اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

• ياسين..

صباح كنجي

ياسين..

 

في الطريق من الموصل إلى بغداد، ما زلتُ أتتبع اثر خطوات المسار الذي غيب النصير ياسين الذي فارقني الوكر السري في وغى الحرب وانقطعت أخباره، بت قلقاً عليه ورغم ما كان يحيق بي أنا الآخر من مخاطر جدية عزمت على البحث عنه في حينها.. هكذا حسمت أمري وتخلصت من حالة القلق جاعلا من الوصول إلى بغداد هدفي عسى ولعل أن اعثر عليه..

كنت موقناً من خطورة الوضع ومدركاً لحجم الخطوة التي بدأتها لكن ياسين يستحق أن ابحث عنه.. ياسين في آخر لقاء لي به في ذلك الوكر الجبلي قال لي:

ـ صباح أدرك حجم المغامرة التي تحيط بنزولي إلى بغداد في هذه الأيام.. قد تكون هذه المرة الأخيرة التي أراك فيها.. أنا مصمم على الذهاب واعرف قد تكون هذه المرة الأخيرة.. سأعتقل وتكون نهايتي..

حينما استفسرت منه عن الدافع الذي يجعله يغامر إلى هذا الحد بحكم تجاربي السابقة معه ومعرفتي بجانب من المهام المكلف بها، بما فيها محاولاته لكشف حالات الاندساس داخل شبكة بغداد التنظيمية قال لي: هناك سبب آخر في اندفاعي ومغامرتي.. أنا أبحث عن شقيقتي التي لا اعرف أين هي.. منذ  مغادرتي العراق.. هاهي الحرب تدور من سنين ولا ادري ما حل بها..

كان ياسين عائداً من الاتحاد السوفيتي متسللاً عبر الحدود نحو مقرات الأنصار في جبال كردستان.. حدثنا كثيرا عن دراسته وكيف كان الوحيد بين مجموعة طالبات في مرحلة من تلك الفترة هناك.. لم يكن ثرثاراً ومتباهياً يقص أشياء من وحي الخيال كما كان يفعل غيره من الذين عاشوا بذخ ونعمة الاشتراكية من خلال مقاعد التعليم المخصصة لأبناء الثوار من مختلف دول العالم..  لذلك  لم يحدثنا ياسين عن أبيه يوما ما.. لم نسمعه يثرثر يوم أو يتحدثُ بشكوى فقدانه للأب الثائر ولحظة الغدر به... كان يصمتُ حينما يحتدم النقاش ورغم البسمة التي ترسم على محياه وهو الوسيم الجميل.. كان شعاع عينيه الواسعتين يحكي الكثير.. شعاع عينيه وحده كان يكشف حجم الألم الدفين في أعماقه.. شعاع  يستمد حزنه من خيوط القمر في ليالي البدر المضيئة التي تنشر سكونها في أرجاء الكون... وحده القمر في حزنه كان شبيهاً بياسين... ياسين المغادر إلى العاصمة في تلك الأجواء الحربية تاركاً كامرة فورية مستعملة في الوكر.. غادر في ساعات الفجر بطريق مؤمنة إلى مدخل في الموصل ومنها إلى بغداد التي ابتلعته كما توقع..

لم يكن مخطئاً في هواجسه وما قد يحل به.. ومع ذلك لم يكن متردداً وهو ينزع ملابس الثوار في ذلك الوكر الجبلي ليرتدي القميص و البنطال كأي طالب ينهض في ساعات الصباح المتأزمة في زمن الحرب الطاحنة التي غيبت الآلاف من الجنود في ذلك العهد..  لكنها أي الحرب لم تكن الوحيدة التي تأكل لحم البشر.. كانت الحرب تأكل لحم الجنود.. ياسين لم يكن جندياً.. أين اختفى؟... من قتله؟.. من غيبه؟..

بعد حين .. علمنا من مصدر يشرف على خيوط العمل بين بغداد والجبل تلك الأيام انه اعتقل.. اعتقل في بغداد واختفى في أقبية الأمن والمخابرات..

هل تحقق حلمه بلقاء شقيقته في ذلك الزمن المميت والمرعب؟...

ياسين أيها الوعل الجبلي الجميل مازلنا ننتظر بلهفة عودتك لتخبرنا عن ذلك اللقاء..

 

بداية أكتوبر 2011

 

ـــــــــــــــــــ

مقتطف من حكايا الأنصار والجبل..

 

النصير ياسين هو..  (جماهير الخيون)..  هذا  ما اختاره من اسم لأبنه المناضل أمين الخيون الذي قاد مجموعة الكفاح المسلح في أهوار الجبايش بمبادرة منه ليست لها علاقة بتوجه القيادة المركزية ونهجها.. اعتقل وعذب وبعد اطلاق سراحه جرت تصفيته في بغداد..

ترك ياسين/ جماهير .. مجموعة أوراق أودع فيها أشعارا وقصصا وخواطر آن الآوان لطبعها وفاء للذكرى والموقف أتمنى أن تقوم منظمة الأنصار بتعقبها وتجميعها من أجل  توثيقها وطبعها من جديد..

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.