مبدعون وابطال الحرية

كاك أحمد رجب الشهيد الحي

 

**كاك أحمد رجب الشهيد الحي

بيره

 

في الثمانينات من ايام الثورة ظهر الى الوجود والتداول مصطلح {الشهيد الحي}، وتم إطلاق هذا المصطلح او بالاحرى {هذه الهدية} على المناضلين الذين عملوا بنكران الذات، وبعيدا عن الاضواءفي التنظيمات داخل المدن ومنظمات الانصار ،ونذروا حياتهم وحياة عوائلهم لعدة سنوات من اجل الحرية ومستقبل مشرق للشعب، ومن اجل خلاص الوطن من الانظمة الدكتاتورية، وتم إطلاق المصطلح على الذين كانوا على وشك الهاوية والموت، وعلى الجنود المجهولين في زنازين الاعداء المظلمة، على الذين اصيبوا بالشلل والامراض جراء التعذيب الوحشي والذين عادوا من المشانق والاعدامات بسبب العفو العام.

لقد تم اطلاق مصطلح الشهيد الحي على المناضلين الحفاة الذين قطعوا المسافات وصعدوا الجبال بملابس رثة، وتحملوا الجوع والتعب، وقاوموا هجمات الاعداء، وتحية للذي وجد هذا المصطلح ليدخل اللغة الكوردية.

وبلاشك ان كاك أحمد رجب واحد من اولئك الشهداء الاحياء، وواحد من الرجال الذين ضحوا بحياتهم وعمرهم من اجل الشعب والوطن، للحرية والعدالة الاجتماعية، للخلاص والاستقلال ومستقبل سعيد للكورد وكوردستان، ومن اجل الكادحين، وانه واحد من المناضلين الاشداء الذين تحملوا العذاب والحرمان والجور في معتقلات الاعداء وفي جبال كوردستان.

كاك أحمد رجب الصحفي والكاتب كان نصيرا { پێشمه‌رگه‌ } ، مسؤولا وقائدا، حاميا يصون رفاقه والمقرات، طباخا ماهرا، ومع هذه الاعمال واكبر واكثر منها كان محترما ومحبوبا وناكرا للذات.

في منتصف السبعينات من القرن المنصرم تعرفت على كاك أحمد، كنت اراه دائما يحمل مجموعة من الكتب والصحف، يكتب المقالات والاخبار والتقارير والريبورتاجات في صحيفة { طريق الشعب } وبيرى نوى،، وكنا نقرأ  كتاباته بلهفة وشغف، وبدأت صداقتنا على وجه السرعة وخاصة في عام 1978 وبعده عندما تحركت حكومة البعث لملاحقة الشيوعيين، وتوطدت علاقاتنا حين التقينا في الانصار { البيشمةركايةتي }.

كاك أحمد كان نصيرا شجاعا، وفي عام 1980 وفي معركة { ملحمة } قزلر كنا معا، واكثر من هذا كنا نحن الاثنين حراسا عندما بدأت طائرات العدو (السمتيات) بالهجوم والانزال حولنا ضد قوتنا، كنا معا في جولاتنا في القرى والقصبات وعند التوزيع على بيوت الفلاحين، وكثيرا من الاحيان كنا معا في مقرات ناوزنك وتوزه له، وكنا نصعد الجبال اثناء الامطار والثلوج لجلب الحطب على اعناقنا واكتافنا لتدفئة اماكن سكننا.

كنا في بيتوش معا، وعندما كان دخان النار يتصاعد، كان يحمل المهفة بيد والدمع ينهمر وينزل من عيونه، ويحمل بيده الاخرى قلما ودفترا يترجم كتابات الكاتب الاذري التقدمي المعروف {صمد بهرنكي} من الفارسية الى الكوردية، وكثيرا ما كنا معا عند تناول الاكل، او في غرف النوم او في الاجتماعات، ولكن كان مصيرنا الافتراق، وهو الآن يعيش في السويد ويقضي ايامه الاخيرة، وسمعت من الاخ شوان بان اصابع كاك أحمد لا احساس فيها بسبب الامراض وقد تقرب من هيتر كهربائي واحترقت اصابعه، وهو مصاب ويراجع المستشفى للعلاج، وتحدثت معه في التليفون مستفسرا عن صحته، وبالرغم من امراضه المتعددة وعمره تراه على درجة عالية من اللامبالاة، ولا يهتم، وينظر الى الحياة بثقة عالية ووفاءه بلا حدود للشهداء الميامين ويكتب عنهم وعن تاريخهم النضالي ويبرز مدى تصديهم ومقاومتهم، ولكي لا يكونوا من المنسيين. ان عملكم هذا يا كاك أحمد، هو عمل مقدس، وانت الوحيد، او اكثر الذين يكتبون عن الشهداء، وخاضة الشهداء الشيوعيين، ان استذكارهم جميل، وان الحزب – الحزب الشيوعي العراقي لا يذكرهم كما هو المطلوب.

ارغب ان لا تكتب عن الشهداء، انهم ذهبوا واصبحوا من المنسيين وبعيدين عن الانظار، انهم نذروا حياتهم في الايام التي قدموا ما يملكون من اجل الافكار التي كانت مقدسة، الحزب كان مقدسا، كانت الاخلاق فوق المصالح والنقود والقصور، واذا عاد الشهداء من جديد للحياة، ورأوا باعينهم ما حدث بعد الانتفاضة وكيف ان احزابهم تلوثت وتوسخت، واني على ثقة من انهم اذا لم يتركوا الحزب فانهم لا يضحون بانفسهم مرة اخرى. انه من الافضل ان تكتب عن الشهداء الاحياء على مختلف ارائهم وانتماءاتهم، وعن الذين كبروا وهرموا، ويعيش كل واحد منهم في زاوية من زوايا الدنيا، وعلينا ان نوقظ الاحزاب المصابة بالسكر، وان يكون للشهيد الحى بصورة رسمية مؤسسته، وان تهتم محطات التلفزة العديدة ومحطات الراديو والصحف والمجلات والنشريات بقدسية الاسماء وشهرتهم.

بيره

**كاك: لمناداة الاخ الاكبر، كاك يقال للاشخاص الاخرين { للاحترام}.