اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• العقوبات الدولية بين الجد والهزل.. وتأثيراتها على نظام ولاية الفقيه

د.محمد الموسوي

العقوبات الدولية بين الجد والهزل..

 وتأثيراتها على نظام ولاية الفقيه

 

افلاس سياسي دفع بنظام الولي الفقيه الى مزيدا من الحماقات التي اجهضت قدرات وطنية ايرانية وسخرتها لخدمة فكر متطرف يتطاول يمينا ويسارا وعزل ايران الدولة الكبيرة المقتدرة وشعبها عن العالم ورغم ثرائها فقد اوصلت شعبها الى حافة الهاوية والفقر ..، لم يكن شعب ايران ذي الثورة المتجددة بغافل عمن يغامرون بمصيره محتكرين السلطة لفئة نفعية معينة متناسين الغالبية العظمى من افراد الشعب ولقد ثار الشعب الايراني في عدة مواقف ومناسبات واشد ثوراته كانت عام 2009 تلك التي اعترف فيها النظام بان طهران كانت على وشط السقوط بيد الثوار وهكذا كان حال كل المدن الايراني لكن امرين غير عادلين كانا سبب نجاة نظام طهران من ظلام القبر.،كان السبب الاول هو تسخير النظام الايراني كل قواه المسلحة واجهزته الاستخبارية لقمع الشعب وكان السبب الثاني هو سكوت الاعلام والمجتمع الدولي عما يجري في ايران من ثورة وقمع واعدامات وانتهاكات لحقوق الانسان وقد كان ذلك السلوك والسكوت غير العادل بمثابة ضوءا اخضر للنظام يمكنه من القضاء على الثوار في جميع انحاء ايران ويتطابق هذا الامر مع ابقاء اسم منظمة مجاهدي خلق المعارضة في قائمة الارهابة الامريكية دون وجه حق مما شجع نظام طهران على ممارسة المزيد من الضغوط على السلطة العراقية الموالية له لتقتل وتحاصر وتنكل بعناصر مجاهدي خلق سكان مخيم أشرف وليبرتي

 

لقد كانت طموحات النظام الايراني في المجال النووي قاعدة انطلاق له للخروج من حالة افلاسه اضافة الى اعتماده على سياسة الازمات التي يخلقها هنا وهناك مع ادواتها لتكون مخارج له بين الحين والاخر وتكسبه المزيد من الوقت اللازم لبرامجه ومخططاته وما تأكيده على تصنيع السلاح النووي لتعزيز ركائزه الا بدافع الخوف والفزع من السقوط الذي يقترب رويدا رويدا من عنقه الهشة لذا سعى الى تركيع المجتمع الدولي بسلاحه النووي وهو مما دفع البلدان الغربية بعد افلاس في المفاوضات العقيمة التي وصلت مرارا الى طرق مسدودة  الى القيام بوضع عقوبات اكثر جدية على السلطة الايرانية وبعد سنين من التأخير فعلا تمت مقاطعة المصرف المركزي الايراني والامتناع عن شراء النفط من ايران وهذه العقوبات الجديدة تستهدف شريان الاقتصاد الايراني الرئيسي.

 إن نظرة بسيطة على الوضع الاقتصادي للنظام الايراني خلال الشهرين الماضيين تظهر لنا بشكل واضح تأثيرات هذه العقوبات على نظام ولاية الفقيه:

كانت عائدات ايران النفطية خلال عام 2011 المنصرم اكثر من 72 مليار دولار حسب التقييم الذي قدمته شركة فاكس للطاقة الدولية (Fax Global Energy)

 حيث ستوقف البلدان الاروبية شراء النفط من ايران بمعدل 500000 برميل يوميا وهذا يعني ان النظام الايراني سيخسر ربع من عائداته النفطية من اروبا اي مايعادل 15 مليار دولار سنويا. ، وهناك بلدان اخرى تنوي التوقف عن شراء النفط من ايران من ضمنها الصين واليابان و بلدان اسيوية واخرى أمريكية وفي حالة انضمام هذه الدول الى اروبا في مقاطعة شراء النفط من ايران فان الاخيرة ستفقد الكثير من عائداتها النفطية.، والامر المؤكد انها سياسة ونهج جديدين للعقوبات ايضا نجما عن افلاس دولي مع النظام الايراني ويبدو أن البلدان الاوربية ستتبع هذه الخطة التي ستؤدي الحالة الى كسر ظهر الاقتصاد الايراني وتوجيه ضربة الى طموحات طهران النووية وبالتالي وحسب اعتقادهم ان ذلك سيؤدى الى خفض تهديدات النظام الايراني تجاه بلدان المنطقة والامن والسلم العالميين.

