة أحزاب وهي:  حزب الاشتراكيين اليساريين (VS), الحزب الشيوعي الدانماركي( DKP) , وحزب العمال الاشتراكي (SAP) ....... دخل الحزب في عام 1994 ولاول مرة الى البرلمان , وبعد ان تراجع الحزب  في الانتخابات السابقة وقبلها كحزب يساري دانماركي ...استطاع وبشكل قوي ان ينهض هذه المرة ويقف على رجليه وسط الجماهير الدانماركية و يضاعف تمثيله البرلماني بثلاثة اضعاف  , حيث حصل على 12 مقعدا برلمانيا بعد ان حصل على 4 مقاعد في البرلمان اثر انتخابات نوفمبر عام 2007 ..                      

يرى المراقبون بان فوز حزب  القائمة الموحدة الذي يقدرعدد اعضائه ب( 5000  عضو فقط ) وتقدمه بشكل ملحوظ تعود الى جماهيريته وعمله الميداني لامتصاص غضب الجماهير من سياسة الاحزاب الحاكمة واجراء اصلاحات اجتماعية  انية وضرورية , حيث عمل  اعضاء الحزب وبشكل جدي و بدور و حضور الشبيبة اليسارية الفاعلة من خلال منظماتهم في فترة معارضتهم ، بتبني مطاليب الجماهير ومنها الشريحة الشبابية التي فقدت الامل بمستقبلها نتيجة الانكماش والتقشف الاقتصادي الذي ضرب مصالح فئات فاعلة من الشعب الدنماركي عرض الحائط ، و تضررت بذلك الشريحة الشبابية من المجتمع ومنها الطلاب خصوصا ..!

واستطاع الحزب ان يتغلغل بين الجماهير وان يكون معها وبجانبها ويعبر عن مشاكلها بشكل جدي حتى اصبح الحزب لسان حال الجماهيرالتي كانت ترفع صوتها وتكثف من نشاطها يوما بعد يوم نتيجة الياس من سياسة الاحزاب الحاكمة وعجزها عن تقديم الاجابات والحلول السليمة التي دعى اليها في برنامجه الانتخابي  , وخيبة الامل حيال مشروعها الاصلاحي التي وعدت به الجماهير  ....

بالاضافة الى شجاعة وشخصية الناطق الرسمي للحزب السيدة الشابة (جوهانة شميت ـ نيلسن ـ  27 عامأ ) وشجاعة جميع الأعضاء الآخرين في قيادة الحزب ..... حيث يمتلك الحزب قيادة شبابية جماعية  وضعت مسالة الرفاهية والاستقرار والديمقراطية وحقوق الانسان وتطوير المجتمع سياسيا واجتماعيا واقتصاديا في صلب و على رأس عمل الحزب  ......

اما  حزب الشعب الاشتراكي والذي تاسس في 1959 من قبل (اكسيل لارسن ) وعدد اعضائه 18.000  قال رئيس الحزب بعد اعلان نتيجة الانتخابات ( فيلي سوندال  59 عاما ):  بان انتصار اليسار الديمقراطي لم يكن مفاجأة , بل كان متوقعأ نتيجة سخط الشعب الدانماركي على سياسة الاحزاب الحاكمة التي كبلت الشعب بقوانينها وسياستها التقشفية  ...وبهذا الانتصار سطرنا تاريخا جديدا لليسار و للديمقراطيين في الدانمارك ...

 

اخيرا .... اثبت نجاح الاحزاب اليسارية في الانتخابات الدانماركية الاخيرة من جديد بان تأييد الجماهير هو المحك الاول والاخير في تقدم ونجاح الاحزاب التي تمثلها  , وان كبر التنظيمات وحجم الاحزاب والمال الذي يصرف للدعاية واحقاق النجاح  ليس سببا اساسياً في تقدمها وفوزها في معركتها الانتخابية بقدر جماهيرية الحزب وشعبيتة ومكانته في الشارع السياسي رغم محدودية حجم تنظيمه وعدد اعضائه ....

وهذا يوصلنا الى الاعتراف بهذه النظرية التي  تنطبق على احزاب بلداننا ايضا ولكن بعد ان تقرّ  اولا بان :التجديد يحتاج الى نظرة شمولية تطال : الفكر ,السياسة ,الشعارات والهياكل التنظيمية ...وتتطلب طاقات شابة ونشطة ترفد الحزب وقيادته بدماء جديدة وقدرات خلاقة وكفاءة ..... وان تعيد النظر بالية عملها و تطبيق ذلك فعلاً لا ترديداً ببغائياً فقط في اختيار الشارع كساحة للنضال الحقيقي وليس المقرات والابنية والابراج العاجية ..

وتحريك مفاهيم الأعضاء حول اهمية بناء تحالف يساري ديمقراطي يجمع بين جميع التنظيمات والقوى والمنظمات الديمقراطية واليسارية في جبهة تسمى مثلا بـ (اليسار الديمقراطي ) او(التجمع الديمقراطي) ...الخ  ككيان يعمل من اجل خير وسعادة جماهير شعبنا وقضيته العادلة ... وان يكونوا مع نبض الجماهير التي هي بحق نبض قلوب الاحزاب وديمومتها ونجاحها .....

نعم ان كل هذه الاسباب هي التي ادتت الى تقدم اليسار في الدانمارك وفي عدد ملموس من الدول الاوروبية الاخرى ، كامور تفرض اليوم على قوى اليسار والديمقراطية العراقية وفي مقدمتها ( الحزب الشيوعي العراقي ـ والكوردستاني )  وان يعيد النظر بالية عمله ومكانته ...وعليه ان يجد اشكال جديدة من التحالفات مع حملة الفكر التقدمي العراقي منطلقين من المنهج الماركسي الذي لايشرط على اليسار بالعمل دون تغيير اشكال وطرق النضال  للوصول الى النتائج المرجوة  ولتحقيق الاهداف ....

كما  يجب  على الحزب الشيوعي والاحزاب اليسارية والديمقراطية العراقية  ان لاترضى بمجرد تفسير العالم وشرحه , اذا ارادت ان تتواكب مع مسيرة التجديد والتقدم والتغيير   ...!!

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ هيلة  ثورنينك- شميت,  44  عاما ,  تولت زعامة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 2005 , متزوجة من  ستيفن كينوك، نجل زعيم حزب العمال البريطاني السابق نيل كينوك .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.