اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• حليمة تعود إلى عادتها القديمة

عبد علي ماهود

حليمة تعود إلى عادتها القديمة

 

أصدرت رئاسة المخابرات العراقية كتابها المرقم 3061 بتاريخ 20/2/2012 (سري وشخصي)، وتم تعميمه إلى قيادة بغداد في 21/2/2012، والمتضمن التوجيه التالي:"ينوي بعض أعضاء الحزب الشيوعي تنظيم مظاهرة يوم 25 شباط في محافظة بغداد – ساحة التحرير - إحياءاً للذكرى الثانية لانطلاق التظاهرات يطالبون فيها توفير فرص عمل وانهاء الخلافات السياسية لذا اقتضى الأمر متابعتهم من قبل الجهات المعنية كما يرجى اتخاذ ما يلزم بصدد المعلومات آنفاً من اجراءات امنية مشددة وتوفير تدابير الحيطة والحذر وفق القانون".

 إذا صح هذا التعميم المريب، فإنه حقاً يثير الدهشة والاستغراب والتساؤل عن توقيته ودوافعه، وعن الجهات التي تقف وراءه، خاصة وأن الحزب الشيوعي كان أحد ضحايا التآمر ضد العملية السياسية الديمقراطية المتعثرة  في العراق، وقدم ضحايا غالية على طريق حماية العراقيين، وهو من دعاة اصلاحها وتوفير فرص العمل وانهاء الخلافات السياسية في  هذه المظاهرة، وليس تخريبها وتفجيرها. فالحزب الشيوعي لا يحتفظ بشبكات ارهابية على شاكلة طارق الهاشمي ولا ميليشيات على شاكلة عصائب الحق وحزب الله واليوم الموعود.

ويبدو أن جهاز المخابرات غير معني بكل هؤلاء ، كما لا يعير اهتمام إلى من يعكر الأمن والسلام في ربوع بلادنا. ويؤكد إمعان القاعديين وفلول العهد السابق في التفجير والتفخيخ وموجات القتل الجماعي ، وكان آخرها  التفجيرات والقتل الجماعي الذي عصف بمدن العراق يوم 23 شباط الجاري، أي بعد يوم من كتاب المخابرات العراقية بمراقبة الشيوعيين. لقد أنفق الشعب العراقي الملايين على هذا الجهاز العراقي دون أن يحقق طفرة نوعية في الحفاظ على أرواح العراقيين. إن هذا التعميم لدليل على مدى النخر الذي طال الأجهزة الأمنية وتحولها من جديد إلى سيطرة فلول العهد السابق وجهات معادية للعملية السياسية. ولذا فمن الطبيعي أن يستهدف مفبركوا المخابرات العراقية الشيوعيين العراقيين لأنهم العدو الأول للإرهاب والعنف. ولذا فلا مناص من بذل الجهود وكل اشكال التزوير وفبركة الاكاذيب ضد هذه القوة السياسية الأكثر حرصاً على أمن العراق وشعبه، والأكثر نزاهة وزهداً في بلدنا المستباح.

إن هذا التعميم هو إعادة لنفس المخطط الذي تم تنفيذه في السنة الثانية من ثورة تموز عندما وقع عبد الكريم قاسم في الفخ الذي نصب له وشرع بالحملة على حلفائه الشيوعيين. وجرياً على قاعدة "العفو عما سلف" التي تمسك بها الشهيد عبد الكريم قاسم، بادر إلى إعادة المتآمرين من ضباط وقوى الأمن السعيدي وحلف السنتو إلى مواقعهم. وطبق هؤلاء خطة لحرف أنظار المسؤولين عن العدو الأساسي عن طريق فبركة الأكاذيب ضد الشيوعيين الذين كانوا من أشد القوى السياسية دفاعاً عن النظام. وقد كشفت الوثائق الأمنية التي حصل عليها المواطنون بعد انهيار النظام السابق على هذا الدور التخريبي لبعض الأجهزة الأمنية التي لم تتابع المتآمرين وحركاتهم بل ركزت على الشيوعيين والوطنيين الآخرين *. وقد نشرت مقالات عديدة من كتاب عراقيين حول هذا الموضوع في الآونة الأخيرة. وهكذا توفرت الامكانيات للمتآمرين وأعداء الشعب، بسبب غفلة الحكم وتضليله، وبدعم خارجي ليكسبوا الجولة وينفذوا جريمتهم في شباط الدامي عام 1963.

