اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

الشهيد (رشيد حميد عارف) نجمة ساطعة في سماء العراق// شه مال عادل سليم

 

الشهيد (رشيد حميد عارف) نجمة ساطعة في سماء العراق

 

شه مال عادل سليم

 

(انشودة الصامدين)*

انا ذالك الاسير الذي تضئ شمس الفكر دربه

خطواتي تقطع خيوط سلسلتي

وسط الوف الحلقات من الشباك الدقيقة

انا ذالك الاسير الذي لا يفقد خلف الاسوار الفولاذية افق اماله المشرق

لقد سطرت على صفحة السماء باللهيب الاحمر

فقرات دستور عقيدتي

انا ذالك الاسير اهدافه قبلة الجميع

فليكن طريقي القويم رهيبا و مليا بالاشواك

ستصبح الاشواك زهورا

و يغدو الخوف هدوءا و دعة لما ابغيه

ما دامت قوة الاكثرية من الشعب تسند ظهري .......

 

ماثر في سفر نضالي مجيد ....

شكل شيخ الاحزاب العراقية (الحزب الشيوعي العراقي) الطليعة المكافحة والمجرّبة للطبقة العاملة وسائر الشغيلة في العراق، وكافح وقارع الظلم عبر اكثر من  ثمانية عقود مضت وما زال يلعب دورا بارزاً في الحركة الوطنية العراقية لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي مستقل ومستقر يسوده الأمن والأمان.

 قدم الحزب الشيوعي العراقي خلال مسيرته النضالية الطويلة قوافل من الشهداء وفي مقدمتهم القائد يوسف سلمان يوسف (فهد) ورفيقيه حسين محمد الشبيبي (صارم ) ومحمد زكي بسيم (حازم) وجمهرة من كوادر الحزب القيادية.

وبمناسبة الذكرى الثالثة والثمانين لميلاد (الحزب الشيوعي العراقي), وبهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا وقلوب كل الوطنيين الاحرار, نستذكر اليوم بكل فخر واعتزاز الشهيد الخالد (رشيد حميد عارف) الذي ضحى بحياته من اجل (عراق حر وشعب سعيد) , كما نستذكر رفيقة دربه وزوجته البطلة شهيدة الغربة (نجمه أحمد صالح) , تكريما لإخلاصها وتفانيها ونضالها في سبيل الغد الافضل للشعب....

في بيت كبير وفي منطقة (الفحامة) في بغداد, ولد الرفيق الشهيد (رشيد حميد عارف) في سنة 1925, عاش طفولته وشبابه في كنف عمه (مجيد عارف) وعمته المناضلة المعروفة (شمسة خان) في بغداد. بعد ان فقد والديه في مقتبل العمر.

اكمل الشهيد مراحل دراسته (الابتدائية والمتوسطة والثانوية) بتفوق, يشهد اقرانه على ذكائه واجتهاده ولكن بسبب وضعه الاقتصادي الصعب دخل الكلية العسكرية, وتخرج منها سنة 1945.

كان الشهيد مناضلا وطنيا نشطا, انخرط مبكرا في صفوف الحزب الشيوعي العراقي, اُعتقل في بغداد عام 1948 لمشاركته في الاحتجاجات والمظاهرات الهادرة والمنددة بالحكومة الملكية والمطالبة بسقوطها وسقوط معاهدة (بورتسموث) الجائرة, الموقعة بين (صالح جبر وبيفن). 

كان الشهيد (رشيد حميد عارف) من بين المعتقلين العسكريين على اختلاف رتبهم ومراكزهم والذين حكم عليهم بالاعدام واتهموا بحمل (المبادئ الهدامة) , واثناء تسفيره من سجن (بغداد إلى نكرة السلمان) , وبحكم تجربته العسكرية استطاع وبالرغم انه كان مقيد اليدين, إستطاع أن يهرب بخفة وبحركة سريعة ويفلت بسلام من قبضة الحراس, بعد ان فتح نافذة التواليت وقفز منها أثناء سير القطار بدون ان يحس به الحراس.

