اخر الاخبار:
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

• مأثرة سلام عادل في توجيه دفة الحزب بعيدا عن الانعزال والتطرف اليساري

د.حسان عاكف

عضو المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

 

مأثرة سلام عادل في توجيه دفة الحزب بعيدا عن الانعزال والتطرف اليساري

 

يرى باحثون ورفاق مسيرة عديدون ان بداية بزوغ نجم سجين "نكرة السلمان" السابق، الهارب من اقامته الجبرية في لواء الدليم (محافظة الانبار) حسين احمد الرضي "سلام عادل" وبروزه كقائد سياسي واعد في مسرح الاحداث كانت مع اضراب عمال شركة نفط البصرة في كانون الاول عام  1952،  وكان حينها في الثامنة والعشرين من عمره، وشكل هذا الاضراب (بروفة) ميدانية لاولى المواجهات السياسية الهامة التي قادها الشهيد سلام عادل بنفسه، بعد ان تسلم مسؤولية منظمة الحزب في المنطقة الجنوبية في الوية (محافظات) البصرة والناصرية والعمارة.

وكشفت طريقة التشاور والحوار التي ادار بها الاضراب، واشراك جميع المجموعات العمالية والهيئات الحزبية المعنية بالاضراب في اتخاذ القرارات الرئيسية وواقعيته في تحديد المطالب ورسم الخطط المطلوبة له، كشفت القدرات القيادية لسكرتير اللجنة المنطقية ووضعته في بداية طريق نضالي عسير وطويل لخوض معارك سياسية كبرى لاحقة، امتدت لاكثر من عشر سنوات توجها بانتصاره البطولي على جلاديه شهيدا اسطوريا في معركته الاخيرة في آذار عام 196.

 

ردة رجعية سوداء وظروف حزبية صعبة

تدرج سلام عادل في صفوف الحزب في واحدة من الفترات النضالية المعقدة و الحالكة بالنسبة للشعب و للحزب الشيوعي، حيث واجه الحزب اوضاعا سياسية و تنظيمية و فكرية غاية في الصعوبة و الارباك، خصوصا بعد اعدام قادته الابطال فهد حازم و صارم.  و تلقى الحزب في ظروف اعلان الاحكام العرفية، بحجة حماية مؤخرة الجيش المتوجه للحرب في فلسطين، ضربات بوليسية متتالية موجعة، كانت في كل مرة تطال قياداته و كوادره وشبكة واسعة من تنظيماته . وظل الحزب جراء ذلك خلال الجزء الاكبر من الفترة الممتدة حتى نهاية عام 1953، اسير السياسات اليسارية الانعزالية و النظرة القاصرة  في العمل السياسي و التنظيمي و الفكري لاسباب ذاتية و موضوعية عديدة ،ليس هنا مجال الحديث عنها. وقاد هذا الواقع فيما قاد الى تصدع وحدة الحزب وانشقاق مجموعة من قادته و كوادره و تشكيلهم منظمة «راية الشغيلة»، والى الاخفاق في الوصول الى اتفاقات و تفاهمات سياسية مشتركة مع القوى الوطنية الاخرى، دون ان يعفي ذلك بالطبع سياسات تلك القوى و الاحزاب الوطنية الاخرى و حساسياتها من العمل مع الشيوعيين، ومن مسؤولية التراجع و الانكماش الذي اصاب الحركة الوطنية انذاك.

كما قادت بعض السياسات غير الواقعية الى التفريط بكادر الحزب و اعضائه من خلال زجهم في فعاليات مكشوفة يصف الباحث حنا بطاطو بعضها بـ"الانتحارية". ورغم كل ذلك حققت منظمات الحزب الباسلة و كادره و مناضلوه، بما تحلوا به من شجاعة نادرة وتفاني قل نظيره، انتصارات و «انجازات باهرة» ، سجلت في انصع صفحات النضال الوطني و الديمقراطي. في مقدمة تلك الانجازات الباهرة كانت وثبة تشرين الثاني المجيدة عام 1952 و الاضرابات العمالية و النقابية العديدة و الانتفاضات الفلاحية و ظهور منظمات عديدة للطلبة و الشباب و النساء و المثقفين و الفلاحين وغيرها من المنظمات و الجمعيات، التي كان للحزب الشيوعي دورا رياديا في تشجيع انشائها و دعمها.

 

وحدة الشيوعيين، الدعوة للجبهة الوطنية، الانفتاح على الاصدقاء و الاشقاء

شكلت الطريقة التي عالج بها سلام عادل ورفاقة معضلات الحزب السياسية و التنظيمية و الفكرية و العلاقاتية منذ صعوده الى اللجنة المركزية، و خصوصا  بعد ان تسلم دفة القيادة في الحزب في حزيران 1954، شكلت مآثر نضالية حقيقية ساعدت بشكل جلي على تخليص الحزب من عزلته ومن العديد من المواقف و السياسات المتسمة  بالمغامرة اليسارية و الجمود الفكري، و اسهمت في الانتقال بالحزب صوب ضفاف الواقعية السياسية و المواقف الموضوعية  الملامسة لملامح الواقع الوطني العراقي.

واقترن صعود القيادة الجديدة و تبوأ سلام عادل للموقع الاول فيها بالسعي لتخليص الحزب من الفردية و السياسات الانعزالية، والسير به باتجاه سياسات قادرة على جذب اوسع الفئات الجماهيرية ومنفتحة اكثر على الفئات الوسطى والشرائح المتعلمة والمثقفة الى جانب انفتاحها الواسع على عموم الجماهير الشعبية. و تجسد التوجه الجديد بالعمل الجاد من اجل وحدة الشيوعيين العراقيين وتصفية الأنشقاقات التي كانت تسود صفوفهم ، و السعي الدؤب لوحدة نضال القوى الوطنية والدعوة للجبهة الوطنية، وبالتفاعل اكثر مع الاحزاب الشيوعية و العمالية الصديقة و الشقيقة.