 لقد كان لوضع المصرف المركزي الايراني على القائمة السوداء له تأثيرات جدية على اقتصاد ايران و علاقاتها المالية مع الآخرين. ،وتعترف سلطات النظام فيما يتعلق بالامور الاقتصادية بان تجميد اموال ايران في اروبا كان على اثر عقوبات الاتحاد الاوربي تجاه ايران.،وهذا حسب ما نشره موقع تابناك الايراني على الانترنت بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير 2012  ثم تم وضع شركة BIIS Maritime Limited  للملاحة على قائمة العقوبات.

 

وفي سياق آخر، اعترف معاون رئيس غرفة التجارة والصناعة والمعادن الايرانية غلام حسين شافعي قائلا: ”إن المصدرين الايرانيين يواجهون مشاكل بسبب العقوبات حيث يواجهون عقبات في امكانية نقل العملة من والى ايران في حال التصدير او الاستيراد “ وقد أدت العقوبات المفروضة على نظام طهران الى انخفاض قيمة العملة الايرانية الـ (ريال وهو وحدة القياس الاصغر للتومان الايراني وهو عملة ايران كالسنت الى الدولار ). وقد كتبت الجريدة صحيفة كريستيان ساينس مانيتور الامريكية بتاريخ 4 كانون الثاني/يناير 2012: ”أن قيمة العملة  الايرانية التومان قد تدنت بمعدل 30% بعد أن فرض الرئيس الامريكي اوباما العقوبات على المصرف المركزي الايراني.“

يبين ذلك مدى افلاس النظام الايراني خلال الشهر الماضي هذا اذا ما نظرنا الى وضع سوق العملة في ايران.، وقد اعلنت وكالات الانباء الحكومية الايرانية ومنها وكالة ايرنا و وكالة فارس أن انهيار العملة الايرانية (الريال) بات وشيكا. ،وأن سعر العملة الذهبية التي تسمى بـ (بهار آزادي) التي بلغت قيمتها 7.5 مليون ريال ارتفعت قيمتها بمقدار نصف مليون ريال في 23 كانون الثاني/يناير 2012 و في نهاية نفس اليوم وصل سعرها الى 10 مليون ريال. في الحقيقة ارتفع سعر (بهار آزادي) ضعفين ووصل من 5.25 مليون ريال الى اكثر من 10 مليون ريال خلال 6 اشهر الماضية.

 وفي اعلان لوكالة انباء فارس في 21 كانون الثاني/يناير 2012 ”أن العملة الامريكية الدولار كانت تباع بـ 18 الف ريال في السوق الحرة ولكن هذا السعر وصل الى 20 الف ريال.“

وعليه فإن التضخم المتزايد من جانب و فقدان الامن والاستقرار الاقتصاديين في  البلد من جانب آخر أدى الى أن المناسبة للاستثمار هي العملة الاجنبية كالدولار او اليورو و اصبحت العملات الاجنبية مثل الدولار واليورو بضاعة مناسبة للتجارة. وفي ظل هذه الظروف لجأ الشعب الايراني الى تبديل ملكيتهم النقدية الى اليورو او الدولار الامريكي حفاظا على قيمة رؤوس اموالهم بسبب التضخم الشديد وعدم وجود مصادر موثوقة و مطمئنة للاستثمار في ايران وهكذا فُقد عامل الثقة في العملة والاقتصاد الايرانيين.، وعلى هذا الاساس فأن الطلب المتزايد على العملات الاجنبية مثل الدولار جعل حالة من فقدان التوازن بين العرض والطلب وسبّب ارتفاعا في اسعار اليورو الى 25000 ريال و الجنيه الاسترليني الى 30000 ريال. ،وعقب هذه الظروف وضع المصرف المركزي الايراني بعض الضوابط حول بيع وشراء العملات الاجنبية واعلن عن معاقبة بائعي ومروجي العملات الاجنبية خارج تلك الضوابط ولم تجدي كل هذه الاجراءات نفعا ولم يكن لها اية جدوى.، و على صعيد آخر فان ازمة العملات الاجنبية والعملة الذهبية قد اثرت على بيع وشراء العقارات حيث ارتفع سعر شراء البيت بمعدل 3 ملايين ريال لكل متر مربع وفي ذلك اشارة واضحة لازمة حادة يتعرض لها اقتصاد نظام الولي الفقيه.

