اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

نصف قرن على إستشهاد المناضل (ابراهيم الحكاك) -//- د. خليل الجنابي

 

اقرأ ايضا للكاتب

نصف قرن على إستشهاد المناضل (ابراهيم الحكاك)


د. خليل الجنابي

الشهيد ابراهيم الحكاك

بعد نصف قرن وفي مثل هذه الأيام العصيبة تمر الذكرى المؤلمة لأبشع ردة عرفها التأريخ العراقي الحديث وهو الإنقلاب الغادر في 8 / شباط / 1963, ذلك الإنقلاب الذي توشح فيه العراق باللون الأسود وبقي مخيماً على وادي الرافدين لعقود طويلة لا زالت الأجيال تدفع الثمن من جرائه حتى الوقت الحاضر .

لقد كان البطش والقتل والتعذيب والإرهاب سمة حملها معهم الإنقلابيون منذ الساعات الأُولى التي جاءوا بها في قطارهم الأمريكي المعروف الذي كان يحمل معهم كل من تضرر من ثورة 14 / تموز عام 1958 من رجعيين وإقطاعيين وقوميين وعملاء لشركات النفط الإحتكارية. من أقوال :  ( صالح علي السعدي – سكرتير حزب البعث آنذاك ) .

إن الجرائم البشعة التي إقترفوها يندى لها الجبين, فلا نستطيع أن نفرقها عن جرائم الفاشية الإيطالية والنازية الهتلرية إبان الحرب العالمية الثانية, إبادة كاملة لمدن وأحياء, مدارس ومستشفيات ومصانع وبنى تحتية, ودفن الناس أحياء, ومقابر جماعية, وهذا ما جرى ايضاً في الثامن من شباط عام 1963 وما بعده. إن القائمة طويلة وتطول من الأسماء التي غيبوها في مقراتهم التي إفتتحوها في الساعات الأولى لجريمتهم البشعة,  قصر النهاية, ملعب الإدارة المحلية, النادي الأُولمبي, بناية محكمة الشعب, المدارس والمعامل وثكنات الجيش وغيرها في طول البلاد وعرضها التي جرى تحويلها الى مقرات للتحقيق ومسالخ بشرية طالت عشرات الألوف رجالاً ونساءً وأطفالاً.

لقد توجوا في بيانهم المشؤوم ( 13 ) شريعة الغاب الرسمية للقتل حيث جاء فيها :

( نظرأ لقيام الشيوعيين عملاء عبد الكريم قاسم في تعاونه بمحاولات بائسة لإحداث البلبلة بين صفوف الشعب وعدم الإنصياع للأوامر والتعليمات الرسمية, وعليه تقرر تخويل القطعات العسكرية وقوات الشرطة والحرس القومي بإبادة كل من يتصدى للإخلال بالأمن. وإننا ندعوا جميع أبناء الشعب المخلصين بالتعاون مع السلطة الوطنية بالإرشاد عن هؤلاء المجرمين والقضاء عليهم ). الحاكم العسكري العام  ( رشيد مصلح ).

ويقول الدكتور ( عقيل الناصري ) في مؤلفاته القيمة حول ثورة 14 تموز وإنقلاب 8 / شباط عام 1963 مايلي :

( وبدأت دورة الدم الثأري تنزف, حيث سقط من القتلى قُدِر عددهم بين ( 5000 – 12000 ) شهيد طيلة مهرجان الدم, وتم إعتقال الألوف العديدة بموجب قوائم مُعدة سلفاً ).

ستبقى قوافل الشهداء وأسماؤهم مُعلقة على صدور عوائلهم ورفاقهم وأصدقائهم, مطرزة بالورود, رغم أن العديد منهم لم يجر العثور على رُفاته .. لكن العراق بأجمعه سيبقى مديناً لهم بهذه التضحيات, ومن أجلهم سنبقى نردد ( سنمضي سنمضي الى ما نريد ... وطنْ حرْ وشعبْ سعيد ْ ) .

لقد شاءت الصدف الجميلة أن ألتقي بعائلة الشهيد المناضل ( ابراهيم  الحكاك ) .. زوجته الفاضلة ( اُم وميض ) وإبنه المهندس ( وميض إبراهيم الحكاك). وكذلك بأحفاده الذين ينظرون الى صورة جدهم ( ابراهيم الحكاك ) بكل فخر وإعتزاز, ومنحوا إسمه لأحدهم تيمناً بهذا الأسم الذي يسطع نوراً في بيتهم بعيداً عن الوطن, وبعيداً عن تلك (المقبرة الجماعية) التي تضمه مع رفاقه الميامين. كما يشرفني التعرف في السبعينات في بلغاريا بالرجل الوطني الغيور المهندس الدكتور ( خليل الحكاك ) شقيق الشهيد ( ابراهيم الحكاك).