وبمساعدة الخيرين من ابناء المنطقة استطاع ان يصل الى مكان امن بالقرب من مدينة بغداد, وثم التحق وبمساعدة اهله بمنظمات الحزب في السليمانية, وبدا هناك بالعمل التنظيمي من جديد, وكان له دور بارز في كسب ود وتعاطف مناضلي مدينة السليمانية لتقوية صفوف الحزب الشيوعي العراقي, على سبيل المثال لا الحصر المناضل المخضرم البروفيسور المعروف (عز الدين مصطفى رسول وشيخ صديق البرزنجي) واخرين من ابناء المدينة.

وبالرغم من تشرده ومعاناته جراء البطالة والتخفي عن أعين ازلام النظام, واصل الشهيد عمله الحزبي بذات النشاط والجهادية.....

في عام 1953 تزوج من رفيقة دربه المناضلة (نجمه أحمد صالح مواليد مدينة السليمانية 1934) وهي من عائلة ميسورة الحال ومعروفة في مدينة السليمانية, فوالدها (أحمد صالح) كان تاجرأ كبيرا ومعروفا في كردستان.

عمل الشهيد في مجال البناء والإنشاء, وساهم في بناء المساكن للفقراء والمحتاجين وانفق من ماله وربحه لخدمة رفاقه وحزبه.

 بعد ثورة 14 تموز 58, نهض الشهيد بمهمات حزبية وعسكرية عديدة, وكان على راس النضال الثوري لقمع تمرد الشواف في الموصل عام 1959.

بعد انقلاب الدموي في 8 شباط 1963 اسقطت الرجعية البعثية حكم عبد الكريم قاسم واستولت على الحكم, وكان الشيوعيين اول من تصدى لها وقدموا خلال تلك الاحداث مئات الشهداء من خيرة اعضائه وقادته الميامين وسجن منهم عشرات الالوف وسقط العديد من قادة الحزب الشيوعي شهداء وفي مقدمتهم الخالد (سلام عادل ـ حسين احمد الرضى) السكرتير الاول للحزب, محمد صالح العبلي, عبد الجبار وهبي, جمال الحيدري, مهيب الحيدري,  حسن عوينه, محمد حسين ابو العيس, شيخ حسين البرزنجي, نافع ملا يونس الاربيلي, عدنان البراك, عبد الاحد المالح, حسين علي هورامي, متى اسطيفان أدم, عبد الجبار وهبي (ابو سعيد) , ابراهيم محمد مخموري, بنيامين يوسف يوسف, ملا صالح زنكنة , جمال ماربين, جورج حنا تلو, متي الشيخ, مريم رؤوف الكاظمي, عبد الخالق البياتي, صبيح سباهي, فاضل الصفار, الياس حنا كوهاري, ابراهيم محمد الحكاك, كاظم عبد الكريم, العقيد حسين خضر الدوري, العميد الركن داود سلمان الجنابي, العقيد الركن ماجد محمد أمين, العقيد فاضل عباس المهدواي, العميد وصفي طاهر  وغيرهم).

اضطر الشهيد الى الاختفاء في المدن الجنوبية كباقي رفاقه الذين نجوا باعجوبة من الاعتقال والموت, وهناك نهض بسمؤولية المنطقة الجنوبية للحزب وعمل من اجل اعادة الصلات التنظيمية بالمنظمات والرفاق المقطوعين, وواصل نشاطه الثوري ككادر محترف, كما اضطر عائلته إلى الاختفاء ايضأ بعد المداهمات البعثية المتكررة لمنزلهم الواقع انذاك في (منطقة الصليخ, شمالي العاصمة بغداد) بحجج واهية, واستقروا في السليمانية.

بحكم خبرة وشجاعة الشهيد, أنيطت به مهمات صعبة ومسؤوليات كبير في مراحل النضال المختلفة, وكان الشهيد رمز الصمود والتحدي وشوكة في وجه ازلام الانظمة العراقية المتعاقبة.

تقول بنت الشهيد,  المناضلة (سروة) , وهي مناضلة قدمت زهرة شبابها في خدمة وطنها وشعبها وعملت باخلاص وتفاني في تنظيمات الحزب الشيوعي السرية:  (بعد انقلاب شباط الاسود 1963, وبعد ان استقر الوضع  الامني مؤقتا, جاء والدي الى مدينة السليمانية, واخذنا معه إلى بغداد واستقرينا هناك, وللتاريخ اقول وانا شاهدة على ذالك: قام والدي بدور متميز منذ اليوم الاول للانقلاب الفاشي عام 63, في تامين تحرك الكوادر الحزبية وتوزيع الادبيات والنشرات وايصال الرسائل الحزبية الى المنظمات الحزبية السرية وبسيارته العسكرية.