وتعود الآن حليمة من جديد إلى عادتها القديمة، وترتكب بعض أجهزة الأمن التابعة للحكومة الحالية نفس الدور بهدف الاجهاز على العملية السياسية. فالحكومة وبفعل ضغوط داخلية وخارجية ترتكب نفس الخطأ الذي ارتكبه الزعيم عبد الكريم قاسم، حيث أغرقت أجهزة الأمن بفلول العهد السابق الذين تحولوا إلى الطابور الخامس الذي يدير شبكات الإرهاب والتفجيرات وبإمكانيات الدولة التي قامت على انقاض الطغيان السابق. لقد بادرت بعض القوى الأمنية الحريصة على الكثير من المعلومات عن نشاط فلول البعث، وقامت بتطهير جزئي وليس جذري للأجهزة الأمنية. مما سمح لأعداء الشعب بالنشاط من جديد لتضليل الحكم والرأي العام، والكتاب الأخير خير مثال.

لو قامت الحكومة بالتحقيق ومتابعة من روّج وأصدر التعميم الأخير للمخابرات العراقية حول متابعة الشيوعيين، لأمكنها بالكشف عن شبكة جديدة من المتآمرين على العملية السياسية، التي تحاول التغطية على نشاطها عبر توجيه الأنظار نحو فعالية سلمية للشيوعيين يحق لهم القيام بها دستورياً. فهي لا ترفع شعارات اسقاط النظام الحالي بل مجرد مطالب يطالب بها كل مواطن في أي نظام ديمقراطي. فالمظاهرة لا تسعى إلى زرع العبوات الناسفة ولا تمرير سيارات مفخخة إلى مجلس النواب ولا تهدف إلى تفجير مدارس على رؤوس تلاميذها. ولذا ندعو الحكومة والسلطات القضائية إلى التحقيق مع من أصدر هذا التعميم لكي تتوصل الأجهزة الأمنية الحريصة على أمن البلاد إلى خلايا  إرهابية جديدة، أضافة إلى ما سبق أن تم الكشف عنها بدءاً من  عبد الناصر الجنابي وأسعد الهاشمي ومحمد الدايني وعدنان الدليمي والنقشبندية والكثيرين غيرهم، وإلى طارق الهاشمي. إن هذا التعميم المشبوه للمخابرات العراقية والموّجه لمتابعة حركات "مشبوهة" للشيوعيين وملاحقتهم هي فرصة للإجهزة الأمنية كي تؤكد مصداقيتها، لتكشف عن مخربين جدد في الأجهزة الأمنية التي يتعثر عملها لحد الآن في توفير الأمن للعراقيين بسبب تغلغل جهات معادية فيها ، والتي تمارس نفس الاساليب السابقة في فبركة الاتهام ضد الشيوعيين العراقيين، وحرف الأنظار عن العدو الرئيسي للشعب.

 

*وثيقة نشرها الكاتب العراقي عادل حبه في مقال سابق على المواقع العراقية. فقد حصل الكاتب على عدد من الوثائق في ملفه الأمني بعد سقوط النظام. وتعود الوثيقة إلى عام 1959، وبعد ان تصدعت العلاقات بين الحزب الشيوعي العراقي والزعيم عبد الكريم قاسم، وبعد إعادة المتآمرين إلى مناصبهم. وراحت الأجهزة الأمنية تفبرك الأكاذيب ضد الشيوعيين ضمن مسعى للتستر على المتآمرين الحقيقيين.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.