اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• ربيع إقليم كوردستان بدأ في آذار 1991..الأسباب والنتائج

محمد سعيد شهي

ربيع إقليم كوردستان بدأ في آذار

1991..الأسباب والنتائج

 

في الخامس من آذار عام  1991 انطلقت التظاهرات الجماهيرية في قصبة رانية بمحافظة السليمانية لتشكل بداية لانتفاضة جماهيرية واسعة تمتد إلى السليمانية واربيل ودهوك وكركوك. وأصبحت هذه المحافظات حتى يوم 21 آذار

 (عيد نوروز) تحت سلطة الجماهير المنتفضة وبتوجيه مباشر من محاور قوات الجبهة الكوردستانية التي تشكلت لها مفارز قرب المدن والقصبات الكوردستانية لمساندة الجماهير المنتفضة، وهي تصب جام غضبها على أوكار الأجهزة القمعية للنظام الدكتاتوري وتهتف بسقوط النظام وتردد شعارات وأغاني تعبر عن الحرية والديمقراطية بالفرح والسرور ليوم جديد ومستقبل مشرق.

 هذا الاندفاع الجماهيري الهائل لم يأتي من فراغ وإنما كان نتيجة لسلسلة طويلة من النضالات والتضحيات على مدى نصف قرن ونيّف التي بدأت بانتفاضة السليمانية في السادس من أيلول عام 1930 وثورة بارزان وثورة أيلول وكولان وما تلاها من توحيد القوات الكوردستانية في جبهة عريضة باسم الجبهة الكوردستانية التي هيأت نفسها للتعامل مع ما يحدث على الساحة العراقية من متغيرات لأن وضع العراق أصبح اشبه ببرميل بارود  يشتعل متى لامسته شراره او صاعقة. وهكذا وجدنا ان اللهيب اندلع من ألشرارة الأولى في قصبة رانية وانتشر في بقية المدن والبلدات كما ينتشر النار في الهشيم.

هذه الانتفاضة كانت ردا على اتفاقية الجزائر الخيانية وما تلتها من عمليات الترحيل والتهجير القسري واعتقال البارزانيين والقصف الكيمياوي لبلدة حلبجة وعمليات الانفال السيئة الصيت وتدمير قرى كوردستان وتسويتها بالأرض، بجوامعها وأديرتها، وكنائسها وينابيع مياهها. هذه كلها كانت وراء بركان الغضب الجماهيري الذي انفجر في ساعة الصفر.

 في خضم هذه الأوضاع لم يكن للنظام الحاكم من وسائل لمعالجة الموقف سوى وسيلته المعتادة في اللجوء إلى القوة لقمع هذه الانتفاضة بمنتهى الوحشية والقسوة حيث قام النظام بلملمة شتات قواته المبعثرة وبكل ما لديها من إمكانات عسكرية ومساندتها بالمدافع والراجمات والطائرات العمودية والمقاتلة، للانتقام من الجماهير المنتفضة واستخدام أساليب الرعب و القسر والقهر بين المواطنين مما حدى بسكان هذه المدن والقصبات والقرى بالنزوح عنها جماعيا والتوجه نحو المناطق الوعرة على الحدود العراقية- التركية، والإيرانية مشيا على الأقدام الحافية وببطون خاوية والمكوث في العراء لأيام وليالٍ تحت هطول الأمطار تارة وغزارة الثلوج والبرد القارس تارة أخرى .

وفي ظل تلك الأوضاع تمكن مراسلو بعض القنوات من الوصول الى موقع الحدث لنقل هذه المأساة التراجيدية إلى أرجاء المعمورة بصوَرها الحية التي هزت ضمير الإنسانية للعالم المتحضر وما رافقتها من دعوات للأصوات الخيرة، لقيام المجتمع الدولي باتخاذ خطوات لمعالجة هذه الأوضاع المأساوية. التي لم تأتي نتيجة كارثة طبيعية وإنما نتيجة لأسباب سياسية ونظام مستبد يتسلط برقاب شعوبه المتطلعة للأنعتاق والحرية.

 فأستيقض ضمير المجتمع الدولي وحطم قيود مبدأ السيادة، وعدم التدخل، وكسر حواجز الحدود التي تجري داخلها عمليات الإبادة الجماعية وذلك بإحلال مبدأ التدخل الإنساني محله بإصدار القرار688 في 5/4/1991بانشاء الملاذ الآمن للكورد داخل العراق وفي مواقع سكناهم وهذا ما ساعدت الجبهة الكوردستانية لتشكيل سلطة (الأمر الواقع) والدعوة الى إجراء الانتخابات وتم ذلك فعلا في 19/5/1992 وتشكلت الحكومة وتبنى البرلمان الكوردستاني فيما بعد نظام الفدرالية بدلا من الحكم الذاتي وقامت الحكومة بتحويل المعسكرات ودوائر الاجهزة القمعية الى مرافق حيوية ومتنزهات، ثم بدأت الحركة الثقافية تنتعش ومنظمات المجتمع المدني تنتشر وتعمل في المدن والقصبات وتم فتح جامعات حكومية وأهلية ومرافق علمية وتربوية، وتحسّن مستوى معيشة المواطنين بازدياد القدرة الشرائية لهم، وبدأت الحركة العمرانية تعم محافظات الإقليم الثلاث، باقضيتها ونواحيها، وتم وضع الأسس للبنية التحتية لمرافق الإقليم الحيوية والبناء العمودى المتمثل بالعمارات والشقق السكنية إضافة الى المطارات التي أصبحت بديلا عن المنافذ البحرية والطرق البرية التي لم تخلو من القيود والعراقيل في السفر الى الخارج.

 هكذا أصبح إقليم كردستان منفتحا على العالم وتتسابق الدول لفتح قنصلياتها في هولير العاصمة في هذه الايام للبحث عن الاستثمار لشركاتها وبدأت العلاقات التجارية والاقتصادية بين الإقليم ودول العالم تزداد بشكل سريع . ولم يعد الكورد في هذه المرحلة بحاجة الى ربيع على غرار الربيع العربي، لكنهم بحاجة الى وحدة الصف والموقف لتحقيق مزيد من المنجزات والسير بخطى حثيثة لمواكبة التطور الهائل الذي يحصل في العالم والاستفادة من التقنية الحديثة التي جعلت من العالم قرية صغيرة ونحن جزء منها.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.