اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• مام قادر: كما عاش رحل بصمت

حيدر الشيخ علي

مام قادر: كما عاش رحل بصمت

 

تجمعك مسيرة الحياة بشخصيات، نادرة، متميزة، منهم من تشعر بالألفة معه، تحسه قريب منك، حتى وان لم تتعاط معه العمل اليومي، ولا تعيش معه كل تفاصيل يومك، لكنه في المحيط الإنساني الدفيء الذي يضفي لحياتك الفتها الإنسانية، الرفيق مجيد عبد الرزاق المعروف باسم "مام قادر"، هو من بين هذه الشخصيات، التي تحس بقربها منك، وكأنه جزء من حركة الحياة التي تدور فيها، فأنت تشعر بوجوده اليومي معك،  رائع الروح ، خفيف الظل.

هذه الشخصية التي ما ان تفارقها بين الحين والآخر، الا وان تحس بأنك، قد افتقدت شيئا عزيزا، وتشعر في الحاجة للاقتراب منها، وحين تقترب منها، يكفيك وجودها حيث تطمئن، إذ أن الدنيا بخير. فالعلاقة مع "مام قادر" هي علاقة بقيم الكفاح الفطري، هذا الكفاح الذي بذلناه، دون ان نفكر برهة باننا سننال جراء ذلك، شكر هذا، أو ثناء ذاك، مع ان الشكر والثناء لهما فعل إنساني غريب في تطيّيب النفوس. غير ان "مام قادر" كغيره من المناضلين الذين وهبوا كل ما يملكون من اجل مكافحة الظلم والتعسف، ومن اجل حياة إنسانية حرة كريمة، كان من طراز اولئك المناضلين ممن يعملون بصمت، صمت شديد، حتى وان كان الأمر يتطلب درجة ما من رفع الصوت، فهو يرفع الصوت قويا، لكنه يا للفرادة، يبقى كالهمس دون ضجيج، لم يفكر بنفسه إطلاقا، بقدر ما يمكن لذاته ان تستمر بالعطاء.

" مام قادر " كان في مقدمة الواهبين من اجل العدالة الاجتماعية، ونصرة الشعوب المظلومة،  لم تبهره الأضواء، ولا يخيفه الظلام، لم تدغدغه المواقع الأمامية، رغم ان موقعه في الحزب متقدم، فهو قيادي في الحزب، كان عضوا في لجنة الإقليم ومكتبها، وعضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوردستاني، وسكرتير لجنة الرقابة المركزية فيه، ما اتاح  له حضور اجتماعات المكتب السياسي، حيث كان يثري تلك الاجتماعات بآرائه ومقترحاته التي تستند على تجربة عمل سياسي غنية. وفوق ذلك كانت له علاقات متينة مع قادة حركة التحرر الكوردستانية، إذ هو من قادة الكفاح المسلح من اجل عراق ديمقراطي تتحقق في ظله حقوق الشعب الكوردستاني.

عاش في مقرات الحزب، وفي البيوت الحزبية، مع انه كان يستطيع ان يعيش حياة أخرى، حيث انه من عائلة ثرية. كان يتلذذ بطعم التفاصيل اليومية للحياة الحزبية، ولم يترك تلك الحياة الا قبل ثلاث سنوات فقط حين اشتدت به إمراض الشيخوخة،  وليس مفاجئة تلك التي أوصى بها " مام قادر"  بتحويل بيته الى مستشفى. كان ودودا في علاقاته، رقيقا في مخاطباته، قويا في انحيازه للقيم الخيرة، فريدا في تواضعه، رائعا في أدبه الجم، بسيطا في حياته.

قلت كان: يا للفجيعة، فانه لم يعد موجودا في الحياة، وها اني فقدت احد الشخصيات التي تألفت روحي معه، فقد رحل عنا " مام قادر "، في الرحلة الأبدية التي لا رجعه منها، فكيف لي ان اشعر بالاطمئنان الان حينما أتفقده في المقر؟  كيف لي حين اقصده، كعادتي حينما تشتد رغبتي في محادثته ولم أراه؟

انه القدر الذي لا يستجيب لرغباتنا، هي الحياة تهب وتأخذ، فقد أعطانا "مام قادر" من الذكريات والمواقف التي تجعل دفئه يعم علينا، ودا وحبا وثراء.

المجد لك ايها الرفيق العزيز، الذكر الطيب لمجدك التليد، ستبقى في ذاكرتنا مادامت الحياة تمتد فينا.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.