وإليكم ما سطرته المرأة العراقية الشامخة ( أُم وميض ) عن الشهيد ( ابراهيم الحكاك ) :

الشهيد ابراهيم محمد جعفر الحكاك – حسان - ويلقب ابو هاشم

ولد الشهيد ابراهيم محمد جعفر الحكاك عام ١٩٢٧ في منطقة الكاظمية لعائلة كادحة .. تلقى علومه الأولية في مدارس الكاظمية الإبتدائية ثم المرحلة الثانوية في منطقة الاعظمية. كان متفوقا في دراسته فدخل كلية التربية قسم الكيمياء . تميز بين أقرانه بالروح الوطنية الوثابة حتى انه كان عضوا نشطاً في إتحاد الطلبة العام ( السري آنذاك ) , بعدها رشح للحزب الشيوعي العراقي . حتى كانت وثبة كانون سنة ١٩٤٨ حينها كان في السنة الثانية بكلية التربية . تم إعتقاله لمساهماته الفعالة في الوثبة وحكم عليه بالسجن عشر سنوات قضاها مابين سجن الكوت وسجن بغداد وسجن نقرة السلمان . وعندما ضرب النظام الملكي المباد سجني الكوت وبغداد بالرصاص كان من الموجودين حينها هناك. بعد انتهاء محكوميته العشر سنوات وضع تحت المراقبة في مدينة بدرة حتى انبثاق ثورة ١٤ تموز حيث تم اطلاق سراح جميع السجناء والمعتقلين وكان من ضمنهم .

كان نشطاً في تنظيمات الحزب السرية بعد ثورة تموز وقد عاد الى دراسته في كلية التربية حتى أكملها بتفوق . بعد تخرجه تم تعيينه مدرسا في ثانوية العمارة لكنه لم يلتحق لإرتباطه والتزاماته الحزبية . بسبب نشاطه الحزبي تم اعتقاله سنة ١٩٦١ وبقي محتجزا في سجن بغداد ثم نقل الى سجن بعقوبة وبقي في الحجز اكثر من ستة اشهر حتى صدور عفو عام وتم اطلاق سراحه.

كان يمارس نشاطه الحزبي حتى وهو في المعتقل ولنشاطه اصبح عضوا في لجنة التنظيم المركزية مع عدد من الرفاق القياديين انذاك اتذكر منهم الشهيد حسن عوينه والشهيد محمد صالح العبلي واخرين .

تزوج عام ١٩٦٢ وخلف ولداً أسماه وميض . كان أبا حنونا رؤوفا محباً لاسرته وللعائلة جميعا . دامت حياته الاسرية سنة وثلاثة أشهر حتى كان يوم الثامن من شباط المشؤوم سنة ١٩٦٣. صبيحة ذلك اليوم كان متواجداً في البيت ومعه عزيز الشيخ حينها أقبل الشهيد حسن عوينة وتم نقل عزيز الشيخ الى مكان اخر وكذا الشهيد ابراهيم الحكاك الى مكان ثان . ولكن إعترافات البعض من ضعاف النفوس أدت الى إلقاء القبض عليه يوم الثاني والعشرين من شهر شباط واُعتقل في قصر النهاية وهناك لاقى أبشع وأقسى صنوف التعذيب وبقي حتى يوم التاسع من اذار حيث جاء افراد الحرس القومي بقائمة لتنفيذ حكم الاعدام بواحد وعشرين شخصا بينهم ثلاث نساء من نزلاء القصر.

وبدأو يستعدون لتجميعهم فكانو يساقون من غرف السطح وآخرين من السرداب والبعض من القاعة الكبيرة وآخرين من الغرف فكان بعضهم بالملابس الداخلية وقد انتفخت أجسادهم بسبب التعذيب المتواصل لعدة ايام وجروح بعضهم منتفخة متورمة تنفث الدم والصديد , تفوح منها رائحة التعفن والتفسخ وبداوا بقراءة الاسماء وهم :

ابراهيم ادهم

ابراهيم الحكاك وكان حاله مجرد شبح غائر العينين بالكاد يجرجر قدميه

ابرهيم اواديس

داخل حمود

رضا جليل

ادمون يعقوب

فيصل حجاج

حسين اهورماني

ستار مهدي

صبيح سباهي

لطيف الحاج

علي الوتار

عبد الاحد المالح

عبد الخالق البياتي

عدنان البراك

كنون علي تحافة

محمد علي عبود

مهيب الحيدري

فكانو ثمانية عشر بعد ان تم استثناء وتأجيل النساء الثلاث وقد رافقهم الجلادون :

منعم عبد القدوس

فرحان السامرائي

عدنان هايس

حاج رضا عبد الرزاق

مع اعداد كبيرة من افراد الحرس القومي المدججين بالسلاح . وبعدها أخذ افراد الحرس القومي يتضاحكون ويقولون مابينهم ( ان تلك المجموعة تم دفنهم احياء في حفرة أُعدت مسبقا ولم يتم اطلاق النار عليهم )...

حقد بلا حدود وكأن ايام التعذيب ولياليه الطويلة لم تكن كافية فدفنوهم احياء...

