اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

• ذكـراه زاد لنـا ..!

 ياسين النصير

ذكـراه زاد لنـا ..!

 

تعود الأيام ونعود معها بتذكر مناضلي الحركة الوطنية، ولكن الأيام تمضي بينما يبدو لنا أن المناضل لم يمض، ولم يغادرنا، فنراه واقفا حيث نعمل، ومشاركا حيث نتحاور، وجليسا حيث نجتمع، وترى تراثه الفكري فتجده أحد أهم الأسئلة التي يتشكل منها وعي الحاضر، كامل شياع ليس كاتبا أو مفكرا أو مناضلا فقط، بل هو تيار ثقافي كبير يزداد حضورا كلما اقتربنا منه.كنت قبل أن نفقده أجلس معه في بيته، مع صحبة من مثقفي العراق، وكان كعادته، يمر برؤيته الثاقبة على مشروعاتنا، ولأنه هو لا غير، فقد بدأنا باستذكار مشوار كنا قد بدأناه سوية منذ عام 1999 في بلجيكا، وما يزال المشروع قائما، لأنه هو من وضع خطواته وبرنامج عمله.

ليس كامل شياع فردا كبقية الناس، غادرنا بعد أن امتدت يد الغدر والجبن وقتلته بكاتم صوت، بل هو كيان معرفي يتألق كلما مرت عليه السنون، مناضل لم يسع لجمع المال والعقار والوظائف وحسابات في بنوك، لأن زاد رحلته في الحياة مؤونة فكرية تكفي رفاقه لأن يتزودوا بها كلما كانت هناك حاجة لمشروع وطني للثقافة، ما تركه كامل شياع من إرث هو ذلك الموقف الذي جسده باختياراته لحلقاته الفكرية، وبرامج للنهوض بالثقافة الوطنية.

 مشروع  هنا، لو أُنتبه إليه  المعنيون لأنقذ الثقافة من ترهلها وثانويتها، وفكرة هناك لو طبقت لكانت مسارا لغيرها، ومقترحا في مجال لو عمم لاستزاد سعة. ما تركه كامل شياع  من إرث كان أمثولة المناضل: عمل دؤوب، وصوت واضح في الحق، وحوار جدلي مقنع، ورغبة حقيقية في المشاركة بالتنوير وقلق مشروع عندما يلتقي بمهاجر عائد لوطنه، وترحيب لصديق الزائر لمكتبه، أورفيق يقضي معه دورة اجتماع أو جلسة حوار، وهناك الكثير الذي يعاد تداوله، فالأيام التي قضيناها معه مليئة بمواقفه، وحقيبته الفكرية لم تفتح بعد، وكأن القتلة يعرفون ماذا تحتوي وما هي مشروعاتها.  يحمل أصدقاؤه في ذاكرتهم أشياء كثيرة عنه، بعضها خاص يتعلق بالعلاقة الثنائية وهو مدار أحاديثهم لليوم، والبعض الآخر عام يتعلق بشؤون الوطن والمستقبل والفكر والفلسفة وآخر إصدارات الحداثة.

المجرمون الذين تتبعوا خطواته، وهو يغادر شارع المتنبي، يعرفون من هو كامل شياع، وما هي المهمات التي عاد من أجل تنفيذها،ويعرفون لمن ينتمي وما هي خططه التنويرية للثقافة العراقية، ويعرفون قيمته إذا ما استمر يدور بين حلقات الثقافة والمثقفين،وقبل ان يقدموا على غتياله في الشارع، تحسسوا مسدساتهم كاتمة الصوت أكثر من مرة، ربما أنها لا تعمل، وربما أنهم سيخافون عندما ينظرون في عينيه، ولكنهم كأي مجرمين يعرفون أنهم سقتلون راية ثقافية  كبيرة، راية ما تزال ترفرف ليس على مدار قبره، بل على كل محطة وضع فيها قدميه. فما تركه كامل من إرث يفوق كلماتنا، حين تكون ذكراه زادا لكل مناضل كانت حياته سعيا من أجل تثبيت دور المثقف في مسيرة شعبه...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة "طريق الشعب" ص1

الثلاثاء 23 آب 2011

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.