اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• كيف نقرأ الملهاة السياسية الأردنية؟!

شاكر النابلسي

مقالات اخرى للكاتب

كيف نقرأ الملهاة السياسية الأردنية؟!

 

الملهاة، اصطلاح فني وأدبي، جاءنا من اليونانيين الأوائل – أهل أثينا القديمة - الذين زودونا بآلاف الاصطلاحات الفنية والأدبية والسياسية والفلسفية. والملهاة كانت تعني – عند اليونانيين – التمثيلية ذات الأحداث المضحكة، أو تلك التي تنتهي نهاية سعيدة. وعُرفت بـ "الكوميديا". وكان شكسبير، والشاعر الفرنسي موليير، أشهر من كتبوا الكوميديا الراقية، وأسسوا لها في القرون السابقة. وظهر بعد ذلك مسرحيون، وروائيون، كثيرون، كتبوا الملهاة السياسية، والاجتماعية.

 

الملهاة السياسية الجديدة

لكن الملهاة السياسية التي نسمع بها، ونشاهدها على مسرح الدكتاتورية القروسطية العربية، شيء مختلف عن الكوميديا اليونانية، أو الشكسبيرية أو حتى البلزاكية في "الملهاة الإنسانية". فهي لا تضحكنا بقدر ما تبكينا – إذا كنا واعين، وعاقلين، لما يدور حولنا، من مآسٍ، ومصائب، وكوارث، وسرقات، وفساد، وظلم، وطغيان، واضطهاد.. الخ. -  ذلك أن الأنظمة الدكتاتورية القروسطية العربية، لا تفتأ أن تقدم لنا الملهاة السياسية بطريقة سقيمة وغبية، لا تهدف من ورائها إضحاكنا، بقدر ما تهدف إلى صرفنا عمَّا يدور على أرض الواقع من مآسٍ، ومصائب، وكوارث، وسرقات، وفساد، وظلم، وطغيان، واضطهاد.. الخ، وإلهائنا، بما تقدمه لنا من فصول سياسية بلهاء.

أفاعي الأنظمة العربية

ألاعيب الأنظمة الدكتاتورية القروسطية العربية لا تنتهي. فهي كالأفاعي التي تغير جلدها في كل موسم، وفي كل مناسبة، لكي تحافظ على بقائها، واستمرار حكمها.

فالأنظمة الدكتاتورية القروسطية العربية، التي كانت تدعي – كذباً وزوراً - العَلْمانية والليبرالية، تحوَّلت بين عشية وضحاها إلى دول دينية، تكتب على عَلَمِها عبارات دينية، وتحتضن رجال الدين، وتجعل منهم الأولين والآخرين، كما حصل في العراق في عهد صدام حسين، بعد هزيمته، وطرده من الكويت 1991. وكذلك في سوريا، عندما استنجد قبل أيام بشار الأسد برجال الدين، ومفتي سوريا، لكي يصدر فتواه الدينية بتحريم المقاومة لنظام الحكم الدكتاتوري السوري القروسطي.

 