اتذكر جيدا, في عام 1965 كان الحزب يعاني من الضائقة المالية, وعليه قرر والدي ووالدتي ان نتبرع بكل ما نملك من المال والذهب والحلي للحزب.

في بداية السبعينات استقرينا في مدينة البصرة, وعين والدي مديرأ للمخازن في شركة (سينالكوا ـ  SINALCO) بالحكيمية, وكان له دور كبير في تطور الشركة,  حيث وضع والدي خطه محكمة وناجحة لزيادة الإنتاج وتطوير الشركة, وعليه رُشح والدي للتكريم من قبل مدير عام شركة (سينالكوا) , لكنه رفض وقال: انا لا استحق التكريم, العمال هم الذين حققوا النجاح بعملهم وتعبهم واصرارهم, وعليه اقترح ان تُكرموا العمال وانا واحد منهم....!!

لقد إمتاز والدي بروحية التواضع ودماثة الاخلاق مما جعله محبوبا بين عمال شركة (سينالكوا) وكل من عرفه عن قرب.

تستطرد المناضلة سروة وتقول: (أثناء فترة الجبهة مع الحزب البعث, منعت السلطات العراقية والدي من السفر, وعندما عرف الرفيق عزيز محمد بالامر قال لوالدي: انهم يخافون منك اكثر مني, دعني اتصل بهم واستفسر منهم السبب؟  رفض والدي ان يتصل الرفيق عزيز محمد بالبعثيين ويستفسر منهم عن السبب منع والدي من مغادرة العراق؟

كان والدي من المتمسكين بقضية شعبه وحزبه ومناضلا صلبأ لا يلين ولم يتبدل أو يبدل مواقفه وقناعاته أو ينقل بندقيته من كتف إلى كتف مهما كانت الإغراءات أو الظروف في يوم كانت تتبدل فيه المواقف والوجوه بل وقف كالطود شامخا... وكان كذلك حتى الرمق الأخير في حياته....)...

في اواخر السبعينات وتحديدا اثر الهجمة البعثية الفاشية على الحزب الشيوعي العراقي, واجه الحزب هجومأ عاما على منظماته, وتحولت المظاهر والاجراءات الارهابية التي كانت تبرز هنا وهناك وفي هذه الفترة او تلك, الى نهج ثابت ضمن مخطط متكامل للقضاء على الحزب الشيوعي العراقي ومنظماته, وهو غير مهيأ لمواجهة ذالك ودرئه.

ففي ايار 1978 اقدمت النظام العراقي البائد على اعدام 31 مواطنا من العسكريين والمدنيين, شيوعيين واصدقاء للحزب بتهم وتلفيقات وحجج واهية, وقام بحملات ملاحقة واعتقالات واسعة ومتواصلة, ومارست اجهزة النظام القمعية اشكالا متنوعة من التعذيب الوحشي والتصفية الجسدية وانتزاع (البراءات).

ومع بدء الحملة البعثية الشرسة على الحزب, اعتقل الرفيق (رشيد حميد عارف)  في 1978, عندما كان يشغل منصب مدير شركة سينالكوا ـ فرع البصرة, وتعرض الى التحقيق والتعذيب, اطلق سراحه بعد فشل لجان التحقيق في اثبات التهمة الملفقة ضده, خرج من السجن وهو اقوى عزيمة واكثر شجاعة وإيمانا بالحزب رغم التهديد والتعذيب الذي تعرض له.....!!

استمر الشهيد في عمله الى ان اعتقل مرة اخرى في عام 1981 وهو في غمرة نشاطه ونضاله السري, واعدم بعد ان تعرض الى ابشع انواع التعذيب الوحشي, ودفن في مقبرة جماعية مقابل المستشفى الرشيد العسكري. 

