ارشيف مقالات وآراء

• الأعلام الألكترونى العراقى ... ( بابل ) نموذجا

نبيل البغدادى

الأعلام الألكترونى العراقى ... ( بابل ) نموذجا

 

تأخر العراق كثيرا فى ولوج عالم الأنترنيت ، فقد احتكر النظام الشمولى السابق خدمات الأتصال و الأعلام الحديثة مثل التلفزيون الفضائى و الهاتف النقال و الأنترنيت ، حيث كان استخدامها يقتصر على أجهزة النظام القمعية و الدعائية بهدف احكام قبضة النظام الفاشى فى الداخل و تضليل الرأى العام العالمى فى الخارج و حرم منها الشعب العراقى الذى كان يعيش فى شبه عزلة عن العالم الخارجى ..

 

 و كانت اولى المواقع الألكترونية العراقية غير الحكومية على الشبكة العنكبوتية قد أنشأت فى الخارج من قبل الأحزاب و الشخصيات العراقية المعارضة ، و لكن المواطن العراقى لم يكن بوسعه تصفح هذه المواقع لسبب بسيط و هو غياب الخدمة الأنترنيتية فى العراق . كما انشأت الأحزاب الكردية الحاكمة عدة مواقع الكترونية ، اقتصر اهتمامها بالقضية الكردية و الترويج لشعاراتها، و لا يمكن اعتبار تلك المواقع منابر صحفية مهنية و ذلك لعدم التزامها بالمعايير الصحفية الأحترافية .

 

 و لهذا يمكن القول أن خدمة الأنترنيت بدأت فى العراق من الناحية العملية بعيد سقوط النظام الصدامى ، حيث ظهرت منذ ذلك الحين مواقع الكترونية كثيرة و متنوعة . واذا القينا نظرة فاحصة على هذه المواقع نجد ان معظمها مواقع تجارية تهتم و تلبى فى المقام الأول رغبات الشباب العراقى المحروم من وسائل التسلية الأخرى بعد ان فرض حكام العراق الجدد من الصداميين المعممين الذين جاؤا الى الحكم بالقطار الأميركى – البريطانى الجديد ،  نمطا متخلفا و رجعيا من اسلوب الحياة على العراقيين و سلبوا الحريات الشخصية تماما على نحو يذكرنا بنظام طالبان فى افغانستان . .

 

 و هناك مواقع انترنيت اخرى تنطق بأسم ( الأحزاب - الميليشيات )الحاكمة وتبرر جرائم فرق الموت و تتستر على النكبات التى تحل بالشعب العراقى فى ظل هيمنة قوى الظلام و التخلف على كافة مفاصل الحياة فى عراق اليوم و معظم هذه المواقع تفوح منها روائح الطائفية المقيتة و العنصرية الكريهة و هى لا تعدو ان تكون جوقات دجل و شعوذة للمتاجرة بالشعارات الدينية الزائفة و استغفال الجماهير المخدوعة و لا احد يتصفحها سوى عناصر الميليشيات التابعة لتلك الأحزاب وبعض المغرر بهم من بسطاء الناس ..

 

 اما المواقع العراقية الحكومية التى يسخرها المالكى  لتلميع صورة المالكى و حكومته الخائبة  ، فحدث عنها ولا حرج ، فهى تشوه الحقائق و تضلل الجماهير بالوعود الكاذبة و تقلب جرائم الحكومة الى انجازات ، وتجعل من قادة الميليشيلت و فرق الموت ( سياسيين ديمقراطيين ) يشاركون فى ما يسمى العملية السياسية و هم فى الحقيقة زمرة ضالة و مضللة لا تهمها سوى ملأ جيوبها بالسحت الحرام و ارتكاب الجرائم البشعة بحق العراقيين.