 

في الآونة الاخيرة حضر رئيس النظام الايراني محمود احمدي نجاد وزرائه ومسؤولي الامور الاقتصادية اجتماعا مع المرشد الاعلى علي خامنئي لمناقشة الازمة الراهنة وفي هذا الاجتماع اعترض احمدي نجاد على ارتفاع سعر الربح المصرفي و تم رفض اعتراضه واعلن المصرف المركزي الايراني أن نسبة الفائدة المصرفية ارتفعت بمعدل 21 في المائة و تباع العملات الاجنبية بسعر واحد فقط. ،وإن الهدف من رفع سعر الفائدة البنكية هو اعادة النقود الى المصارف ولكن الشعب الايراني قد ثقته بالمصارف المحلية مما ادى الى حدوث إختلاس مبلغ 30 مليار ريال قام به احد رموز النظام الايراني و نتج عن ذلك كله سحب ارصدة عالية من المصارف.

كان ارتفاع تكاليف المعاملات التجارية احدى اوجه الازمة التي أدت الى الغلاء والغلاء بدوره دفع بعض الناس الى بيع و شراء العملات الاجنبية وبهذه الصورة سحبوا عملاتهم من المصارف للتداول. ، وحسب تصريحات رئيس المصرف المركزي الايراني أن حجم نقد حكومة احمدي نجاد في المصارف الايرانية بلغ 300 الف مليار ريال.، وهذه الارصدة النقدية قد نفقت في اعانات مالية و سحب المواطنين لنقودهم من المصارف الامر الذي ادى الى تدفق مبالغ نقدية هائلة الى السوق وبصورة عائمة وبلا ضوابط و تم صرفها على شراء العملات الاجنبية وكان نتيجة لهذه الظروف ارتفاع سعر الدولار الى 22500 ريال بسبب ازدياد الطلب وتراجع العرض.

إن عدم وجود برنامج معين وثوابت علمية وشفافة للسياسة الاقتصادية للحكومة أدى الى فوضى في سوق العملة.، ونتيجة لذلك قام الخبراء الاقتصاديون الايرانيون بتوجيه النقد الى احمدي نجاد على ان سياسته الاقتصادية لا تتمتع بقاعدة علمية رصينة ومطمئنة.

إن سقوط قيمة الريال الايراني و السياسة الاقتصادية الخاطئة للحكومة الايرانية قد قصم ظهر الطبقة المتوسطة وازالها تماما من تكوين المجتمع الايراني وادى الى حدوث تكوين جديد للمجتمع (اثرياء واغنياء وفقراء ووعشرة ملايين من المعدمين تحت خط الفقر).

لقد دفعت الظروف الاقتصادية الراهنة بالشعب في ايران فضلا عن التضخم وارتفاع الاسعار  الى الاقبال الشديد على شراء البضائع من الاسواق نتيجة لفقدان الثقة والقلق حيث اصبحت الاسواق خالية من البضائع.، ومن جانب آخر قامت القوات الامنية باتخاذ بعض  الاجراءات خوفا من الاحتجاجات الشعبية والانتفاضة ضد الحكومة الايرانية. ، وفي هذه الظروف وصل الرفض والتذمر الى القوى الموالية لنظام ولي الفقيه ومنها ما يسمى بالبسيج في ايران  وقد اثار ذلك قلقا شديدا لخامنئي.

وهنا نستطيع القول بان التاثيرات الفورية لمقاطعة شراء النفط من النظام الايراني وعقوبات المصرف المركزي من قبل الولايات المتحدة واروبا قد اتت اكلها وجعلت العملة الايرانية تفقد قيمتها وارتفاع سعر العملات الاجنبية من جانب آخر ..مما جعل النظام مؤطرا في حالة من الافلاس السياسي والاقتصادي في ظل عقوبات لم تطبق في مجملها بعد.، فماذا لو رفع المجتمع الدولي قيوده عن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية ووفر الامن والحماية لسكان مخيم اشرف وفق شرعية دولية.. ماذا ينتظر المجتمع الدولي ان كان جادا في صياغة ايران ديمقراطية وبايدي ايرانية دون حروب او اراقة دماء.

 

د.محمد الموسوي

خبير استراتيجي في الشؤون الشرق اوسطيه

معارض عراقي سابق

ناشط مدني وليبرالي ديمقراطي

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.