القضية الفلسطينية اللعبة الرابحة

من ألاعيب النظام الدكتاتوري الملكي القروسطي الأردني مثلاً، منذ تسعين عاماً حتى الآن، كانت القضية الفلسطينية. فسنة يحتضنها، ويعتبرها قضيته الأولى، بل يقوم بضمها إلى الأردن، كما فعل في "وحدة الضفتين"، عام 1950 ، وشطب اسم فلسطين من الخارطة الدولية السياسية. وسنة يتخلّى عنها، ويفك أسرها السياسي الأردني، كما فعل عام 1988. ومرة يحتضن حركة "حماس"، ويضع خالد مشعل في حضنه، وينقذه من موت محقق، ومن تسميم الموساد له، ويطلق عليه "الابن خالد" كما فعل عام1997. ومرة يطرد "حماس" من الأردن، ويعتقل زعماءها كما فعل في عام 1999. واليوم، ودفعاً للربيع العربي والحراك الثوري الشعبي الأردني بعيداً، وابتعاداً عن أحكام القضاء الحر لقضايا الفساد، ومحاسبة الفاسدين، يقدم لنا النظام الدكتاتوري الملكي القروسطي الأردني، ملهاة جديدة من ملاهيه المبكية الساذجة، وهي منح الفلسطينيين والإسرائيليين صالة في أحد الفنادق الفخمة، للحوار، ودعوة اللجنة الرباعية الدولية لسلام الشرق الأوسط لحضور هذه المباحثات، تمهيداً لعودة "حماس" المطرودة شرَّ طرد،  من الأردن للعودة إلى الأردن من جديد، إرضاءً لليمين الديني الفلسطيني المتمثل بـ "جبهة العمل الإسلامي"، التي تضم جماعة الإخوان المسلمين (تأسست في الأردن عام 1945، في عام تأسيس حزب البعث في سوريا) وبقية الأحزاب الدينية/السياسية الأردنية.

فهل كان عائق المحادثات الفلسطينية- الإسرائيلية، عدم وجود مكان كعمّان للمحادثات؟

ولماذا لم يُصرِّح الفلسطينيون بذلك، وهم من كان يُصرُّ على إيقاف بناء المستوطنات في القدس، لاستمرار المحادثات؟

 

ملهاة المحادثات الفلسطينية- الإسرائيلية

 "جبهة العمل الإسلامي" هي التي تقود الآن الحراك الشعبي الثوري الأردني ضد فساد النظام وما ضم، وما يضم الديوان الملكي من الفاسدين. وهي الجبهة، التي من أجل عيونها، ألَّف عون الخصاونة (رئيس الوزراء) الملهاة السياسية الأردنية الجديدة إرضاءً وتسكيتاً للإخوان المسلمين، وبقية الأحزاب الدينية/السياسية الأخرى، التي هددت النظام الأردني بالقوة العسكرية الميليشية في الأمس، عندما استعرضت القوات الشبابية الاخوانية على طريقة الإخوان المسلمين في الأزهر عام 2008، وعلى طريقة ما يقوم به "حزب الله"، وحركة "حماس"، من حين لآخر.

 

ماذا لو رفض الممثلون؟

ماذا لو لم تنشب الثورة السورية ضد النظام الدكتاتوري القروسطي السوري، ويتم إخراج حركة "حماس" من دمشق؟

وماذا لم قبلت قطر استضافة حركة "حماس"، بدلاً من الأردن الآن؟

وماذا لو رفض الأردن استضافة حركة "حماس"، وطردها من الأردن، وسجن زعماءها كما فعل عام 1999؟

وماذا لو كان هناك خلاف إيديولوجي عميق بين حركة "حماس" وبين "جبهة العمل الإسلامي" الأردنية، فمنهم من يعترف بإسرائيل مثلاً (فتح) ومنهم من لا يعترف بها (حماس)؟

وماذا لو أن الفلسطينيين، رفضوا المحادثات الآن مع إسرائيل في عمّان؟

من المؤكد في أية حالة من الحالات السابقة، أن النظام الأردني، سيقوم بتأليف ملهاة سياسية جديدة - وهو من الشطَّار في تأليف مثل هذه الملاهي المسرحية السياسية - لتحويل نظر الرأي العام عن الفقر، والفساد، والسرقات، التي تتم في الدولة الأردنية، وإبعاد كرسي العرش الخشبي عن نار الثورة العربية التي أصبحت على الحدود السورية - الأردنية. ولكن النظام الآن، يحيل هذه النار الزاحفة من الحدود السورية - وبشعوذة سياسية  مضحكة –  إلى برد وسلام على الأردن، ويعيد قصة الأسطورة التي كانت للنبي إبراهيم عليه السلام، بقيامه باحتضان الهاربين من جحيم النظام السوري. 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.