 

 وثمة نوع آخر من المواقع انشأت بتمويل من الدول الأجنبية و المنظمات الدولية . و هى مواقع مشبوهة لا يمكن الوثوق بها ، فهى تبشر بالديمقراطية الموعودة و تتستر على جرائم تشريد ملايين العراقيين و قتل مئات الألوف من المدنيين الأبرياء . و تنظر الى الواقع العراقى المأساوى بعيون الجهات الممولة لتلك المواقع . و يمكن القول بكل ثقة ان المواقع الألكترونية العراقية الحرة و المستقلة فعلا لا يتجاوز عددها اصابع اليد الواحدة ، و هى مواقع تعبر عن معاناة الشعب العراقى و تكشف عن انتهاكات حقوق الأنسان فى العراق و زيف الدعاية الحكومية و تناصر القوى الخيرة فى المجتمع العراقى المناهض تأريخيا و نفسيا وثقافيا لكل انواع التمييز الطائفى او العنصرى او الدينى . أنها منابر حرة و مستقلة تنطق بأسم الأغلبية ( الصامتة ) للشعب العراقى . و تأتى فى مقدمة المواقع الحرة المستقلة موقع ( الحوار المتمدن ) و ( صوت العراق ) و ) الناس ) و غيرها .

 

 و لكن ما تتميز به صحيفة ( بابل ) الألكترونية ، أنها تبث من قلب العاصمة العراقية بغداد فى ظروف بالغة التعقيد و الخطورة و يغامر العاملون فيه بحياتهم و هم يعبرون حقول الموت يوميا و يناضلون من اجل ازالة هذا الكابوس اليومى المريع الذى يعيش العراقيون فى ظله اليوم . لقد انطلقت ( بابل ) قبل حوالى ست سنوات و هى تحتل اليوم مكان الصدارة فى الأعلام الألكترونى العراقى  -و بخاصة لدى المثقفين العراقيين الذين يناضلون من اجل عراق حر و قوى مزدهر - بفضل تطورها المستمر و مواكبتها للأحداث الساخنة التى تهم العراقيين جميعا ، فى وقت تزدحم فيه الساحة الأعلامية العراقية و العربية بمئات المواقع الألكترونية و القنوات الفضائية المتنوعة الأتجاهات ، و لكن نادرا ما تجد بينها جريدة الكترونية او قناة فضائية عراقية او عربية تعبر بصدق و اخلاص عن معاناة الأغلبية الصامتة المسحوقة من الشعب العراقى التى تمقت الطائفية و تنظر بعين الأزدراء الى الصداميين الجدد من حكام العراق الذين فاقوا صداما فى ارتكاب الجرائم و نهب ثروات العراق و حولوا حياة الشعب العراقى الى جحيم لا يطاق . لقد اصبحت ( بابل ( صوت المناضلين من اجل حياة افضل للشعب العراقى و لم يكن بوسع بابل ان تحقق ما حققته لحد الآن من انتشار سريع لولا ادراكها لخصائص النشر الألكترونى و تطبيقها بحرفية عالية بفضل وجود كادر مهنى متخصص يعمل على مدار الساعة .. و تمتلك ( بابل ) شبكة من المراسلين المتطوعين تغطى عدة عواصم عربية و اجنبية ، وهى سباقة فى بث الخبر فور الحصول عليه . و تتميز بابل عن المواقع العراقية الأخرى بأمتلاك محرريها ناصية عدة لغات عالمية ، مما يتيح لها الأطلاع عن قرب على المصادر الأصيلة لأهم الأخبار و التقارير و التحقيقات التى تنشرها الصحافة العالمية . و تلتزم ( بابل ) فى ما تنشره من مواد بالموضوعية فى الطرح و التحليل و بأكبر قدر من الدقة و الوضوح و الأحترافية . وخلال السنوات الماضية من عمرها استطاعت صحيفة ( بابل ) ان تستقطب نخبة ممتازة من خيرة الكتاب و الأعلاميين العراقيين و العرب و التواصل المستمر معهم و مع جمهورها الغفير من القراء .

 

     نبيل البغدادى

 

    عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.