كان الشهيد مثقفا، سياسيا وعسكريا بارعأ، وإنسانأ طيب المعشر وعظيم الوفاء, وهذه صفات لا تتوفر إلا في شخصيه فريدة مثل الشهيد الشيوعي (رشيد حميد عارف) اضافة إلى ذالك, كان الشهيد مولعا بلعب الشطرنج, ويعشق اللعبة وكان بارعأ فيها, وكان يُنظم دورات لشباب محلته في بغداد, ايمانا منه بأن لعبة الشطرنج من الالعاب التى يستفيد بها اللاعب فى تنمية المهارات الفردية الخاصة به.

كان الشهيد كاتبا سياسيا متمكناً, حيث كتب الكثير من المقالات السياسية باسمه وباسماء مستعارة في جريدة (طريق الشعب)...

 

نعم ... ان استشهاد المناضل (رشيد حميد عارف) كانت خسارة كبيرة لعائلته ولرفاقه ولحزبه, غير ان سيرته النضالية من اجل عراق الغد ومن اجل كردستان وتحقيق العدالة الاجتماعية ستبقى حية في نفوس الكثيرين ممن عايشوه وعرفوه عن قرب, تمدهم بالهمة والامل على مواصلة النضال من اجل تحقيق الاهداف والاحلام التي كرس لها الشهيد حياته في قيام عراق ديمقراطي تعددي يصون كرامة الانسان وحقوقه ويظمن مصالح الشعب وكادحيه في الامن والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية.

 

لقد غاب الشهيد بجسده عن حياتنا، لكنه سيظل بيننا بنضاله وشجاعته وانسانيته وسنتذكره دائماً فى كل معركة نضالية ونتعلم من روحه ومواقفه المشرفة.

كما ستظل صورة زوجته البطلة شهيدة الغربة (نجمة احمد صالح) والتي وافتها المنية بتاريخ 13/02/2017م في السويد, حاضرة أمامنا إلى الابد, بتواضعها الكبير, بشجاعتها الفائقة, بجرأتها, بصمودها وبتضحيتها الغالية من اجل وطن حر وشعب بلا قيود.

 

اخيرا اقول ......

ان هؤلاء هم الرجال الابطال الذين انجبهم الشعب والحزب وهم الرجال الذين لا بد وان ننحني اجلالا لتضحياتهم ونضالهم ونعاهدهم بالوفاء لدمائهم الزكية التي ستبقى منارا لنا ودرسا وطنيا في مواصلة النضال من اجل الحرية والديمقراطية والعدالة الجتماعية...

الذكر الطيب على الدوام للا نسان (رشيد حميد عارف)......

تحية اجلال واكبار لرفيقة دربه شهيدة الغربة (نجمة احمد صالح) التي بقيت وفية لزوجها ورفيق دربها حتي آخر رمق.

اختتم مقالتي بمقطع من انشودة الشهيد, واقف بكل خشوع لكل شهداء الوطن والشعب في الذكرى السنوية لتاسيس الحزب الشيوعي العراقي, (حزب فهد وسلام عادل وجمال الحيدري ونافع يونس وعادل سليم وكوجر وسفر وعائيشة كولوكة وفتحية محمد (ام شوان) وشيخه شه ل واحلام وابو فيروز وجيفارا وجميع شهداء الحزب الميامين):

أذكروا الحزب يا رفاق........ واستمدوا لكم مثال

من بطولات ثائرين.......... خضبوا ساحة النضال

بالدم الطاهر الثمين ....

كم شهيد لنا فقيد ............ لم نكلله بالزهور

ضائعا قبره المجيد  .........  ضائعة كم لنا قبور  .....

  تتنزى دما ونور ....

قط ما قال حزبنا .... ان في دربنا ورود

 أنما قال حزبنا ...انه المجد والخلود ...

فغدونا له جنود ...

 

المجد والاكبار للذكرى الثالثة والثمانين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي (شيخ الاحزاب العراقية).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*قصيدة مترجمة للشاعر الكبير ( عبدلله كوران ) .

المصادر :

1 ـ لقاء مع المناضلة ( سروه رشيد حميد عارف ) بنت الشهيد .

2 ـ كتاب شهداء الحزب الشيوعي العراقي ـ ( الجزء الاول ) .

3 ـ مذكرات الرفيقة ( فتحية محمد مصطفى ـ ام شوان )

4 ـ مذكرات المؤرخ والباحث التربوي الاستاذ ( حامد الحمداني )

 

30 اذار ـ 2017

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.