واهم ما في مأثرة وحدة صفوف الشيوعيين هو اعلان كتلة راية الشغيلة التي كان يقودها الشهيد جمال الحيدري حل نفسها والالتحاق بالحزب بعد التحاق منظمة «وحدة الشيوعيين أو جماعة النضال» التي كانت تضم الفقيد عزيز شريف واخيه الشهيد عبد الرحيم شريف و مناضلين آخرين. . وشجعت هذه الاجواء الايجابية على عودة العديد من الشيوعيين الذين كانوا يواصلون نضالهم كل بطريقته الخاصة خارج الاطر التنظيمية الشيوعية التي كانت قائمة.

 

عقد الكونفرنس الثاني للحزب

وفرت وحدة التنظيم الشيوعي و تصاعد سخونة الاجواء السياسية العامة في البلاد فرصة لعقد الكونفرنس الثاني للحزب في خريف 1956، و أعاد الحزب، تحت قيادة سلام عادل، في هذا الكونفرنس انعاش ذاكرة الشيوعيين العراقيين وتجديد دعوة باني حزبهم الرفيق فهد في تقوية تنظيم حزبهم و تقوية تنظيم الحركة الوطنية، وانتهج خط تعزيز صفوف الحركة الوطنية وفتح حوارات متعددة معها والتوجه بحزم لإقامة جبهة الإتحاد الوطني التي تشكلت في شباط 1957واعلنت في آذار من نفس العام

وكان للشهيد سلام عادل دور ريادي في هذه المأثرة الوطنية سجله له الفقيد محمد حديد في مذكراته الجبهة التي كانت القاعدة السياسية لنجاح ثورة الرابع عشر من تموز   1958وتشهد به.

لقاءاته المتعددة مع قادة الحزب الوطني الديمقراطي و قادة حزب الاستقلال، وكان لهذه اللقاءات دورها في انبثاق جبهة الاتحاد الوطني.

وكان الشهيد على صلة عبر صديق مشترك بالشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم و اللجنة العليا للضباط الاحرار في ايام التحضير للثورة.

وابدت قيادة سلام عادل اهتماما خاصا بحياة الحزبية الداخلية، وجرى تحديد مواصفات عملية و نضالية لاختيار الكادر الحزبي،وتقويم الحياة الداخلية للحزب، و تأكيد مبدأ القيادة الجماعية، وتأكيد التدابير التي تضمن حقوق الاعضاء الى جانب التدابير التي تعلي من شان العمل الفكري و التثقيفي و الاعلامي.

وفي ميدان العمل الجماهيري جرت الدعوة الى الاستفادة من اخطاء المرحلة السابقة و التوجه لتوفير اوسع فضاءات الديمقراطية و الاستقلالية للمنظمات المهنية للطلاب والشباب والنساء ارتباطا بطبيعتها الجماهيرية غير الحزبية.

 

سيرة ذاتية:

- ولد الشهيد حسين احمد الرضي "سلام عادل" في مدينة النجف عام 1924

- انتمى الى صفوف الحزب الشيوعي  في سن التاسعة عشرة .

- اصبح عضوا في اللجنة المركزية في التاسعة و العشرين من عمره، و حضر اول اجتماع للجنة في ( كانون الثاني عام 1954).

- في نيسان عام 1954 مثل الحزب الشيوعي العراقي في مؤتمر الاحزاب الشيوعية و العمالية لدول الكومنولث البريطاني.

- تم انتخابه سكرتيرا للحزب في عمر الحادية و الثلاثين  (حزيران 1955)

- استشهد وهو في عمر التاسعة و الثلاثين ( آذار 1963)

- الى جانب ملكاته السياسية و التنظيمية و القيادية كان المعلم سلام عادل شاعرا ومسرحيا و فنانا تشكيليا.

- تزوج من رفيقة دربه المناضلة ثمينة ناجي يوسف، وانجب منها بنتان؛ايمان وشذى و ولد واحد؛علي.

قالوا في الشهيد سلام عادل:

- «رجل شديد الهدوء و الدماثة....لم يكن من السهل الوصول اليه ... وكان يبقى في الخلف و لا يظهر علنا الا بشكل نادر»- محمد حديد-

-  « إنه رجل انيس الى اقصى الحدود، آسر، مقنع بشكل غير عادي، عالي المعرفة بشؤون الحزب، ليبرالي في انفاقه، ميال الى المغامرة...»- تقرير في احد ملفات الشرطة السرية مؤرخ في كانون الثاني 1958-

- «كان الرضي هادئا و اقرب الى الخجل منه الى التباهي....لم اره الا في مناسبات نادرة، و لم اكتشف انه كان سكرتيرا عاما للحزب الشيوعي العراقي الا بعد ثورة تموز، و لكنه كان باستطاعتي ان اقول انه من الرجال الذين يقدمون انفسهم بكل رحابة صدر للقضية التي يؤمنون بها» –ناجي يوسف، عضو الجناح اليساري للحزب الوطني الديمقراطي و والد أم ايمان زوجة الشهيد سلام عادل-.

 

مصادر جرى الاستفادة منها في اعداد هذه المادة:

- عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي،الجزء الثاني "عزيز سباهي"

- العراق، الجزء الثالث، الشيوعيون و البعثيون و الضباط الاحرار" حنا بطاطو".

- سلام عادل سيرة مناضل  "ثمينة ناجي يوسف و نزار خالد".

ــــــــــــــــــ

جريدة المدى

ملحق عراقيون

الخميس 16/2/2012

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.