وداعا يا ابناء العراق البررة ... وداعا ياخيرة الشباب ... يا أمل الشعب ... إنهم لم يؤذوا احداً وضحوا بالكثير من أجل تحقيق حلمهم في عراق مزدهر , وهاهم يدفعون حياتهم ثمنا لذلك الحلم رحلوا قبل ان تتحقق احلامهم ... رحلوا في عتمة الليل بعد أن إنغرست صرخات عذابهم على جادة الزمن في ارض العراق الثكلى ..

كان الشهيد ابراهيم الحكاك محبا للعلم والادب وخاصة شعر صديقه ورفيقه مظفر النواب حتى انه رغم المهام الحزبية التي على عاتقه كان يقضي وقت فراغه بكتابة بحث عن جان جاك روسو وكتابه العقد الاجتماعي ولكنها وللاسف فقدت مع كل ما فقد ...

ملاحظة :

المعلومات التي وردت في الموضوع عن الذين اعدموا وطريقة التنفيذ والعناصر المشرفة اخذت من كتاب طوارق الظلام للاستاذ توفيق جاني والسيدة ابتسام الرومي .

حياة حافلة بالنضال , وككل المناضلين الذين ضحوا بحياتهم من أجل أوطانهم سيبقى خالداً ونجمه ساطعاً ينير الدرب للسائرين من أجل عالم أفضل .

المهندس ( وميض ابراهيم الحكاك ) يكتب من القلب عن والده الشهيد    ( ابراهيم الحكاك ) رغم أن عمره لم يكن يتجاوز الأربعة شهور في يوم الإنقلاب الأسود .

لست بكاتب كي أجد مئات الكلمات تعبر عن خمسين عاماً من الفراق....وسنين

الغربة قد أخذت من حبر القلم الكثير حتى بدا يجف ..

لم أجد بديلا من خاطرة عمرها خمسين عاماً تسبح في مخيلتي اهديها لكل الشهداء...

خمسون عاما إنقضت ..

خمسون عاما ونحن أشد الشوق لرؤياك ..

خمسون عاماً منذ إلتقينا ..

لم أجد إصبع يشير الى مكان رفاتك ..

لكني وجدت الآلاف تشير الى ...

امنية من أربع كلمات...

وطنْ حرْ وشعبْ سعيد....

لقد ورد إسم الشهيد ( ابراهيم الحكاك ) في  العديد من المقالات والبحوث والمقابلات  التي أرخت تلك الفترة النضالية ومسيرتها الظافرة , كان آخرها المقابلة التي أجراها النصير علي رفيق مخرج فلم ( سنوات الجمر والرماد ) مع الرفيق عزيز محمد .

وفي مقالة للرفيق ( عادل حبه ) ذكر بعض الشيء عن الشهيد ( ابراهيم الحكاك )

مايلي :

ومع مرور الايام بدأنا نسمع شعارات غريبة ومنها " عاش الحزب الشيوعي العراقي بقيادة الزعيم الاوحد عبد الكريم قاسم". ومع اشتداد الصراع أخذنا نسمع شعارات اخرى مثل "المايصفك عفلقي" و"ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة" والتي لم يقف الحزب بشكل حازم تجاه وقفها، بالطبع دون ان يكون الحزب هو من رفعها. اذكر إنني كنت واقفاً على شرفة مكتب الشهيد حمزة سلمان امام سوق الصفافير في شارع الرشيد وكنت اتحدث الى الشهيد والانسان الرائع ابراهيم حكاك الذي ما ان سمع هذا الشعار حتى قال" بالله عليك هل اننا ثرنا وقمنا بهذا العمل من اجل تحقيق مثل هذا الشعار وهذه الترهات"!!

الشهيد ( ابراهيم الحكاك ) نخلة باسقة من نخيلنا التي تمتد جذورها في أعماق التربة العراقية  , وسنبلة من بيادر الخير والعطاء .. وستبقى ذكراه عطرة في قلوب عائلته ورفاقه وأصدقائه ومحبيه .

الشهيد ابراهيم الحكاك وزوجته الفاضلة أُم وميض

الشهيد ابراهيم الحكاك يحمل إبنه ( وميض ) بعد ولادته في 22 / 10 / 1962

الشهيد ابراهيم الحكاك مع والدته رحمها الله وهي تطالع جريدة

إتحاد الشعب

 

الشهيد  ( ابراهيم الحكاك )   الأول من اليمين

الشهيد ( ابراهيم الحكاك ) يتوسط طالبات وطلاب كلية التربية - بغداد

في الوسط يرتدي ( البدلة والرباط )

من اليمين: حسين عزام - الشهيد ( ابراهيم الحكاك )  مع  الطفل مثنى حسين عزام - طه باقر- وعبد الله الصباغ

 

الشهيد ( ابراهيم الحكاك )  الأول من اليسار

الشهيد ( حسن عوينه ) الثاني من اليمين

السيدة الفاضلة أُم وميض وإبنها وميض وزوجته زهراء وإبنيهما فاطمة وإبراهيم ( الذي يحمل إسم جده الشهيد ) .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.