اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• اسرار المهاجرين

جميل حيدو اسرار المهاجرين

في السادس عشر من ايار 2012 وفي تمام الساعة التاسعة وعشر دقائق بتوقيت بغداد وانا اشاهد التلفاز من خلال قناة الشرقية جلب انتباهي عرض فلم وثائقي قصير بعنوان ( اسرار المهاجرين ) كأن فلما حيا واقعيا جسد حياة المهاجرين في المهجر قدمه ( ابو عطا ) السيد جلال يلدكو والذي عرفناه أخا وصديقا من خلال نشاطاته الفنية والادبية والشعرية والانسانية . انه ابو عطاء من القوش محافظة نينوى العراق هاجر قبل 15 سنة لمعالجة ابنه الذي كان قد بترت ساقاه للحادث المؤلم الذي تعرض له في ارض زراعية في القوش حينما انفجر لغم وهو يعمل مع والده في حقل البطيخ ، وبقيت العائلة تعاني من هول الصدمة حتى تيسر له طريق للهجرة الى ايطاليا ومنها الى السويد لتلقي العلاج . ها هو اليوم ابو عطاء يحدثنا عبر فضائية الشرقية عن معاناته ومعاناة المهاجرين واسرارهم في المهجر ، عبر فيها عن الحياة الصعبة التي يعيشها المهاجرون من عوز وفاقة وحرمان . لقد شعر ابو عطاء بمعاناة المهاجرين وما يقاسونه من آلام وحالات نفسية صعبة وخاصة الذين لم يحصلوا على اوراق رسمية للاقامة تمكنهم من العمل وسد الرمق ، وهم مهددون في كل لحظة بالطرد من ذلك البلد . لقد كان لشعور ابو عطا بمعاناة الآخرين من المهاجرين وهو واحد منهم بأن يأخذ على عاتقه مساعدة كل من يحتاج الى المساعدة بحيث اتخذ له عربة يجوب بها شوارع ستوكهولم ويبحث في الاسواق والمخابز والمطاعم ليجمع ما يفيض عن الحاجة وياتي بها الىالمهاجرين المحتاجين من الغذاء والكساء ، يعرف مواقع تجمع العراقيين المهاجرين وتجمعاتهم في الساحات العامة والكنائس وحتى دور إقامة البعض منهم وينقل اليهم كل يوم ما يجمعه من صمون ولحوم ومعلبات وكل ما يعطى له من قبل الخيرين ، ولا يكتفي بهذا بل يتصل تلفونيا بالعوائل مستفسرا عن احتياجاتهم ، وقد استفسر فعلا من احدى العوائل وكان الجواب انهم ليسوا بحاجة في هذا اليوم متمسكين ومؤمنين بالقول :

أعطنا خبزنا كفافنا اليوم .... واغفر لنا خطايانا )

ترى من الذي يغفر خطايا الذين تسببوا في هجرة ابناء الشعب العراقي ..؟ سؤال نطرحه بصوت عالٍ : ان الناس الخيرين يعرفون جيدا بأن هذه المواد الغذائية تصل الى مستحقيها عن طريق ابو عطا ، هذا الرجل الطيب الخلق ذو المشاعر الحساسة العميقة تجاه معاناة المهاجرين العراقيين حيث شهد البعض منهم بذلك خلال عرض الفلم .. وقد عبر ابو عطا عن شعوره هذا احسن تعبير عندما قال : ما اصعب من محنة المهجّر في بلد الغربة ...! واثناء مشاهدة الفلم دفعني شعوري وإحساسي وكأن هناك يداً خفية لمشاركة وجدانية مع الأخ ابو عطا بأن اتصلت به عن طريق الموبايل وقدمت له الشكر والامتنان على هذه الروح الإنسانية والمبادرة الطيبة التي يتحلى بها تجاه المهاجرين من بني جلدته .. وبدا يشرح لي وإثناء مشاهدته الفلم انه في إحدى الكنائس وقد دخل بعربته وهو يوزع المواد الغذائية على بعض العوائل التي كانت بانتظاره ، ولم أتمالك شعوري لهذا المشهد الإنساني حين قال لي على الهواء : . يا أخي جميل لو كنت معي هنا لقمنا بعمل اكثر من هذا وبمشروع أوسع لمساعدة المحتاجين من المهاجرين ، وما أكثرهم .. هكذا وجدنا الطيبة الانسانية التي يتحلى بها كل (القوشي)اينما حلّ ورحل . وما هذا الا جزء من طيبة العراقيين في كل مكان فالطيبة والشعور والإحساس العميق الذي يسري في عروق كل عراقي لا يمكن كبتها بل تتجلى باحلى صورها . ولكن ما العمل بعد ان وقع فريسة الهجرة والمهجر الذي شتت الشعب العراقي في كل مكان من اصقاع الدنيا . ان الصورة التي قدمها ابو عطا تعكس الحياة المأساوية التي يعيشها العراقيون في المهجر .. نهيب بالمسؤولين العراقيين عن الهجرة والمهجرين ان يكون لهم سفراء ورسل في ديار المهجر على غرار ابو عطا يتتبعون احوال العراقيين ويقللون من معاناتهم ومآسيهم لأن العراقي ( ذو التأريخ العريق ) ما خلق ليعيش الذل والهوان ويكون ضحية للصراعات لهذه الدرجة التي أوصلته الى هذه الحالة التي هو عليها الان ، كما نهيب بكل من يحمل صفات انسانية ان يتحلى بأخلاق ابو عطا الألقوشي الذي هو مثالٌ حيٌ للتواضع والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.